خطبة عن (من وصايا الصالحين على فراش الموت)
يوليو 7, 2016خطبة عن التابعي (أويس بن عامر القرني )
يوليو 7, 2016الخطبة الاولى ( وصايا على فراش الموت )
الحمد لله رب العالمين …اللهم لك الحمد على نعمة الاسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام … وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له…. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. هو صفوة الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للعالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (133) البقرة
إخوة الإسلام
الانسان المؤمن وهو على فراش الموت تكشف له الأمور.. وتنجلي له الحقائق.. وتظهر له الدنيا على حقيقتها لذلك فهو ينطق بالحق ويتكلم بالصدق فلا مجال في هذه اللحظات للكذب والبهتان، ولكن الانسان في هذه اللحظات يكون صادقا مع نفسه، نادما على تفريطه، لذلك ، فسوف نستمع اليوم -ان شاء الله- الى ما قاله السابقون من الصالحين وهم على فراش الموت.. لنأخذ من كلماتهم العظة .. ولنتذكر بها حقيقة هذه الدنيا، ولنعتبر بما قالوا، ونتفكر فيما اوصوا به وهم على فراش الموت ،وقبل ان يفارقوا الدنيا بلحظات.. فلعل كلماتهم تجد طريقها الى قلوبنا ،فتصحو من غفلتها ،وتفيق من رقدتها ، والسعيد من تفكر واعتبر؟؟ ، وأبدأ بخليفة رسول الله (أبي بكر) الصديق رضي الله عنه وأرضاه، ففي مرض موته ، دخل عليه اصحابه فقالوا: ألا ندعو لك طبيباً ينظر إليك؟.. قال قد نظر إلي.. قالوا: وما قال لك.. قال: ( إني فعال لما أريد) .. فلما احتضر (رضي الله عنه وأرضاه) حين وفاته قال 🙁 وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) ق 19 ….و قال لعائشة :..انظروا ثوبي هذين، فاغسلوهما و كفنوني فيهما , فإن الحي أولى بالجديد من الميت .ثم أوصى عمر رضي الله عنه قائلا :إني أوصيك بوصية , إن أنت قبلت عني : إن لله عز وجل حقا بالليل لا يقبله بالنهار ، وإن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل ، وإنه لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه في الآخرة.. بإتباعهم الحق في الدنيا ، وثقلت ذلك عليهم ، وحق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه في الآخرة باتباعهم الباطل ، وخفته عليهم في الدنيا وحق لميزان أن يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفا.
أما سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما طعن .. وأيقن أن أجله قد اقترب جاءه عبدالله بن عباس , فقال : يا أمير المؤمنين ، أسلمت حين كفر الناس، وجاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خذله الناس ، وقتلت شهيدا ، ولم يختلف عليك اثنان ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض ،فقال له : أعد مقالتك فأعاد عليه ، فقال : المغرور من غررتموه ، والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت..لافتديت به من هول المطلع، وقال عبدالله بن عمر : كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه، فقال : ضع رأسي على الأرض فقلت : ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي، فقال : لا أم لك ، ضعه على الأرض، فقال عبدالله : فوضعته على الأرض، فقال : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز و جل .
أما أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه حين طعنه الغادرون والدماء تسيل على لحيته قال : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .اللهم إني أستعدي، وأستعينك على جميع أموري ،وأسألك الصبر على بليتي .ولما استشهد فتشوا خزائنه فوجدوا فيها صندوقا مقفلا . ففتحوه فوجدوا فيه ورقة مكتوبا عليها : (هذه وصية عثمان) . بسم الله الرحمن الرحيم: (عثمان بن عفان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده و رسوله وأن الجنة حق . وأن الله يبعث من في القبور، ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد . عليها يحيا وعليها يموت وعليها يبعث إن شاء الله ،
وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : بعد أن طعن، رضي الله عنه قال : ما فعل بضاربي قالوا : أخذناه قال : أطعموه من طعامي ، واسقوه من شرابي ، فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي، وإن أنا مت فاضربوه ضربة واحدة لا تزيدوه عليها .ثم أوصى الحسن أن يغسله، وقال : لا تغالي في الكفن، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا، أوصى : امشوا بي بين المشيتين لا تسرعوا بي ، ولا تبطئوا ، فإن كان خيرا عجلتموني إليه، وإن كان شرا ألقيتموني عن أكتافكم .
أما الصحابي الجليل معاذ بن جبل .. حين حضرته الوفاة ..وجاءت ساعةالإحتضار، قال: [انظروا هل أصبحنا، قيل: لم نصبح، ثم أتي، فقال: قد أصبحت، فقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار، مرحباً بالموت مرحباً، زائر مغيب، وحبيب جاء على فاقة، ثم نادى ربه، قائلا : يا رب اللهم إني قد كنت أخافك، فأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، -أي: في قيام الليل- ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر]، ثم فاضت روحه بعد أن قال :لا إله إلا الله
اقول قولي هذا واستغفر الله لى ولكم
الخطبة الثانية ( وصايا على فراش الموت )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك …. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اما بعد ايها المسلمون
ونواصل حديثنا عن وصايا الصالحين وهم على فراش الموت : أما بلال بن رباح رضي الله عنه وأرضاه، فحينما أتاه الموت، قالت زوجته : وا حزناه .. فكشف الغطاء عن وجهه وهو في سكرات الموت .. وقال : لا تقولي: واحزناه، وقولي: وا فرحاه. ثم قال :غدا نلقى الأحبة محمدا وصحبه .
أما أبو ذر الغفاري رضي الله عنه وأرضاه : فلما حضرته الوفاة .. بكت زوجته .. فقال : ما يبكيك ؟ قالت : وكيف لا أبكي وأنت تموت بأرض فلاة وليس معنا ثوب يسعك كفنا ، فقال لها : لا تبكي وأبشري فقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لنفر أنا منهم :ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض ،يشهده عصابة من المؤمنين ،وليس من أولئك النفر أحد إلا ومات في قرية وجماعة، وأنا الذي أموت بفلاة، والله ما كذبت ولا كذبت فانظري الطريق ..قالت :أنى وقد ذهب الحاج، وتقطعت الطريق، فقال: انظري. فإذا أنا برجال فألحت ثوبي فأسرعوا إلي فقالوا :ما لك يا أمة الله ؟ ..قالت : امرؤ من المسلمين تكفونه ..فقالوا : من هو ؟ قالت : أبو ذر ..قالوا صاحب رسول الله، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ودخلوا عليه فبشرهم، وذكر لهم الحديث…وقال : أنشدكم بالله، لا يكفنني أحد كان أميرا أو عريفا أو بريدا فكل القوم كانوا نالوا من ذلك شيئا غير فتى من الأنصار فكفنه في ثوبين لذلك الفتى وصلى عليه عبدالله بن مسعود
اما الصحابي الجليل أبوالدرداء رضي الله عنه وأرضاه لما جاءه الموت … قال : ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ؟ ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا ؟ …..ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه ؟ ..ثم قبض رحمه الله
اما سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه فبكى عند موته، فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون زاد أحدنا كزاد الراكب، وحولي هذه الأزواد ،وقيل : إنما كان حوله إجانة وجفنة ومطهرة ! الإجانة : إناء يجمع فيه الماء .الجفنة : القصعة يوضع فيها الماء والطعام والمطهرة : إناء يتطهر فيه.
اما الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : لما حضره الموت دعا إبنه فقال : يا عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود، إني أوصيك بخمس خصال، فإحفظهن عني : أظهر اليأس للناس، فإن ذلك غنى فاضل .ودع مطلب الحاجات إلى الناس، فإن ذلك فقر حاضر .و دع ما تعتذر منه من الأمور، ولا تعمل به ….وإن إستطعت ألا يأتي عليك يوم إلا وأنت خير منك بالأمس فافعل .وإذا صليت صلاة فصل صلاة مودع، كأنك لا تصلي بعدها، ثم فاضت روحه ، ونستكمل حديثنا عن وصايا الصالحين على فراش الموت في لقاء قادم ان شاء الله .
الدعاء