خطبة عن ( الحياةُ الدنيا لهوٌ ولَعِبٌ ،والدّارُ الآخرةُ خيرٌ للذينَ يتّقونَ)
أكتوبر 12, 2024خطبة عن (الْوَرَعُ)
أكتوبر 21, 2024الخطبة الأولى ( أيها المهموم : فإن الفرج واليسر قادم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (51) التوبة ،وقال الله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (28) الرعد
إخوة الإسلام
إن الهمَّ قد يعوق المرء عن صحيح العبادةِ، وقد يُبعده عن كلِّ ما فيه من الخير الزيادةُ ، فالهمَّ إذا استفحل قد يُودي بصاحبه إلى الهلاك والمرض ،فالمهموم دائمًا قد يعوقه همُّه عن أداءَ عملِه، وقبولَه على الخَلق من حولِه ،والهمَّ من الأمور التي استعاذ منها نبيُّنا محمد – صلَّى الله عليه وسلَّم ، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضى الله عنه قَالَ : وَأَنَا غُلاَمٌ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا نَزَلَ ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ « اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ »، فيا أيها المهموم، أبشِرْ فالله أقرب من حبل الوريد، وأيها المهموم أبشِر فالفرج قريب ،والله مجيب، ولن يُضيِّعك أبدا ،أبشر ، فكلُّ شيء له حل عند صاحب الحلول علام الغيوب ،والدنيا ساعة ولن تطولَ ،والعمر حتمًا زائل، وكلُّنا راحلون، ولن يبقى سوى مالك الملك، فأبشر . فطالما أن الله معك ،وطالما أنك متوكِّل دائمًا عليه. فلا داعي للهم ، حتى لا تمرضك وتتلقَّفك الوساوس والمخاوف. لا داعي للهم … حتى لا تفشل وتخسَر. لا داعي للهم … فاليُسر قادم، ولا عسرَ إلا ومعه يُسرانِ. لا داعي للهم .. فوالله ما كان الصبر إلا وتبِعه النَّصر. لا داعي للهم … طالما باب الله مفتوح، وطارقُه لا يخيب، فالله كريم. لا داعي للهم .. فإنَّ من كان الله معه فماذا يكون قد فقَدَ؟ . لا داعي للهم … فإن من شغله ذكرُه، أعطاه ما لم يعطِ السائلين.
أيها المهموم
تبسم وانظر إلى السماء ،وتأمل عظمة الخالق – سبحانه وتعالى- وانظر إليها وتفكر في ملكوت الله -تعالى- وثق بأن الله مطلع عليك، وناظر إليك، وارفع أكف الدعاء ،وتذلل بين يديه ، فسوف ينجلي الهم ، وتسعد الأيام، فإن ضاقت بك السبل فركعتان في جوف الليل بإخلاص ويقين لله -تعالى- تكثر فيها من الدعاء يذهب الله عنك ما أنت فيه ،فباب الله مفتوح ، قال الله تعالى : {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30].، فتبسم للقضاء ،وسل الله تعالى حاجتك – ودع ما سواه من الناس، قل يا الله ودع ما سواه -سبحانه وتعالى- وأكثر من الاستغفار ففيه فوائد، قال الله تعالى : {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10-12].
أيها المسلم المهموم
إن الذي خلقك متكفل برزقك ،وصحتك وحياتك ، قال الله تعالى :{وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ. وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء:79-80]. ، واجعل من يومك ساعة لمناجاة الخالق -سبحانه وتعالى- تكن أسعد الناس في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى : {أَلَا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. ، ولا تفكر في رزق غد، فإن الذي رزقك اليوم متكفل برزقك غداً، فإن الله يرزق الطير تغدو خماصاً وتعود بطاناً. ففي سنن الترمذي: ( عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا » ، فابتسم، وانظر إلى السماء ،وتأمل عظمة الخالق -سبحانه وتعالى- وتفكر في ملكوت الله –تعالى، فلو كانت الدنيا تساوي عند الله -تعالى- جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء ،ففي سنن الترمذي : (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ » ،فانظر وتفكر : فأين مضى الأولون؟ ،وأين سيمضي اللاحقون؟ ،كلهم إلى الله ماضون ، قال الله تعالى : {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ} [الانبياء: 104] ،فإذاً لِمَ الهم ؟ ،ولم القلق؟ ، قال الله تعالى : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ} [الإسراء: 124]، فالحمد الله فأنت لست ممن أعرض عن ذكر الله –تعالى، ولست ممن ينام ويصحو ويأكل ويشرب ولا يشكر الله، فدع عنك هموم الماضي ،وتشاؤم المستقبل ،وألم الحاضر ،وارفع بصرك إلى السماء ،وادعو الله منيبا إليه ،فإن عشت سنيناً من عمرك مهموما،ً فعسى أن يأتي الله بالفرج القريب، وعسى أن يكون ما مضى من أيامك مكفرات للذنوب، إذاً تبسم ،وكن على يقين بفرج الله ،قال الله تعالى :{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]. واعلم أن الإنسان لن يموت حتى يأخذ كامل رزقه، ففي سنن ابن ماحه : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِىَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ ».
ومن تثاقلت عليه الديون ، فالله قادر على قضاء دينك وتفريج همك ،ففي سنن أبي داود: (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ « يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ ». قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلاَمًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ». قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ ». قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ،فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي). ،فدع الهم، ودع القلق، ودع التفكير، ودع الحزن، وقل: « اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَالْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الْعَدُوِّ » رواه احمد ،ويا من فقد أباه أو أمه ، أو أحبته، انظر لحال الرسول – صلى الله عليه وسلم – فقد عاش يتيماً ،فقد أباه وأمه وعمه وزوجته وأحبته، فقال الله – تعالى- فيه: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ. وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ. وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ} [الضحى: 6-8] ،ويوم أن مات ابنه إبراهيم صبر واحتسب ،ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضي الله عنه – قَالَ دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ – وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيمَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – تَذْرِفَانِ . فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ – رضى الله عنه – وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ « يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ » . ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يَرْضَى رَبُّنَا ، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ » ، ويا من عاش فقيراً، فقد كان -عليه السلام- فقيراً لا يملك قوت يومه؛ لأنه باع دنياه بآخرته، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ ابْنَ أُخْتِي إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – نَارٌ . فَقُلْتُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتِ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مِنْ أَبْيَاتِهِمْ ، فَيَسْقِينَاهُ)، فدع التشاؤم ،وتفاءل ، واقرأ قول الله تعالى : {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ. الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ. وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ. فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } [الشرح: 1-6]. ،فحينما يبدأ الليل ، فتكون ظلمة ،ثم ينبلج نور الفجر الساطع، يبدأ العسر ،ثم يكون اليسر، يبدأ الضيق والشدة ،ثم يأتي الفرج القريب.
أيها المسلمون
لا تأخذ هموم الحياة في عين الاعتبار ،فلولا وجود المتاعب لما وجدت الراحة ،ولولا وجود الشر لما وجد الخير ،والأمثلة في ذلك كثيرة ،فلا تدع للهموم ومصاعب الحياة حيز كبير من تفكيرك ،ولا تشغل نفسك بها ،فدعها لله تعالى ،وانظر دائما للأمام لا للخلف ،وسر بخطى ثابتة وعين مستنيرة في دروب الحياة ،فعندئذ تأكد أن التعب والمشاكل والهموم والآلام لن يكون لها رف في دولاب حياتك .
فنحن البشر نريد أن نحوز الدينا كلها.. ونريد أن نملك كل شيء ،بدون أن نقدم شيئا ..ونريد أن نصل إلى النجوم في السماء الزرقاء ،ولكننا لا نريد أن نتعب أو نبتلى .. ونريد الجنة ولكننا ما صبرنا على ما يواجهنا في سبيل الحصول عليها.. ونسينا أن مهر الجنة غالي .. فهلا صبرنا واحتسبنا على ما فقدناه هنا في دنيانا ،لنجد بإذن الله كل ما حرمنا منه هناك في جنات الخلد.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أيها المهموم : إن الفرج واليسر قادم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (51) التوبة ،وقال الله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (28) الرعد
فاعلم أن الصبر يحتاج منا لمجاهدة النفس وتزكيتها ،لأنه ليس بالأمر السهل على النفس البشرية أن تصبر عند فقد شخص عزيز ،أو مال أو غير ذلك ،إلا إذا كانت تلك النفس قريبة من الله عز وجل ،وتسلحت بالإيمان بالله والقرب منه.. عندها ستشعر أن البلاء له طعم ولذة ـ لأنه من الله عز وجل ،ولأنه رفعة لنا في الدنيا والاخرة.. فليتنا نربي أنفسنا على الصبر عند فقد أي أمر من أمور الدنيا ،فأحيانا يكون الأمر هينا ويمكن أن نتخطاه ،ولكن لتعلقنا الزائد بالدنيا وما فيها من ملذات ،يجعلنا نشعر أنه بلاء عظيم ،ومصيبة كبرى.. فالطريقة المثلى للصبر ،ولعلاج هذا الأمر فعلينا أن ننظر فيمن ابتلوا قبلنا ،ونراهم يبتلون أمامنا بابتلاءات صعبة وكبيرة ، ولكن مع صبرهم واحتسابهم تجدهم كالجبال الرواسي ،لا يهزهم ريح ،ولا تعبأ بهم عواصف الحياة مهما اشتدت ،لأن ثباتهم مستمد من قربهم من الله عز وجل ،ومن حوله سبحانه وتعالى وقوته
الدعاء