خطبة عن (من الأمثال في القرآن وحكمتها)
أبريل 13, 2016خطبة عن ( الأسلوب المعجز للقرآن وفضله)
أبريل 13, 2016الخطبة الأولى ( الأمثال في القرآن )
الحمد لله رب العالمين …اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام … وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له…. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. هو صفوة الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للعالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم اياته (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الحشر 21 ، وقال تعالى:( ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون.) ابراهيم 25 ، ويقول سبحانه (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ) العنكبوت 43
إخوة الاسلام
الأمثال.. أسلوب تربويٌ بليغ التأثير،.. جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،.. وذلك ضمن الأساليب المؤثِّرة.. التي تقرب المعاني، وتوضح الأمور ،وسوف تكون لي معكم إن شاء الله لقاءات عن الأمثال في القرآن والسنة ،واليوم ان شاء الله سوف أتناول معكم ثلاثة أمثال وردت في القرآن الكريم تبين لنا ثلاثة أصناف من الناس : الصنف الأول: مَن يُعرض عن دين الله.. والصنف الثاني: مَن لا يعرض؛ فهو يسمع ..ولكنه لا يعمل .. الصنف الثالث: مَن لا يعرض عن ذكر الله بل يعمل بما امر الله ؛ولكنه لا يستمر، ولا يثبت، وإنما ينتكس،
أما المثال الأول: فهو مثل مَن يُعرض عن دين الله:.. هو عبد يُدعى إلى الله، وتوضح له الطريق التي يسلك بها طريق النجاة، وتوضع له الوسائل التي تدله على الفوز والنجاح في الدنيا والآخرة، فماذا يكون موقفه؟ .. يَصُمُّ أذنيه، ويعمي عينيه، ويعرض عن طريق الهداية، بل يرفض ويهرب ويولي مدبرا ، فهذا.. ضرب الله عز وجل له مثلاً في كتابه الكريم من أسوأ الأمثلة، وشبهه الله عز وجل بالحُمُر الوحشية،يقول سبحانه وتعالى (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ..كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ .. فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) المدثر 49 : 51،والمعنى : مثل من اعرض عن دين الله وعن شرع الله وكذب برسالة رسوله ومصطفاه ، ويكره العلماء، ويكره الدعاة، وينفر من مجالس العلم، ولا يحب سماع كلام الله، ولا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء مثلهم كالحُمُر الوحشية،التي تهرب من الاسود او السباع وهي حمر غير مستأنِسَة ، تعيش في البراري والغابات، هذه الحمير مِن طبيعتها أنها تعيش في حالة عظيمة من الفزع والرهبة والخوف.. إذا رأت الأسد أو السبع، على مسافة بعيدة تهرب هروباً تكاد بسببه أن تموت، او ينكسر ظهرها،من شدة الخوف والهلع والجزع ،يقول الله عز وجل: { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } [المدثر:49]؟! سؤال استنكاري! لأي شيء يعرضون عن ذكر الله؟! لأي شيء يتجاهلون داعي الله { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } [المدثر:49-51] ، والقسورة في لغة العرب: الأسد، والسبع… فهؤلاء في إعراضهم إذا رأوا الداعية، أو العالم، أو الخطيب او مجلس من مجالس العلم يفرون، كما تفر الحمير بأقدامها، اذا رأت الأسد من بعيد ؟! إن فرار الإنسان من أهل العلم، وإعراضه عن الدعاة، ورغبته في غير مجالس الذكر والعلم ، دليل على أن عقليته عقلية الحمير، وأن مرتبته مرتبة البهائم، بل هو أعظم وأذل وأخس، يقول الله تبارك وتعالى: { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } [الفرقان:44
ايها الموحدون
وللإعراض عن دين الله صور متعددة منها : إعراض مكاني: بحيث لا يجلس في مكان الذكر. بل يجد راحته بعيدا عن مجالس العلم ،وإعراض قلبي: بحيث يكره الذكر، حتى ولو جلس فهو -أيضاً- كاره، كأنه في سجن، أو قفص، مثل الطير يريد أن يطير، يريد أن يخرج من هذا المكان لأن صدره يضيق من ( قال الله أو قال رسوله )، إعراض عملي. أي لا يعمل ولا يطبق الدين في حياته ، وإعراض دعوى. أي لا يدعو غيره إلى الدين .. وإعراض شعوري.فهو لا يشعر بحب الدين ولا يجد سعادته في شرع الله كل هذه تسمى إعراضاً عن الله، وعن ذكر الله، وعن دين الله ،وفي الحديث المتفق عليه: (عَنْ أَبِى وَاقِدٍ اللَّيْثِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِى الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ ، إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَذَهَبَ وَاحِدٌ ، قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم –فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِى الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا ، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ ، فَآوَاهُ اللَّهُ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا ، فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ ، فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ » ، نعم ..فهذه هي النتيجة الحتمية لمن اعرض عن الله.. يقول سبحانه { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } الصف 5 ، ويقول جل وعلا ( ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) التوبة 127 ، وجاء في الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّى شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ». .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية( الأمثال في القرآن )
الحمد لله رب العالمين …اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام … وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له…. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. هو صفوة الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للعالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وهذا المثال ضربه الله عز وجل في كتابه العزيز للذين يعرضون عن ذكر الله، حتى لا نطيعهم ولا نتبعهم ولا نجالسهم .. فهذه النوعية منكوسة الفطر،.. عندها خلل في تفكيرها، يقول عز وجل: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } [الكهف:28] ، فمن أغْفَلَ اللهُ قلبَه عن ذكره، وترك الدين، وأعرض عنه فاحذر منه؛ لأن أمرَهُ فُرُطٌ، أمرُهُ ليس ملموماً ولا مجموعاً، بل انفرطت عليه جميع أموره فهي مبعثرة ،لأنه غفل عن الله وعن دين الله عز وجل. ومصيره إلى النار ، ومع الأمثال في القرآن نلتقي إن شاء الله
الدعاء