خطبة عن ( من أنت عند الله؟)
سبتمبر 16, 2016خطبة عن ( من صفات المسلم وأخلاقه )
سبتمبر 18, 2016الخطبة الأولى ( من صفات المسلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) (3) الطلاق
إخوة الاسلام
ونستكمل الحديث عن أهم صفات المسلم : فمن صفة المسلم البعد عن مواطن الشبهات : فقد جاء الإسلام بمنهج سديد ،بما يحمل في طياته ونصائحه وارشاداته ما يضمن للمسلم حفظ دينه، وصيانة عرضه ،وسلامة شخصيته عن الشبهات ، مما يعود أثر ذلك على الفرد والمجتمع ،وفى ذلك تقوية لأواصر المودة والثقة ،من أجل أن يسود التواصل والتقارب بين الناس , فإن من واجب المسلم أن يصون شخصيته عن الشبهات ومن كل ما يعمل لزعزعة الثقة به،
فالمسلم يحرص على تأكيد صلته بربه وبالمجتمع الذى يعيش فيه ،فلا يكتفى فقط بالبعد عن الفحشاء والمنكر وفعل الحرام ومن كل ما يغضب الله تعالى، ولكنه مع هذا يصون حياته عن مظان السوء ، وقالة السوء قال على رضى الله تعالى عنه: ” من تتهمه فلا تأمنه ومن تأمنه فلا تتهمه ” ، والمسلم يحفظ خطاه عن مواطن الشبهات لئلا يتسرب الشك إلى سمعته وتهتز ثقة الآخرين به ، وقد روى مسلم في صحيحه (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ « إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلاَ وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ ».، وبذلك يحرص الإسلام على نقاء وطهارة الجو الخلقي للمجتمع من التلوث الأخلاقي الذى يثير الريبة في النفوس ويعتم بذلك على صفاء القلوب والأرواح من ظن السوء وتتبع حديث الناس وذلك بالبحث عن عوراتهم قال تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) (12) الحجرات ،ومن صفات المسلم الاعتصام بالله : قال تعالى ” فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (78) الحج ، فعندما يعتصم العبد بربه سبحانه وتعالى طائعا مخلصا صادق النية تصبح كل أموره هينة وحياته سهلة وتلين له الأمور بين يديه لأنه احتمى برب الناس ملك الناس” ،وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه _ رضى الله عنهما قال , أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام ،وعزتي وجلالي ما من عبد يعتصم بي بدون خلقي , أعرف ذلك من نيته ,إلا قطعت أسباب السماء بين يديه وأرسخت الهوى من تحت قدميه ن وما من عبد يطيعني إلا وأنا معطيه قبل أن يسألني ومستجيب له قبل أن يدعوني , وغافر له قبل أن يستغفرن ) رواه أبو تمام والديلمى وابن عساكر ، فلو أن الإنسان سلم أموره لربه وخالقه واعتمد عليه وحده دون غيره من المخلوقين لأصبح آمنا في سربه معافى في بدنه ويأتيه الخير والفضل من الله تعالى من حيث لا يشعر ،قال تعالى ” وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) (3) الطلاق ، ولابد من صدق النية في الالتجاء والاستعانة به سبحانه, والنية سر بين العبد وربه لا يطلع عليها مخلوق فيحسده ولا شيطان فيفسدها ولا ملك فيكتبها” قال تعالى” وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) (5) البينة ، ومن صفات المسلم: الاستقامة والعمل الصالح : قال تعالى ” فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113) وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) ” الآيات 112،115سورة هود ،وفى صحيح مسلم عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الإِسْلاَمِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ – وَفِى حَدِيثِ أَبِى أُسَامَةَ غَيْرَكَ – قَالَ « قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَاسْتَقِمْ ». وفي صحيح مسلم (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا فَأَنَا هَذَا فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَقَدْ سَتَرَكَ اللَّهُ لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ – قَالَ – فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلاً دَعَاهُ وَتَلاَ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ (أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا لَهُ خَاصَّةً قَالَ « بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً ». فالاستقامة هي طريق النجاح في الحياة … فعل المسلم أن يتجه وجهة واحدة نحو ربه , ويسير على نهج واحد نحو ربه , ويسير على نهج واحد وهو نهج الله ويلتزم طريقه ولا يحيد عنه يمنة أو يسرة حتى لا تجرفه التيارات الأخرى فينحرف ويبتعد عن سبيل الله . قال تعالى : ” وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (153) الأنعام ، فانظر إلى أثر الاستقامة لو تحققت في أعمالنا وسائر أحوالنا , والله لو استقمنا كما أمرنا ما نزلت بنا المصائب ولما تحكمت فينا يد الأجانب ولعاد لنا عزنا ولنصرنا على أعدائنا ،قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) (128) النحل ،ومن صفات المسلم التواضع : فمن خلق المسلم : التواضع في غير مذلة ولا مهانة , فالتواضع من الأخلاق العالية , والصفات الكريمة , والكبر ليس له طريق للمسلم , ولا يصح لمثله ، والمسلم يتواضع لله ليرتفع , ولا يتكبر لئلا يخفضه فهو يؤمن بسنة الله تعالى في خلقه أنه يرفع أقواما لطاعتهم له ويخفض آخرين لعصيانهم وخروجهم عن منهجه , وفى الحديث عن النبي صل الله عليه وسلم قال « حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ » رواه البخاري : (وعَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِى صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِى جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةِ الْخَبَالِ ». رواه النسائي والترمذي وحسنه ، ومن صفات المسلم : ورع يحجزه عن ما حرم الله ،ويتمثل ذلك في حفظ الحدود وملازمة التقوى , واجتناب ما لا يرضى الله تبارك وتعالى ،فقد روى ابن ماجة : (عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ : « لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِى يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ». قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ. قَالَ : « أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ». يقول ابن شبرمة رحمه الله : العجب ممن يحتمى من الحلال مخافة المرض , ولا يحتمى من الحرام مخافة النار ”
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من صفات المسلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن صفات المسلم : الثبات على المبدأ: فالثبات على المبدأ يدعوا المسلم إلى أن يقول الحق , ويشهد بالحق ولو على نفسه أو الوالدين والأقربين ، قال تعالى :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) (135) النساء ،وحذر الرسول صل الله عليه وسلم الناس من التهاون في قول الحق , خشية من البعض أو خوفا من ذوى السلطة , والسطوة والقوة ، (فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَلاَ لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ فَإِنَّهُ لاَ يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلاَ يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ » رواه أحمد ،ومن أخلاق الإسلام : سكينة النفس: فالمسلم الحق يتصف بهدوء الطبع واستقرار النفس , لأن إيمانه بربه سبحانه وتعالى يمده بالثقة واليقين , فيكون له مظهره المعين وسمته الخاص , الذى يجعله لا يقدم إلا على ما تطمئن به نفسه , سواء في أقواله وأفعاله وسائر حركاته وسكناته , وللسكينة أثرها المعنوي حين ينزلها الله تعالى قلب المؤمن , فيزداد بها إيمانا مع إيمانه , ويتشبث قلبه بذلك يقينا وثباتا ،قال تعالى :” هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) (4) الفتح،ولقد كان سيدنا عمر رضى الله عنه معروفا , بسكينة النفس وملهما بحكمة من الله تعالى على لسانه ،يقول الإمام على رضى الله تعالى عنه وكرم الله وجهه : إن السكينة لتنطق على لسان عمر ” ومن كان ذلك منهم عن زهو وخيلاء بل إنهم كانوا يدعون ربهم أن , ينزل عليهم السكينة ويثبت أقدامهم قائلين : اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إذ لقينا ” ومن أخلاق المسلم الوفاء: قال تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة آية 1 ،وقال تعالى :” وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (152) الأنعام ،والوفاء بالعهد ينقسم إلى قسمين : الأول : مع الله ويتمثل ذلك في الالتزام بشرعه والسير على منهجه من غير افراط أو تفريط
والثاني : عهد فيما بينك وبين الناس , وذلك بالتمسك بالعقود الصحيحة كعقود الزواج , وعقد الشراكة , وعقد الصحبة إلى غير ذلك فالمسلمون عند شروطهم إلا عقدا أحل حراما أو حرم حلالا , ونقض العهد وقطع ما أمر الله به أن يوصل من علامات النفاق وصفات المنافقين ففي الصحيحين (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو – رضى الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا ، أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ ، حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ » فقد حرم الإسلام كل الوسائل التي تعمل على هدم المجتمع , واهتزاز الثقة وتمزيق العلاقات , وذلك مما يدعوا على القضاء على روح الأخوة والمحبة والترابط بين المسلمين ” ومن صفات المسلم :غنى النفس: ففي سنن الترمذي بسند حسن (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ – قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ». فإن استغناء النفس عمن سواها من الأخلاق الإسلامية التي يحض عليها ديننا الحنيف ويدعوا للتمسك بها , لما في ذلك من سعادة تحوط بالإنسان القانع , وبذلك تتحصن نفسه من الجشع المادي , فغنى النفس راض بما قسمه الله له ولا يتطلع إلى غيره ، ففي سنن الترمذي « اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ ». ويوجه الإسلام النفس السوية في تكوينها إلى طريق الشكر وأن ينظر المسلم في الفضل الدنيوي إلى من هو أقل منه , وفى العمل الأخروي إلى من هو أعلى منه ، ففي الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ »
الدعاء