درس بعنوان: ( فتح مكة)
يوليو 22, 2016دروس في (وصف الجنة)
يوليو 22, 2016دروس بعنوان ( الصفات الخلقية والخلقية لرسول الله صلى الله عليه وسلم )
وروى الحاكم في المستدرك حديث أمّ معبد:( عن حبيش بن خالد رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين أخرج من مكّة مهاجرا إلى المدينة، هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة، ودليلهما اللّيثي: عبد الله بن أريقط- رضي الله عنهم- مرّوا على خيمتي أمّ معبد الخزاعيّة- وكانت برزة « كهلة لا تحتجب» جلدة تحتبي بفناء القبّة، ثمّ تسقي وتطعم فسألوها لحما، وتمرا،ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، وكان القوم مرملين «نفذ زادهم » مسنتين «مجدبين، أصابتهم السّنة وهي القحط والجدب » . فنظر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى شاة في كسر الخيمة « جانبها » ، فقال: «ما هذه الشّاة يا أمّ معبد؟» ، قالت: شاة خلّفها الجهد عن الغنم. قال: «أبها من لبن؟» ، قالت: هي والله أجهد من ذلك. قال: «أتأذنين لي أن أحلبها؟» . قالت: بأبي وأمّي! إن رأيت بها حلبا فاحلبها.فدعا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فمسح بيده ضرعها، وسمّى الله تعالى، ودعا لها في شاتها، فتفاجّت «فتحت ما بين رجليها للحلب » عليه ودرّت واجترّت. ودعا بإناء يربض « يرويهم» الرّهط، فحلب فيه ثجّا «لبنا سائلا كثيرا » حتّى علاه البهاء»(وبيص رغوته) ، ثمّ سقاها حتّى رويت، وسقى أصحابه حتّى رووا، ثمّ شرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آخرهم، ثمّ أراضوا « حتى رووا » عللا بعد نهل « مرة بعد مرة» ، ثمّ حلب فيه ثانيا بعد بدء حتّى ملأ الإناء، ثمّ غادره عندها، ثمّ بايعها، وارتحلوا عنها.فقلّما لبثت حتّى جاءها زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يتساوكن « تتمايل من ضعفها » هزلا ضحا «ظاهر» مخّهنّ قليل.فلمّا رأى أبو معبد اللّبن عجب وقال: من أين لك هذا اللّبن يا أمّ معبد، والشّاء عازب حيال « بعيدة المرعى» ، ولا حلوب في البيت؟. فقالت: لا والله إلّا أنّه مرّ بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لي يا أمّ معبد. قالت: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة «الحسن والجمال » ، أبلج « مشرق الوجه مضيئه» الوجه، حسن الخلق، لم تعبه نحلة « دقة وهزال» ، ولم تزر به، صعلة «الدقة والنحول في البدن » ، وسيم « حسن الوجه » قسيم « جميل كله » ، في عينه دعج « السواد» ، وفي أشفاره غطف « يطول شعر الأجفان» ، وفي صوته صهل « فيه بحة» ، وفي عنقه سطع « طول» ، وفي لحيته كثاثة « كثرة أصولها» أزجّ «رقة محط الحاجبين » أقرن « يلتقي طرفاهما» إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلّم سما وعلاه البهاء، أجمل النّاس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب. حلو المنطق، فصل، لا نزر ولا هزر «كلامه ليس قليلا ولا كثيرا» ، كأنّ منطقه خرزات نظم ينحدرن. ربعة لا. يأس « ليس بالطويل الذي يؤيس مباريه عن مطاولته» من طول، ولا تقتحمه «احتقارا له » عين من قصر، غصن بين غصنين فهو أنضر الثّلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفّون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود « يعظمونه» محشود «يخدمونه ويجتمعون إليه » ، لا عابس «الكريه الملقى الجهم المحيا. » ولا مفنّد « لا فائدة في كلامه لكبر أصابه» صلّى الله عليه وسلّم.فقال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الّذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكّة، ولقد هممت أن أصحبه.ولأفعلنّ إن وجدت إلى ذلك سبيلا ) ……..وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان كأنّ الشّمس تجري في جبهته . وما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كأنّما الأرض تطوى له، إنّا لنجهد أنفسنا وإنّه لغير مكترث ) .. وفي سنن الترمذي ( عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى لَيْلَةٍ إِضْحِيَانٍ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَإِلَى الْقَمَرِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ فَإِذَا هُوَ عِنْدِى أَحْسَنُ مِنَ الْقَمَرِ ) ..وعن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر، قال: قلت للرّبيّع بنت معوّذ: صفي لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالت يا بنيّ لو رأيته رأيت الشّمس طالعة) وسئل البراء: «أكان وجه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مثل السّيف «2» ؟. قال: لا، بل مثل القمر»
من أخلاق الرسول ( صلى الله عليه وسلم )
«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا»
1- جوده وكرمه صلى الله عليه وسلم في البخاري(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – قَالَ كَانَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى شَهْرِ رَمَضَانَ لأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ فِى شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – الْقُرْآنَ ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ )
فما سئل صلى الله عليه وسلم شيئا من الدنيا قط فقال لا.. ففي البخاري (عَنْ سَهْلٍ – رضى الله عنه – أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا – أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ قَالُوا الشَّمْلَةُ . قَالَ نَعَمْ . قَالَتْ نَسَجْتُهَا بِيَدِى ، فَجِئْتُ لأَكْسُوَكَهَا . فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ ، فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ فَقَالَ اكْسُنِيهَا ، مَا أَحْسَنَهَا . قَالَ الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ ، لَبِسَهَا النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ، ثُمَّ سَأَلْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ . قَالَ إِنِّى وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لأَلْبَسَهَا إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِى . قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ )
وفي البخاري (جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَمَعَهُ النَّاسُ ، مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ ، فَعَلِقَهُ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ ، فَوَقَفَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ « أَعْطُونِى رِدَائِى ، لَوْ كَانَ لِى عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ، ثُمَّ لاَ تَجِدُونِى بَخِيلاً وَلاَ كَذُوبًا وَلاَ جَبَانًا » وفي صحيح مسلم (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَزْوَةَ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاقْتَتَلُوا بِحُنَيْنٍ فَنَصَرَ اللَّهُ دِينَهُ وَالْمُسْلِمِينَ وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَئِذٍ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِائَةً مِنَ النَّعَمِ ثُمَّ مِائَةً ثُمَّ مِائَةً. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ صَفْوَانَ قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَانِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا أَعْطَانِى وَإِنَّهُ لأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَىَّ فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِى حَتَّى إِنَّهُ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ. )…وعند مسلم (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ أَىْ قَوْمِ أَسْلِمُوا فَوَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَيُعْطِى عَطَاءً مَا يَخَافُ الْفَقْرَ. فَقَالَ أَنَسٌ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُرِيدُ إِلاَّ الدُّنْيَا فَمَا يُسْلِمُ حَتَّى يَكُونَ الإِسْلاَمُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا. )
2ـ تواضعه صلى الله عليه وسلم وقربه من الناس:
ولما خير صلى الله وسلم بين أن يكون عبدا رسولا أو نبيا ملكا اختار مقام العبودية والرسالة على مقام النبوة والملك, أخرجه الإمام أحمد (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ فَقَالَ جِبْرِيلُ إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ أَرْسَلَنِى إِلَيْكَ رَبُّكَ أَفَمَلَكاً نَبِيًّا يَجْعَلُكَ أَوْ عَبْداً رَسُولاً قَالَ جِبْرِيلُ تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ « بَلْ عَبْداً رَسُولاً ». ), وروى البيهقي عن انس قال: “دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وذقنه إلى راحلته متخشعا”….وروى البخاري في صحيحه (أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ . )”، وروى مسلم في صحيحه ( عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِى عَقْلِهَا شَىْءٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى إِلَيْكَ حَاجَةً فَقَالَ « يَا أُمَّ فُلاَنٍ انْظُرِى أَىَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِىَ لَكِ حَاجَتَكِ ». فَخَلاَ مَعَهَا فِى بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا….. وفي صحيح البخاري عن الأسود قال: (سَأَلْتُ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – مَا كَانَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – يَصْنَعُ فِى الْبَيْتِ قَالَتْ كَانَ فِى مِهْنَةِ أَهْلِهِ ، فَإِذَا سَمِعَ الأَذَانَ خَرَجَ )”. وروى البخاري في صحيحه ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لأَجَبْتُ ، وَلَوْ أُهْدِىَ إِلَىَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ » )”، وكان صلى الله علنه وسلم إذا مر بالصبين سلم عليهم. روى مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَيَّارٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ فَمَرَّ بِصِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. وَحَدَّثَ ثَابِتٌ أَنَّهُ كَانَ يَمْشِى مَعَ أَنَسٍ فَمَرَّ بِصِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. وَحَدَّثَ أَنَسٌ أَنَّهُ كَانَ يَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَمَرَّ بِصِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ.) وكان صلى الله عليه وسلم يخالط أصحابه ويداعب الصبي الصغير يقول أنس رضي الله عنه فيما رواه عنه البخاري في الصحيح: ” أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ – رضى الله عنه – يَقُولُ إِنْ كَانَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – لَيُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لأَخٍ لِى صَغِيرٍ « يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ » , وفي رواية عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبوعمير, قال: أحسبه فطيما. وكان إذا جاء قال:”يا أبا عمير ما فعل النغير، نغير كان يلعب به”…..وفي صحيح مسلم (عَنْ أَنَسٍ قَالَ خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تِسْعَ سِنِينَ فَمَا أَعْلَمُهُ قَالَ لِى قَطُّ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا وَلاَ عَابَ عَلَىَّ شَيْئًا قَطُّ.
وكان صلى الله عليه وسلم يركب الدواب ويردف بعض أصحابه وراءه عليها، وكان صلى الله علنه وسلم يرشد أمته إلى التحلي بصفة التواضع ويرغبهم في التخلق بها، ومما قاله صلى الله علنه وسلم في ذلك:”وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله”. رواه مسلم
ومع هذا التواضع والخلق العظيم الذي تفضل الله به على عبده ورسوله وخليله محمد صلى الله عليه وسلم كان أصحابه رضي الله عنهم لا يملئون أعينهم بالنظر إليه صلى الله عليه وسلم إجلالا واحتراما له صلى الله عليه وسلم….يقول عمرو بن العاص رضي الله عنه في حديث له أخرجه مسلم في صحيحه: “( وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلاَ أَجَلَّ فِى عَيْنِى مِنْهُ وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلأَ عَيْنَىَّ مِنْهُ إِجْلاَلاً لَهُ وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ لأَنِّى لَمْ أَكُنْ أَمْلأُ عَيْنَىَّ مِنْهُ ) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ شَخَصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا إِلَيْهِ، لِمَا يَعْرِفُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لَهُ…..عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَعْتَقِلُ الشَّاةَ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ» .
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُكَلِّمُهُ، فَأرْعَدَ، فَقَالَ: هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَلَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ، قَالَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ، فَيَجِيءُ الْغَرِيبُ وَلَا يَدْرِي أَيُّهُمْ هُوَ؟ حَتَّى يَسْأَلَ، فَطَلَبْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَجْعَلَ لَهُ مَجْلِسًا يَعْرِفُهُ الْغَرِيبُ إِذَا أَتَاهُ، فَبَنَيْنَا لَهُ دُكَّانًا مِنْ طِينٍ، فَكَانَ يَجْلِسُ عَلَيْهِ، وَنَجْلِسُ بِجَانِبَيْهِ
3ـ رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته ورفقه بها وشفقته عليها:
قال الله تعالى مخاطبا إياه: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } وفي البخاري ( أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِى الْمَسْجِدِ ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ لِيَقَعُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « دَعُوهُ ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ – أَوْ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ – فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ » )
وفي صحيح البخاري (أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا . فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِى مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ « إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ » )
وفي البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ » )وفي البخاري (أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنِّى لأَدْخُلُ فِى الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا ، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ ، فَأَتَجَوَّزُ فِى صَلاَتِى مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ » ولما قام صلى الله عليه وسلم بأصحابه ليلا يصلي بهم في رمضان خشي أن يفرض عليهم فترك الصلاة بهم،
وفي الصحيحين ( عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهْوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ ، وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ ، وَإِنِّى لأُسَبِّحُهَا )”، ولما واصل صلى الله عليه وسلم في صيامه وعلم الصحابة رضوان الله عليهم ذلك واصلو معه فنهاهم عن الوصال إشفاقا عليهم قالوا فإنك تواصل, قال: “اني لست كهيئتكم” , ففي الصحيحين (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَنِ الْوِصَالِ فِى الصَّوْمِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « وَأَيُّكُمْ مِثْلِى إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ » . فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ ، فَقَالَ « لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ » . كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ ، حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا )
وفي صحيح مسلم (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِىِّ قَالَ بَيْنَا أَنَا أُصَلِّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَرَمَانِى الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَىَّ. فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِى لَكِنِّى سَكَتُّ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَبِأَبِى هُوَ وَأُمِّى مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِى وَلاَ ضَرَبَنِى وَلاَ شَتَمَنِى قَالَ « إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَىْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ». ). وكان صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن أحد من أصحابه ما يحتاج إلى تنبيهه عليه قال في خطبة: “ما بال قوم يفعلون كذا ما بال رجال من أمتي يقولون كذا”, وما أشبه ذلك, وذلك ليعدل عنه من صدر منه وليحذر الوقوع فيه من لم يباشره.
4ـ عفوه وحلمه صلى الله عليه وسلم: فهو غاية في العفو والحلم والصفح والصبر والتحمل.
في الصحيحين (أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنهما – أَخْبَرَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قِبَلَ نَجْدٍ ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَفَلَ مَعَهُ ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِى وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – تَحْتَ سَمُرَةٍ وَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَدْعُونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ « إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَىَّ سَيْفِى وَأَنَا نَائِمٌ ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهْوَ فِى يَدِهِ صَلْتًا » . فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى فَقُلْتُ « اللَّهُ » . ثَلاَثًا وَلَمْ يُعَاقِبْهُ وَجَلَسَ ) وفي الصحيحين ( أَنَّ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – زَوْجَ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَتْ دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ . قَالَتْ عَائِشَةُ فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ . قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَهْلاً يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ » . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ » )….وفي الصحيحين (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – أَنَّهَا قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا ، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا ، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – لِنَفْسِهِ ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا )”، وروى البخاري ومسلم في صحيحهما عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضى الله عنه قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ مُرْ لِى مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ . فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ ، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ)
5- نصحه صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى دين الله
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما ( عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ فَقَالَ « لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِى فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ قَالَ فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَىَّ. ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِى رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِى بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ ». فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ».
( وفي كتاب اخلاق النبي لابي الشيخ الاصبهاني )
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَ طَوِيلَ الصَّمْتِ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ عِنْدَهُ، وَيَذْكُرُونَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمَرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَيَضْحَكُونَ، فَيَبْتَسِمُ مَعَهُمْ إِذَا ضَحِكُوا )…..عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: أَكَلْتُ ثُومًا فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْمُصَلَّى وَقَدْ سُبِقْتُ بِرَكْعَةٍ، فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِيحَ الثُّومِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا، أَوْ رِيحُهُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ صَلَاتِي جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَتُعْطِيَنِّي يَدَكَ، فَأَعْطَاهُ يَدَهُ – قَالَ حُمَيْدٌ: إِذَنْ لَيَجِدَنَّهُ سَهْلًا قَرِيبًا – فَأَدْخَلْتُ يَدَهُ فِي كُمِّي، فَوَضَعَهَا عَلَى صَدْرِي، فَإِذَا أَنَا مَعْصُوبُ الصَّدْرِ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّ لَكَ عُذْرًا
كرمه وتحمله عَنْ جَرِيرٍ، ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بَعْضَ بُيُوتِهِ، فَامْتَلَأَ الْبَيْتُ، وَدَخَلَ جَرِيرٌ فَقَعَدَ خَارِجَ الْبَيْتِ، فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَفَّهُ وَرَمَى بِهِ إِلَيْهِ، وَقَالَ: اجْلِسْ عَلَى هَذَا، فَأَخَذَهُ جَرِيرٌ، وَوَضَعَهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَقَبَّلَهُ ”
عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ” كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَامَ فَصَلَّى ”
عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ إِذَا خَلَا؟ قَالَتْ: يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَصْنَعُ مَا يَصْنَعُ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ
عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنَّ لِي صَوَاحِبُ يَأْتِينَنِي، فَيَلْعَبْنَ مَعِي، فَيَنْقَمِعْنَ إِذَا رَأَيْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ، فَيَلْعَبْنَ مَعِي )….عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ فَمَا أَعْلَمُهُ قَالَ لِي قَطُّ: هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ وَلَا عَابَ عَلَيَّ شَيْئًا قَطُّ )
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ: ” سَأَلْتُ أَبِي عَنْ دُخُولِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ، مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ إِذَا أَتَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءٌ لِلَّهِ، وَجُزْءٌ لِأَهْلِهِ، وَجُزْءٌ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ جُزْأَهُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ، وَلَا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الْأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ وَقِسْمَتِهِ، عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ، مِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ، فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ، وَيَشْغَلُهُمْ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ وَالْأَمَةَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ عَنْهُمْ، وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ، وَيَقُولُ: لِيُبَلِّغُ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ، وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغِي حَاجَتَهُ، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلَّا ذَلِكَ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرُهُ. قَالَ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ: يَدْخُلُونَ رُوَّادًا وَلَا يَتَفَرَّقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ، وَيَخْرُجُونَ أَدَلَّةً – يَعْنِي فُقَهَاءَ. قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي عَنُ مَخْرَجِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْزِنُ لِسَانَهُ إِلَّا مِمَّا يَعْنِيهِمْ وَيُؤَلِّفُهُمْ، وَلَا يُفَرِّقُهُمْ، يُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ، وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ، وَيُحَذِّرُ النَّاسَ وَيَحْتَرِسُ عَنْهُمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطْوَيَ عَنْ أَحَدٍ بِشْرَهُ وَخُلُقَهُ، وَيَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ، وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُصَوِّبُهُ، وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوَهِّنُهُ، مُعْتَدِلُ الْأَمْرِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، لَا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا، أَوْ يَمَلُّوا، لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ، لَا يُقَصِّرُ عَنِ الْحَقِّ، وَلَا يُجَاوِزَهُ إِلَى غَيْرِهِ، الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ خِيَارُهُمْ، وَأَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً: أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً وَمُؤَازَرَةً. وَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ؟ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْلِسُ وَلَا يَقُومُ إِلَّا ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ، وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا، وَإِذَا جَلَسَ إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ، وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ، وَيُعْطَى كُلَّ جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ، لَا يَحْسِبُ أَحَدٌ مِنْ جُلَسَائِهِ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ لِحَاجَةٍ، صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصَرِفُ، وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَنْصَرِفْ إِلَّا بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ قَدْ وَسِعَ النَّاسَ مِنْهُ خُلُقَهُ فَصَارَ لَهُمْ أَبًا، وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءٌ مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ، وَحَيَاءٍ، وَصِدْقٍ، وَأَمَانَةٍ لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ، وَلَا تُؤْبَنُ فِيهِ الْحَرُمُ، وَلَا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ مُعْتَدِلِينَ يَتَوَاصَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى، مُتَوَاضِعِينَ، يُوَقِّرُونَ فِيهِ الْكَبِيرَ، وَيَرْحَمُونَ فِيهِ الصَّغِيرَ وَيُؤْثِرُونَ ذَا الْحَاجَةِ، وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ. قُلْتُ: كَيْفَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي جُلَسَائِهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِمُ الْبِشْرِ، سَهْلُ الْخُلُقِ، لَيِّنُ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ، وَلَا غَلِيظٍ وَلَا صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا فَاحِشٍ وَلَا عَيَّابٍ، وَلَا مَدَّاحٍ يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يَشْتَهِي، وَيُؤْيَسُ مِنْهُ، وَلَا يُجِيبُ فِيهِ قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ: الْمِرَاءِ، وَالْإِكْثَارِ، وَمَالَا يُعْنيِهِ وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلَاثٍ: كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدًا، وَلَا يُعَيِّرُهُ، وَلَا يَطْلُبُ عَوْرَاتِهِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ، كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ، وَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا، وَلَا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَ مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ، حَتَّى يَفْرُغَ حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَوَّلِهِمْ، يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ، وَمَسْأَلَتِهِ حَتَّى إِنْ كَانَ أَصْحَابُهُ لَيَسْتَجْلِبُونَهُمْ، فَيَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُم طَالِبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَارْفِدُوهُ، وَلَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا مِنْ مُكَافٍ، وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ، حَتَّى يَجُوزَ فَيَقْطَعَهُ بِنَهْي، أَوْ قِيَامٍ. فَسَأَلْتُ: كَيْفَ كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِلْمِ، وَالْحَذَرِ، وَالتَّقْدِيرِ، وَالتَّفْكِيرِ، فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَفِي تَسْوِيَةِ النَّظَرِ، وَالِاسْتِمَاعِ مِنَ النَّاسِ، وَأَمَّا تَفْكِيرُهُ فَفِيمَا يَبْقَى، وَلَا يَفْنَى وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمَ فِي الصَّبْرِ، فَكَانَ لَا يُغْضِبُهُ شَيْءٌ، وَلَا يَسْتَفِزُّهُ وَجُمِعَ لَهُ الْحَذَرُ فِي أَرْبَعٍ: أَخْذِهِ بِالْحَسَنِ لِيُقْتَدَى بِهِ، وَتَرْكِهِ الْقَبِيحَ لِيُنْتَهَى عَنْهُ، وَاجْتِهَادِهِ الرَّأْيَ فِيمَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ، وَالْقِيَامِ فِيمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ، جَمَعَ لَهُمْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ”
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، وَشَمِمْتُ الْعِطْرَ كُلَّهُ، فَلَمْ أَشُمَّ نَكْهَةً أَطْيَبَ مِنْ نَكْهَتِهِ، وَكَانَ إِذَا لَقِيَهُ وَاحِدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَامَ مَعَهُ فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ يَنْصَرِفُ عَنْهُ وَإِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَتَنَاوَلَ يَدَهُ، نَاوَلَهَا إِيَّاهُ، فَلَمْ يَنْزِعْ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُ عَنْهُ وَإِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَتَنَاوَلَ أُذُنَهُ، نَاوَلَهَا إِيَّاهُ، فَلَمْ يَنْزِعْهَا عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُهَا مِنْهُ …..وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَتَتْ بِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا خُوَيْدِمُكَ، فَخَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي لشَيْءٍ قَطُّ: أَسَأْتَ، وَلَا بِئْسَ مَا صَنَعْتَ …..عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنِينَ فَمَا سَبَّنِي سَبَّةً قَطُّ، وَلَا ضَرَبَنِي ضَرْبَةً، وَلَا انْتَهَرَنِي، وَلَا عَبَسَ فِي وَجْهِي وَلَا أَمَرَنِي بِأَمْرٍ فَتَوَانَيْتُ فِيهِ فَعَاتَبَنِي عَلَيْهِ فَإِنْ عَاتَبَنِي عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ: دَعُوهُ فَلَوْ قِدِّرَ شَيْءٌ كَانَ )
عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَابَ حُجْرَتِي، وَالْحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُمْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَقَامَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، حَتَّى انْصَرَفْتُ أَنَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِي، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ»
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا ذَكَرْنَا الدُّنْيَا ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِذَا ذَكَرْنَا الْآخِرَةَ ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِذَا ذَكَرْنَا الطَّعَامَ ذَكَرَهُ مَعَنَا…قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَلَا؟ قَالَتْ: كَانَ أَبَرَّ النَّاسِ، وَأَكْرَمَ النَّاسِ، ضَحَّاكًا بَسَّامًا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ أَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُتْرَكَ يَدَهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ يَنْزِعُ يَدَهُ»…..وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، فَشَمِمْتُ الْعِطْرَ، وَلَمْ أَشُمَّ نَكْهَةً أَطْيَبَ مِنْ نَكْهَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَامَ مَعَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ عَنْهُ، وإِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَتَنَاوَلَ يَدَهُ نَاوَلَهَا إِيَّاهُ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِعْهَا مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْهُ، وَإِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَتَنَاوَلَ أُذُنَهُ نَاوَلَهَا إِيَّاهُ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِعْهَا مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُهَا مِنْهُ )
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّمَا نَزَلَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيُعْرِضُ لَهُ الرَّجُلُ فَيُحَدِّثُهُ طَوِيلًا ثُمَّ يَتَقَدَّمُ إِلَى الصَّلَاةِ…..عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجِيءُ إِلَيْنَا وَأَخٌ لِي صَغِيرٌ، فَيَقُولُ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟)
أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا نُجَالِسُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُ أَطْوَلَ صَمْتًا مِنْهُ، وَكَانُوا إِذَا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ تَبَسَّمَ ) ….عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا سَهْلًا، إِذَا هَوِيَتْ، يَعْنِي عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، الشَّيْءَ، تَابَعَهَا عَلَيْهِ»
سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ الذِّكْرَ، وَيَقِلُّ اللَّعْنَ، وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ، وَكَانَ لَا يَأْنَفُ، وَلَا يَسْتَكْبِرُ أَنْ يُمْشَيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ، وَالْمِسْكِينِ، فَيُقْضَيَ لَهُ حَاجَتَهُ
عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «مَا ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً قَطُّ، وَلَا ضَرَبَ خَادِمًا قَطُّ، وَلَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا نِيلَ مِنْهُ فَانْتَقَمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُهُ فَيَنْتَقِمُ»..عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فِإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) ….عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّابًا وَلَا فَحَّاشًا، كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا فِي الْمَعْتَبَةِ: مَا لَهُ؟ تَرِبَتْ يَمِينُهُ
عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَهُ أَعْرَابِيُّ فَأَخَذَ بِرِدَائِهِ فَجَبَذَهُ جَبْذَةً شَدِيدَةً، فَنَظَرْتُ إِلَى عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَثَّرَتْ فِيهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَحِكَ وَأَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ
حياؤه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ»
…وقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيِيًّا لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَى)
عَفْوِهِ وَصَفْحِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ: أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ، خَاصَمُوا الزُّبَيْرَ فِي شَرْجٍ مِنْ شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا الْمَاءَ، فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ، حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ )
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَقَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُلَيْدَةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، فَقَسَّمَهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَمَرَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَعْدِلَ فَمَا أَرَاكَ تَعْدِلُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، مَنْ يَعْدِلُ عَلَيْكَ بَعْدِي؟ فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ: رُدُّوهُ عَلَيَّ رُوَيْدًا
عَنْ جَابِرٍ، ” أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَقْبِضُ لِلنَّاسِ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِنْ فِضَّةٍ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ اعْدِلْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيْحَكَ فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدَلْ؟ فَقَدْ خِبْتَ إِذَنْ وَخَسِرْتَ إِنْ كُنْتُ لَا أَعْدِلُ، فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ فَإِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَقَالَ: مُعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّى أُقْتَلُ أَصْحَابِي ”
” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ، فَاسْتَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُعْطِهِ ثَمَنَ فَرَسِهِ، فَأَسْرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْيَ، وَأَبْطَأَ الْأَعْرَابِيُّ، فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْرِضُونَ لِلْأَعْرَابِيِّ يُسَاوِمُونَهُ بِالْفَرَسِ، لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعَهُ، حَتَّى زَادَ بَعْضُهُمْ لِلْأَعْرَابِيِّ فِي السَّوْمِ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَادَى الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الْفَرَسَ فَابْتَعْهُ، وَإِلَّا بِعْتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الْأَعْرَابِيِّ: أَوَ لَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهُ، مَا بِعْتُكَ، فَقَالَ: بَلَى قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ، فَطَفِقَ النَّاسُ يَلُوذُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَهِيدًا فَلْيُشْهَدْ أَنَّى قَدْ بَايَعْتُكَ، فَمَنْ جَاءَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: وَيْلَكَ، إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِيَقُولَ إِلَّا حَقًّا ”
عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتِ: ابْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَزُورًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِيرَةِ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ فَالْتَمَسَ التَّمْرَ فَلَمْ يَجِدْهُ فِي الْبَيْتِ قَالَ: فَخَرَجَ إِلَى الْأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّا ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزُورَكَ هَذَا بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِيرَةِ، وَنَحْنُ نَرَى أَنَّهُ عِنْدَنَا، فَلَمْ نَجِدْهُ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَاغَدْرَاهُ وَاغَدْرَاهُ فَوَكَزَهُ النَّاسُ، وَقَالُوا: لِرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ هَذَا؟ فَقَالَ: دَعُوهُ ……وعَنْ أَنَسٍ، ” أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، لِيَأْكُلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَتْ: أَرَدْتُ قَتْلَكَ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ قَالَ: عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، قَالُوا: أَفَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: لَا ”
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، قَالَ: فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا، قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ سَحَرَكَ فَعقَدَ لَكَ عُقَدًا، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فَاسْتَخْرَجَهَا فَجَاءَ بِهَا، فَجَعَلَ كُلَّمَا حَلَّ عُقَدُةً وَجَدَ لِذَلِكَ خِفَّةً، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِلْيَهُودِيِّ، وَلَا رَآهُ فِي وَجْهِهِ قَطُّ
عَنِ ابْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ، أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَإِلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ ابْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَقُلْتُ: قَدْ أَمْكَنَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ بِمَا صَنَعُوا حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}
أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: ” بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوهُ مِنْهَا، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مِعِيَ مِنْ كِتَابٍ، قُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ، أَوْ لَنَقْلِبَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجُوهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا فِيهِ، مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، يُخْبِرُهُمْ أَمْرًا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا حَاطِبُ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قَوْمِي، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ، يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْهُمْ مِنَ النَّسَبِ، أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ كُفْرًا، وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَلَا ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَكُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ”
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اضْرِبُوهُ، فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا الضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَمِنَّا الضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَقُولُوا هَكَذَا، وَلَا تُعِينُوا الشَّيْطَانَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ قُولُوا: رَحِمَكَ اللَّهُ ……عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاحْمَرَّ وَجْهُهُ وَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ )
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُبَلِّغْنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا، فَإِنِّي أَحَبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سُلَيْمُ الصَّدْرِ»
مَا ذُكِرَ مِنْ شَجَاعَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ بَدْرٍ، وَنَحْنُ نَلُوذُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَى الْعَدُوِّ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأْسًا»…عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلُقِيَ الْقَوْمُ، اتَّقَيْنَا بِرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا يَكُونُ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ ) …عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، يَنْقُلُ التُّرَابَ حَتَّى وَارَى الْغُبَارُ شَعَرَ صَدْرِهِ، وَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْتَجِزُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُمْ يَحْفِرُونَهُ، وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ حَتَّى وَارَى جِلْدَةَ بَطْنِهِ
عَلَامَةِ رِضَاهُ وَعَلَامَةِ سَخَطِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ رِضَاهُ وَغَضَبُهُ بِوَجْهِهِ، كَانَ إِذَا رَضِيَ فَكَأَنَّمَا مُلَاحِكَ الْجُدُرِ وَجْهُهُ،( هِيَ الْمِرْآةُ تُوضَعُ فِي الشَّمْسِ فَيُرَى ضَوْءُهَا عَلَى الْجِدَارِ) وَإِذَا غَضِبَ خُسِفَ لَوْنُهُ وَاسْوَدَّ» …عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَرَّهُ الْأَمْرُ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ دَارَةُ الْقَمَرِ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ ”
إِغْضَائِهِ وَإِعْرَاضِهِ عَمَّا كَرِهَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا يُوَاجِهُ أَحَدًا بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ صَحفَةٌ فِيهَا قَرْعٌ، وَكَانَ يَلْتَمِسُهُ بِأَصَابِعِهِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَكَرِهَهُ فَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا حَتَّى خَرَجَ، فَقَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ: لَوْ قُلْتُمْ لِهَذَا أَنْ يَدَعَ هَذِهِ – يَعْنِي الصُّفْرَةَ ”
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بَأَبْصَارِهِمْ، وَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصْمِتُونِي، لَكِنِّي سَكَتُّ قَالَ: فَدَعَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، مَا ضَرَبَنِي وَلَا سَبَّنِي، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّحْمِيدُ
أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا فِي الْمَسْجِدِ وَأَصْحَابُهُ مَعَهُ، إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيُّ، فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ، مَهْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُزْرِمُوهُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنَ الْقَذَرِ، وَالْبَوْلِ وَالْخَلَاءِ – أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى نِسَائِهِ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ يَدَ الرَّسُولِ فَسَقَطَتِ الْقَصْعَةُ، فَانْكَسَرَتْ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ، وَيَجْمَعُ الطَّعَامَ فَيَقُولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ، كُلُوا. فَأَكَلُوا فَجَلَسَ الرَّسُولُ حَتَّى جَاءَتِ الْكَاسِرَةُ بِقَصْعَتِهَا الَّتِي هِيَ فِي بَيْتِهَا فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ وَتَرَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْهَا “…..وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَشُجَّ فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ، وَيَقُولُ: كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَبُوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ بِالدَّمِ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]
رفقه بأمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ غَزْوَةً بِنَفْسِهِ، شَهِدْتُ تِسْعَ عَشْرَةَ، غِبْتُ عَنِ اثْنَتَيْنِ، فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، إِذْ أَعْيَى نَاضِحِي تَحْتَ اللَّيْلِ فَبَرَكَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِنَا، فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَيُزْجِي الضَّعِيفَ، وَيُرْدِفُ، وَيَدْعُو لَهُمْ، فَانْتَهَى إِلَيَّ وَأَنَا أَقُولُ: يَالَهْفَ أُمَّتَاهُ وَمَا زَالَ لَنَا نَاضِحُ سَوْءٍ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: أَنَا جَابِرٌ، بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قُلْتُ: أَعْيَى نَاضِحِي، فَقَالَ: أَمَعَكَ عَصًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَضَرَبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ، ثُمَّ أَنَاخَهُ، وَوَطِئَ عَلَى ذِرَاعِهِ، وَقَالَ: ارْكَبْ، فَرَكِبْتُ، فَسَايَرْتُهُ، فَجَعَلَ جَمَلِي يَسْبِقْهُ، فَاسْتَغْفَرَ لِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً، فَقَالَ لِي: مَا تَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ الْوَلَدِ؟ يَعْنِي أَبَاهُ، قُلْتُ سَبْعَ نِسْوَةٍ، قَالَ: أَتْرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِذَا قَدِمْتَ الْمَدِينَةَ فَقَاطِعْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَإِذَا حَضَرَ جِدَادُ نَخْلِكُمْ فَآذِنِّي، وَقَالَ لِي: هَلْ تَزَوَّجْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: مِمَّنْ؟ قُلْتُ: بِفُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ، بِأَيِّمٍ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: فَهَلَّا فَتَاةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّ عِنْدِي نِسْوَةٌ خُرْقٌ، يَعْنِي أَخَوَاتِهِ، فَكَرِهْتُ أَنْ آتِيَهُنَّ بِامْرَأَةٍ خَرْقَاءَ، فَقُلْتُ: هَذِهِ أَجْمَعُ لِأَمْرِي، قَالَ: فَقَدْ أَصَبْتَ وَرَشَدْتَ، فَقَالَ: بِكُمِ اشْتَرَيْتَ جَمَلَكَ؟ قُلْتُ: بِخَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: قَدْ أَخَذْنَاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ فَقَالَ يَا بِلَالُ أَعْطِهِ خَمْسَ أَوْرَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ، يَسْتَعِينُ بِهَا فِي دَيْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَزِدْهُ ثَلَاثًا وَارْدُدْ عَلَيْهِ جَمَلَهُ، قَالَ: هَلْ قَاطَعْتَ غُرَمَاءَ عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَتَرَكَ وَفَاءً؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: لَا عَلَيْكَ، إِذَا حَضَرَ جِدَادُ نَخْلِكُمْ فَآذِنِّي، فَآذَنْتُهُ، فَجَاءَ [ص:455] فَدَعَا لَنَا فَاسْتَوْفَى كُلُّ غَرِيمٍ مَا كَانَ يَطْلُبُ تَمْرًا، وَفَاءً وَبَقِيَ لَنَا مَا كُنَّا نَجِدُ وَأَكْثَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارْفَعُوا وَلَا تَكِيلُوا، فَرَفَعْنَا، فَأَكَلْنَا مِنْهُ زَمَانًا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِيَدَيَّ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ فِيهِ، فَمَرَّ بِي أَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَا أَسْأَلُهُ عَنْهَا إِلَّا لِيَسْتَتْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي، وَمَا فِي وَجْهِي، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: أَبَا هِرٍّ الْحَقْ، فَاتَّبَعْتُهُ، فَدَخَلَ، فَاسْتَأْذَنَتُ، فَأَذِنَ لِي، فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: أَنَّى لَكُمْ هَذَا اللَّبَنُ؟ قَالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلَانٌ فَقَالَ: يَا أَبَا هِرٍّ، انْطَلِقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ، فَادْعُهُمْ لِي. قَالَ: فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ، وَأَهْلِ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ، وَلَا مَالٍ، إِذَا جَاءَتْهُ صَدَّقَةٌ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَرْزَأْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا جَاءَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَأَصَابَ مِنْهَا، قَالَ: فَأَحْزَنَنِي إِرْسَالُهُ إِيَّايَ، وَقُلْتُ: أَرْجُو أَنْ أَشْرَبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَغَذَّى بِهَا، فَمَا يُغْنِي عَنِّي هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ، وَأَنَا الرَّسُولُ فَإِذَا جَاءُوا أَمَرَنِي فَكُنْتُ أَنَا أُعَاطِيهِمْ وَلَمْ يَكُنْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ بُدٌّ، فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا، فَأُذِنَ لَهُمْ فَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ، وَقَالَ: أَبَا هِرٍّ، قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُمْ فَأَعْطِهِمْ، فَآخُذَ الْقَدَحَ فَأُعْطِي الرَّجُلَ حَتَّى يُرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَيَّ حَتَّى رَوِيَ جَمِيعُ الْقَوْمِ فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ، فَوَضَعَهُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: اقْعُدْ، فَقَعَدْتُ، فَشَرِبْتُ، وَقَالَ: اشْرَبْ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: اشْرَبْ، اشْرَبْ، حَتَّى قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا قَالَ: فَأَرِنِي، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ الْإِنَاءَ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَشَرِبَ مِنْهُ
فِي كَظْمِهِ الْغَيْظَ وَحِلْمِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ مُرْتَدِيًا بِبُرْدٍ مِنَ النَّجْرَانِيَّةِ إِذْ تَبِعَهُ أَعْرَابِيُّ، فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ الْبُرْدِ إِلَيْهِ، ثُمَّ جَبَذَهُ إِلَيْهِ جَبْذَةً، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَحْرِ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، وَإِذَا أَثَرُ حَاشِيَةِ الْبُرْدِ فِي نَحَرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَحِكَ، وَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، جُدْ لِي مِنَ الْمَالِ الَّذِي عِنْدَكَ، قَالَ: مُرُوا لَهُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِينُهُ فِي شَيْءٍ، فَأَعْطَاهُ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَا، وَلَا أَجْمَلْتَ قَالَ: فَغَضِبَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَامُوا إِلَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ كُفُّوا. قَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى الْأَعْرَابِيِّ، فَدَعَاهُ إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ: إِنَّكَ جِئْتَنَا فَسَأَلْتَنَا، فَأَعْطَيْنَاكَ، فَقُلْتَ: مَا قُلْتَهُ، فَزَادَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ خَيْرًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ كُنْتَ جِئْتَنَا فَسَأَلْتَنَا، فَأَعْطَيْنَاكَ، وَقُلْتَ مَا قُلْتَ، وَفَى أَنْفُسِ أَصْحَابِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَقُلْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مَا قُلْتَ بَيْنَ يَدَيَّ، حَتَّى تُذْهِبَ مِنْ صُدُورِهِمْ مَا فِيهَا عَلَيْكَ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَوْ الْعَشِيُّ، جَاءَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا كَانَ جَاءَ فَسَأَلَنَا، فَأَعْطَيْنَاهُ، وَقَالَ مَا قَالَ، وَإِنَّا دَعَوْنَاهُ إِلَى الْبَيْتِ فَأَعْطَيْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ، أَكَذَلِكَ؟ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ خَيْرًا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ فَشَرَدَتْ عَلَيْهِ، فَاتَّبَعَهَا النَّاسُ، فَلَمْ يَزِيدُوهَا إِلَّا نُفُورًا، فَنَادَاهُمْ صَاحِبُ النَّاقَةِ: خَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ نَاقَتِي، فَأَنَا أَرْفَقُ بِهَا وَأَعْلَمُ، فَتَوَجَّهَ لَهَا صَاحِبُ النَّاقَةِ بَيْنَ يَدَيْهَا وَأَخَذَ لَهَا مِنْ قُمَامِ الْأَرْضِ، فَرَدَّهَا هَوْنًا هَوْنًا هَوْنًا حَتَّى جَاءَتْ وَاسْتَنَاخَتْ وَشَدَّ عَلَيْهَا، وَإِنِّي لَوْ تَرَكْتُكُمْ حَيْثُ قَالَ الرَّجُلُ مَا قَالَ، فَقَتَلْتُمُوهُ، دَخَلَ النَّارَ
مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: احْمِلْنِي، فَقَالَ: إِنَا حَامِلُوكَ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ. قَالَ الشَّيخُ: وَمَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ. فَقَالَ: وَهَلْ تَلِدُ الْإِبِلُ إِلَّا النُّوقَ؟
دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعِنْدَهَا عَجُوزٌ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: هِيَ مِنْ أَخْوَالِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْعُجُزَ لَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ، فَقَالَ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُهُنَّ خَلْقًا غَيْرَ خَلْقِهِنَّ
وقد ترك صلى الله عليه وسلم الناس على محجة بيضاء
فما من شيء يقرب إلى الله إلا دل عليه أمته ورغبها فيه كما حذرها مما يخالف ذلك فلم يقصر في صلى الله عليه وسلم في إبلاغه شرع الله ولم يقصر في بيانه عند الإبلاغ. أخرج مسلم في صحيحه (عَنْ سَلْمَانَ قَالَ قِيلَ لَهُ قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ. قَالَ فَقَالَ أَجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِىَ بِالْيَمِينِ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِىَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِىَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ.)
وروى مسلم في صحيحه قوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ( وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ. وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّى فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ ». قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ « اللَّهُمَّ اشْهَدِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ )…..وفي مسلم ( عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ مَا بَعَثَنِىَ اللَّهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ يَا قَوْمِ إِنِّى رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَىَّ وَإِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَاءَ.
فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا فَانْطَلَقُوا عَلَى مُهْلَتِهِمْ وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِى وَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِى وَكَذَّبَ مَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ »….. وفي صحيحه أيضا ( عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِى »…..وكان صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن شيء وكانت الأهمية لغير المسؤول عنه لفت نظر السائل برفقه وحكمته صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الأهم. ففي الصحيحين (عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – عَنِ السَّاعَةِ ، فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ « وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا » .قَالَ لاَ شَىْءَ إِلاَّ أَنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ – صلى الله عليه وسلم – . فَقَالَ « أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ » . قَالَ أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بِشَىْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – « أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ » . قَالَ أَنَسٌ فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّى إِيَّاهُمْ ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ ) ”
حقه صلى الله عليه وسلم على أمته وحق أمته عليه:
من حقه على أمته أن يشهدوا بأنه رسول الله حقا إلى جميع الثقلين الجن والإنس وأن شريعته باقية إلى قيام الساعة وأنها عامة لكل أحد فلا يسع أحد الخروج عنها. روى مسلم في صحيحه(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِىٌّ وَلاَ نَصْرَانِىٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ »)..” وأن شريعته صالحة لكل زمان ومكان وأنه لا سعادة في الدنيا ولا نجاة في الآخرة إلا لمن سلك سبيله وسار على نهجه وأنه هو الأسوة والقدوة لأمته وأنه الصادق المصدوق في أخباره غائبها وماضيها ومستقبلها وأن تكون القلوب عامرة بحبه محبة أعظم من محبة النفس والوالد والولد والناس أجمعين، ومن محبته صلى الله عليه وسلم محبة شريعته وتعظيمها وتحكيمها والتحاكم إليها كما قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} وأن تكون العبادة لله خالصة وعلى وفق الخطة التي رسمها رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يعبد الله إلا بما شرع كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح مسلم: “( عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ».وما أحسن قول أبي عثمان النيسابوري إذ يقول: “من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة”.
ومن حقه على أمته صلى الله عليه وسلم أن تكون الألسنة رطبة بالثناء عليه بكل ما يليق به مع الحذر من الغلو الذي لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وبالثناء على سنته وإيضاح محاسنها وبيان ضرورة الناس إلى التمسك بها وأن تكون الألسنة رطبة بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان، والبخيل حق البخيل من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصل عليه، وأرغم الله أنف من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصل عليه، وأبخل ممن يبخل بالدرهم والدينار من يبخل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره صلوات الله وسلامه الأتمان الأكملان عليه وعلى آله
ما حق الأمة عليه فهو إبلاغهم رسالة ربهم وإرشادهم إلى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ} , وقال تعالى: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ} .
روى البخاري في صحيحه عن ابن شهاب الزهري رحمه الله أنه قال: “من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم”. انتهى. وقد من الله على المؤمنين بإرسال رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبلاغ الرسالة على أكمل الأحوال وأتمها وأنزل الله تعالى عليه في أواخر حياته في حجة الوداع: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} .