خطبة حول (الاعتذار: من شيم الأبرار ،وقبول الاعتذار: من أخلاق المطهرين الأخيار)
يناير 23, 2021خطبة حول قوله تعالى ( يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ )
يناير 27, 2021الخطبة الأولى ( من أسباب وعوامل النجاح والفشل في الإسلام )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (46) الانفال ،وقال الله تعالى :(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (152) آل عمران
إخوة الإسلام
إن النجاح والفشل هما ثنائية منقطعة متصلة في نفس الوقت ،وقد يبدو ذلك متناقضا ،ولكن الحقيقة أنهما متلاحمان متشابكان ،فكثيرا ما يكون الفشل بداية النجاح ،وأحيانا يكون النجاح طريقا إلى الفشل ،وبداية ليكن معلوما لدينا أن الشعور بالفشل هو منبه ،خلقه الله في داخلنا، لنعدل حياتنا للمسار الصحيح متى ما انحرفت, فلا نكون أقوياء مالم نتألم, والحق تبارك وتعالى يقول: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (155) :(157) البقرة ،فتأمل هاتين الآيتين ستجد ختامها : (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) ،فالهداية لخيرنا في الدارين ،فقد نفشل ،ونكون قبل الفشل من المقصرين في جنب الله, ويهدينا الله بعد هذا الفشل إلى الفوز العظيم . فما هو النجاح والفشل في المنظور الاسلامي ؟ ،وما هي الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى النجاح أو الفشل في الاسلام ؟ ،
أيها المسلمون
بداية: فالنجاح من الكلمات التي تبهج النفوس ،وتنشرح لها الصدور ،ويمتلئ القلب لها سروراً ،والنجاح مطلب كل إنسان في حياته: في تجارته ،في وظيفته ،في دراسته، ونجاح الآخرة بالنسبة لنا – معشر المؤمنين وأهل الإسلام- هو قبل أي نجاح آخر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَسْأَلَةِ، وَخَيْرَ الدُّعَاءِ، وَخَيْرَ النَّجَاحِ، وَخَيْرَ الْعَمَلِ، وَخَيْرَ الثَّوَابِ، وَخَيْرَ الْحَيَاةِ، وَخَيْرَ الْمَمَاتِ) رواه الطبراني، فالنجاح سنة في هذا الكون ،أراد الله تعالى أن تكون غاية كل مؤمن ،وخلق الكون كله مسخرا لتحقيق تلك الغاية ، فقد أمر سبحانه الإنسان بالإيمان ،وطلب منه الالتزام بالعبودية التي لا ينفك عنها ،وجعل ذلك غاية الخلق حين قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات:56 ،وعد سبحانه من مات على ذلك الطريق هو الناجح وغيره هو الخاسر ،فقال الله تعالى: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) آل عمران:185،
فالنجاح إذا هو قصة الحياة ،وهو غاية خلق الله تعالى لهذا الكون ،وما أرسلت الرسل ،وما أنزلت الكتب ،إلا لدعوة الناس إلى النجاح الحقيقي عند الله سبحانه ،وموضوع النجاح كثر الكلام عنه : فالغربيون اهتموا بهذا المفهوم ودرسوه ،ولكن من زاوية مادية بحتة، وقد تأثر بعض المسلمين بهم ،وأصبحوا يتحدثون عن النجاح بالمواصفات الغربية من زاوية معينة فقط، يتحدثون عن النجاح في شعب الحياة، حتى تكلموا النجاح في شراء حذاء ،والنجاح بإجراء اتصال هاتفي، والنجاح بكسب زبون جديد، ولا شك أن هذه من حسنات الدنيا، قال تعالى : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) ،ولكنهم نسوا قول الله تعالى: (وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً) البقرة201. فهؤلاء قد أهملوا النجاح الأخروي، وصارت قضية الفوز الحقيقي بنيل رضا الله عز وجل ودخول الجنة غائبة عن أذهان الكثيرين منهم، فما هو الفارق بين نظرة الإسلام ونظرة الغرب للنجاح؟ : النجاح الغربي هو أن يحقق الإنسان هدفه بغض النظر عن السبل والوسائل، ولكن النجاح الحقيقي في الإسلام النجاح : أن تنجح أولا في عبادة الله سبحانه وتعالى ،ثم بعد ذلك أن تنجح في دنياك، وقد تفوتك الدنيا ،ولكن تنجح في عبادة الله. وأسوق لذلك مثلا :ففي قصة بئر معونة: “لما طعن أحدهم حرام بن ملحان غدراً من الخلف ،قال 🙁 فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ)، ففي الصحيحين : (وَأَتَى رَجُلٌ حَرَامًا خَالَ أَنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أَنْفَذَهُ. فَقَالَ حَرَامٌ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ) ،هكذا أقسم هذا الصحابي على أن موته غيلة في سبيل الله ،وطعنه من الخلف فوز ونجاح، حتى تعجب الكفار ،وصاروا يتساءلون ماذا يعني وقد طعن ومات أين الفوز؟ ، فأخبرهم البعض بأنه يقصد الفوز بالجنة. وفي قصة أصحاب الأخدود كانت في النهاية قتل الغلام ،وكذلك المؤمنين جميعاً، ومع ذلك فالله عز وجل قال: (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) البروج11،فأين الفوز؟ ،لقد كان في الثبات على الدين ،ومنهج الرحمن حتى النهاية. ومن هذا يتبين لنا أن النجاح الحقيقي هو إرضاء الله تعالى ،والفوز بالجنة،
أيها المسلمون
أما عن أسباب وعوامل النجاح : فمن أهم عوامل وأسباب النجاح في الإسلام: تحديد الهدف والسعي وراء تحقيقه، ولعل من أوضح الأمثلة على ذلك هو سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان هدفه هو تبليغ رسالة الله تعالى إلى الناس، واتخذ في سبيل ذلك سُبلًا كثيرة لتحقيق هذا الهدف ، ونجح نجاحًا عظيمًا في تحقيقه. ومن أهم عوامل وأسباب النجاح في الإسلام: الإصرار على تحقيق الهدف: فقد قابل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بعض الصعوبات أثناء تبليغه للرسالة، فقد عرض عليه أهل قريش كثيرًا من المغريات على أن يتخلى عن هدفه ،ولكن لم يغره صلى الله عليه وسلم أي شيء ،وأصر على تحقيق هدفه ،وبلغ رسالة الله إلينا. ومن أهم عوامل وأسباب النجاح في الإسلام: خوض الصعوبات: فطريق النجاح مليء بالصعوبات والأزمات ،التي قد تمنع الإنسان من تحقيق هدفه، فقد تعرض صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه للإيذاء من قبل أهل قريش له، منعًا لنشر دين الله القويم ، ومن أهم عوامل وأسباب النجاح في الإسلام: وضوح أسباب النجاح: فعلى الإنسان أن يأخذ بأسباب النجاح ، ومها :حسن علاقته بربه ،وتقويه الصلة بينه وبين ربه بالصلاة وفعل الخيرات ،والبعد عن المنكرات ،وكذا علاقة الإنسان الطيبة بالآخرين ، وخاصة بوالديه ،حتى يسهل الله تعالى له كل سُبل النجاح.
أيها المسلمون
وقد وضع الله سبحانه من محفزات النجاح في الدنيا والآخرة ما يأخذ بأيدي السالكين إليه ،وذلك : حين كتب النعيم المقيم الخالد لمن نجح في اختبار الإيمان والعبودية ،والتزم طريقهما ومات عليهما ،قال الله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ . إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ . فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ . فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ . قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ . كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) الحاقة/19-24 ،وصور القرآن حال أولئك الذين رفضوا سبيل النجاح ،وأصروا على سبيل الغواية والفشل ،ووصف حالهم يوم تعرض النتائج ، ويُعلم الناجح من الخاسر، فقال الله تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ .وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ . يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ .مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ .هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ) الحاقة/25-29، وكتب الله سبحانه الحياة الطيبة في الدنيا لمن يسلك سبيل النجاح ، فقال عز وجل : (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل/97 ،هذا هو المنهج الذي يعيش وفقه المسلم ويفهم من خلاله الحياة ،ومن انطلق من هذا الفهم فإنه لا بد سيقوده إلى النجاح والتفوق في أمور دينه ودنياه ،وهذه الدوافع كلها هي التي تحفز المؤمن لبلوغ أقصى درجات النجاح ، فهو يسعى دائما في تنمية مواهبه ،واكتساب المهارات النافعة ،وتطوير ذاته على المستوى الثقافي والأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي ،ويعلم أن المؤمن العامل الناجح خير من القاعد المحبط الكسول ، الذي لا يجني من كسله سوى خسارة الدنيا والدين ،وفي صحيح مسلم : (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ،احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ ،وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ ،وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) ،فمع كل هذه الحوافز والدوافع نحو النجاح وتجاوز الفشل لا يبقى عذر لقاعد أو متكاسل أو محبط ،فالسبيل ميسر ،إنما يَطلُبُ منك شيئا من العزيمة والإرادة والحكمة ،ففي صحيح البخاري :(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «كُلُّ أُمَّتِى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، إِلاَّ مَنْ أَبَى» .قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» .
أيها المسلمون
وأما الفشل فقد عرفه بعض العلماء بأنه :(الإخفاق في تحقيق أهداف محدّدة مسبقًا، وهو يصيب الإنسان في حياته أو دراسته أو إدارته)، والفشل نهاية قاسية لمجهود الإنسان، ومن المؤكد أننا قد نتعرض للفشل خلال مسيرتنا لتحقيق أهدافنا في هذه الحياة، وقد يتكرر الفشل مرات عديدة، وليس من الخطأ أن يشعر الشخص بالألم عندما يخفق في تحقيق أهدافه، ولكن الخطأ قد يكمن في الخطوات التالية من السلوك، فهذا الألم هو نقطة انطلاق لسلوك جديد، (فالفاشل ليس من يقع في الفشل؛ إنما الفاشل من يقع فيه ثم يرتضيه).
وللفشل أسباب عدة: فهناك عوامل عديدة تساهم في إيجاده وتطويره، منها ما يكون له علاقة بالشخص نفسه، ومنها ما يتعلق بالبيئة الخارجية المحيطة به. ومن هذه العوامل: عدم الثقة بالنفس، والاعتقاد الخاطئ بأننا لا نملك مقومات النجاح، والاستسلام لخبرات الفشل السابقة، فيجب على كل فرد أن يكف عن النظر إلى نفسه بوصفه إنسان فاشل بعد التعرض لخبرات فشل سابقة ،ومن أسباب وعوامل الفشل : سوء التخطيط وعدم الدقة في وضع النظام واتخاذ الإجراءات المناسبة لتحقيق النجاح ،ومن أسباب وعوامل الفشل : إسقاط الفشل على الآخرين، فالإنسان الفاشل يبحث دومًا عن شماعة يعلق عليها أخطاءه، هربًا من إلقاء اللوم والتقصير على نفسه. ،ومن أسباب وعوامل الفشل : رفض تكرار التجربة، فعند حصول أي انهزام مؤقت ينسحب الفاشل وينزوي على نفسه، مبررًا هذا الانزواء بأنه وسيلة لحماية النفس من أي انتكاسة أو فشل جديدين. ،ومن أسباب وعوامل الفشل: كثرة الانتقادات واللوم التي يتلقاها بعض الناس من المحيط الاجتماعي الذي يعيشون فيه، وما يرافق هذه الانتقادات من تعابير وتصرفات تذكر الفاشل بفشله وتقارنه بغيره من الناجحين داخل العائلة أو خارجها. ومن أسباب وعوامل الفشل :البطالة التي تنتشر في كثير من الدول والتي تمنع الشباب الكفء من إيجاد فرص العمل المناسبة، الأمر الذي ينعكس على نفسية الشباب ويزيد من إحساسهم بالفشل. ومن أسباب وعوامل الفشل : الانغماس في أكثر من مهمة، فهناك بعض الأشخاص الذين يقومون بتنفيذ أكثر من عمل في آن واحد ،مما يؤدى إلى عدم إجادتهم لهذه الأعمال، فمن الأفضل أن يتقن الشخص مهارات محددة ويترك الأخرى لأصحابها الذين يجيدونها، وذلك لمزيد من الإتقان والقوة في الأداء. ومن أسباب وعوامل الفشل :الانشغال الدائم والانغماس في الإنتاجية، فهما مفهومان لا يتقابلان مع بعضهما البعض على الإطلاق؛ فكون الإنسان منشغلاً طوال الوقت فهذا لا يعنى اقترابه من الهدف الذي يسعى إليه، فمع هذا الانشغال وعدم وجود الوقت الكافي لا يتمكن الإنسان من التفكير في الهدف الصحيح الذي ينبغي عليه القيام به بدلاً من اللجوء إلى الأشياء الأخرى التي تشغل الوقت بدون نفع أو جدوى. ومن أسباب وعوامل الفشل : ضعف الوازع الديني: فالفشل مثله مثل أي مصيبة في الحياة فهو من الابتلاءات التي يختبر بها الله سبحانه وتعالى عباده الصالحين، وإن فشل اليوم لا ينفي النجاح غدا، والله عز وجل يقول: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140]. – ومن أسباب وعوامل الفشل : ضعف الهمة: فقد يتراجع الإنسان ويتقهقر عند أول تجربة فاشلة يمر بها، فنراه يرفض أحيانًا إعادة التجربة مرة أخرى، ويكتفي بما آلت إليه حاله، متناسيًا بأن تحقيق الأماني يحتاج إلى عزم وإرادة ومثابرة. ومن أسباب وعوامل الفشل: الإحساس المفرط بالفشل: فهذا الإحساس المفرط يدعم الفشل ويدفعنا إلى مزيد من الفشل، ومن ثم تتأصل جذور الفشل في داخلنا، ولا نقوى على تحمل الإحباط، ولا نستطيع أن نحقق كل ما ظللنا نحلم به على مدار حياتنا.
أيها المسلمون
وإذا كان الاسلام يدعونا إلى تحقيق النجاح ،والتغلب على الفشل ،فما هي طرق ووسائل معالجة الفشل وتحقيق النجاح : فمما لا شك فيه أن كل واحد منا انتابته في يوم من الأيام لحظات الشعور بالألم والحسرة بسبب إحباط أو فشل في حياته الخاصة ،أو في عمله أو في مشروع أقدم عليه، والإنسان بطبعه يحمل في ثنايا عقله الآمال والطموحات، غير أنه لا يضمن بالتأكيد تحقيقها كلها كما يرجو ويتوقع. وإذا توحد معظم الناس في مصادفة الفشل في ناحية من نواحي الحياة، فإنهم يختلفون حتماً في طرق مواجهته والتصدي له. فلكي يتسنى للشخص الذي لقي الفشل التغلب على أسبابه، فيجب عليه أن يبحث في العوامل المعوقة لنجاحه ، ويقضى عليها، ولكي يهزم الفشل ،ويحل النجاح محله ،فعليه أن يستفيد من خبراته التي مرت به في حياته، سواء أكانت خبرات سارة ،أم خبرات مكدرة، وسواء أكانت خبرات نجاح ،أم خبرات فشل، إضافة إلى ذلك فعلى الشخص الاستفادة من خبرات الآخرين، سواء كانت خبرات إيجابية ناجحة ،أو خبرات سلبية فاشلة، كما أنه لا بد من توافر الرغبة الحقيقية في تحقيق هدف معين والنجاح فيه، فالنجاح حلم يمكن تحقيقه بالتفكير الجيد ،لكي يتحول إلى حقيقة
واقعية. ومن بعض النقاط الهامة التي تدعم وصولك إلى النجاح: ألا تجعل نفسك أسيرًا لخبرات الفشل السابقة، بل لا بد من التعرف على الأسباب المسؤولة عنه وفهمها جيدًا، ومعالجة جوانب القصور، وتلاشي الأخطاء التي تم الوقوع فيها في المرات القادمة. – لا تخالط الأشخاص الذين تغلب عليهم النظرة التشاؤمية للحياة والذين يعيشون في إطار المشكلات، ولا يرون سوى العقبات فما لديهم من إحساس بالفشل وخيبة أمل سينتقل إليك.- ارجع بذاكرتك إلى الماضي وقم بحصر الإنجازات السابقة التي حققتها، ولا تقلل من قيمة إنجازاتك، فمن المفترض أن الاعتزاز بما حققت من نجاح سوف يضيف إليك الكثير من المشاعر الإيجابية ويعطيك الثقة بالنفس. – ضع أهدافًا تتناسب مع قدراتك وما لديك من مقومات لتحقيق هذه الأهداف، فليس من المنطقي أن تضع هدفًا ليس في مقدورك بلوغه. – تمتع بأوقاتك بعيدًا عن العمل فلا بد أن يكون هناك توازن بين مختلف جوانب الحياة التي تعيشها. – لا بد وأن تكون القناعة هي مفتاح حياتك، فالوصول للكمال صعب. – تدرج في النجاح حتى تتذوق طعمه. – ركز على الوقت المتاح إليك والأموال التي توجد بحوزتك وابتعد عن من يشتت أفكارك. – لا تخشَ الابتكار والإبداع، لا بد وأن تكون مختلفًا لتكون ناجحًا.
وأخيرًا علينا بالإيمان أولًا وأخيرًا بالقضاء والقدر، وما يرتبط به من أمور غيبية لا يعرفها إلا الله عز وجل فقد يكون في ما نعتبره فشلاً لنا خير كثير، وقد يكون في ما نعتقده خيرًا لنا شر كبير، وصدق الله عز وجل الذي يقول: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من أسباب وعوامل النجاح والفشل في الإسلام )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لا بد في النجاح من عقبات ،فالنجاح مرتبة سامقة ودرجة سامية ،لا تنال إلا بمجاهدة، والنبي صلى الله عليه وسلم سيد الناجحين، نجح في تبليغ رسالة ربه، لكن لم يكن طريق الدعوة مفروشاً بالورود ،بل تعرض لأنواع من البلاء: تعرض للضرب، وللخنق، وحوصر في الشعب، وشتم، وشج رأسه، وكسرت رباعيته، وقذف في عرضه، وأوذي في أهله؛ ولذلك من يريد أن يسير على طريق النبي صلى الله عليه وسلم فلا يظن أنه سينجو من الأذى، ورغم أن الأجواء التي سبقت البعثة المحمدية كانت باعثة على اليأس والإحباط، والناس ما بين ساجد لوثن وعابد لصنم وخاضع لبشر، فمع ذلك كله فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم في مواجهة الصعاب ،حتى دانت له الدنيا ،ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وعم الأمن الجزيرة بعد الإيمان، وأصبحت منارة للعلم والإيمان للعالم كافة.
وليكن معلوما لدينا أن الفشل قد يكون بداية النجاح ،فالمسلم يرى الفشل عقبات وتحديات تقف في طريق النجاح، فيجتهد في تخطيها، وكلما تخطى عقبة كلما اقترب من النجاح خطوة، فقد صبر الرسول وصمم على الهدف، لم يشكو الفشل ،بل صبر على الهدف، فسر على طريق النبي صلى الله عليه وسلم ،ولا تتزحزح عنه، اعرف أكثر كيف تنجح، ادرس أسباب الفشل وتخطاها، فالتجربة الفاشلة تعرفك سبب جديد للنجاح، وطريقة لا يمكن النجاح بها، حتما ستصل، وان قابلتك العقبات افعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالجأ إلى القوة العظمى في هذا الكون، اخضع لله واشكو له، قل له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ،وقلة حيلتي ،وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ،أنت رب المستضعفين ،وأنت ربي ،إلى من تكلني ،إلى بعيد يتجهمني ،أو إلى عدو ملكته أمري ،إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ،ولكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ،وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ،من أن ينزل بي غضبك ،أو يحل علي سخطك ،لك العتبى حتى ترضى ،لا حول ولا قوة إلا بك ) .
نعم ،فالفشل طريق النجاح : فلا تعتبر الفشل هو نهاية المطاف، ولكن يجب عليك أن تعتبر مرحلة الفشل هي مرحلة تعلم ،وأخذ قسطً كبير من التعليم والخبرات، فليس كل شخص مولود لديه ما يكفيه من الخبرات التي تجعله ناجحًا مدى الحياة ،ولابد من التعلم من الخطأ حتى تستطيع النجاح. كن منظما ،ومرتبا ،وضع الخطط المحكمة للأولويات ، فهذا هو السبيل الوحيد للوصول إلى الهدف المنشود ،وما تتمناه من تحقيق نجاحات. يجب بشكل مستمر النظر إلى نصف الكوب الممتلئ ،فعندما يفكر الشخص تفكير إيجابي يؤدي به هذا إلى المساعدة على تحقيق أهدافه ونجاحاته بشكل سهل وبسيط، ويجب أيضًا تشجيع النفس دائمًا على تحقيق ما تتمناه من أشياء وأهداف منشودة يسعى الشخص إلى تحقيقها بكل ما يملك.
الدعاء