خطبة عن ( الهداية والأسباب المعينة عليها)
مارس 24, 2016خطبة عن : مراتب الهداية وأسبابها وموانعها
مارس 24, 2016الخطبة الأولى ( أنواع الهداية )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (46) النور
إخوة الإسلام
من أنواع الهداية ومراتبها: هداية أهل النار للنار وهداية أهل الجنة للجنة ، فهداية أهل الجنة للجنة في قوله جلّ جلاله : ((سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)) [ محمد : 5 ـ 6 ] ، هذه الهداية وقعت بعد القتل في سبيل الله ، وما بعد القتل الهداية إلى أي شيء ؟ إنها هداية إلى الجنة ، لهذا قال سبحانه بعدها : (( وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ )) [ محمد : 6 ] ، قال العلماء : يهديهم يعني : إلى طريق الجنة ، وكذلك هداية أهل النار إلى النار كقوله تعالى في سورة الصافات : (( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ )) [ الصافات :22 : 24 ] . ولقد شاع عند العلماء أن الهداية قسمان :ـ هداية دلالة وإرشاد ـ وهداية توفيق وإعانة وإلهام ، لأنّ هذين النوعين هما اللذان نحتاج إليهما في أعظم المسائل المتعلقة بالهداية ، وهي مسألة القضاء والقدر والهداية والضلال ، أما الهداية العامة ، وهداية أهل الجنة للجنة ، وأهل النار للنار ، فهذه متفق عليها معلومة عند الجميع .
أيها المسلمون
لهذا سوف أتناول معكم بشيء من التفصيل هذين النوعين من الهداية لأنهما اللذان نحتاج إليهما في أعظم المسائل المتعلقة بالهداية فالنوع الأول: هداية التوفيق والإلهام والتسديد: وهذه مختصة بالله تعالى، لا يملكها أحد من المخلوقين، وقد خص الله سبحانه وتعالى بها عباده المؤمنين؛ بأن هداهم للإسلام، ووفقهم إلى طاعته وأعانهم عليها. وهذه الهداية هي المذكورة في قوله تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) [ القصص : 56 ]. وقوله تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) الأنعام: 125. وقوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) الأنعام: 90. وقوله تعالى: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) الحج: 24. وقوله تعالى: (أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ) البقرة: 5. وكما تقدم؛ فهذه الهداية مختصة بالله تعالى وحده؛ ولذلك فإن الله تعالى نفاها عن رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) [ القصص : 56 ].. وقال تعالى: (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) الزخرف:40. وقال تعالى: (إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) النحل: 37. وقال تعالى: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ) الأعراف: 43.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أنواع الهداية )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فهداية التوفيق كما سبق وتحدثنا هي لله وحده لا يتدخل معه فيها أحد ، لا ملك من السماء ، ولا بشر ولو كان رسولا ، ولا جني ولا أحد من خلق الله ، ولو كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم هداية لهدى عمه أبا طالب ، ففي صحيح البخاري (عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَوَجَدَ عِنْدَهِ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، فَقَالَ « أَيْ عَمِّ قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ » . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ ، وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَأَبَى أَنْ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ » . فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ) ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَبِى طَالِبٍ ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ( إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ ) ، وفي رواية لمسلم (قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَا عَمِّ قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ ». فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَمَا وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ). وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِى أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) ولنا مع الهدية لقاء إن شاء الله
الدعاء