خطبة عن (الطَّرِيق إِلَى خِلاَفَة عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ)
مايو 8, 2025الخطبة الأولى ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام مسلم في صحيحه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ ». قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « وَإِيَّايَ إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلاَ يَأْمُرُنِي إِلاَّ بِخَيْرٍ ».، وفي رواية للإمام أحمد في مسنده : « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ». قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « وَإِيَّايَ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَلاَ يَأْمُرُنِي إِلاَّ بِحَقٍّ ». ،وفي صحيح مسلم : (أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلاً. قَالَتْ فَغِرْتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ « مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ ». فَقُلْتُ وَمَا لِي لاَ يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ ». قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَمَعِيَ شَيْطَانٌ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « نَعَمْ وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ ».
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الأدب النبوي الشريف ،والذي يُبَيِّنُ لنا فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ مَكايدَ الشَّيطانِ لا يَخلو مِنها أحدٌ؛ حتَّى نَكونَ مِنها على حَذَرٍ، فالمُراد من الحديث تحذيرُ المسلمين من فتنة القرين من الشياطين ووسوسته وإغوائه، فأعْلَمَنَا صلى الله عليه وسلم أنه معنا لنحْترز منه بحسب الإمكان ،كما بين لنا هذا الحديث أن كل إنسان معه قرين من الجن وقرين من الملائكة، وقرين الملائكة إما لحِفظ الإنسان كما قال الله سبحانه : (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) (الرعد:11)، وإما لمُساعدته على الخير ،وإما لغير ذلك، وقرين الجن مهمته الإغواء، فقد أقسم إبليس بعزة الله أن يُغْوي الناس أجمعين، إلا عباد الله المخلصين. قال الله تعالى في كتابه العزيز : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) ص(82)، (83) ، كما بين الحديث أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كسائر الناس له قرين من الجن وقرين من الملائكة، وقرينه من الجن أسلمَ بدليل قوله ” فلا يأمرني إلا بخير” أو لم يُسْلم، بدليل الاستعاذة منه، وأن الله قوَّى رسولَه عليه فأبْطل محاولة إغْوائه، كما حدث من تفلُّته عليه في الصلاة؛ ليُفسدها فخَنَقَهُ ـ عليه الصلاة والسلام ـ ثم أطلقه، كما ثبت في الصحيحين : (أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ جَعَلَ يَفْتِكُ عَلَىَّ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَىَّ الصَّلاَةَ وَإِنَّ اللَّهَ أَمْكَنَنِي مِنْهُ فَذَعَتُّهُ فَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى جَنْبِ سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ أَجْمَعُونَ – أَوْ كُلُّكُمْ – ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى. فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا » ،والإجماع على عِصْمَة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مِنَ الشيطان، فالرسول معصوم من تسلط الشيطان عليه ،وإيقاعه في المعصية ،وهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُنَبِّهنا إلى وجوب الحذر من الشيطان المُقارن لنا، وإلى أنَّه بشر مثلنا يُجاهِد مع توفيق من الله حتى لا يَعْصي، ونَحْن أَوْلى بالمجاهدة. فيقول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما مِنكم مِن أحدٍ، أي: مَهما بَلغَ منَ العِبادةِ والعِلمِ ما بَلغَ، إلَّا وَقدْ وُكِّلَ به قَرينُه مِنَ الجِنِّ، أي: شَيطانٌ يُوَكَّلُ به يُغويه، ويُسوِّلُ له ويُشَكِّكُه في الدِّينِ. قالوا: وإيَّاكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: وَإيَّايَ، يَعني: لِي قَرينٌ مِنَ الجِنِّ كَما لكُلِّ إِنسانٍ قَرينُه مِنَ الجِنِّ، إلَّا أنَّ اللهَ أَعانَني عَليه فأَسلَمَ، يَعني: أَسْلَمَ الشَّيطانُ بأن صار مُسلِمًا، أو (فأَسْلَمُ) – بصيغة المضارع- أي: فأسلَمُ أَنا مِنه ومِن مَكرِه ووَسوسَتِه، فَلا يَأمُرُني إِلَّا بِخَيرٍ.
فالحديث ورد في سياق تحذير الأمة من فتنة القرين ،قال النووي :(وَفِي هَذَا الْحَدِيث : إِشَارَة إِلَى التَّحْذِير مِنْ فِتْنَة الْقَرِين وَوَسْوَسَته وَإِغْوَائِهِ ,فَأَعْلَمَنَا بِأَنَّهُ مَعَنَا لِنَحْتَرِز مِنْهُ بِحَسَبِ الإِمْكَان ،وهذا هو الواجب شرعا ،ويكفيك ما دلنا الله تعالى عليه من الدعاء كقوله تعالى:(وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) (97)،(98) المؤمنون ،وقوله تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (200) ،(201) الاعراف ، وقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين في الصباح والمساء مع ما صح من أذكار عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك قراءة آية الكرسي قبل النوم والبسملة عند عمل أي شيء والاستعاذة كلما أحسست بوسوسة من الشيطان قال الله تعالى : ( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) فصلت : 36
أيها المسلمون
وقد روى الإمام الترمذي في سننه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ الأُخْرَى فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثُمَّ قَرَأَ (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ) ». والتصرف الصحيح في اتجاه لمة الملك: أنك تنبعث معها، وتسير معها وتحققها وتستجيب لدافع الخير، وأما لمة الشيطان فالمفروض أنك تقاومها وتجاهدها وتحول بينك وبين الوقوع فيما يعدك به ، ولتتعوّذ بالله من الشيطان الرجيم
فهذا الحديث يبين أن الخواطر تنقسم إلى ما يُعلم قطعاً أنه داعياً للشر، وإلى ما يُعلم قطعاً أنه داعياً إلى الخير، ذاك وسوسة، وذاك إلهام، وإلى ما يتردد فيه هل هو لمة شيطان أو لمة ملك؛ لأنه قد يعرض الشيطان لمته بصورة خيرية ممكن، قد يسوق بعض الناس إلى الشر من باب عمل صالح، يمكن -مثلاً يشغله- بقيام الليل عن صلاة الفجر فيضيع صلاة الفجر، فعل سنة وضيع واجباً، هذه المسألة التي فيها غموض تحتاج إلى فقه وعلم ، ولذا قال بعض الشراح: وحق العبد أن يقف عند كل هم يخطر له ليعلم هل هو لمة ملك أو لمة شيطان، وأن يمعن النظر بنور البصيرة لا بهوى الطبع، ونور البصيرة تأتي من العلم، من الإقبال على الله ،قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) [الأعراف: 201].، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك مثلا ، ففي مسند أحمد : (عَنِ النَّوَاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً صِرَاطاً مُسْتَقِيماً وَعَلَى جَنْبَتَىي الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعاً وَلاَ تَتَفَرَّجُوا وَدَاعِى يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتَحَ شَيْئاً مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَكَ لاَ تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ وْالصَّرِاطُ الإِسْلاَمُ وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَالأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلِى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
نعم ، فهناك ما يسمَّى بالقرين ، وقد جعله الله تعالى مع كلِّ أحدٍ من الناس ،وهو الذي يدفع صاحبه للشر والمعصية ،باستثناء النبي صلى الله عليه وسلم – قال الله تعالى : ( قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ . قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ . مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ) ق/27-29 ،قال ابن كثير : قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة وغيرهم : هو الشيطان الذي وُكِّل به ،يقول عن الإنسان الذي قد وافى القيامةَ كافراً يتبرأ منه شيطانه ، فيقول : ربنا ما أطغيته أي : ما أضللتُه ،بل كان هو في نفسه ضالاًّ قابلاً للباطل معانداً للحقِّ ، كما أخبر سبحانه وتعالى في الآية الأخرى في قوله : (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ابراهيم/22 ،وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّى فَلاَ يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ».
وكلّ ما يستطيعه الشيطان هو الوسوسة والدّعوة للانحراف والضلال، وإذا لم يكن عند الإنسان استعداد لذلك فلن يرضخ لوساوس الشيطان وتزيينه المعاصي في عيون ذلك الإنسان؛ فأمر القرين من الشياطين أمرٌ ثابتٌ في الشريعة الإسلاميّة، وهو ممّا لا خلاف فيه بين جمهور الأئمّة؛ والقرين يلازم الآدميّ منذ ولادته، ولم ينجُ من مسّه عند الولادة سوى مريم ابنة عمران وابنها المسيح عيسى بن مريم عليهما السّلام، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ ، إِلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا » . ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) آل عمران 36،
الدعاء