خطبة عن ( غزوة بدر الكبرى )
مايو 29, 2016خطبة عن ( مرحبا شهر رمضان )
يونيو 7, 2016الخطبة الأولى ( يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73) فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا(74)) النساء 66 : 74،
إخوة الإسلام
من هم الذين يستحقون أن يقال في حقهم اليوم 🙁 يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ) ؟ ،الإجابة ستكون بلا شك وبلا تردد ( إنهم جيل الصحابة) (رضوان الله عليهم ) ، فإن جيلا فريدا مميزا كجيل الصحابة بالفعل ،يستحق أن يكون مثلنا الأعلى في هذا الأمر ، ويكفيهم شرفا وفخرا ، أن فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هؤلاء القوم نسوا الدنيا وانشغلوا بالآخرة قولا وعملا ، ففازوا بالدنيا والآخرة (رضي الله عنهم أجمعين ) ، ويكفيهم فخرا وشرفا ، ما وصفهم الله تعالى به في كتابه العزيز : قال تعالى:{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } (29) الفتح ، ألا يستحق من أثنى الله عليه أن يقال في حقه ( يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ) ؟! ، فأين شبابنا اليوم، وأين أمتنا اليوم من هؤلاء القمم والعظماء ، ومن وطؤوا الدنيا بأرجلهم ، وجعلوا همهم واحدا وهو ( رضا الله تعالى ) فوحد الله قلوبهم ، وهداهم سبيله وطريقه المستقيم … فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالكرام فلاح
أخي المسلم
هل سألت نفسك يوما هذا السؤال : ماذا سأقول لله تعالى غدا إذا ما وقفت بين يديه وسألني عن هذه الآية . ( يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ) ، ففي الصحيحين (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَيُونَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَيُونَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ « بَلَى وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ » ، بماذا سأجيب حين يسألني ربي .. هؤلاء هم عبادي الذاكرون .. هل ترى درجاتهم ؟.. هل ترى مكانتهم ؟..لماذا لم تكن معهم؟ ( وهو يعلم) .. ما الذي شغلك عنهم ؟.. هل هو المال ؟ قد ضمنته لك .. هل هو الرزق ؟ قد قسمته لك.. هل هو العمر ؟ قد قدرته لك .. هل هناك ما هو أفضل مني؟ وأعظم عندك مني لتشغل به عني؟ … وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ فَقَالَ « سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ ». قَالُوا وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ ». نعم فحينها تصيبك الحسرة حين لا تنفع الحسرة … وحينها تعض على يديك ندما حين لا ينفع الندم .. وحينها ستقول .. بكل ألم .. وبكل حسرة .. وبكل ندم ..( يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ).. وسوف تقولها حينما ترى غدا منازل الشهداء من بعيد ، وترى عظيم مكانهم من الله تعالى .. تتمنى حينها لو انك معهم .. فيقول الله تعالى لك : هؤلاء الذين كانوا يجاهدون في سبيلي ولإعلاء ديني ودعوتي .. لماذا لم تكن معهم؟ ( وهو يعلم) .. ما الذي صرفك عنهم؟ .. هل هي الدنيا وحب الحياة؟ .. ماذا جنيت من هذه الدنيا إلا الندامة والخسران؟ .. وفي صحيح البخاري « إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) ، وحين ترى غدا منازل القائمين الليل من بعيد وما أعد الله تعالى لهم من نعيم رغيد مقيم ، لا يعلم عظمه إلا الله تعالى حينها ستتمنى لو أنك تكون معهم .. وتنعم ببعض نعيمهم ،ولكن هيهات لقد فات الأوان .. حينها ستنتابك الحسرة والندامة فتقول يا ليتني قمت معهم …( يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله) ..
أخي الغافل
أيقوم القائمون ولست فيهم؟، … أيذكر الذاكرون ولست منهم ؟.. أيصوم الصائمون( اي صيام النافلة) ولست معهم ؟، أيصلي المصلون ولست فيهم؟ .. ويحك من عبد مفرط . كذب من ادعى محبة الله ولم يطعه ، كذب من ادعى محبة الله ولم يأنس بقربه ، كذب من ادعى محبة الله ولم يشتاق إلى جنته وجواره ، كذب من ادعى محبة الله ، فإذا جنه الليل نام عنه .. أليس كل حبيب يخلو بحبيبه …. ( يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ).. فاعلم أيها الإنسان أنك لا تزال تعيش في الدنيا ، وبإمكانك الآن أن تكون في صفوف الذاكرين .. وفي صفوف القائمين .. وفي صفوف المجاهدين والصائمين والمصلين والقانتين ، فهلا التحقت في صفوف هؤلاء قبل فوات الأوان؟؟ … قيل أنه تعرض على الإنسان في الدار الآخرة ساعات أيامه ولياليه في هيئة خزائن … كل يوم وليلة أربع وعشرون خزانة بعدد ساعاتهما ، فيرى الساعة التي عمل فيها بطاعة الله خزانة مملوءة نورا ، فيفرح بذلك فرحا شديدا .. ويرى التي عمل فيها بمعصية الله مملوءة ظلمة .. ويرى التي لم يعمل فيها بطاعة ولا بمعصية يجدها فارغة لا شيء فيها .. فيعظم حينها ندمه وحسرته إذا نظر إلى الفارغة ، ويتمنى لو ملأها بذكر الله جل وعلا .. يقول : “..يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما ” .. ويقول حينها : ” ..يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله …” فهل من رجل أو امرأة مثل هؤلاء ، قال ابو عثمان النهدي : تضيفت أبا هريرة سبعا ،فكان هو وامرأته يتعقبون الليل أثلاثا ” .. .وقال آخر أدركت أقواما يستحيون من الله في سواد الليل من طول الهجعة ، انما هو على الجنب ، فاذا تحرك قال لنفسه: ليس لك قومي خذي حظك من الآخرة ” … إن البيوت التي يقام فيها الليل يشع منها نور يراه أهل السماء، فتنصب فوق هذه البيوت خيمة من نور ،لتستدل عليها ملائكة السماء ،ولتميزها عن غيرها من البيوت .. فكما تنظر إلى السماء لترى نور النجوم تماما تنظر الملائكة إلى الأرض لترى نور البيوت التي تنور بصلاة أهلها .. ولعل الأعجب من ذلك ،أن الملائكة إذا اعتادت على رؤية نور بيتك كل يوم ،ولم تره يوما منيرا ،تسأل عنك لأنها رأت بيتك مظلما ، فيقال لهم إنك لم تقم الليلة لأنك مريض، أو مهموم أو غير ذلك .. فتبدأ الملائكة بالدعاء لك بالشفاء وتفريج الهموم ،لأنها في أشد الاشتياق لرؤية النور يخرج من جنبات بيتك ..
اخواني في الله
أيعقل أنكم بعدما سمعتم ذلك الخير كله أنكم ما زلتم تجلسون .. ما زلتم ساهين ،ولاهين .. وما زلتم نائمين غافلين … قوموا معي لنسابق الزمن ، ولنملأ ساعات وصناديق أيامنا وليالينا بذكر ربنا ، ولنجعله شغلنا الشاغل في كل حياتنا لذلك اليوم …” يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ) (88) ” الشعراء… وقال تعالى : ( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ( المزمل/20). وارجوك اذا مررت بهذه الآية “.. يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما ” احرص على أن تكون معهم في الدنيا وابحث عنهم اليوم لكي لا تندم غدا أنك لست معهم . فالله سبحانه وتعالى عزيز وغني، فلا تجعلوه بأفعالكم يستغني عنكم ،بل ندعوه بصدق ،أن لا يوكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ،ولا أقل من ذلك فحتى نسير على الحق ،علينا التمسك بالكتاب العزيز والسنة المطهرة . وعلينا بمعرفة مجالس العلماء الصالحين والتمسك بها لأن فيها الخير والصواب ،وحتى لا يفوتنا القطار ونأتي يوم القيامة مفلسين ونقول وقتها { كُنتُ يَا لَيتَنِي مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} (73) النساء فيومها : {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} (57) الروم ، فاتق الله ،واعلم أن الحلال بين ، وأن الحرام بين، واعلم أن العمر ساعة ، فاجعلها لربك طاعة ،ولا تنظر إلى أهل الهوى والضلال وتتحسر أنك لست منهم ، ولكن اعتز بدينك ، وقدوتك صلى الله عليه وسلم ،وتحسر أنك لست من العلماء ،وأنك لست من المجاهدين ،وأنك لست من الدعاة المخلصين ،
الدعاء