خطبة عن ( أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ)
أبريل 14, 2016خطبة من (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ)
أبريل 14, 2016الخطبة الأولى ( يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ .يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (13 ) : (17) لقمان
إخوة الإسلام
المؤمن لا يدعو غير الله ، فهو القائل سبحانه : (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) غافر 14 ، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) الاعراف 194 ، الموحد لا ينذر لغير الله ولا يذبح لغير الله ولا يرجو غير الله ولا يخاف إلا الله ولا يطلب كشف الضر إلا من الله ، فهو القائل : (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) 54 النحل ، وقال تعالى : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ) الاسراء 56 ، والمؤمن لا يحلف بغير الله : ( فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَحْلِفْ بِأَبِيكَ وَلاَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ ) ، والموحد لا يتوكل إلا على الله ولا يطلب الشفاء إلا من الله فلا يعلق التمائم ولا الكتب ولا الحجب لأن رسولنا هو القائل (مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ)
أيها المسلمون
ويقول سبحانه وتعالى : ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لقمان 13 فيبين لقمان الحكيم لابنه ان الشرك ظلم عظيم ،والسؤال لماذا كان الشرك ظلما عظيما ؟ ،قال المفسرون : لان الظلم معناه ( وضع الشيء في غير موضعه) ،وعبادة غير الله هي وضع العبادة في غير موضعها لذلك كان الشرك ظلما عظيما لأنه عبد غير الله وتقرب الى غير الله ،وكان الشرك أيضا من أعظم الذنوب لأن الحق تبارك وتعالى لا يغفر لمن اشرك مالم يتب من الشرك قبل موته ، فقال وقوله الحق (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) النساء 48 ، كما اخبر سبحانه انه من أشرك مع الله غيره فقد حرم الله عليه الجنة قال تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة 72 ،ومن اشرك لا يقبل منه عمل بل يحبط جميع عمله وان كان صالحا قال سبحانه : (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الانعام 88 ، والرسول صلي الله عليه وسلم هو القائل كما في صحيح البخاري : (أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ » . قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ »
ايها الموحدون
وبعد ان حذر لقمان ابنه من الشرك وأمره بالتوحيد الخالص أراد أن يغرس في قلبه مراقبة الله، وأن يعلمه عظمة الله وعلمه بما ظهر من الذنوب والمعاصي وما بطن ، وانه سبحانه وتعالى سوف يحاسبنا يوم القيامة على أعمالنا صغيرة كانت أم كبيرة ،فلا يستهين بالذنب وإن صغر ولا يحتقرن الحسنة وإن قلت ، فقال تعالى علي لسان لقمان (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) لقمان 16 ، أي (إن تك زنة حبة من خردل من خير أو شرّ عملته في دنياك، فتكن في صخرة، أو في السموات، أو في الأرض، يأت بها الله يوم القيامة، حتى يوفيك جزاءها. وإن المظلمة أو الخطيئة وكذلك الحسنة مهما كانت صغيرة ولو كانت في حجم مثقال حبة من خردل. أحضرها الله يوم القيامة حين يضع الموازين القسط، ويجازى عليها إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر. كما قال تعالى: { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } الانبياء 47 ، ولو كانت في داخل صخرة صَمَّاء، أو غائبة في أرجاء السماء فإن الله يأتي بها؛ لأنه لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ، وهكذا يغرس لقمان الحكيم في قلب ولده مراقبة الله وانه سبحانه وتعالى وهو المطلع على اعمالنا الظاهرة والباطنة ومن آمن بذلك فلا يعصي الله ابدا ويكون من الطائعين
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ .يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال تعالى: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (17) لقمان ، فبعد ان غرس الوالد في قلب ولده مراقبة الله وأحاطه علما بعظمة الله وقدرته وحذره من المعصية وان كانت صغيرة ورغبه في الطاعة والعمل الصالح وان كان قليلا بعدها ، بدأ يأمره بطاعة الله وأول هذه الطاعات التي يجب أن تؤدى هي الصلاة لان الصلاة هي الصلة بين العبد وربه فقال الله تعالى مخبرا عن قول لقمان لابنه : (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ) أي: بحدودها وفروضها وفي أوقاتها ،وفي سنن الترمذي عن ابي هريرة رضي الله عنه (قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ )،وفي صحيح مسلم : ( عن جَابِر قال سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاَةِ ». وفي صحيح أحمد وابن ماجه عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ وَلَنْ يُحَافِظَ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ » . وفي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « الَّذِى تَفُوتُهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ » صحيح ابن ماجه والبيهقي ، وعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي -صلى الله عليه وسلم- أَنْ « لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ وَلاَ تَتْرُكْ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ وَلاَ تَشْرَبِ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ ». ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء