خطبة عن ( رضا الله ) مختصرة
أكتوبر 21, 2017خطبة عن ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ )
أكتوبر 21, 2017الخطبة الأولى أسباب النصر ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
قال الله تعالى : ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) آل عمران ، وقال الله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) محمد
إخوة الإسلام
ونواصل الحديث عن أسباب النصر ، كما بينها الحق تبارك وتعالى: يقول سبحانه 🙁 وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }(الانفال 10). نعم هذه هي القاعدة التي يجب على المؤمنين أن يدركوها، ( وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ )، فلا العدد ، ولا العدة ، ولا حسن التخطيط والتنظيم تغني وحدها وتنصر، إن لم ينصر الله، عرف تلك الحقيقة نبينا صلوات ربي وسلامه عليه ، فقام ليلة بدر يتضرع إلى الله ، الذي بيده النصر ، حتى سقط رداءه عن منكبه ، وأشفق عليه صاحبه ، فنزل النصر، ففي صحيح مسلم يروي(عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ ( لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ « اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ ». فَمَازَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ. وَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَذَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ) ،فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلاَئِكَةِ. قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ أَقْدِمْ حَيْزُومُ. فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ. فَجَاءَ الأَنْصَارِيُّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « صَدَقْتَ ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ». فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ )… وعرف تلك الحقيقة الملك المظفر قطز فأخذ يمرغ وجهه في التراب ذلاً لمن بيده النصر فأنزل الله عليه النصر وهزم التتار، لكن ، ونحن في هذه الحالة من الذلة والمهانة والضياع ، فمتى ينزل النصر على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ يذكرنا الله بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}( محمد 7). نعم ، سوف تنتصر أمة الإسلام ، يوم أن تطبق شريعة الله في حياتها ، وتطهر نفسها من منكرات فشت فيها ، وعرف ذلك المعنى أقوام قاتلوا مع أنبيائهم ، فكان دعاؤهم عند لقاء أعدائهم ،أن يغفر الله لهم ذنوبهم ، قال تعالى :{ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) } ( آل عمران). وهذا المعنى فقهه الفاروق عمر رضي الله عنه ، فقال ناصحاً لأحد قواده : ( إياكم والذنوب ، فإنكم إن عصيتم الله ، كنتم أنتم وهم سواء ، وهم أكثر منكم عدداً وعده فيهزموكم ) والله سبحانه أوصانا إذا لقينا العدو أن نثبت ، مهما كان عددنا وعتادنا ، وأن نتصل به سبحانه من خلال كثرة ذكره ، فقال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (الانفال 45). هذه هي الحقيقة ، وهذا هو البعد الإيماني في معركة أمة الإسلام ، والذي بهت في نفوس بعض المسلمين ، ونسيه البعض الآخر ، وقد أدرك هذه الحقيقة أعداؤنا ، وهم يحاولون أن يطمسوه في قلوب عباد الله المؤمنين ، وذلك من خلال استعراضهم لقنابلهم النووية ، وأساطيلهم البحرية ، وسفنهم الفضائية، وكم من المسلمين بُهروا بتلك القوة والأسلحة ، وظنوا بأن لأعدائهم قوة لا تقهر ، وأنه لا غالب لهم ، ومثل هذا الشعور سيطر على بني إسرائيل يوم أن دعاهم موسى لإخراج أعداء الله من الأرض المقدسة فقالوا :{ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ } المائدة 22 ، ولكن من نور الله قلوبهم بالإيمان وعرفوا أن النصر من عند الله كان لهم رأي آخر وموقف آخر: { قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } ( المائدة 23). ومثل هذا الشعور سيطر على جمع من جيش طالوت ، قال تعالى :{فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} البقرة 249 ، ولكن الفئة التي عرفت أن النصر من عند الله كان جوابها كما في قوله تعالى : {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} البقرة 249 ، فعلى الأمة إن أرادت النصر والنجاة من ذلها وتمزقها وهوانها ، أن تراجع دينها ، وأن تقلع عن ذنوبها ، وأن تعرف أن النصر لا يكون إلا من عند ربها ، يقول سبحانه:{ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } ( آل عمران 160).
إخوة الاسلام
إننا نتساءل اليوم متى نصر الله؟ أما آن لليل أن ينجلي؟ أما آن للفجر أن ينبلج؟ أما آن للقيد أن ينكسر؟، ولكننا إلا من رحم الله ، نمدد أمد الليل ، بمسيرنا عكس جهة الشروق، وذلك بما ندخله في بيوتنا وسلوكنا ومعاملاتنا بل وفي عباداتنا من مفاسد وشرور، ونوغل في البعد بما نطوق به أنفسنا من المعاصي والمخالفات، وندبر عن طريق الفجر والنور بإعراضنا عن منهج الله. ألا فليعلم من يقع في المخالفات ، أنه ثقل في موازين الأعداء، خصم على أمته، وليعلم من يعرض عن الطاعات ، أنه يحدث في جسد الأمة –وهو منها- جراحات غائرة تزيدها إثخانا وضعفاً، وليعلم من يتغافل عن نصح غيره ، ويترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أنه يطيل على الأمة ما هي فيه من الكربات.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
كل واحد منا مدعو لأن يزن حاله ، ليعرف هل هو خصم على الأمة ؟، هل هو ثقل في ميزان أعدائها ؟، هل هو سبب في إطالة ليلها بما اقترفت يداه ؟، فما أشقى من شقيت به الأمة ، وما أسعد من سعدت به الأمة، أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم. والملاحظ أنه سبحانه وتعالى قال : {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ} ولم يقل سبحانه (فلا تغلبوا )! لماذا؟ لأن هذا المعنى الذي ذكرته الآية بهذه الألفاظ ، أعم وأشمل ، وهو أمر مضطرد لا يتخلف، — ما معنى ذلك؟ معناه : لن تغلبوا في أي وقت من الأوقات ، ومهما كانت القوة التي تواجهكم ، ومهما كانت صورة ضعفكم ؛ لأن الله إذا أراد نصركم ، فهو على كل شيء قدير ، فهو يسبب لذلك أسبابا ، فمثلا : قد يقذف الرعب في قلوب الأعداء، وقد يجعل بأسهم بينهم شديدا، وقد ينزل عليهم رجزاً من السماء، وقد يزلزل الأرض من تحت أقدامهم ، فكل هذه الأمور في قدرة الله عز وجل ممكنة، ، قال تعالى (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) المدثر 31
أيها المسلمون
نسأل الله جل وعلا أن يرد أمتنا إلى دينها رداً جميلاً وأن يجعلنا بكتاب الله مستمسكين وبهدي نبيه صلى الله عليه وسلم معتصمين ولآثار السلف الصالح مقتفين ، ونسأله عز وجل أن يؤلف بين قلوبنا وأن يوحد صفوفنا وأن يعيننا على طاعته ومرضاته، وأن ينصرنا على عدونا وعدوه وعدو الإسلام والمسلمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه،
الدعاء