خطبة عن (احْذَرُوا عِقَابَ اللَّهِ)
يوليو 30, 2025الخطبة الأولى ( لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين والبخاري ومسلم : (عَنْ عَلِيٍّ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَرِيَّةً وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا فَأَغْضَبُوهُ فِي شَيْءٍ فَقَالَ اجْمَعُوا لِي حَطَبًا. فَجَمَعُوا لَهُ ثُمَّ قَالَ أَوْقِدُوا نَارًا. فَأَوْقَدُوا ثُمَّ قَالَ أَلَمْ يَأْمُرْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَسْمَعُوا لِي وَتُطِيعُوا قَالُوا بَلَى. قَالَ فَادْخُلُوهَا. قَالَ فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالُوا إِنَّمَا فَرَرْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ النَّارِ. فَكَانُوا كَذَلِكَ وَسَكَنَ غَضَبُهُ وَطُفِئَتِ النَّارُ فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ».،وفي صحيح البخاري : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ ،مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ» ،وروى الامام أحمد في مسنده : (عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ».، وفي رواية له : (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « كَيْفَ بِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِذَا كَانَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُضَيِّعُونَ السُّنَّةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ مِيقَاتِهَا ». قَالَ كَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « تَسْأَلُنِي ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ تَفْعَلُ لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ».،وفي رواية : أنه (صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّهُ سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي رِجَالٌ يُعَرِّفُونَكُمْ مَا تُنْكِرُونَ وَيُنْكِرُونَ عَلَيْكُمْ مَا تَعْرِفُونَ فَلاَ طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَلاَ تَعْتَلُّوا بِرَبِّكُمْ » ،وفي رواية أخرى : (اسْتُعْمِلَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عَلَى خُرَاسَانَ قَالَ فَتَمَنَّاهُ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ حَتَّى قِيلَ لَهُ يَا أَبَا نُجَيْدٍ أَلاَ نَدْعُوهُ لَكَ قَالَ لاَ. فَقَامَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَلَقِيَهُ بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ تَذْكُرُ يَوْمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ » قَالَ نَعَمْ. قَالَ عِمْرَانُ اللَّهُ أَكْبَرُ.
إخوة الإسلام
من خلال تلك الروايات المتعددة لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تتضح لنا قاعدة هامة ومحكمة ،وهي أنه ليست هناك طاعة مطلقة إلا لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن أمر إنسان إنساناً آخر بمعصية فلا طاعة له، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (النساء: 59) ،قال الامام الشنقيطي تفسيرها في “أضواء البيان”: “كرر الفعل بالنسبة لله وللرسول، ولم يكرره بالنسبة لأولي الأمر، لأن طاعتهم لا تكون استقلالًا، بل تبعًا لطاعة الله، وطاعة رسوله، كما في الحديث: « لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ »، فالأصل أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ،لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) رواه البخاري. وقال القرطبي: “يعنى بالمعروف هنا: ما ليس بمنكرٍ ولا معصية”. وقال السعدي: “هذا الحديث قيَّد في كل من تجب طاعته من الولاة، والوالدين، والزوج، وغيرهم، فإن الخالق عز وجل أمر بطاعة هؤلاء، وكل منهم طاعته فيما يناسب حاله، وكلها بالمعروف، فإن الخالق ردَّ الناس في كثير مما أمرهم به إلى العرف والعادة، كالبر والصلة والعدل، والإحسان العام، فكذلك طاعة من تجب طاعته، وكلها تُقيَد بهذا القيْد، وأن من أمر منهم بمعصية الله بفعل محرم أو ترك واجب، فلا طاعة لمخلوق في معصية الله”. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ ». رواه مسلم ،
فطاعة المخلوقين في معصية الخالق منكر عظيم، لما فيه من المفسدة الموبقة في الدنيا والآخرة، والمطيع لغيره من المخلوقين طاعة مطلقة في الخطأ والصواب، والخير والشر، والطاعة والمعصية، لا يجني إِلا الحسرة، ولا يحصد إِلا الندامة، ولا يتحصل إِلا على الإِثم العظيم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للذين كانوا سيطيعون أميرهم في إلقاء أنفسهم في النار التي أوقدها لهم وأمرهم بدخولها: « لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ » متفق عليه
أيها المسلمون
فمن خلال هذه الاحاديث يتبين لنا جليا أنه لا سمع ولا طاعة لأي حاكم أو محكوم أو أي مخلوق يأمر بقتل النفس التي حرم الله الا بالحق ،وأن قتل النفس بغير نفس أو فسادا في الأرض هو من أكبر الكبائر ،ومن أكبر المحرمات ،ومن أكبر الموبقات ، فلا سمع ولا طاعة لمن يأمر بقتل المسلمين وسفك دمائهم ،أو يأمر باعتقالهم وسجنهم أو تعذيبهم وإذلالهم في السجون والمعتقلات ،وأي شخص أو جندي أو عسكري أم شرطي يطيع أية أوامر بقتل المسلمين وسفك دمائهم، أو اعتقالهم أو تعذيبهم بغير حق ، فيجب أن يعلم بأنه مجرم وقاتل، وشريك في الظلم مع الحاكم الظالم الذي أمره بالقتل ،ويجب عليه أن يعلم بأن الله عز وجل سوف يعاقب الحاكم الظالم الذي أصدر الأوامر ،وسيعاقب أيضا جميع الجنود الذين نفذوا هذه الأوامر ،وسيعاقب أيضا كل من ساعدوا على تنفيذ هذه الأوامر بأي شكل من الأشكال لأن جميعهم شركاء ومشاركين في هذا الفعل المحرم ،والله تبارك وتعالى قد توعد من يرتكب فاحشة القتل بأشد العقاب وأشد العذاب ،كما جاء في الآيات الكريمة : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (93) النساء ، وقوله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة (32 )
فاعلموا وتذكروا دائما بان المؤمن والمسلم الذي يؤمن بالله العظيم ويعرف الله حق المعرفة لا يقوم أبدا بارتكاب فاحشة قتل المسلمين والمؤمنين مهما كان الثمن ،حتى ولو أدى ذلك إلى فقدانه لوظيفته أو حتى فقدانه لحياته ،لأنه يعلم بأن قتل المؤمنين والمسلمين والمظلومين من أكبر الكبائر والفواحش عند الله تبارك وتعالي ، ولأنه يعلم بأن الله تبارك وتعالى شديد العقاب والعذاب ،ويعلم بأن الله عز وجل قد توعد من يقتل المؤمنين والمسلمين والمظلومين بأشد أنواع العذاب والعقاب ،كما هو مذكور بالآية الكريمة ،واعلموا يا جنود المسلمين في كل مكان بأن الجندي المسلم المؤمن يستحيل أن يغضب الله رب العالمين بقتل المؤمنين والمسلمين ،من أجل أن يرضي الحاكم الظالم أو قائد الكتيبة أو قائد الجيش أو أي مخلوق كائنا من كان .واعلموا يا جنود المسلمين في كل مكان بأن المؤمن الصادق الإيمان يفضل أن يموت جوعا هو وعياله ألف مرة على أن يقوم بقتل مؤمن أو مسلم واحد ،أو حتى أن يقوم بإسالة قطرة دم واحدة من جسد مسلم واحد ،واعلم أخي الجندي المسلم وتأكد بأنك لن تموت جوعا ولن تصاب بأي مكروه أنت وعيالك وأنت مع الله العظيم الذي بيده الرزق ،والقائل سبحانه : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ) سبأ 24،ويبيّن شيخ الإسلام ابن تيمية: (أن أهل السنة لا يوجبون طاعة الإمام في كل ما يأمر به، بل لا يوجبون طاعته إلا فيما تسوغ طاعته في الشرعية، فلا يجوّزون طاعته في معصية الله وإن كان إماما عادلا. وقال أيضاً: “والإمام العدل تجب طاعته فيما لم يعلم أنه معصية، وغير العدل تجب طاعته فيما علم أنه طاعة ) ، وقد حذر السلف الصالح من تلك الطاعة الفاسدة ـ طاعة المخلوق في معصية الله تعالى ـ في آثار كثيرة: فقد وسئل عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – : أرأيتَ إن أطعت أميري في كل ما يأمرني به؟ قال: يؤخذ بقوائمك فتلقى في النار، وليجيء هذا فينقذك ” ،وورد أن شداد بن أوس – رضي الله عنه – أنه غطى رأسه فبكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال إنما أخاف عليكم من قبل رؤسائكم الذين إذا أمروا بطاعة الله أطيعوا، وإذا أمروا بمعصيته أطيعوا ” ،وقال الحسن البصري: (سيأتي أمراء يدعون الناس إلى مخالفة السنة فتطيعهم الرعية خوفاً على دنياهم فعندها سلبهم الله الإيمان، وأورثهم الفقر ونزع منهم الصبر، ولم يأجرهم عليه”. وقال الشعبي: إذا أطاع الناس سلطانهم فيما يبتدع لهم أخرج الله من قلوبهم الإيمان وأسكنها الرعب. وقال يونس بن عبيد: إذا خالف السلطان السنة، وقالت الرعية قد أمرنا بطاعته، أسكن الله قلوبهم الشك وأورثهم التطاعن”
ومن المعلوم أن أكثر الصحابة – رضي الله عنهم – اعتزلوا القتال الواقع بين علي ومعاوية – رضي الله عنهما – لأنه قتال فتنة فلا تجب طاعة الإمام فيه. يقول شيخ الإسلام: “ومن رأى أن هذا القتال مفسدته أكثر من مصلحته علم أنه قتال فتنة، فلا تجب طاعة الإمام فيه، إذ طاعته إنما تجب في ما لم يعلم المأمور أنه معصية بالنص، فمن علم أنه هذا هو قتال الفتنة ـ الذي تركه خير من فعله ـ لم يجب عليه أن يعدل عن نص معين خالص إلى نص عام مطلق في طاعة أولي الأمر، ولا سيما وقد أمر الله تعالى عند التنازع بالرد إلى الله والرسول “
وقد سلك هذا المسلك أئمة كبار كالإمام مالك بن أنس عندما منعه السلطان من الفتيا بأن يمين المكره لا تنعقد فلم يمتنع بدعوى طاعة ولاة الأمور.. يقول ابن القيم: “فهذا مالك ابن أنس توصل أعداؤه إلى ضره بأن قالوا للسلطان إنه يحل عليك أيْمان البيعة بفتواه أن يمين المكره لا تنعقد، وهم يحلفون مكرهين غير طائعين، فمنعه السلطان، فلم يمتنع لما أخذه الله من الميثاق على من آتاه الله علما أن يبينه للمسترشدين ” ،ولعل ما حرره شيخ الإسلام يكشف عن سبب إصرار بعض علماء السلف على الوعظ والاحتساب مع منعهم من قبل حكام زمانهم،
أيها المسلمون !
« لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ » ولعلكم تتعظون بما حدث لفرعون وقومه وجنوده ..فإن فرعون كان طاغية وسفاحا ومتغطرسا ،ولكنه لم يكن هو وحده الفاسد ،وإنما قومه كانوا أيضا قوما فاسدين ،لأنهم أطاعوه وأيدوه وصفقوا له ، وجنود فرعون أيضا كانوا فاسدين ،لأنهم أطاعوا فرعون ،ونفذوا أوامره ،فقتلوا وسفكوا الدماء كما امرهم ،وعذبوا المؤمنين وقتلوا ابناءهم واستحيوا نساءهم كما أمرهم فرعون، فكانت النتيجة أن الله سبحانه وتعالى أخذ فرعون وأغرقه ،وأغرق أيضا قومه وجنوده معه ،فهم الذين أطاعوه وأيدوه وساعدوه وشجعوه على الظلم وصفقوا له، وأصبح فرعون الطاغية عبرة وآية لكل طاغية ،وأصبح قوم فرعون ، وجنود فرعون عبرة لكل من يطع الطغاة ،وينفذ أوامرهم ،ويشجعهم ويؤيدهم ويصفق لهم ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فلا يوجد في دين الاسلام طاعة مطلقة إلا لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولابد من توضيح المفهوم الحقيقي لطاعة اولي الامر بحسب ما جاء في الكتاب والسنة، لان اعداء الاسلام والمسلمين والطغاة نشروا بين المسلمين مفهوما خاطئا عن ( طاعة أولي الأمر) ،وهذا المفهوم الخاطئ يجعل لولي الأمر أو الحاكم طاعة مطلقة على المسلمين ،وتلغي حق المسلمين في الاعتراض ، وبهذا المفهوم الخاطئ جعلوا لولي الأمر طاعة مطلقة ،تسمح له بفعل كل ما يحلو له من المنكرات ،وما يتعارض مع أوامر الله والرسول وشرع الاسلام دونما اعتراض ، وبهذا المفهوم الخاطئ عن طاعة أولي الأمر جعلوا لولي الأمر وكل حاكم طاغية وظالم طاعة مطلقة ،تسمح له بقتل المسلمين واعتقالهم وتعذيبهم واضطهادهم واعدامهم دونما اعتراض ، وبهذا المفهوم المغلوط والخاطئ عن طاعة أولي الأمر ألغوا حق المسلمين بالاعتراض بحجة أنه يجب على المسلمين طاعة أولي الأمر… وهذا كله مفهوم خاطئ ومغلوط جملة تفصيلا عن طاعة أولي الامر… ولعنة الله ورسوله وملائكته والناس أجمعين على كل الذين قاموا بنشر هذا المفهوم الخاطئ عن طاعتهم ،ويحاولون تضليل المسلمين بنشر مفاهيم خاطئة ومغلوطة عن تعاليم الاسلام ،بهدف تركيع المسلمين للظالمين والطغاة واعداء الاسلام والمسلمين.. فطاعة ولي الأمر في الاسلام هي طاعة مشروطة ومقيدة بشروط…فاذا هو أمر بالمعروف ،وبما يتوافق مع أوامر الله عز وجل وأوامر الرسول فعند ذلك (فقط) تجب طاعته وتكون طاعته واجبه ،أما إذا أمر بما يخالف أوامر الله عز وجل ورسوله (بأي شكل من الأشكال) فلا سمع ولا طاعة له… فهذا هو المفهوم الصحيح لطاعة ولي الأمر في الإسلام، وفيما عدا ذلك فكلها مفاهيم خاطئة ومغلوطه ومدسوسة ،قام بوضعها ودسها مشايخ السلاطين ،لخدمة الطغاة والظالمين ،وأعداء الاسلام، وفعلوا ذلك مقابل الأموال ،وباعوا آخرتهم ودينهم مقابل عرض الدنيا .
الدعاء