خطبة عن حديث ( اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ) مختصرة
أغسطس 21, 2021خطبة عن حديث (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ) مختصرة
أغسطس 23, 2021الخطبة الأولى (أخاف على أمتي ثلاثا) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام احمد في مسنده 🙁عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « ثَلاَثٌ أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الاِسْتِسْقَاءُ بِالأَنْوَاءِ وَحَيْفُ السُّلْطَانِ وَتَكْذِيبٌ بِالْقَدَرِ». وفي صحيح الجامع للألباني:(عن أبي أمامة الباهلي :(إنَّ أخوفَ ما أخافُ على أمَّتي في آخرِ زمانِها :النجومُ ، وتكذيبٌ بالقدرِ ،وحَيْفُ السلطانِ)
إخوة الإسلام
لقد ترَكَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه وقد أرشدها إلى كلَّ عِلمٍ يَنفَعُها، وحذَّرَها مِن كلِّ ما يضُرُّها، وقد روى البيهقي في سننه :(عَنِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :«مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ إِلاَّ وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ وَلاَ تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ إِلاَّ وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ) وفي صحيح مسلم (أن أبا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلاَفُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ »
وفي هذا الحديث الذي هو بين أيدينا اليوم : يقولُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: “إنَّ أخوفَ ما أخافُ على أُمَّتي”،(الاِسْتِسْقَاءُ بِالأَنْوَاءِ) أو “النُّجومُ”، أي: التَّصديقُ بالنُّجومِ ،وهو ما يُعرَفُ (بالتَّنجيمِ)، والتنجيم ينقسم إلى قسمين : القسم الأول : حسابي ،وهو تحديد أوائل الشهور بحساب سير النجوم ،فبواسطة هذا الحساب يعرفون الأوقات ،والأزمنة ،واتجاه القبلة ،وهذا النوع أجازه علماء الشريعة ، أما القسم الثاني : فهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، فهم يؤمنون بأن النجوم لها ثأثير على ما يقع في الأرض ،فالتنجيم بهذا المفهوم حرام شرعاً ،لأنه مبني على أوهام لا حقيقة لها ، فلا علاقة لما يحدث في الأرض لما يحدث في السماء ،ولهذا كان من عقيدة أهل الجاهلية أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم ،فكسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم ، ففي الصحيحين:(انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ، فَقَالَ النَّاسُ انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ،لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ ،فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ » وكما أن التنجيم نوع من السحر والكهانة فهو أيضاً سبب للأوهام والانفعالات النفسية ،التي ليس لها حقيقة ولا أصل ،فيقع الإنسان في أوهام وتشاؤمات ومتاهات لا نهاية لها) ،والأدلة على تحريم التنجيم كثيرة منها : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنِ اقْتَبَسَ عِلْماً مِنَ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ سِحْرٍ مَا زَادَ زَادَ وَمَا زَادَ زَادَ » رواه أحمد ،وفي صحيح مسلم :(عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ».،وفي رواية للإمام أحمد : « مَنْ أَتَى كَاهِناً أَوْ عَرَّافاً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ».قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “العراف اسم للكاهن والمنجم والرَّمَّال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق” ،ويصدق ذلك قوله تعالى : ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ) النمل : 65 .وقوله تعالى :(عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) الجن : 26-27 ،
أيها المسلمون
أما قوله صلى الله عليه وسلم :”وتَكذيبٌ بالقدَرِ” بمعنى: أنْ يَعتقِدَ الناسُ أنَّ الأقدارَ ليستْ مَعلومةً عندَ اللهِ قبْلَ حُدوثِها، بلْ يَعلَمُها بعدَ حُدوثِها، – تعالى اللهُ عن ذلك علوا كبيرا- فالإيمانُ بالقَدَرِ من أركان الإيمان ،فكلُّ شَيءٍ عندَ اللهِ في اللَّوحِ المحفوظِ، وقد علِمَ اللهُ ما سيَختارُه العَبدُ أزَلًا، وفي سنن الترمذي :(قَالَ عَطَاءٌ لَقِيتُ الْوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلْتُهُ مَا كَانَ وَصِيَّةُ أَبِيكَ عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَ دَعَانِي أَبِي فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ اتَّقِ اللَّهَ وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ فَإِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ اكْتُبْ. فَقَالَ مَا أَكْتُبُ قَالَ اكْتُبِ الْقَدَرَ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الأَبَدِ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أخاف على أمتي ثلاثا )
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم نأتي إلى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم : “وحَيفُ السُّلطانِ”، أي: جَورُ السَّلاطينِ والحكام وظُلْمُهم، فلا شكَّ أنَّ تأثيرَ هذا على الناسِ عظيمٌ؛ وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ،ففي مسند أحمد :(عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الأَئِمَّةُ الْمُضِلُّونَ» ، وفي مسند أحمد : (أن رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِى أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَىَّ الْحَوْضَ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَيُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَىَّ الْحَوْضَ » فالحاكم والأمير والسلطان الحق هو نعمة من نعم الله تعالى على عباده، ولهذا فإنه إذا تولى بحق فلا غنى له عن نصيحة العلماء ومشورتهم ،فالسلطان الحق تقوم به حدود الله، ويُحرَس به الدين، وتساس الدنيا به وفق الدين؛ لذلك وجب التفريق بين سلاطين العدل ،وسلاطين الجور، وبين علماء السلطان ،وعلماء القرآن، فنحن مع سلاطين العدل ،أما حكام السوء ،وسلاطين الظلام والضلال والقتل والإفساد في الأرض ، فهؤلاء لا يدخل عليهم العالم إلا منكرًا، يقول أبو حامد الغزالي : “إنما فسدت الرعية بفساد الملوك وفساد الملوك بفساد العلماء) [إحياء علوم الدين].
الدعاء