خطبة عن ( مثل من اتبع الرسول ومن عصاه)
أكتوبر 25, 2016خطبة عن ( شكرُ الله تعالى )
أكتوبر 26, 2016الخطبة الأولى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) الضحى (11) ،وروى مسلم في صحيحه :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلاَ تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ ». قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ « عَلَيْكُمْ ». وفي رواية للترمذي :« مَنْ رَأَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْخَلْقِ وَالرِّزْقِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ مِمَّنْ فُضِّلَ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لاَ يَزْدَرِىَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ » ،وفي سنن أبي داود وغيره : (عَنْ أَبِى الأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فِي ثَوْبٍ دُونٍ فَقَالَ « أَلَكَ مَالٌ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ « مِنْ أَيِّ الْمَالِ ». قَالَ قَدْ أَتَانِيَ اللَّهُ مِنَ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ. قَالَ « فَإِذَا أَتَاكَ اللَّهُ مَالاً فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَكَرَامَتِهِ ». وفي المستدرك للحاكم (عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا ذهب ربع الليل قال : يا أيها الناس اذكروا نعمة الله يا أيها الناس اذكروا جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه)
إخوة الإسلام
إن الله أمرنا أن نتحدث بنعمه علينا ، فنشكر الله قولا كما نشكره عملا، فالتحدث بالنعم كأن يقول المسلم : إننا بخير والحمد لله ، وعندنا خير كثير ، وعندنا نعم كثيرة ، ونشكر الله على ذلك . ولا يقول المرء نحن ضعفاء ،أ وليس عندنا شيء . . لا . بل يشكر الله ويتحدث بنعمه، ويقر بالخير الذي أعطاه الله، ولا يتحدث بالتقتير كأن يقول: ليس عندنا مال ولا لباس . . ولا كذا ولا كذا ،والله سبحانه إذا أنعم على عبده نعمة يحب أن يرى أثرها عليه في ملابسه وفي أكله وفي شربه، فلا يكون في مظهر الفقراء، والله قد أعطاه المال ووسع عليه، لا تكون ملابسه ولا مآكله كالفقراء، بل يظهر نعم الله في مأكله ومشربه وملبسه. وفي قوله تعالى :(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) أي : بشكرها وإظهار آثارها، فيرغب فيما لديه منها، ويحرص على أن يصدر المحاويج عنها. وهذا من اسرار الأمر بالتحدث بها. وفي الآية: تنبيه على أدب عظيم ، وهو التصدي للتحدث بالنعمة وإشهارها، حرصا على التفضل والجود والتخلق بالكرم، وفرارا من رذيلة الشح الذي رائده كتم النعمة والتمسكن والشكوى. قال الإمام الشيخ محمد عبده : من عادة البخلاء أن يكتموا مالهم ، لتقوم لهم الحجة في قبض أيديهم عن البذل ، فلا تجدهم إلا شاكين من القل ، أما الكرماء فلا يزالون يظهرون بالبذل ما آتاهم الله من فضله ، ويجهرون بالحمد لما أفاض عليهم من رزقه. فلهذا صح أن يجعل التحديث بالنعمة كناية عن البذل وإطعام الفقراء وإعانة المحتاجين. فهذا هو قوله: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) أي : إنك لما عرفت بنفسك ما يكون فيه الفقير، فأوسع في البذل على الفقراء. وليس القصد هو مجرد ذكر الثروة ، فإن هذا من الفخفخة التي يتنزه عنها المسلم ،على أن التحديث بالنعم لا يلزم أن يكون على سبيل التفصيل ، بل قد يكون إجمالاً ، بأن يقول : إن الله أنعم علىَّ بالصحة والغنى والهداية ، ولا يفصل في ذكر هذه النعم . قال السعدي رحمه الله : “(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) : وهذا يشمل النعم الدينية والدنيوية ؛ أي : أثن على الله بها ، وخُصها بالذكر ، إن كان هناك مصلحة ، وإلا ؛ فحدث بنعم الله على الإطلاق ، فإن التحدث بنعمة الله داع لشكرها ، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها ؛ فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن ،وقال بعض العلماء: أن المقصود من الآية ” وأما بنعمة ربك فحدث ” أي حدث بالإسلام الذى هو نعمة ، فبالإسلام حدث واعمل على نشره ، فنحن بالإسلام أصبحنا إخوانا فكان الإسلام يرمز هنا إلى النعمة وكان أمر الله لنبيه أن حدث بهذه النعمة واعمل على نشر الإسلام . – وبعض أهل العلم قالوا : أي اشكر النعمة ولكن لكل نعمة طريقة فى شكر الله عليها . فمثلاً، التحديث بنعمة المال يكون : أن تنفقه في أوجه الخير ،وكذا التحديث بنعمة الصحة: أن تستعملها في الخير. والتحديث بنعمة المنصب: أن تساعد به أهل الاحتياج. والتحديث بنعمة الزكاة: أن تفهم الأغنياء وترشدهم . إذن لا يكون التحديث بنعمة المال مثل ابأن تمشى ومعك رزمة من الدولارات تلوح بها يمنة ويسرة في السوق ،ومن العلماء من قال : ” اذكر نعمة الله عليك في نفسك، ولا تنساها، فإنك إذا ذكرت نعمة الله عليك في نفسك حملك هذا الذكر على فعل الخير”
أيها المسلمون
لقد أنعم الله علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصي قال تعالي: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) (18) ) النحل وليس المراد بالتحدث بالنعمة في الآية ما يفهمه البعض خطأ: مجرد ذكر الثروة والمال والإفاضة في الحديث عنه والتباهي به, فإن ذلك ليس من كرم الأخلاق في شيء, بل إن النبي صلي الله عليه وسلم علمنا أن التحدث بالنعمة يكون بإظهار آثارها ففي سنن الترمذي بسند حسن (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ يُحِبَّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ ». وفي مسند الإمام أحمد : (عَنْ أَبِى الأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَىَّ شَمْلَةٌ أَوْ شَمْلَتَانِ فَقَالَ لِي « هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ ». قُلْتُ نَعَمْ قَدْ آتَانِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كُلِّ مَالِهِ مِنْ خَيْلِهِ وَإِبِلِهِ وَغَنِمِهِ وَرَقِيقِهِ. فَقَالَ « فَإِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالاً فَلْيَرَ عَلَيْكَ نِعْمَتَهُ ». فَرُحْتُ إِلَيْهِ فِي حُلَّةٍ ). وأخبرنا صلي الله عليه وسلم بأن جائزة من أظهر أثر النعم وقضي حاجة الناس بها هي: الأمن من عذاب الله فقال في الحديث الحسن: ( إن لله عبادا اختصهم بحوائج الناس, يفزع الناس إليهم في حوائجهم, وأولئك هم الآمنون من عذاب الله) رواه الطبراني, وعلي العكس نجد أن الله تعالي ذم من يكتم النعمة وقرنه بالبخل فقال تعالي:( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) النساء (37) ،وحذر نبينا العدنان عليه الصلاة والسلام من لم يظهر آثار النعمة عليه ولا يقضي حوائج الناس بها رغم أن هذه النعمة فاضت عن حاجة ،فقال في الحديث 🙁 كل عبد أنعم الله عليه نعمة فأسبغها عليه- أي فاضت عن حاجته-, ثم جعل من حوائج الناس إليه فترم- أي أعرض-, فقد عرض تلك النعمة للزوال) رواه الطبراني في المعجم . وهناك فرق بين التحدث بالنعمة والفخر بها: فالمتحدث بالنعمة مخبر عن صفات وليها ومحض جوده, وإحسانه فهو مثن عليه بإظهارها والتحدث بها شاكر له, ناشر لجميع ما أولاه,
ومقصوده بذلك إظهار صفات الله ومدحه والثناء عليه, وبعث النفس علي الطلب منه دون غيره, وعلي محبته ورجائه فيكون راغبا إلي الله بإظهار نعمه ونشرها والتحدث بها, وأما الفخر بالنعم فهو أن يستطيل بها علي الناس, ويريهم أنه أعز منهم وأكبر فيركب أعناقهم ويستعبد قلوبهم ويستميلها إليه بالتعظيم والخدمة, وكذلك كسر قلوبهم والتفاخر بأنه هو المستحق لها دونهم. وتبقي مسأله في غاية الأهمية ، ولابد من التعرض لها وهي متي يظهر الإنسان النعمة ويحدث بها- كإنفاق المال مثلا- ومتي يخفيها؟ قال الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه الماتع إحياء علوم الدين: موفقا بين الأمرين بعد أن ذكر مميزات إخفاء الصدقة ومميزات إظهارها: أن لا نحكم بتا بأن الإخفاء أفضل في كل حال أو الإظهار أفضل, بل يختلف ذلك باختلاف النيات, وتختلف النيات باختلاف الأحوال والأشخاص): فمن يري في نفسه الإخلاص وعدم الرياء ولا الفخر بما يفعله ولا التكبر علي الخلق بالنعم فليظهرها, ومن خاف وجود ذلك فليخفها,,
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والناس في رؤيتهم للنعمة واستقبالهم لها ثلاثة أصناف الأول يعلم أن النعمة منة من الله وفضل فلا ينسبها لنفسه ولا تحجبه عن رؤية المنعم فيشكر الله تعالي عليها ويشفق من زوالها وعدم دوامها فالمانح مانع والباسط قابض ولا يكون مطمئنا لكمالها ويخشي أن يكون مقصرا في أداء ما عليه فيها ،أما الصنف الثاني يعلم أن النعمة من الله تعالي فيشكره عليها ويفرح بها من منطلق قوله تعالي ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) يونس (58)
ولكنه غير خائف من زوالها ، ولا يشعر بالخوف من التقصير في أداء حقها ،فقد ألهته النعمة عن الاهتمام بما اهتم به الصنف الأول ، وهذا الصنف علي خطر من أن ينزلق إلي صفوف الصنف الثالث الذي يفرح بالنعمة ويركن إليها فتحجبه عن النعم فلا ينسب النعمة إليه بل ينسبها لنفسه ويري أنه استحقها عن جدارة وهذا الصنف الذي أصابه داء العجب والكبر إذا لم يتدارك نفسه هلك ، ففي شأن قارون المتكبر قال الله تعالى على لسانه (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ) القصص 78 ،وقال صلي الله عليه وسلم { ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ } أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ
والنعم لا تقتصر علي المال فقط وإنما تشمل كل نعم تعود علي الإنسان بالنفع ،ولكن للتمتع بالنعم وإظهارها ضوابط ليس منها الإسراف والتبذير ففي مسند البزار (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ ، لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ ، وَمَنْ لاَ يَشْكُرُ الْقَلِيلَ ، لاَ يَشْكُرُ الْكَثِيرَ ، وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللهِ شُكْرٌ وَتَرْكُهَا كُفْرٌ ، وَالْجَمَاعَةُ بَرَكَةٌ وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ ) . وفي سنن الترمذي (عَنْ جَابِرٍ رضى الله عنه قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَسَكَتُوا فَقَالَ « لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ ( فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) قَالُوا لاَ بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الْحَمْدُ » ، فإذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم ..وداوم عليها بشكر الإله- فإن الإله سريع النقم …. وقال رجل من الصالحين لحسن البصري كيف أصبحت يا أبا سعيد؟ قال: أصبحنا غارقين في نعم الله يتحبب إلينا ربنا بنعمه وهو غني عنا ونتبغض إليه بالمعاصي ونحن أحوج إليه ،وقد أصبحنا بين نعمتين لا تدري أيهما أفصل ،ذنوب اقترفناها فسترها علينا فلا يعيرنا بها أحد, ومحبة زرعها الله لنا في قلوب عباده فلا نبلغها بأعمالنا ولا نستطيع شراءها بأموالنا ،وقال لقمان الحكيم من شاء أن يعرف نعمة الله عليه فلينظر إلي من هو دونه في الدنيا ولا ينظر إلي من هو فوقه فإن لسانه عند ذلك سيتدفق بشكر أنعم الله
أيها المسلمون
وإن التأمل في قوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) يطرح الحقائق التالية : أولا : التذكير بنعمة الله علينا ، وهي لا تحصى ، والتذكير بالنعمة لون من ألوان التحريض على الشكر ، والشكر قيد للنعمة ، وبلوغ لمقام الشكر عند الله تعالى ، الذي تكفل للشاكرين بالزيادة ، قال تعالى- : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) ابراهيم 7 ،ثانيا : يتطلب التذكير بالنعمة ، وهو عمل اللسان ، السعي لتوظيفها في الطاعة ، إذ شكر النعمة يقتضي وضعها في موضعها الشرعي .هذا شكر اللسان ، إذ شكر النعمة باللسان اللهج بها ، وبالجنان شهودها من المنعم ، وبالأركان العمل بها في طاعة الله تعالى ثالثا : استحضار النعم باستمرار التحدث بها يعني شهود فضل الله تعالى المتدفق علينا ، وبهذا تغيب قائمة ما قد يكون سلبيا من حياتنا ، وبهذا تتحقق الصحة النفسية التي ترهق باستحضار ما لا يتلاءم مع مطالب النفس ، الذي يدخل في ضيق الصدر ، والاكتئاب . رابعا : ومن المعاني أن الله تعالى إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن يرى أثرها عليه . فإذا أصبت خيرا أو عملت خيرا فحدث به الثقة من إخوانك ، وهذا المعنى قاله الحسن البصري وهنا يتطلب التحدث بالعمل إخلاصا وإلا فهو من فصيلة الرياء ،أما إن كان التحدث بالنعمة يورث كيدا للمتحدث ، جاز له أن يكتمها قال تعالى بشأن يوسف –عليه السلام- إذ قال له أبوه يعقوب –عليه السلام- (قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا) يوسف 5 مع العلم بأنها رؤيا ، وهي رؤيا حق ، تجسد المستقبل الذي ينتظر يوسف –عليه السلام- ولكنه خشي عليه من كيد وحسد إخوته له .
أيها المؤمن
إنّ أوّل ما يمكن أن تفعله لشكر الله تعالى على نعمه ، هو شعورك بالامتنان للنعم التي أنعم الله بها عليك، فالجحود وعدم الاعتراف بنعم الله تعالى هو سبب في غضب الله تعالى فاحرص على استحضار نعم الله وفضله عليك، واعلم أنّ النعم قد تكون ظاهرة أو باطنة، فابحث عن نعم الله تعالى عليك وكن ممتنّاً لذلك، فالصحة نعمة والإسلام نعمة والمال نعمة والأولاد نعمة والمسكن والعمل والطعام والشراب كلها من نعم الله تعالى العديدة على الإنسان، فشكر القلب يتضمّن الرضا والقناعة والشعور بفضل الله تعالى، أما شكر اللسان فيكون بترديد ما يدل على شكر القلب كقولك
” الحمد لله والشكر لله” أو كما قال تعالى : (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) ) الاحقاف
الدعاء