خطبة عن (شرط دخول الجنة)
نوفمبر 4, 2023خطبة عن (غزة وجهاد الدفع) مختصرة
نوفمبر 7, 2023الخطبة الأولى ( بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام أحمد في مسنده وصححه الألباني في صحيح الجامع : (عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ ،فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ »
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم – إن شاء الله تعالى- مع هذا الأدب النبوي الكريم ،والذي يسوق لنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البشرى العظيمة ،بقوله صلى الله عليه وسلم : (بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ) ،فلقد كتب الله عز وجل لهذه الأمة (أمة الإسلام) ،ولهذا الدين العظيم (دين الإسلام) الرفعة والسناء والمجد والريادة ،فهو الدين الذي ارتضاه ملك الملوك الرب العظيم للبشرية دينا ،وهو الملة السمحاء التي فرق الله تعالى بها بين الناس ،فمنهم مؤمن ،ومنهم كافر ،وهو الدين الذي لا يقبل الله عز وجل ممن لا يؤمن به عملا ،قال الله تعالى وقوله الحق 🙁إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) آل عمران (19) ، وقال الله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (85) آل عمران ،فما شهده التاريخ منذ بزوغ فجر هذا الدين العظيم من مؤامرات للقضاء عليه ،أمر لم يتعرض له أي دين آخر ،وأي ملة أخرى ،ويكفي لمعرفة مدى ما يتعرض له الإسلام من مكر، النظر فيما يتعرض له ديننا في هذا الزمن من محاولات الاجتثاث والإقصاء والتشويه والإبعاد ،ومع ذلك نرى هذا الدين لا يزداد إلا انتشارا وقبولا عند الناس ،فكلما ازداد الكيد لهذا الدين ،كلما ازداد عدد المقبلين عليه ،وكيف لا يكون كذلك وهو دين الفطرة ،كيف لا يكون كذلك وهو الدين الذي فيه الحلول الناجعة لجميع مشكلات البشرية وعللها ، فمن الملاحظ أن هذا الدين العظيم يكيد له جميع المنحرفين ،ومع ذلك ،فجميع هذه النحل على اختلاف مشاربها تكيد كيدا نهايته إلى الخسران والبوار ،قال الله تعالى : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (8)، (9) الصف ،وقال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (36) الانفال ،
وفي هذا الحديث الذي بين ايدينا اليوم ، يقول صلى الله عليه وسلم : (بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ) ،هكذا جاءت البشائر النبوية بنصرة هذا الدين ، وظهوره على الدين كله ، ومثل هذه البشائر تشيع الأمل في النفوس ،وتزرع بذور التفاؤل في الأرواح التي يؤلمها ماحل بالمسلمين من المصائب والنكبات ،وهي بشائر أيضا تثبت اليقين في القلوب وتستحث الهمم من أجل مزيد من العمل للدين ، ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه 🙁عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِي مِنْهَا) ،وروى الطبراني في المعجم الكبير وصححه الألباني في صحيح الجامع : (عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله عز و جل استقبل بي الشام وولى ظهري لليمن وقال لي : يا محمد جعلت ا تجاهك غنيمة ورزقا وما خلف ظهرك مدادا ولا يزال الإسلام يزيد وينقص الشرك وأهله حتى تسير المرأتان لا تخشيان جورا ثم قال : والذي نفسي بيده لا تذهب الأيام والليالي حتى يبلغ هذا الدين مبلغ هذا النجم) ، فهذه الأمة منصورة ،وهذا الدين بنيان شامخ ،وصرح عظيم قائم ،لا تهزه الرياح ولا تزعزعه العواتي ،فهو منصور بعون الله تعالى بثلة من أوليائه ،ممن يغرسهم الله تعالى ليستعملهم في طاعته ،والمنافحة عن دينه ، ففي الحديث الذي حسنه العلامة الألباني ورواه ابن ماجه في سننه: (أن أَبَا عِنَبَةَ الْخَوْلاَنِيَّ وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لاَ يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ ».، وفي صحيح مسلم : (عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « لَنْ يَبْرَحَ هَذَا الدِّينُ قَائِمًا يُقَاتِلُ عَلَيْهِ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ». ،
فمثل هذه الأحاديث وتلك المبشرات لابد أن تصنع في نفوسنا الأمل الذي يحركه العمل ،وليس مهما أن نرى بأنفسنا ثمرة نصر الإسلام أو تمكينه ،بل المهم هو أن نعمل من أجل الإسلام ،وأن نسأل أنفسنا دائما : ماذا قدمنا لدين الله ؟ وكيف ننصر ديننا؟ وماهي المجالات التي نستطيع القيام بها وهي تخدم ديننا؟ ،فالإسلام محتاج إلى جهود أتباعه وإلى طاقاتهم ،فمجالات الخير واسعة ومتعددة ،ولكنها محتاجة فقط إلى من يعلق الجرس ، وهذا ما يوجب علينا أن نخرج من حيز جلد الذات ،والبكاء على اللبن المسكوب والأطلال ، إلى حيز العمل والعمل.
أيها المسلمون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ) فإن بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفعة والسنا والتمكين عائدة لا محالة، وأن الكفر ودوله ومبادئه إلى زوال واندثار وانهدام ، فمن الحقائق المتعلقة بهذه الأمة : تميُّز هذه الأمة عن غيرها من أمم وشعوب في فكرها، وحفظ الله تعالى لها. ومن الحقائق المتعلقة بهذه الأمة : تميز هذه الأمة بنهوضها من كبواتها؛ عبر تاريخها الطويل. ومن الحقائق المتعلقة بهذه الأمة : ارتقاء الأمة اليوم وصمودها والتفافها حول المخلصين من أبنائها، رغم شدة الحرب وقسوتها. ومن الحقائق المتعلقة بهذه الأمة : واقع الكفر، وواقع دوله ومبادئه، وما وصل إليه من انحدار، وواقع نظرة الشعوب في الأرض إلى مخلّصٍ لها من الشقاء والانحدار، والتردي والانحطاط الحيواني.
أما ما يتعلق بتميز هذه الأمة عن غيرها: فإن هذه الأمة هي صاحبة رسالة سماوية سامية صحيحة تتصل بخالق الكون، وقد تكفَّل الله عز وجل بحفظ الأمة ودينها من الاندثار والزوال، قال تعالى بشأن دينها ورسالتها: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر (9) ،وقال الله سبحانه: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (32) ،(33) التوبة، وقال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ؛ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي؛ أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ: إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ؛ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا؛ حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعضا» رواه الإمام مسلم. ،
وهذا بعكس اليهود والنصارى حيث أضاعوا دينهم، واختلفوا وتفرقوا وكانوا شيعًا وفرقًا متعددة؛ تختلف في صلب عقيدتها؛ كاختلافها في حقيقة المسيح عليه السلام، وكاختلافها في الربوبية، وحقيقة الخالق جل جلاله، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (159) الانعام ،
فبرغم كل ما لاقته هذه الأمة، عبر أربعة عشر قرنًا من الزمان، بقيت محافظة على دينها بحفظ الله عز وجل، وبقيت أمةً واحدةً لم تتفرّق كما حصل مع غيرها. فرغم الحروب الصليبية المتكررة وحروب الاستعمار، وحروب التبشير الفكرية… ، فلم تترك هذه الأمة دينها، وبقيت تتمسك به، وظلت عقيدتها نقية صافية،
وأما عن نهوض هذه الأمة أكثر من مرة من كبواتها عبر تاريخها الطويل؛ فكان ذلك بفضل الله تعالى أولًا، ثم بفضل القادة العظام، والعلماء الأجلّاء الأتقياء؛ الملازمين لهؤلاء القادة، ومواقفهم النبيلة، وهممهم العالية في تحريك الأمة ضد الكفر والكافرين، وفي دفع الأمة للالتفاف حول القادة المخلصين الأفذاذ من أبنائها ،فقد مرت الأمة بمراحل انتكست فيها الأمة انتكاسة شديدة لدرجة أنها غُزيت في عقر دارها من الكافرين، وأذاقوها ألوان العذاب والقتل والتشريد والاستعباد؛ حتى مَنَّ الله عز وجل عليها بقادة عظام، وعلماء أفذاذ أنقذوها من هذا الواقع البئيس .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لعل الأمة تكون قد أدركت أن فيها الكثير من أبنائها الأتقياء المخلصين من علماء وعوام الناس، وأدركت الأمة أن فيها حزبًا مخلصًا لله عز وجل؛ لا يرتبط بأحد من الدول الكافرة، ولا الحكام العملاء، ولا يقبل غير الإسلام بديلًا، وأدركت أن هذا هو الأمل للأمة، للمخلصين من أبنائها، المتصلين بوحي السماء؛ لا بأي سبب من أسباب الأرض، وأن الشمس قد بدأت تبشر بالنور وسط الدجى الحالك بعد ليل طويل، وأن تباشير الصباح تتنفس مع إطلالة أشعة النور، وأن وعد الله لآتٍ وقريب، وأن الزبد مهما كثر على صفحة الماء لا بد أن يتطاير ويذهب، سواء أكان علمانيًا، أم من الحكام، أم من أحزاب مخادعة، وأن الماء الزلال هو وحده الذي يمكث في الأرض، والماء الزلال هو فقط الوحي، ومن يرتبط بهذا الوحي من علماء وقادة وأحزاب، قال تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) (17) الرعد، وقال عليه الصلاة والسلام: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ» رواه الإمام البخاري، وقال: «مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَوْ آخِرُهُ» رواه الترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم : «بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ، وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ» رواه الإمام أحمد.
الدعاء