خطبة عن (موسى بالطور يناجي ربه، ويبلغ بالرسالة)
أبريل 9, 2016خطبة عن (نبي الله موسى في أرض مدين)
أبريل 9, 2016الخطبة الأولى ( زواج نبي الله موسى في أرض مدين)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) ( 25):(28) القصص
إخوة الإسلام
ونواصل الحديث عن نبي الله موسى في أرض مدين وقد سقى للفتاتين ،قال تعالى : (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) القصص ،وبناء على أمر أبيها ، ذهبت واحدة من الفتاتين إلى موسى، ووقفت أمامه ، وأبلغته رسالة أبيها. ويصور لنا القرآن الكريم تلك الحالة في أعظم صورة ،قال تعالى ( فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ) القصص 25، فقوله تعالى (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ) فقد صور لنا الحياء ظاهرا في مشيتها ،وإذا كان الوقف على (تَمْشِي ) فقوله تعالى(عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ) بين لنا أن الحياء ظاهر في قولها وكلامها ، وهكذا يجب أن تكون النساء المؤمنات العفيفات ، فالحياء زينة المرأة ،وفي البخاري (وَقَالَتْ عَائِشَةُ نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ ) وفيه (عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ ،قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ » ،وفي سنن أبي داود (قَالَ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ ».
أيها المسلمون
نهض موسى وبصره في الأرض. إنه لم يسق لهما الغنم ليأخذ منهن أجرا، وإنما ساعدهما لوجه الله، غير أنه أحس في داخله أن الله هو الذي يوجه قدميه فنهض. سارت البنت أمامه. فهبت الرياح فضربت ثوبها فخفض موسى بصره حياء وقال لها: سأسير أنا أمامك ونبهيني أنت إلى الطريق. ثم وصلا إلى الشيخ الصالح . فقدم له الشيخ الطعام وسأله: من أين قدم وإلى أين سيذهب؟ فحدثه موسى عن قصته. قال الشيخ: (لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). هذه البلاد لا تتبع مصر، ولن يصلوا إليك هنا. واطمأن موسى ونهض لينصرف. فقالت ابنة الشيخ لأبيها همسا: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) ،سألها الأب: كيف عرفت أنه قوي؟ قالت: رفع وحده صخرة لا يرفعها غير عشرة رجال. سألها: وكيف عرفت أنه أمين؟ قالت: رفض أن يسير خلفي وسار أمامي حتى لا ينظر إلي وأنا أمشي. وطوال الوقت الذي كنت أكلمه فيه كان يضع عينيه في الأرض حياء وأدبا. ولكن الشيخ رأى أن الاستئجار لا يتفق مع أخلاقه وأخلاق أسرته ، فسوف يكون هذا الرجل أجنبيا عن بناته ، فكيف يدخل داره ، ويقيم في منزله وهو ليس من محارمه ؟ ولذا : رأى أن يزوجه إحدى بناته ،فعاد الشيخ لموسى وقال له: أريد يا موسى أن أزوجك إحدى ابنتي على أن تعمل في رعي الغنم عندي ثماني سنوات، فإن أتممت عشر سنوات، فمن كرمك، لا أريد أن أتعبك، قال تعالى :(قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) القصص 27، قال موسى: هذا اتفاق بيني وبينك. والله شاهد على اتفاقنا. سواء قضيت الثماني السنوات، أو العشر سنوات فأنا حر بعدها في الذهاب. قال تعالى (قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) القصص 28،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( زواج نبي الله موسى في مدين )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي صحيح البخاري (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلَنِي يَهُودِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ أَيَّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى قُلْتُ لاَ أَدْرِى حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى حَبْرِ الْعَرَبِ فَأَسْأَلَهُ . فَقَدِمْتُ ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا ) ، وفي المستدرك للحاكم على شرط البخاري ومسلم (عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر رضي الله عنه : ـ { فجاءته إحداهما تمشي على استحياء } قال : كانت تجبىء و هي خراجة ولاجة واضعة يدها على وجهها ،فقام معها موسى و قال لها : امشي خلفي و انعتي لي الطريق و أنا أمشي أمامك فإنا لا ننظر في أدبار النساء ،ثم قالت : { يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين } لما رأته من قوته و لقوله لها ما قال فزاده ذلك فيه رغبة ،فقال : { إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك و ما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين } أي في حسن الصحبة و الوفاء بما قلت ،قال موسى : { ذلك بيني و بينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي } قال : نعم قال : الله على ما نقول وكيل فزوجه و أقام معه يكفيه و يعمل له في رعاية غنمه و ما يحتاج إليه منه و زوجه صفورة أو أختها شرقاء و هما اللتان كانتا تذودان) ، وهكذا عاش موسى يخدم الشيخ عشر سنوات كاملة.ونواصل الحديث عن نبي الله موسى وهو في طريق عودته إلى مصر إن شاء الله
الدعاء