خطبة عن (الدروس المستفادة من قصة موسى مع الخضر)
أبريل 9, 2016خطبة عن (نبي الله موسى يتعلم من الخضر)
أبريل 9, 2016الخطبة الأولى (الخضر يخبر موسى بحكمة مافعل)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ) الكهف (78)
إخوة الإسلام
ونستكمل الحديث عن نبي الله موسى مع الخضر :قال تعالى : (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ) (77) الكهف ،هكذا وجد الخضر جداراً يكاد أن يتهاوى ويسقط فقام الخضر إلى الجدار وقضى ليله كله في إصلاحه وبنائه من جديد فقال موسى في نفسه: إن أهل القرية بخلاء لم يكرمونا ولم يضيفونا فلماذا يتعب نفسه فيهم ويشقى عليهم ويُقدم لهم هذا العمل المجاني الذي لا يستحقونه فقال له : ﴿ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ الكهف (77) ، وهنا انتهى الأمر وتوقف التعليم وقال له بصريح العبارة : (قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) ، وهنا قال الخضر: سأخبرك بحكمة هذه المسائل الثلاثة التي أنكرتها على ولم تستطع عليها وفى الحديث: (رحم الله أخي موسى لوددت أنه صبر حتى يقص الله علينا من أمرهما ولو لبث مع صاحبه لأبصر العجب). هذا جزء من حديث: أخرجه الشيخان البخاري ومسلم). (1) أما السفينة التي خرقتها فكانت لأناس ضعفاء ، لا يقدرون على مدافعة الظلمة يشتغلون بها في البحر بقصد التكسب وأردت بخرقها أن أجعلها معيبة لئلا يغتصبها الملك الظالم ، وكان أمامهم ملك كافر ظالم يغتصب كل سفينة صالحة لا عيب فيها. (2) وأما الغلام الذى قتلته فكان كافراً فاجراً وكان أبواه مؤمنين مصداقاً لحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (إن الغلام الذى قتله الخضر طُبع كافراً ، ولو عاش لأزهق أبويه طغياناً وكفراً). رواه مسلم في صحيحه فأردنا بقتله أن يرزقهما الله ولداً صالحاً خيراً من ذلك الكافر وأقرب براً ورحمة بوالديه. (3) وأما الجدار الذى بنيته دون أجر والذى كان يوشك أن يسقط فقد خبئ تحته كنز من ذهب وفضة لغلامين يتيمين وكان والدهما صالحاً تقياً فحفظ الله لهما الكنز لصلاح الوالد. قال المفسرون: إن صلاح الآباء ينفع الأبناء ، وتقوى الأصول تنفع الفروع. فأراد الله بهذا الصنع أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما من تحت الجدار ، وهذه رحمة من الله بهما لصلاح أبيهما. وكما نعلم أن تحت الجدار كنز وكان مع هذا الكنز الذهبي كنز علمي كما قال ابن عباس ، لوحة مسطر فيها بعض النصائح: (1) يا بُنى كيف يفرح من الموت وراءه. (2) وكيف يضحك من القبر أمامه. (3) وكيف يتعب من ضمن له الرزق. (4) وكيف نحزن وكل شيء عنده بمقدار. قال الخضر: وما فعلت ما رأيت من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار عن رأيي واجتهادي ، بل فعلته بأمر الله وإلهامه ، ذلك تفسير الأمور التي لم تستطع الصبر عليها وعارضت فيها قبل أن أخبرك عنها. قال تعالى : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82) الكهف ، وفي البخاري قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى ، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا » .
أيها المسلمون
ومن الدروس والعبر المستفادة من هذه القصة : 1 – أنه يجب على الإنسان إذا سئل عن شيء لا يعلمه أن يقول : الله أعلم ولا يقدم على ما ليس له به علم ، فالله سبحانه عتب على موسى حيث لم يرد العلم إليه سبحانه وتعالى . 2 – فضل الرحلة في طلب العلم ، حيث تحمل موسى مشقة السفر للقيا الخضر مع أنه قد أنزلت عليه التوراة 3 – بذل الجهد وتحمل المشقة إذا شرفت الغاية ، لقول موسى : لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا . 4 – العزم الجازم والتصميم على بلوغ الغاية ، مهما عظمت المشقة وزادت الكلفة وطالت المدة لقوله : أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا فقد ، 5 – كذلك يستفاد من هذه الآية : جواز الإخبار بالعزم على السفر ، لأخذ العدة لذلك ، وإتيان الأمر على بصيرة ، والترغيب في هذه العبادة الجليلة ، 6 – البداءة في العلم بالأهم قبل المهم ، فموسى ترك التعليم لبني إسرائيل ليتزود هو من العلم أولا . 7 – في هذه القصة خير أسوة وأعظم قدوة لطلبة العلم في هذا العصر ، لما ظهر فيها من عزم موسى عليه السلام على الرحلة وتحمل المشقة ، مع ما اتصف به من العلم ، وفي المقابل نرى تقاعس وزهد كثير من طلبة العلم في بذل أي مجهود رغم توفر الأسباب ، من بذل للعلم ، ووفرة في الوقت ، وسهولة الطريق إلى تحصيله . 8 – جواز الاعتماد على الخادم في الخدمة؛ ليتفرغ العالم لما هو أهم من الأمور الأخرى؛ وأن يكون الخادم ذكيا فطنا ليقوم بمهامه على أكمل وجه ، 9 – جواز إطلاق الفتى على التابع ، واستخدام الحر .، 10 – فضل طواعية الخادم لمخدومه ، وعذر الناسي. 11 – ظهور المعجزات على يد نبي الله موسى عليه السلام . 12 – إثبات قدرة الله سبحانه وتعالى على إحياء الموتى ، كما ورد أن الحوت وقد أكل شقه .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الدروس المستفادة من قصة موسى مع الخضر )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الدروس والعبر المستفادة من هذه القصة : – وقوف الماء السيال مثل الطاق أو السرداب ، معجزة ودليل لموسى ليبلغ إلى الغاية التي خرج من أجلها . 14 – استحباب التزود للسفر من طعام وشراب ، وكل ما يلزم من حوائج ، 15 – استحباب مشاركة العالم لخادمه في طعامه؛ لأن ظاهر قوله : آتِنَا غَدَاءَنَا أنه للجميع . 16 – جواز الإخبار بما يجده الإنسان من مقتضى الطبيعة البشرية من نصب أو جوع أو عطش ، إذا لم يكن على جهة التسخط لقول موسى : لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا . 17 – إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان ، لقول الفتى : (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ ) . 18 – أن إعانة الله للعبد على حسب قيامه بالأمر الشرعي ، فإن العبد يعان على ما وافق أمر الله ما لا يعان على غيره لقوله : لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا فالشكاية كانت للسفر المجاوز لمجمع البحرين ، أما السفر الأول فلم يشك منه مع، 19 – تدل هده الآيات دلالة صريحة على نبوة الخضر عليه السلام كقوله : آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا . 20 – يستفاد من الآية أن العلم الذي يعلمه الله للعبد نوعان : علم مكتسب يناله العبد بطلبه واجتهاده ، وعلم إلهي يهبه الله لمن يشاء من خلقه . 21 – يؤخذ من قوله تعالى : هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا أن هذا سؤال ملاطفة ومبالغة في حسن الأدب . 22 – ومما يدل على أدب موسى عليه السلام ، أنه استأذنه أن يكون تابعا له على أن يعلمه مما علمه الله من العلم . 23 – اتصاف موسى عليه السلام بالتواضع أمام الخضر ، حيث قال : أن تعلمني مما علمت ، فهذا إقرار منه بفضل الخضر عليه ، كما أن في صيغة من التبعيضية دليلا على أن موسى لم يطلب من الخضر مساواته في علمه ، بل اقتصر على بعض مما يعلمه، ونستكمل الفوائد والدروس في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء