خطبة عن ( مع المعجزات المعنوية للنبي )
مايو 1, 2016خطبة عن ( من المعجزات المعنوية )
مايو 1, 2016الخطبة الأولى ( أيد الله رسوله بمعجزات معنوية)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في صحيح مسلم (إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ : أَنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِشِمَالِهِ فَقَالَ « كُلْ بِيَمِينِكَ ». قَالَ لاَ أَسْتَطِيعُ قَالَ « لاَ اسْتَطَعْتَ ». مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الْكِبْرُ. قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ )
إخوة الإسلام
ونواصل الحديث عن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم وما خصه الله به من المعجزات المعنوية من استجابة دعائه ، وحفظه من أعدائه، فقد قعد بُسر الأشجعي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وجلس يأكل بشماله، فلما ذكّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأكل باليمين استكبر عن قبول الحق فدعا رسول الله عليه ، كما في صحيح مسلم (إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِشِمَالِهِ فَقَالَ « كُلْ بِيَمِينِكَ ». قَالَ لاَ أَسْتَطِيعُ قَالَ « لاَ اسْتَطَعْتَ ». مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الْكِبْرُ. قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ ) أي عاجلته استجابة الله ، فشُلت يمينه للتو، بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ،عليه ، جزاءَ استكباره عن قبول الحق والإذعان له.وحاقت دعوتُه صلى الله عليه وسلم أيضاً بأعرابي دخل عليه النبي يَعُوده في مرضه، فقال صلى الله عليه وسلم مواسياً له : ((لا بأسَ، طهور إن شاء الله))، فأجاب الأعرابي بجواب ملؤه القنوط وسوء الظن بالله: قلتَ: طهور؟ كلاّ، بل هي حُمّى تفُور – أو تثور – على شيخ كبير، تُزيرُه القبور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((فنَعَمْ إذاً)). وهذا ما رواه البخاري في الادب المفرد والبيهقي في سننه واللفظ له : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِىٍّ يَعُودُهُ قَالَ وَكَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ لَهُ :« لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ». قَالَ قُلْتَ طَهُورٌ كَلاَّ بَلْ حُمَّى تَفُورُ ، أَوْ تَثُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- :« فَنَعَمْ إِذًا » قال ابن حجر: “في بعض طرقه زيادة تقتضي إيراده في علامات النبوة، أخرجه الطبراني وغيره … وفي آخره: فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أما إذا أبيتَ فهي كما تقول، قضاءُ الله كائن))فما أمسى من الغد إلا ميتاً”. وهكذا؛ فإن هذه الدعوات المجابة وأمثالها دليل على رضا الله عن نبيه وتأييده له، ولو كان يتقوّل على ربه النبوة والرسالة لخذله اللهُ وأهلكه قال تعالى : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) ) (الحاقة:44-47).
أيها المسلمون
وإن من دلائل النبوة حمايةُ الله لأنبيائه، وإنجاؤه لمن شاء منهم من أيدي أعدائهم، رغم ما يتربص بهم السفهاءُ من السوء. وكذا كان الحال مع نبينا صلى الله عليه وسلم ، فقد أنجاه الله من المؤامرات التي واجهتْه من لدن بعثتِه عليه الصلاة والسلام، وقد أخبره الله وأنبأه بسلامتِه من كيدهم وعدوانهم ، فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) (المائدة: 67). قال ابن كثير: “أي بلغ أنت رسالتي، وأنا حافظُك وناصرُك ومؤيدُك على أعدائك ومُظفِرُك بهم، فلا تخف ولا تحزن، فلن يصل إليك أحدُ منهم بسوء يؤذيك”. فقد روى الترمذي (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأْسَهُ مِنَ الْقُبَّةِ فَقَالَ لَهُمْ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من دلائل النبوة المعجزات المعنوية )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى مخاطبا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) (المائدة: 67). وفي الآية دليلان من دلائل النبوة، أولهما: إخبار الله له بحفظه صلى الله عليه وسلم ، وقد كان قال الماوردي: “فمن معجزاتِه : عصمتُه من أعدائه، وهم الجمُّ الغفير، والعددُ الكثير، وهم على أتم حَنَقٍ عليه، وأشدُّ طلبٍ لنفيه، وهو بينهم مسترسلٌ قاهر، ولهم مخالطٌ ومكاثر، ترمُقُه أبصارُهم شزراً، وترتد عنه أيديهم ذُعراً، وقد هاجر عنه أصحابه حذراً حتى استكمل مدته فيهم ثلاث عشرة سنة، ثم خرج عنهم سليماً، لم يكْلَم في نفسٍ ولا جسد، وما كان ذاك إلا بعصمةٍ إلهيةٍ وعدَه اللهُ تعالى بها فحققها، حيث يقول تعالى : (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فعَصَمَه منهم”. والدليل الآخرُ في الآية من دلائل النبوة، يظهر لمن عرف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مقصوداً بالقتل من أعدائه، فكان الصحابة يحرُسونه خوفاً عليه، فلما نزلت الآية صرفهم عن حراسته، ليقينه بما أنزل الله إليه، ولو كان دعياً لما غرر بنفسه، ولما عرَّض نفسَه للسوء. وقد صدق المستشرق بارتلمي هيلر في قوله :”لما وعد الله رسوله بالحفظ بقوله: (والله يعصمك من الناس)، صرف النبي حراسه، والمرء لا يكذب على نفسه، فلو كان لهذا القرآن مصدر غير السماء لأبقى محمد على حراسته”. وقال ابن تيمية مستدلاً لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم بتأييد الله لنبيه وحفظه له ونصره لدينه : “وقد أيده تأييداً لا يؤيد به إلا الأنبياء، بل لم يؤيَد أحدٌ من الأنبياء كما أُيِّد به، كما أنه بُعث بأفضل الكتب إلى أفضل الأمم بأفضل الشرائع، وجعله سيد ولد آدم ، فلا يعرف قط أحد ادعى النبوة وهو كاذب؛ إلا قطع الله دابره وأذله وأظهر كذبه وفجوره. وكل من أيده الله من المدعين للنبوة لم يكن إلا صادقاً، كما أيد نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى وداود وسليمان، بل وأيد شعيباً وهوداً وصالحاً، فإن سنة الله أن ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وهذا هو الواقع، فمن كان لا يعلم ما يفعله الله إلا بالعادة، فهذه عادة الله وسنته يعرف بها ما يصنع، ومن كان يعلم ذلك بمقتضى حكمته؛ فإنه يعلم أنه لا يؤيد من ادعى النبوة وكذب عليه
الدعاء