خطبة عن ( الغرباء: بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)
يوليو 7, 2016خطبة عن ( من وسائل التطهير والتنقية)
يوليو 7, 2016الخطبة الأولى ( من وسائل التطهير )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. وصفيه من خلقه وحبيبه .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35) الزمر
إخوة الإسلام
تعرفنا في اللقاء السابق أن الجنة طيبة طاهرة فلا يدخلها إلا الطيبون الطاهرون .وتناولت معكم ان من رحمة الله بنا أن جعل لنا تبارك وتعالى وسائل لتنقية هذه الأخطاء والمعاصي والذنوب.. والتي نقع فيها …حتى نصبح طيبين طاهرين.. ونستحق أن ندخل جنة رب العالمين ..وكان من بين وسائل التنقية والتطهير كما ذكرها العلماء ( إحدى عشر وسيلة) أربعة منها في الدنيا.. وثلاثة بعد الموت ..وأربعة يوم القيامة .. فإذا لم تغفر ذنوب العبد المؤمن في الدنيا بالتوبة والاستغفار والعمل الصالح والبلاء ولم تغفر بعد الموت بصلاة الجنازة ولا بما يلاقيه في القبر.. كان لابد أن تطهر ذنوبه ومعاصيه يوم القيامة وهي المرحلة الأخيرة من مراحل التنقية والتصفية والتطهير قبل أن تلفحه النيران ، ووسائل التنقية يوم القيامة هي: ( أهوال يوم القيامة –و الوقوف بين يدي الله عز وجل –و الشفاعة – وعفو الله تبارك وتعالى ) ،أما أهوال يوم القيامة فهي أهوال عظيمة تشيب لها الولدان قال الله تعالى عنها (ولا يسأل حميم حميما ) أي « يرى أمه وزوجته وحميمه فلا يسأل عنهم من الخوف »فالناس محزونون نادمون ، قد اسودت وجوههم ، وازرقت أبصارهم ، وقلوبهم عند حناجرهم ، يبكون الدموع ، وبعد الدموع الدم ، فبهذه الأهوال وتلك الشدائد يكفر الله سيئات الموحدين حتى يتطهروا منها ..أما الوقوف بين يدي الله ففي صحيح البخاري يقول صلى الله عليه وسلم في حديث له:(ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ يَحْجُبُهُ وَلاَ تُرْجُمَانٌ فَيُتَرْجِمُ لَهُ فَيَقُولُ أَلَمْ أُؤْتِكَ مَالاً؟ فَيَقُولُ : بَلَى فَيَقُولُ : أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولاً؟ فَيَقُولُ : بَلَى فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ فَلْيَتَّقِ أَحَدُكُمْ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ » .وفي سنن الترمذي(عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يُجَاءُ بِابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ بَذَجٌ( أي حمل ضعيف) فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَعْطَيْتُكَ وَخَوَّلْتُكَ وَأَنْعَمْتُ عَلَيْكَ فَمَاذَا صَنَعْتَ. فَيَقُولُ يَا رَبِّ جَمَعْتُهُ وَثَمَّرْتُهُ فَتَرَكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ فَارْجِعْنِى آتِكَ بِهِ. فَيَقُولُ لَهُ أَرِنِى مَا قَدَّمْتَ. فَيَقُولُ يَا رَبِّ جَمَعْتُهُ وَثَمَّرْتُهُ فَتَرَكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ فَارْجِعْنِى آتِكَ بِهِ. فَإِذَا عَبْدٌ لَمْ يُقَدِّمْ خَيْرًا فَيُمْضَى بِهِ إِلَى النَّارِ ». ومن وسائل التطهير من الذنوب الشفاعة وعفو الله تبارك وتعالى ففي صحيح بن حبان عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي » ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إنه أتاني الليلة آت ، فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة ، وبين الشفاعة ، وإني اخترت الشفاعة » ، فقالوا : يا رسول الله ، ننشدك الله لما جعلتنا من أهل شفاعتك . فقال رسول الله : « إني أشهد من حضر أن شفاعتي لمن مات لا يشرك بالله شيئا من أمتي » ، وفي المعجم للطبراني (وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”إِنَّ رَبِّي وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ يَشْفَعُ كُلُّ أَلْفٍ لِسَبْعِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يَحْثِي لِي رَبِّي بِكَفَّيْهِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ، فَكَبَّرَ عُمَرُ، وَقَالَ: إِنَّ السَّبْعِينَ الأُوَلَ يُشَفِّعُهُمُ اللَّهُ فِي آبَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، وَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ فِي أَحَدِ الْحَثَيَاتِ الأَوَاخِرِ ) ، وفي صحيح البخاري يَقُولُ صلي الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ يُدْنِى الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ، وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَىْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِى نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِى الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ . فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ ،
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية( وسائل التطهير )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الشفاعة أيضا شفاعة الأبناء للآباء ففي مسند احمد قال صلى الله عليه وسلم- « إِنَّهُ يُقَالُ لِلْوِلْدَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دْخُلُوا الْجَنَّةَ. قَالَ فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ حَتَّى يَدْخُلَ آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتُنَا. قَالَ فَيَأْتُونَ. قَالَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا لِى أَرَاهُمْ مُحْبَنْطِئِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ. قَالَ فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتُنَا. قَالَ فَيَقُولُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ »، هذه هي وسائل تنقية المؤمن وتطهيره من معاصيه حتى يصبح طيبا صالحا لدخول الجنة أما إذا بقي على من شهد أن لا اله إلا الله بعد ذلك ذنوب فلا بد أن تطهر في النار فيدخلون النار فيمكثون فيها ..كل حسب عمله وسيئاته.. حتى تنالهم شفاعة الشافعين.. فعن أبى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- « إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمِنُوا . فَمَا مُجَادَلَةُ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ في الْحَقِّ يَكُونُ لَهُ في الدُّنْيَا بِأَشَدَّ مُجَادَلَةً لَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ فِى إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ أُدْخِلُوا النَّارَ. قَالَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا وَيَحُجُّونَ مَعَنَا فَأَدْخَلْتَهُمُ النَّارَ. قَالَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَأَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ. فَيَأْتُونَهُمْ فَيَعْرِفُونَهُمْ بِصُوَرِهِمْ لاَ تَأْكُلُ النَّارُ صُوَرَهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ النَّارُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى كَعْبَيْهِ فَيُخْرِجُونَهُمْ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرَجْنَا مَنْ أَمَرْتَنَا. ثُمَّ يَقُولُ أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ وَزْنُ دِينَارٍ مِنَ الإِيمَانِ ثُمَّ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ وَزْنُ نِصْفِ دِينَارٍ. حَتَّى يَقُولَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِهَذَا فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الآيَةَ ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيماً) قَالَ « فَيَقُولُونَ رَبَّنَا قَدْ أَخْرَجْنَا مَنْ أَمَرْتَنَا فَلَمْ يَبْقَ فِى النَّارِ أَحَدٌ فِيهِ خَيْرٌ. قَالَ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ شَفَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَشَفَعَ الأَنْبِيَاءُ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ وَبَقِىَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. قَالَ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ أَوْ قَالَ قَبْضَتَيْنِ نَاسٌ لَمْ يَعْمَلُوا لِلَّهِ خَيْراً قَطُّ قَدِ احْتَرَقُوا حَتَّى صَارُوا حُمَماً. قَالَ فَيُؤْتَى بِهِمْ إِلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ أَجْسَادِهِمْ مِثْلَ اللُّؤْلُؤِ فِى أَعْنَاقِهِمُ الْخَاتَمُ عُتَقَاءُ اللَّهِ. قَالَ فَيُقَالُ لَهُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَمَا تَمَنَّيْتُمْ أَوْ رَأَيْتُمْ مِنْ شَىْءٍ فَهُوَ لَكُمْ قَالَ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ. قَالَ فَيَقُولُ فَإِنَّ لَكُمْ عِنْدِى أَفْضَلَ مِنْ هَذَا. قَالَ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا وَمَا أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَيَقُولُ رِضَائِى عَلَيْكُمْ فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ أَبَداً)
إخوة الإسلام
كلنا يخشى عذاب الله وعقابه كلنا لا يطيق عذاب القبر أو عذاب النار ونحن الآن في الحياة الدنيا أمامنا فرصة التنقية والتطهير لذنوبنا حتى لا نعذب في قبورنا أوفي نار جهنم يوم القيامة ألا وهي أربعة الدنيا وهي التوبة والاستغفار وعمل الصالحات والصبر على البلاء فأحدثوا لكل ذنب توبة .توبوا إلى الله وارجعوا واندموا.. واقلعوا عن الذنوب والخطايا وأكثروا من الاستغفار فمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا. وعليكم بعمل الصالحات فان الحسنات تمحوا السيئات واصبروا على البلاء فان الصبر على البلاء يكفر المعاصي والذنوب ويحط الخطايا.. وفي المعجم للطبراني (وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” إِنَّ رَبِّي وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ يَشْفَعُ كُلُّ أَلْفٍ لِسَبْعِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يَحْثِي لِي رَبِّي بِكَفَّيْهِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ، فَكَبَّرَ عُمَرُ، وَقَالَ: إِنَّ السَّبْعِينَ الأُوَلَ يُشَفِّعُهُمُ اللَّهُ فِي آبَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، وَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ فِي أَحَدِ الْحَثَيَاتِ الأَوَاخِرِ) وفي صحيح البخاري يَقُولُ صلي الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ يُدْنِى الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ، وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَىْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِى نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِى الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ . فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ )
الدعاء