خطبة عن (سَارِعُوا إِلَى الجَنَّات بفعل الطاعات)
مارس 20, 2016خطبة عن ( حسن الظن بالله تعالى يدخل العبد الجنة)
مارس 21, 2016الخطبة الأولى ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :”وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ( 133 ) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( 134 ) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ( 135 ) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) . آل عمران الآيات 133- 136
إخوة الإسلام
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القمر 17 ، فمع آيات مباركات من كتاب الله تعالى نعيش لحظات طيبة ، لنذكر بها أنفسنا، مع قوله تعالى : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) ، فالمسارعة هي المبادرة والاستباق إلى ما يوجب المغفرة . وهي الطاعة . ويندرج تحتها أمور كثيرة كأداء الفرائض ، والإخلاص في التوجه ، والتوبة إلى الله ، والبعد عن المعاصي ، والثبات على الطاعة . وأيضا قوله تعالى : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } من السرعة بمعنى المبادرة إلى الشيء بدون تأخير أو تردد . وقال العلماء : الكلام على حذف مضاف : أي سارعوا وبادروا إلى ما يوصلكم إلى ما به تظفرون بمغفرة ربكم ورحمته ورضوانه وجنته ، بأن تقوموا بأداء ما كلفكم به من واجبات ، وتنتهوا عما نهاكم عنه من محظورات .ووصف – سبحانه – الجنة بأن عرضها السموات والأرض وذلك على طريقة التشبيه البليغ ، قال الفخر الرازي ما ملخصه : وفى معنى أن عرض الجنة مثل عرض السموات والأرض فالمقصود المبالغة في وصف السعة للجنة ، وذلك لأنه لا شيء عندنا أعرض منهما ،وروى ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني : ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَرَأَيْتَ جَنَّةً عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فَأَيْنَ النَّارُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم:(أرأيتَ هذا الليل [الذي] قد كان [أَلْبَسَ عليك كل شيءٌ]؛ أَيْنَ جُعِل؟! ) قَالَ: اللهُ أَعْلَمُ! قَالَ:(فإن الله يفعل ما يشاء) وقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة في المسارعة إلى فعل الخيرات ، ومنها المسارعة والتبكير إلى المسجد في يوم الجمعة ، فقد روى مسلم في صحيحه : (أن أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلاَئِكَةٌ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِى يُهْدِى الْبَدَنَةَ ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِى بَقَرَةً ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِى الْكَبْشَ ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِى الدَّجَاجَةَ ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِى الْبَيْضَةَ ». وفي سنن البيهقي والدار قطني : (أن أَبَا مَحْذُورَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ ، وَأَوْسَطُ الْوَقْتِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَآخِرُ الْوَقْتِ عَفْوُ اللَّهِ ». فقال أبو بكر رضي الله عنه : رضوان الله أحب إلينا من عفوه . فإن رضوانه عن المحسنين ، وعفوه عن المقصّرين . وقد أمرنا الله تعالى بالمسارعة إلى مغفرته وإدراك جنته التي عرضها السماوات والأرض، فكيف بطولها،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والجنان أربعة : جنة عدْن وجنة المأوى وجنة الفردوس وجنة النعيم . وكل جنة منها كعرض السماوات والأرض . وفي صحيح مسلم :« سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً قَالَ هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ فَيُقَالُ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ فَيُقَالُ لَهُ أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ رَضِيتُ رَبِّ. فَيَقُولُ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ. فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ رَضِيتُ رَبِّ. فَيَقُولُ هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ. فَيَقُولُ رَضِيتُ رَبِّ. قَالَ رَبِّ فَأَعْلاَهُمْ مَنْزِلَةً قَالَ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ». قَالَ وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) الآيَةَ.
أيها المسلمون
وهذه الجنة لمن أعِدّت ؟ إن أصحابها المتقون . نعم فهي ” أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ” والمتقي من ابتعد عن غضب الله وعذاب جهنم . ومعنى قوله – تعالى – { أعدت للمتقين } أي هيئت للمتقين الذين صانوا أنفسهم عن محارم الله ، وجعلوا بينهم وبينها وقاية وساترا ، وخافوا مقام ربهم ونهوا أنفسهم عن الهوى .
الدعاء