خطبة عن ( إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا )
أبريل 13, 2016خطبة عن (التثبت من الخبر (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)
أبريل 13, 2016الخطبة الأولى (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (77): آل عمران)
إخوة الإسلام
اليمين وسيلة من وسائل إثبات الحقوق أو براءة من ادُّعي عليه، والمطلوب من المؤمن أن يكون صادقًا في يمينه، فلا يحلف بالله على أمر إلا وهو صادق فيما يقول، لأن اليمين هي تعظيم لله وإجلال لله, فلا يليق بك أن تكذب فيها وأن توقعها على غير موقعها, لأنك بذلك تستهين بمن حلفت به ، ولكن للأسف نرى ونسمع بعض الناس يحلفون بالله بأيمان كاذبة ، ليستولي على حقوق وأملاك الآخرين أو ليثبت تهمة على برئ تنكيلا به. ولا يبالي مثل هؤلاء بعاقبة أيمانهم الكاذبة وما توعدهم الله به من العذاب الأليم والخسران المبين .هؤلاء قد يجمعون الدنيا الفانية لكنهم خسروا الآخرة الباقية . مثل هؤلاء أرضوا أنفسهم ولبوا رغباتهم أو نكلوا بأعدائهم ولكنهم أسخطوا خالقهم .وأوجبوا على أنفسهم العذاب الأليم ،ففي صحيح البخاري (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ ،هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) ،وفي صحيح البخاري: (قَالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِى،فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم«أَلَكَ بَيِّنَةٌ». قَالَ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ« احْلِفْ» . قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ، فمن أنكر حقوق الناس في الدنيا فلا نصيب له في نعيم الآخرة ولا يكلمه الله كلام المحب المشفق ولا ينظر إليه برحمته ولا يطهر قلبه من النفاق وله عذاب أليم وموجع. وفي صحيح البخاري (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَقَامَ سِلْعَةً ، وَهُوَ فِى السُّوقِ ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطَ ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَنَزَلَتْ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً). وفي مسند الإمام أحمد (خَاصَمَ رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ يُقَالُ لَهُ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ رَجُلاً مِنْ حَضَرَمَوْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى أَرْضٍ فَقَضَى عَلَى الْحَضْرَمِىِّ بِالْبَيِّنَةِ فَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَقَضَى عَلَى امْرِئِ الْقَيْسِ بِالْيَمِينِ فَقَالَ الْحَضْرَمِىُّ إِنْ أَمْكَنْتَهُ مِنَ اليَمِينِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَتْ وَاللَّهِ أَوْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ أَرْضِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ أَخِيهِ لَقِىَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ». قَالَ رَجَاءٌ وَتَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ مَاذَا لِمَنْ تَرَكَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الْجَنَّةُ » قَالَ فَاشْهَدْ أَنِّى قَدْ تَرَكْتُهَا لَهُ كُلَّهَا)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد توعد الله تبارك وتعالى من سلب الناس حقوقهم .ولو كان ذلك في أمر قليل ،ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ». فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ». واليمين الغموس الفاجرة التي يقتطع بها المرء مال أخيه، فهي لا كفارة لها أبدا، وإنما تنحل بالتوبة من الخطيئة وردّ المظلمة إلى أهلها،لا كفارة لها إلا ذلك. فعظموا القسم بربكم،ووفروا اليمين في خصوماتكم،واحفظوا أيمانكم،ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم،ولا تجعلوا أيمانكم ذريعة إلى معاصيكم؛ فإن شأن اليمين عند الله عظيم وفي سنن البيهقي(عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ « لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ.مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ فَلْيَصْدُقْ وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بِاللَّهِ فَلْيَرْضَ وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بِاللَّهِ فَلَمْ يَرْضَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ» . فالحذر الحذر من اليمين الكاذبة. فالحذر الحذر من الإستيلاء على حقوق الآخرين فالله سبحانه وتعالى حرم الظلم وجعله محرما ، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ « يَا عِبَادِى إِنِّى حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا) ، فإياك أن تستحل ما للغير ولو حكمت لك به المحكمة ففي البخاري رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ « إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِى الْخَصْمُ ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ ، فَأَقْضِىَ لَهُ بِذَلِكَ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِىَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا »
الدعاء