خطبة عن ( يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ .يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ)
أبريل 14, 2016خطبة عن (مواقف ودروس من غزوة بدر الكبرى )
أبريل 14, 2016الخطبة الأولى ( وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) (12) لقمان
أيها الموحدون
لقمان الحكيم . هذا الرجل الصالح الذي ذكره المولى تبارك وتعالى في قرآنه الكريم ، بل وشرفه أن تسمى سورة من سور القرآن الكريم باسمه وهي سورة لقمان، وذكر لنا الحق تبارك وتعالى من وصاياه وحكمه ،فمن هو لقمان ؟ وفي أي البلاد نشأ ؟ وما هي الحكمة التي اوتيها ؟ ولماذا وهبه الله الحكمة ؟ وماذا عن حكمه ومواعظه ووصاياه؟ ،حول الإجابة علي هذه الاسئلة وغيرها سوف يكون لقاؤنا اليوم إن شاء الله : بداية اختلف المفسرون من السلف في لقمان، عليه السلام: هل كان نبيًا، أو عبدًا صالحا من غير نبوة؟ على قولين، والأكثرون على أن لقمان كان حكيما من الحكماء ،قال قَتادة: لم يكن نبيا، ولم يوح إليه. وعن مجاهد أنه قال: كان لقمان رجلا صالحا، ولم يكن نبيا ، أما عن نشأته وموطنه فعن مجاهد قال: كان لقمان الحكيم عبدا حبشيا، وكان قاضيا على بني إسرائيل . وأما سعيد بن المسيب فقال: كان لقمان الحكيم أسود من سودان مصر. هذا العبد الصالح وهبه الله الحكمة فكان ينطق بها ويعمل قال تعالي : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ) والحكمة نعمة من نعم الله يؤتيها الله من يشاء من عباده المؤمنين واصفيائه المقربين ، قال تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) البقرة 269 ، ولكن ما هي الحكمة ؟ : الحكمة كلمة جامعة لكل خصال الخير فهي تعني وضع الشيء في موضعه ،وتعني الفقه في الدين والإصابة في القول، {والحكمة } هي العلم المؤيد بالعمل والعمل المحكوم بالعلم . و( الحكمة } : تعني العقل الرشيد والقول السديد ،وعن جابر قال: إن الله رفع لقمان الحكيم بحكمته، فرآه رجل كان يعرفه ، فقال له: ألست عبد بني فلان الذي كنت ترعى بالأمس؟ قال: بلى. قال: فما بلغ بك ما أرى؟ ، قال: قَدَرُ الله، وأداء الأمانة، وصدق الحديث، و غضي بصري، وكفي لساني، وعفة طعمتي، وحفظي فرجي، وقولي بصدق، ووفائي بعهدي، وتكرمتي ضيفي، وحفظي جاري، وتركي ما لا يعنيني، فذاك الذي صيرني إلى ما ترى. وأما بداية ظهور الحكمة في أقواله وأفعاله فقد قال له مولاه يوما : اذبح لنا هذه الشاة، فذبحها، قال: أخرج أطيب مضغتين فيها، فأخرج اللسان والقلب، ثم مكث ما شاء الله، ثم قال: اذبح لنا هذه الشاة، فذبحها، فقال: أخرج أخبث مضغتين فيها، فأخرج اللسان والقلب، فقال له مولاه: أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما، فقال له لقمان: إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا. (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) نعم فمن انعم الله عليه بنعمة من نعمه وآتاه من فضله وجب عليه ان يشكر الله ، و أن يحمد الله على ما آتاه من فضله، :(أنِ اشكُرْ لله) أي اشكر الله الذي وهبك هذه النعمة وجعلك تنطق بهذه الحكمة، فشكر النعم من حقوق الله على عباده ففي سنن ابن ماجه ( عَنْ أَنَسٍ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ . إِلاَّ كَانَ الَّذِى أَعْطَاهُ أَفْضَلَ مِمَّا أَخَذَ » ، وفي سنن الترمذي (جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما يَقُولُ :سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « أَفْضَلُ الذِّكْرِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ».
وقال الله : « لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) ، قال :لأزيدكم من طاعتي » وقوله سبحانه (أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) فمن شكر الله فاز وافلح وكان من الآمنين ومن المهتدين ،وقوله تعالى :(وَمَنْ يَّشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) اي: ومن يشكر الله على نعمه فإنما يشكر لنفسه، لأن الله يجزل له الثواب، وينقذه به من العذاب (وَمَن كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) أي: ومن كفر نعمة الله عليه فلم يشكر الله ولم يحمد الله ولم يرض بما قسم الله فقد أساء إلى نفسه لأن الله يعاقبه على كفره ، والله غنيّ عن شكره فشكر العبد لله لا يزيد في سلطانه، وكفره لا ينقص من ملكه. ومعني قوله تعالى :(حَمِيدٌ) أي محمود على كلّ حال، فله الحمد على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ، وله الحمد في كل حال وهو المحمود سبحانه في ذاته وصفاته ، وهو المحمود قبل أن يخلق من يحمده فهو المحمود أولا وآخرا
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال تعالى : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) (13 لقمان ،فهذا الرجل الحكيم كان من الواجب عليه أن يسدي النصح والإرشاد لأعز الناس إليه ،وإلى أقرب الناس منه وهو ابنه ، فاذا لم ينصح الرجل ولده فمن ينصح إذن ؟ ،فواجب على الآباء أن يجالسوا الأبناء وأن ينصحوا لهم فما يريد الوالد لولده إلا الخير؛ وما يكون الوالد لولده إلا ناصحاً ،فبماذا نصح لقمان الحكيم ولده ؟ والى اي شيء ارشده ؟وبماذا وعظه؟ قال تعالى (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) ، نعم لقد كانت أول نصيحة وأول وصية من الوالد الحكيم لولده أن يحذره من الشرك بالله ، وألا يجعل لله ندا أو شريكا أو مثيلا أو مساويا أو معبودا سواه ،والشرك ليس كما يظن البعض مقصورا على عبادة الأصنام والأوثان أو عبادة الشمس والقمر أو عبادة الأبقار والأحجار فقط، ولكن الشرك له صور أخرى متعددة قد يقع فيها الإنسان المسلم وهو لا يدري ،فمن الشرك : أن تصرف شيئا من أنواع العبادات لغير الله ،فمن دعا غير الله فقد أشرك لأن الدعاء عباده ،ومن ذبح لغير الله فقد أشرك ،ومن نذر لغير الله فقد أشرك ،ومن خاف من الجن والشياطين أو من الموتى أن يضروه فقد أشرك ، ومن رجا غير الله في دفع ضر أو جلب نفع فقد أشرك ،ومن استغاث بغير الله واعتقد أنه يفرج الكروب أو… فقد أشرك ،وما نراه اليوم من بعض الجهال الذين يتوجهون بدعائهم إلى غير الله وينذرون ويذبحون لغير الله ويستغيثون ويطلبون الشفاء وتفريج الكروب من الأموات أو من الأحياء فكل أعمالهم هذه شرك ،بل جعلوا من أصحاب القبور متخصصين فهذا متخصص في شفاء المرضي ، وهذا متخصص في تفريج الكروب ،وآخر في حمي الجيوش ورابع في الحفظ من الحيات والعقارب وهكذا ، فكل من اعتقد أن مخلوقا حيا كان أو ميتا يشفي المرضى أو يدفع الضر أو يجلب الخير أو يفرج الكروب أو يغيث ملهوفا او يحفظ من المخاطر فقد أشرك مع الله غيره وهذه أفعال شركية لأنه صرف شيئا من أنواع العبادات لغير الله وقد لا يدري فاعلها أنه وقع في الشرك، ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء