خطبة عن (مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)
يوليو 10, 2016خطبة عن (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)
يوليو 10, 2016الخطبة الأولى (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول سبحانه وتعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) (النساء)
إخوة الإسلام
قد يقتل الإنسان نفسه بطريق غير مباشر.كمن يهمل في علاج نفسه أو يفعل ما يعرضه للموت كما عند الإمام أحمد في حديث عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ ذَاتِ السَّلاَسِلِ قَالَ: (احْتَلَمْتُ فِى لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلَكَ فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِى صَلاَةَ الصُّبْحِ قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ.فَقَال َيَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ ». قَالَ قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى احْتَلَمْتُ فِى لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنَ أَهْلَكَ وَذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً). ويقول سبحانه : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا ) أي من يفعل ما حرم الله عليه وما نهاه الله عنه من أكل أموال الناس بالباطل أو بقتل نفسه من يفعل ذلك بقصد وتعمد وهو يعلم حرمته. فهو.(يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا) فجزاؤه. (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا). ثم يقول سبحانه وتعالى : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ. نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ .وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا}. والمعنى .أيها المؤمنون. إذا اجتنبتم كبائر الآثام وكبائر الذنوب التي نهيتم عنها .كفرنا عنكم صغائر الذنوب التي وقعتم فيها وأدخلناكم الجنة (مُدْخَلا كَرِيمًا) ؛.فالعبد المؤمن مطلوب منه بداية أن يبتعد عن ارتكاب الذنوب .سواء صغيرها وكبيرها ففِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : { إذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ }. وإياك أن تستهين بصغائر الذنوب أو تصر على فعلها فإن الإصرار على الصغيرة كبيرة ، وفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( إنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ وَقَعَ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا فَطَارَ). وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ ( يَا صَاحِبَ الذَّنْبِ لِمَا تَأْمَنُ سُوءَ عَاقِبَتِهِ وَلِمَا يَتْبَعُ الذَّنْبَ أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ ؟ ، وَقِلَّةُ حَيَائِك مِنْ مَلَكِ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ وَأَنْتَ عَلَى الذَّنْبِ أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ الَّذِي عَمِلْتَهُ ، وَفَرَحُك بِالذَّنْبِ إذَا ظَفِرْتَ بِهِ أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ ، وَضَحِكُكَ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ بِك أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ وَحُزْنُك عَلَى الذَّنْبِ إذَا فَاتَك أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ ، وَخَوْفُك مِنْ الرِّيحِ إذَا حَرَّكَتْ سِتْرَ بَابِك وَأَنْتَ عَلَى الذَّنْبِ وَلَا يَضْطَرِبُ فُؤَادُك مِنْ نَظَرِ اللَّهِ إلَيْك أَعْظَمُ مِنْ الذَّنْبِ ، وَيْحَك هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ ذَنْبُ أَيُّوبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالْبَلَاءِ فِي جَسَدِهِ وَذَهَابِ مَالِهِ ؟ إنَّمَا كَانَ ذَنْبُهُ أَنَّهُ اسْتَعَانَ بِهِ مِسْكِينٌ عَلَى ظَالِمٍ يَدْرَؤُهُ عَنْهُ فَلَمْ يُعِنْهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْهَ الظَّالِمَ عَنْ ظُلْمِ هَذَا الْمِسْكِينِ فَابْتَلَاهُ اللَّهُ تَعَالَى. فابْتَغِ رَحْمَةَ اللَّهِ عِنْدَ طَاعَتِهِ ، وَاحْذَرْ نِقْمَتَهُ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ وَلَا تَقْطَعْ رَجَاءَك مِنْهُ فِي خِلَالِ ذَلِكَ. ولَا تُحَقِّرَنَّ مِنْ الذُّنُوبِ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا ، إنَّ الصَّغِيرَ عِنْدَك الْيَوْمَ يَكُونُ كَبِيرًا غَدًا عِنْدَ اللَّهِ )
اقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( حرمة قتل النفس)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
الله سبحانه وتعالى يعلم أن ابن آدم خطاء .ولابد أن يقع في الذنب في لحظة غفلة. لامحالة فمن رحمته سبحانه وتعالى بعبده المؤمن أن تجاوز الله عن صغائر ذنوبه .فيغفرها له بالوضوء والصلاة والصوم والحج والصدقة فقال سبحانه { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ .نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ )أي إذا اجتنبتم الوقوع في كبائر الذنوب غفرنا لكم صغائرها. ويؤيد ذلك قوله سبحانه (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ). فاللمم معفو عنه .واللمم: هو صغائر الذنوب. وفي آية أخرى يقول سبحانه : (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ ) ، وفي صحيح مسلم (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الصَّلاَةُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ » ، وفي سنن النسائي : ( قَالَ صلى الله عليه وسلم « مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَيَصُومُ رَمَضَانَ وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ إِلاَّ فُتِّحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَقِيلَ لَهُ ادْخُلْ بِسَلاَمٍ ». وفي المعجم الصغير (عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (تحترقون تحترقون (أي: تُكثرون من ارتكاب الذنوب) .فإذا صليتم الفجر غسلتها .ثم تحترقون تحترقون. فإذا صليتم الظهر غسلتها .ثم تحترقون تحترقون. فإذا صليتم العصر غسلتها ثم تحترقون تحترقون. فإذا صليتم المغرب غسلتها .ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها .ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا )، هذا في صغائر الذنوب . أما كبائر الذنوب فلنا معها لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء