خطبة عن (من فقه الجنائز: تجهيز الميت)
أبريل 7, 2016خطبة عن (الدروس المستلهمة من قصة سيدنا إبراهيم)
أبريل 7, 2016الخطبة الاولى (من فقه الجنائز: ما يستحب في مرض الموت والوصية)
الحمد لله رب العالمين .. الذي تفرد بالعزة والكبرياء .. وطوق عباده بطوق الفناء.. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ..واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
اما بعد ايها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) آل عمران (185)
إخوة الإسلام
ما احوجنا اليوم الى ان نتعرف على ما يجب على المريض ومن حوله في لحظات الشدة والمرض فالكثير منا يجهل ذلك وقد يقع في اخطاء ..لذلك سوف اتناول معكم ان شاء الله تعالى ما يجب على المريض ومن حوله شافانا الله واياكم من كل داء ومرض .فعلى المريض أن يرضى بقضاء الله، ويصبر على قضائه و قدره..وان يحسن الظن بربه، فذلك خير له، ففي صحيح مسلم (عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم« عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ». ومهما اشتد به المرض، فلا يجوز له أن يتمنى الموت، ففي صحيح البخاري(عن أنس بن مالك رضي الله عنه : قال النبي صلى الله عليه و سلم ( لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لا بد فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي )
ايها المؤمنون
الموت أمر حتمي وكلنا سوف يموت يوما ما.. لذا يجب على من أحس بقرب اجله ..أن يحسن الظن بالله ففي صحيح مسلم (عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلاَثٍ يَقُولُ « لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ »..وإذا أحس المريض أن اجله قد اقترب فلا يقنط من رحمة الله مهما كانت ذنوبه ومهما عظمت سيئاته لان عفو الله أعظم فينبغي عليه أن يكون بين الخوف والرجاء، يخاف عقاب الله على ذنوبه، ويرجو رحمة ربه، فقد روى الترمذي عن أنس : أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل على شاب وهو في الموت فقال كيف تجدك ؟ قال والله ! يا رسول الله ! إني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف)..وإذا كان عليه حقوق فليؤدها إلى، أصحابها، إن تيسر له ذلك. وإلا أوصى بذلك، ..ففي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ » ، وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ». قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ». وفي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَىْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ » ،ورواه الطبراني في الكبير بلفظ: ” الدين دينان، فمن مات وهو ينوي قضاءه فأنا وليه، ومن مات وهو لا ينوي قضاءه، فذاك الذي يؤخذ من حسناته، ليس يومئذ دينار ولا درهم ) ، وفي البخاري (عن جابر رضي الله عنه قال : لما حضر أحد دعاني أبي من الليل فقال ما أراني إلا مقتولا في أول من يقتل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وإني لا أترك بعدي أعز علي منك غير رسول الله صلى الله عليه و سلم فإن علي دينا فاقض واستوص بأخوتك خيرا فأصبحنا فكان أول قتيل ودفن معه آخر في قبر ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه )..
ايها المسلمون
ولا بد من الاستعجال بمثل هذه الوصية وخاصة اذا كان فيها حقوق للغير .ففي صحيح مسلم (عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَىْءٌ يُوصِى فِيهِ يَبِيتُ ثَلاَثَ لَيَالٍ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَا مَرَّتْ عَلَىَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ ذَلِكَ إِلاَّ وَعِنْدِى وَصِيَّتِى.).. ويستحب ان كان غنيا أن يوصي لاقربائه الذين لا يرثون منه، روى الامام مسلم ( عَنْ ثَلاَثَةٍ مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ كُلُّهُمْ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَى سَعْدٍ يَعُودُهُ بِمَكَّةَ فَبَكَى قَالَ « مَا يُبْكِيكَ ». فَقَالَ قَدْ خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِى هَاجَرْتُ مِنْهَا كَمَا مَاتَ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ. فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا ». ثَلاَثَ مِرَارٍ. قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى مَالاً كَثِيرًا وَإِنَّمَا يَرِثُنِى ابْنَتِى أَفَأُوصِى بِمَالِى كُلِّهِ قَالَ « لاَ ». قَالَ فَبِالثُّلُثَيْنِ قَالَ « لاَ ». قَالَ فَالنِّصْفُ قَالَ « لاَ ». قَالَ فَالثُّلُثُ قَالَ « الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّ صَدَقَتَكَ مِنْ مَالِكَ صَدَقَةٌ وَإِنَّ نَفَقَتَكَ عَلَى عِيَالِكَ صَدَقَةٌ وَإِنَّ مَا تَأْكُلُ امْرَأَتُكَ مِنْ مَالِكَ صَدَقَةٌ وَإِنَّكَ أَنْ تَدَعَ أَهْلَكَ بِخَيْرٍ – أَوْ قَالَ بِعَيْشٍ – خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ». ويشهد على وصيته رجلين عدلين مسلمين ، وأما الوصية للوالدين والأقربين الذين يرثون منه، فلا تجوز، لأنها منسوخة بآية الميراث، وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم البيان في خطبته في حجة الوداع فقال:” إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث ” أخرجه أبو داود
اقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من فقه الجنائز )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ..واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
اما بعد ايها المسلمون
ونواصل حديثنا عن الوصية.. فيحرم الاضرار في الوصية، كأن يوصي بحرمان بعض الورثة من حقهم من الارث، أو يفضل بعضهم على بعض، لقوله تبارك وتعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ) النساء (7) ، وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا ضرر ولا ضرار من ضار ضره الله ومن شاق شق الله عليه )..والوصية الجائرة باطلة مردودة، لقوله صلى الله عليه وسلم: ” من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد “.أخرجه الشيخان ولحديث عمران بن حصين: ” ، وفي سنن البيهقي : (عن عمران بن حصين : أن رجلا من الأنصار أوصى عند موته فأعتق ستة مماليك ليس له مال غيرهم أو قال أعتق عند موته ستة مماليك له وليس له شيء غيرهم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فقال فيه قولا شديدا ثم دعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء فأقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة ) .. ولما كان الغالب على كثير من الناس في هذا الزمان الابتداع في دينهم، ولا سيما فيما يتعلق بالجنائز، كان من الواجب.. أن يوصي المسلم بأن يجهز ويدفن على السنة عملا بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) التحريم (6) ، ولذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصون بذلك، واذكر لكم بعضها:.. عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ فِى مَرَضِهِ الَّذِى هَلَكَ فِيهِ الْحَدُوا لِى لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَىَّ اللَّبِنَ نَصْبًا كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم )أخرجه مسلم والبيهقي ، وعن أبي بردة قال: “أن أبا بردة حدثه : أن أبا موسى حين حضره الموت قال : إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا المشي ولا تتبعوني بجمر ولا تجعلوا على لحدي شيئا يحل بيني بين التراب ولا تجعلوا على قبري بناء وأشهدكم أني بريء من كل حالقة أو سالقة أو خارقة قالوا : سمعت فيه شيئا ؟ قال : نعم من رسول الله صلى الله عليه و سلم .. ويستحب له استحبابا مؤكدا أن يوصيهم باجتناب ما جرت العادة به من البدع في الجنائز حنى لا يعذب في قبره بما نيح عليه .. فإذا حضره الموت، فعلى من عنده أمور: أن يلقنوه الشهادة، لقوله صلى الله عليه وسلم: ” لقنوا موتا كم لا إله إلا الله، وقوله (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه).. ونستكمل الموضوع في لقاء قادم ان شاء الله …
الدعاء