خطبة حول معنى حديث ( اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَأَفْشُوا السَّلاَمَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ )
أكتوبر 10, 2020خطبة عن (من جوانب عظمة خلق الرسول) مختصرة
أكتوبر 18, 2020الخطبة الأولى ( عظمة أخلاق الرسول ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته مخاطبا رسوله محمدا : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (4) القلم ،
إخوة الإسلام
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده الذي جمع عظمة الأخلاق من جميع أطرافها ،وهو وحده الذي أَذِن لأصحابه أن يبلغوا عنه كلّ ما رأوه وسمعوه ،فتعالوا بنا اليوم -إن شاء الله تعالى- نتعرف على موقف من مواقف العظمة في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فمن مواقفه العظيمة مع الأنصار ،وما أدراك ما الانصار ،فهم الذين نصروا الله ورسوله ،وهم الذين مدحهم الله تعالى في كتابه الكريم، وأثنى عليهم الثناء الجميل، فقال الله تعالى : ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ التوبة: 100 فهم قومٌ لهم أعلى مكانةٍ في السابقين، والمجاهدين، والصالحين، والذَّاكرين، والمُؤْثِرين، والمنفقين ،وهم الذين عاهدوا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في البيعة الأولى للعقبة، ثم العقبة الثانية، وهم الذين استقبلوا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في هجرته إلى المدينة بلهفة المشتاق، وحداء البهجة والتَّرْحاب. وبعد هذه الصفات ما كان يخطر على البال يوما ،أن يجد الأنصار في أنفسهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وهو الذي عاش معهم أيامه وغزواته بمرها وحلوها ،ولكن الله تعالى يبلو بعضكم ببعض، ففي العام الثامن للهجرة فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ،ودخل أهلها في دين الله ،بعد أن عفا عنهم ،وبعد الفتح بخمسة عشر يوما كانت غزوة حنين ،وبعد أن انتهت المعركة وانتصر المسلمون فيها انتصاراً عظيماً وغنموا مغانم كبيرة ،أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتقسيم الغنائم. وبدأ صلى الله عليه وسلم في توزيعه للغنائم بالمؤلفة قلوبهم من أهل مكة وأجزل لهم العطاء، إذْ كانت عطية الواحد منهم مائة من الإبل، ولم يعط النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار من الغنائم مثل ما أعطى غيرهم، وذلك ثقة في قوة إيمانهم وسماحة نفوسهم، ولكن تأثر بعضهم من هذا العطاء بحكم الطبيعة البشرية، فظهر بينهم نوع من الاعتراض على ذلك ،ووجدوا في أنفسهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ففي مسند أحمد : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ وَجَدَ هَذَا الْحَىُّ مِنَ الأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمُ الْقَالَةُ حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ لَقِىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَوْمَهُ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْحَىَّ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ لِمَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْفَيْءِ الَّذِى أَصَبْتَ قَسَمْتَ فِي قَوْمِكَ وَأَعْطَيْتَ عَطَايَا عِظَاماً فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُ فِي هَذَا الْحَىِّ مِنَ الأَنْصَارِ شَيْءٌ. قَالَ « فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنَا إِلاَّ امْرُؤٌ مِنْ قَوْمِي وَمَا أَنَا. قَالَ « فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ ». قَالَ فَخَرَجَ سَعْدٌ فَجَمَعَ الأَنْصَارَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ.
(ونستكمل) أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من جوانب عظمة خلق الرسول ) 2
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَتَاهُ سَعْدٌ فَقَالَ قَدِ اجْتَمَعَ لَكَ هَذَا الْحَىُّ مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَحَمِدَ اللَّهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ ثُمَّ قَالَ « يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ». قَالُوا بَلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ. قَالَ «أَلاَ تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ» .قَالُوا وَبِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ. قَالَ « أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ أَتَيْتَنَا مُكَذَّباً فَصَدَّقْنَاكَ وَمَخْذُولاً فَنَصَرْنَاكَ وَطَرِيداً فَآوَيْنَاكَ وَعَائِلاً فَآسَيْنَاكَ أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُم يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْماً لِيُسْلِمُوا وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلاَمِكُمْ أَفَلاَ تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ فِي رِحَالِكُمْ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءاً مِنَ الأَنْصَارِ وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْباً وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْباً لَسَلَكْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الأَنْصَارِ وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ ». قَالَ فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ وَقَالُوا رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قِسْماً وَحَظًّا.ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَتَفَرَّقُوا). فانظروا إلى عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواجهة هذا الموقف الذي كاد أن يهلك فيه الانصار لمجرد ظنهم برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ميز قومه من قريش عنهم ،ولم يترك الرسول الأمر حتى يعودوا إلى المدينة بل جمعهم على الفور ، وصارحهم بما سمع منهم ،ومن باب الانصاف بين لهم ما له عليهم ،وما لهم عليه ،وبين لهم سبب اعطائه الغنائم لقريش (أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُم يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْماً لِيُسْلِمُوا وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلاَمِكُمْ) وهكذا يجب أن تحل المشكلات والخلافات بين الاخوان والأحبة ، ببيان الأسباب، والمصارحة ،والرد على قول المتقولين ،ووأد الفتنة في أولها ،والاعتراف بفضل الآخرين ،والعودة للحق متى تبين له ذلك ،والرضا بما حكم الله به ورسوله ،وحقا ما قال ربنا : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (4) القلم
الدعاء