خطبة عن قوله تعالى (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا، وَأَكِيدُ كَيْدًا)
نوفمبر 9, 2016خطبة عن (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)
نوفمبر 10, 2016الخطبة الأولى (نظرة القرآن الكريم لليهود )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) المائدة 82 ،وقال تعالى : (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) (120) البقرة ،وروى البخاري في صحيحه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « بَلِّغُوا عَنِّى وَلَوْ آيَةً ، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ )
إخوة الإسلام
ومن منطلق قوله صلى الله عليه وسلم (وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ ) : أتناول معكم اليوم -إن شاء الله- نظرة القرآن الكريم لليهود، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى سلوكهم وأخلاقهم وطباعهم ، وصفاتهم وأخلاقهم في كتابه العزيز ، ليحذر المسلمون كيدهم ، ولا يقعوا في أخطائهم ، ولا يصابوا بأمراضهم ، والعاقل من اتعظ بغيره ، واستفاد واعتبر من أخطاء الآخرين ونظرة القرآن الكريم لليهود ، يمكن تَلخيصُها في النقاط التالية: أولاً: اليهود وبنو إسرائيل صِنفان؛ صنف مؤمنون صالحون، وصنف ظالمون عُصاة فاسقون ،وقد مدَح القرآن مؤمنيهم، كما ذم فاسقيهم، فقال تعالى عن أهل الكتاب (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ) (66) المائدة ، فالقرآن لا يَتعامل مع بني إسرائيل أو اليهود باعتبارهم جنسًا أو قومًا يُقبَل بأكملِه أو يُرفَض بأكملِه؛ وإنما باعتبارهم أفرادًا يَنتمون إما إلى مُعسكَر الإيمان أو معسكر الكفر؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إسرائيل * وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 23، 24]، وقال تعالى: ﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ [النساء: 160 – 162]. ثانيًا: إن الظاهرة الغالبة على بني إسرائيل السابقين كانت الكفْر والعِصيان: قال تعالى:
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 66]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110]، وقال تعالى: ﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾ [آل عمران: 113]، وقال تعالى: ﴿ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 88].
ثالثًا: ذمَّ الله – سبحانه وتعالى – عددًا مِن سلوكيات وأخلاق تلك الفئة الغالبة مِن اليهود، وكشَف العديد من صفاتها؛ حتى يَنتبه المؤمنون في التعامُل معها: 1 – شدة العداوة للمؤمنين وبغضهم: قال تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82]، وقال تعالى: ﴿ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [آل عمران: 118، 119]،
وقال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120]. 2 – ومن أخلاقهم : قتْل الأنبياء والرسل : قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ ﴾ [المائدة: 70]، وقال تعالى: ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [البقرة: 87]. 3 – ومن أخلاق اليهود :تحريف التوراة وتزييف كلام الله والافتراء عليه
قال تعالى: ﴿ أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 75]، وقال تعالى: ﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ﴾ [النساء: 46]، وقال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 75]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ﴾ [آل عمران: 181]، وقال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ﴾ [المائدة: 64]. 4 – ومن أخلاقهم : اتخاذ الآلهة والوقوع في الشرك: فقد عبدوا العجل، فقال تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [البقرة: 51]، وقال تعالى: ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [الأعراف: 138]، وقال تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [المائدة: 18]، وقال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 30]. 5 – ومن أخلاق اليهود وطباعهم : نشْر الفِتنة والفَساد في الأرض: قال تعالى: ﴿ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 64]. 6 – ومن أخلاق اليهود وطباعهم : الغيرة والحسد وعدم حبِّ الخَير للمؤمنين ، وكراهية الآخرين : قال تعالى: ﴿ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾ [آل عمران: 120]، وقال تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [البقرة: 109]. 7 – ومن أخلاق اليهود وطباعهم : الغدر ونقْض المواثيق والعهود:
قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُون ﴾ [البقرة: 83]، وقال تعالى: ﴿ أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 100]، وقال – سبحانه وتعالى -: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ [المائدة: 13]. 8 – ومن أخلاق اليهود وطباعهم : الاستِهزاء بالدِّين وشَعائره:
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ﴾ [المائدة: 57]. 9 – ومن أخلاق اليهود وطباعهم : أكْل الرِّبا والسحت والمال الحرام: قال تعالى: ﴿ وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 62]، وقال تعالى: ﴿ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ﴾ [النساء: 161]. 10 – ومن أخلاق اليهود وطباعهم : قَسوَة القلب: قال تعالى: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ [المائدة: 13]، وقال تعالى: ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ [البقرة: 74]. 11- ومن أخلاق اليهود وطباعهم : كراهية الجهاد في سبيل الله ،والجبن عند لقاء العدو ،وكراهية الموت ، وحبُّ الدُّنيا وملذاتها والحياة فيها : قال تعالى: ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [البقرة: 96]، وقال تعالى: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا ﴾ [المائدة: 22]، وقال تعالى: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [المائدة: 24]، وقال تعالى: ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ ﴾ [الحشر: 14]. 12 – ومن أخلاق اليهود وطباعهم : أن وحدتهم ظاهِرية ولكن حقيقتُهم الاختلاف والفرقة والكراهية : قال تعالى: ﴿ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ﴾ [الحشر: 14]. 13 – ومن أخلاق اليهود وطباعهم : أنهم جبلوا على الذلة والمسكنة: قال تعالى: ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 61]، وقال تعالى: ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ﴾ [آل عمران: 112].
أيها المسلمون
ومن نظرة القرآن الكريم لليهود : رابعًا: فقد نبَّه الله – سبحانه وتعالى – إلى أن الصراع مع اليهود صراع مُستمِر، وأن عداوتهم دائمة: قال تعالى: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217]، وقال تعالى: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82]. خامسًا: وقد أشار الله – سبحانه وتعالى – إلى مرحلتَين مِن عُلوِّ بني إسرائيل في الأرض – كما في فواتح سورة الإسراء – يُرافِقهما فساد كبير: قال تعالى: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 4]. سادسًا: ذكَر الله – سبحانه وتعالى – أن ضرَرًا وأذًى سيُصيب المؤمنين بسبب كَيد هؤلاء اليهود وعُلوِّهم، ولكنه ضرر عارِض سيَنتهي بالتزام المؤمنين بدِينهم وتَحقيق وعْد الله – سبحانه وتعالى – بالنصر: قال تعالى: ﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ [آل عمران: 111]، وخاطَب – سبحانه وتعالى – بني إسرائيل مُخبرًا لهم عما يَفعله المؤمنون بهم: ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 7]. وهناك رأيان لهما وجاهَتُهما في فهْم العُلوِّ اليهودي الحالي إن كان هو العلو الأول أو الثاني، فيرى كثيرون أن العلوَّ الحالي هو العلوُّ الثاني، لكن يَختلفون في العلو الأول، فيرى بعضهم أنه كان في أثناء دولة بني إسرائيل في فلسطين، التي قضَى عليها الآشوريُّون والبابليون، (قُضي على مملكة إسرائيل سنة 722ق م على يد الملك الآشوريِّ سرجون الثاني، وقُضي على مملكة يهودا سنة 586ق م على يد الملك البابليِّ بختنصّر)،
ويرى البعض الآخَر أن العلوَّ اليهودي الأول كان في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قضى عليهم في المدينة وخيبر، وهناك مَن يرى أن العلوَّ اليهودي الحالي هو العلو الأول مُدلِّلين أن علو بني إسرائيل أيام داود وسليمان – عليهما السلام – لم يكن فسادًا ولا إفسادًا، وبعد ذلك كان شأن اليهود ضعيفًا غير مؤثِّر بين الحضارات والأمم، سواء عندما استمرَّت مملكتُهم أو حُكمهم الذاتي في فلسطين، أو حتى في العهد النبوي؛ إذ كان شأنهم ضئيلاً مُقارَنة بفارس والروم، وإن تحقَّق فيه فساد إلا أنه لم يَشمل الأرض، أما الآن فيرَون أن فَسادهم وإفسادهم يَشمل الأرض كلَّها مِن خلال قوتهم ونُفوذهم الدولي، وتأثيرهم في مراكز القَرار في أقوى دول العالم
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (نظرة القرآن الكريم لليهود )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
– والسؤال الذي قد يطرح نفسه وهو : – لماذا كل هذا الاهتمام وهذه الاستفاضة وهذا التفصيل عن اليهود ؟
فنقول : علم العليم سبحانه في سابق علمه ، أن هذه الفئة من البشر ستكون العقبة الكؤود في وجه هذا الدين وأهله على مر الزمان . ومن هنا قدم الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة عبر كتابه الكريم كل هذا الوصف , وكل هذا التفصيل لتعلم حقيقة هذه الفئة و لتكون على بينة من أمرها عندما تتعامل معها , ولتحذر كل الحذر عند مواجهتها . فها هي طباعهم وصفاتهم وأغوار أنفسهم جلية واضحة بينة في كتاب الله عز وجل لمن كان له قلب أو القي السمع وهو شهيد :
يقول صاحب الظلال : ” فلم يكن بد من كشفهم للجماعة المسلمة لتعرف من هم أعداؤها, وما طبيعتهم, وما تاريخهم, وما وسائلهم, وما حقيقة المعركة التي تخوضها معهم. ولقد علم الله أنهم هم سيكونون أعداء هذه الأمة في تاريخها كله ; كما كانوا أعداء هدى الله في ماضيهم كله فعرض لهذه الأمة أمرهم كله مكشوفا ; ووسائلهم كلها مكشوفة ) ومع هذا الكرم الرباني , ومع هذا الكشف , ومع هذا الفضح, ومع هذا التوضيح ، لم تستفد الأمة- في هذا الزمن – من كرم الله عليها حينما شرح لها طبائع اليهود الظاهرة والباطنة. ومؤخرا رأينا مسلسل التهاوي والارتماء في أحضان اليهود , وأصدقاء اليهود تحت مسميات مختلفة : اتفاقيات للسلام , وتطبيع للعلاقات التجارية ولاقتصادية والثقافية , والزراعية …. الخ . وأصبح مألوفا أن ترى مسئولا مسلما يتناقش ويتحاور مع مسئول إسرائيلي من اجل إبرام اتفاقات متبادلة ، وأن وفدا سياحا يهوديا يزور معالم بلاد المسلمين ، فهناك علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع ما يقرب من 75% من الدول العربية والإسلامية مع العدو الصهيوني اليوم , وهذا وضع مقلوب. بل وتطورت الأمور ووصلت إلى أن رأينا في بعض من الدول الإسلامية أشد التنكيل بكل من يجاهر أو يعارض أو يوضح أو يبين للناس خطورة و طباع وصفات اليهود التي اشتهروا بها عبر القرون ويحذر منها . رأينا مسلسلات الاعتقالات لكل من يفضح مخططاتهم وألاعيبهم ، رأينا الشباب في بعض البلاد الإسلامية يعتقل ويوضع رهن المعتقلات الرهيبة ويعامل أسوء معاملة , وتوجه إليهم تهمة عريضة عنوانها العريض: أنت متهم بمعاداة دولة صديقة ( يقصدون إسرائيل) .-
والأعجب من ذلك, أن الشباب المسلم كان يرد على من يحقق معهم بقولهم : نعم ، ونعم التهمة . ولم يثنيهم كل هذا العنت والتضييق عن توضيح وتبيان صفات وطبيعة الشخصية اليهودية والتحذير منها . لقد قالوا لنا ونحن صغار أن ثمرة البرتقال المعطوبة إذا وضعت مع الثمار السليمة فإنها تعطبها وتفسدها . وإذا طالت المدة فان كل الثمار السليمة حتما ستصبح معطوبة و فاسدة . وهذا هو الحاصل . فلقد أعطب اليهود كل شعب اتصلوا به , وأفسدوا كل المجتمعات التي ذهبوا إليها , ولا أغالى حين أقول أن كل شعوب العالم اليوم قد أصابها العطب والفساد بسبب وجود الشعب اليهودي بصفاته السيئة الخبيثة التي ذكرها رب العزة عز وجل بين السكان في كل مكان . فأينما تواجدت الشخصية اليهودية فشرها المستطير , وضررها المحدق يصيب الجميع . لذلك فمن واجبنا , وواجب كل الغيورين من أبناء هذه الأمة ألا يدخروا جهدا في توضيح وتبيان طبائع الشخصية اليهودية على مر الزمان . من واجبنا أن نوضح للقاصي والداني خطورة أن يحيى اليهود بيننا بكل حرية وانطلاق . من واجبنا أن نوضح للأجيال خطورة التعامل مع اليهود دون فهم لطبائعهم وخصائصهم كما جاءت في كتاب الله المحكم . من واجبنا أن نوضح للناس لماذا اهتم القران بهذه الفئة وأفاض في تشريح طبائعهم وخصائصهم في قران يتلى ويتعبد بتلاوته إلى يوم الدين ،فكم كان الله سبحانه وتعالى كريماً معنا, ولطيفا بنا ومع قادة هذه الأمة المسلمة , يوم أن بين لنا , ووضح لهم في كتابة الكريم طبيعة هذا العدو ، وقدم لنا إسرار عدونا واضحة جلية . وبين لنا كيفية التعامل معه وكيفية التفوق عليه .ووضعها بين أيدينا قرآن يتلى إلى يوم الدين احتوت آياته على فضح وشرح طباع هؤلاء . فالله يريد أن يعلمنا أنه من أراد التعامل مع هؤلاء فلن يستطيع التعامل معهم دون فهم التشريح الرباني للشخصية اليهودية عبر الزمان . ولن يستطيع التعامل معهم وقهر غرورهم وقذف الرعب في نفوسهم غير عباد الله الذين تربوا على موائد القران قولا وعملا . فيا ليت أولي أمرنا يسمعون .
الدعاء