خطبة عن ( من علامات الساعة وأشراطها)
أبريل 12, 2016خطبة عن (المسيح عيسى لم يُصلب ولم يُقتل)
أبريل 12, 2016الخطبة الأولى (سيدنا عيسى عليه السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ) (75 ) :(77) المائدة
إخوة الإسلام
حديثنا عن نبي الله عيس عليه السلام والدروس المستفادة من قصته ،فقصة عيسى عليه السلام في القرآن مليئةٌ بالعبر العديدة، والفوائد الجمة، وخلاصتها: أن حياة عيسى عليه السلام ودعوته سلسلة طويلة من الابتلاءات والاختبارات، وهكذا أهل الله، يُبتلون ثم تكون العاقبة لهم، “والعاقبة للمتقين” ،ومن الملاحظ أن الناس انقسموا في شأن عيسى عليه السلام بين غالين ومقصرين وأهل الوسط، فاليهود يسبونه ويرمونه وأمه بالزنا، ويقولون مبتدع كذاب!! ادعى أنه جاء ليخلصنا من الذل، ولم يستطيع أن يخلص نفسه، وقد قتلناه واسترحنا منه!، والنصارى يغالون فيه وتتجارى بهم الأهواء فيقولون هو الله أو ولده، وهو وروح القدس والله ثلاثة في واحد، الأب والابن وروح القدس إله واحد!! ويختلفون في حقيقته وطبيعته إلى مئات من العقائد والمذاهب والأقوال التي يضاد بعضها بعضًا، ويكفر بعضها بعضًا، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا ، قال الله تعالى : ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ) ( 88) :(95) مريم ،وأما أهل الحق المسلمون يقولون: إنه عبد الله ورسوله جاء بني إسرائيل بالهدى والدين، فكان من شأنهم معه ما كان، ورفعه الله وطهره من الذين كفروا، قال تعالى : (ذَلِكَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ، مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) مريم 34 ، 35، وذكر الطبري في تفسيره أن النصارى أتوا رسول الله فدعاهم إلى الإسلام، فخاصموه في عيسى ابن مريم وقالوا له: من أبوه؟ وقالوا على الله الكذب والبهتان، لا إله إلا هو لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، فقال لهم النبي : ((ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه؟!)) قالوا: نعم، قال: ((ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت وأن عيسى يأتي عليه الفناء؟!))قالوا: بلى، قال: ((ألستم تعملون أن ربنا قيم على كل شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه؟!)) قالوا: بلى، قال: ((فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟!)) قالوا: لا، قال: ((ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟!)) قالوا: بلى، قال: ((فهل يعلم عيسى من ذلك شيئا إلا ما عُلم؟!)) قالوا: لا، قال: ((فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء))، قال: ((ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث؟!)) قالوا: بلى، قال: ((ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأةُ ولدَها ثم غُذي كما يتغذى الصبيُ ثم كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويُحدث الحدث؟!)) قالوا: بلى، قال: ((فكيف يكون هذا كما زعمتم؟!)) قال: فعرفوا ثم أبوا إلا الجحود، فأنزل الله: ( الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) (2)آل عمران
أيها المسلمون
ومن الدروس المستفادة من قصة نبي الله عيسى عليه السلام -الاعجاز الالهي في حمل وولادة عيسى عليه السلام -خلق الله تعالى عيسى عليه السلام من تراب مثل سائر البشر -عيسى عليه السلام هو عبدالله ورسوله -عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب -جميع الكتب السماوية السابقة للقرآن الكريم منسوخة واصابها التحريف والتبديل -معجزات الانبياء تتناسب مع المستوى العقلي لشعوبهم– التركيز على حقيقة الوحدانية ودحض عقيدة التثليث.فلقد كان الحواريون – وهم تلاميذ المسيح وأقرب أصحابه إليه وأعرفهم به – يعرفون أنه بشر.. ابن مريم.. وينادونه بما يعرفونه عنه حق المعرفة. وكانوا يعرفون أنه ليس رباً وإنما هو عبد مربوب لله. وأنه ليس ابن الله، إنما هو ابن مريم ومن عبيد الله ؛ وكانوا يعرفون كذلك أن ربه هو الذي يصنع تلك المعجزات الخوارق على يديه، وليس هو الذي يصنعها من عند نفسه بقدرته الخاصة.. لذلك حين طلبوا إليه، أن تنزل عليهم مائدة من السماء، لم يطلبوها منه، فهم يعرفون أنه بذاته لا يقدر على هذه الخارقة. وإنما سألوه: ” يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ? “
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (سيدنا عيسى عليه السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقضية الألوهية والربوبية كانت عليه مدار الآيات في معظم السورة، ولذلك ختم الله تبارك وتعالى هذه القضية بهذا الحوار بينه وبين عيسى عليه السلام في آخر السورة فقال تعالى :” وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) ” [ المائدة ].والتوحيد شعار المسلم في هذه الحياة، ولذلك حثنا الله تبارك وتعالى على التحلي به وذلك من خلال: وجوب إخلاص المحبة لله.قال تعالى: ” وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ” [ البقرة: 165]. وقال تعالى: ” قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ” [ التوبة: 24]. وجوب إفراد الله تعالى في الدعاء والتوكل والرجاء. قال تعالى: ” وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ” [ يونس: 106 ]، ” وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ” [ المائدة: 23 ]. وجوب إفراد الله تعالى بالخوف منه. قال تعالى: ” فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ” [ النحل: 51 ]،” وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107) ” [ يونس: 107 ]. وجوب إفراد الله عز وجل بجميع أنواع العبادات البدنية من صلاة وركوع وسجود وصوم وذبح وطواف وجميع العبادات القولية من نذر واستغفار.قال تعالى: ” نَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)” [ النساء: 48 ]. – الفارق الكبير بين حواري عيسى وحواري محمد عليهما السلام. فالحواريون الذين ألهمهم الله الإيمان به وبرسوله عيسى. فآمنوا. وأشهدوا عيسى على إسلامهم.. ومع هذا فهم بعدما رأوا من معجزات عيسى ما رأوا، يطلبون خارقة جديدة. تطمئن بها نفوسهم. ويعلمون منها أنه صدقهم. ويشهدون بها له لمن وراءهم. فأما أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلم يطلبوا منه خارقة واحدة بعد إسلامهم.. لقد آمنت قلوبهم واطمأنت منذ أن خالطتها بشاشة الإيمان. ولقد صدَّقوا رسولهم فلم يعودوا يطلبون على صدقه بعد ذلك البرهان.
الدعاء