خطبة حول حديث (أخاف على أمتي ثلاثا) مختصرة
أغسطس 23, 2021خطبة عن ( العبادات القلبية ) مختصرة
أغسطس 23, 2021الخطبة الأولى: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في سنن أبي داود وصححه الالباني 🙁عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ »
إخوة الإسلام
لا شك أن الأمة الإسلامية اليوم تمرُّ بواقع أليم؛ وظروف قاسية ،ومرحلة عصيبة ، وانتكاسة مهلكة ،فقد تسلَّط عليها أعداؤها؛ وأذاقوها ألوانا من العذاب، ومن المؤكد أن كلُّ هذا الذي نزل بالمسلمين اليومَ سببُه أنهم ترَكوا دِينهم، ورَكَضُوا وراء حُطَام الدنيا، ولا يُبَالون أمن حلال أم من حرام، ومن العجيب أن واقعنا اليومَ قد شخَّصه رسول الله صلى الله عليه وسلم- وحدَّده صلى الله عليه وسلم لنا ،وبين لنا الأمراض التي تُهلك أمَّته، ووضَّح عواقِبَها، وحذَّر منها، وبين لنا الداء والدواء ، والمخرج من الأزمة ،ففي مسند أحمد وغيره 🙁عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأُكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ». قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ « أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ ». قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهَنُ قَالَ « حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ»، فالنفوسُ المتعلقةُ بالدنيا لا تَصلحُ للدين ،ففي صحيح البخاري 🙁عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم «غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لاَ يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهْوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا ،وَلاَ أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا ،وَلاَ أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهْوَ يَنْتَظِرُ وِلاَدَهَا)، فانظر كيف نقى هذا النبي – صلى الله عليه وسلم – جيشه ممن له أدنى تعلق بالدنيا، وعلى هذا ،فإن الرجوع إلى الدين هو الطريق إلى رفع الذلة والمهانة والضعف الذي تعاني منه الأمة الإسلامية ، والإعراض عن الدين هو السبب المباشرٌ للذلة والهزيمة وخور العزيمة ،
أيها المسلمون
وفي هذا الحديث الذي بين أيدينا اليوم، يقولُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : “إذا تبايَعتُم بالعينةِ”، وبيع العينة: أن يبيع سِلعة لشخص بثَمنٍ مؤجَّلٍ، ثمَّ شِراؤُها منه بثَمنٍ أقلَّ، وهي حيلة يحتال بها بعض الناس على التعامل بالربا ،فقال صلى الله عليه وسلم 🙁إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ )،أي: استحللتم هذا البيع وهو محرّم ،وكان كل همكم هو جمع المال ،وشغلكم المال وشهوات الدنيا عن الدين ، ثم قال صلى الله عليه وسلم :”وأخَذتُم أذنابَ البقَرِ، ورَضيتُم بالزَّرعِ”، أيِ: انشَغلتُم بالزَّرعِ وفِلاحةِ الأرضِ، ورعي المواشي ،وليس المراد بهذا ذم من اشتغل بالحرث ،واهتم بالزرع ،وتربية الأبقار ورعيها ،وإنما المراد ذم من اشتغل بالحرث ورضي بالزرع حتى صار ذلك أكبر همه ،وقدم هذا الانشغال بالدنيا على الآخرة ،وعلى مرضاة الله تعالى ،لا سيما الجهاد في سبيل الله ،قال الله تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ، أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الْآخِرَةِ .فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) التوبة:38 فمهما تمتع الإنسان في الدنيا ،وفعل ما فعل في عمره ،فهذا قليل إذا ما قورن بالآخرة
ثم يقول صلى الله عليه وسلم :”وترَكتمُ الجهادَ”، أيِ: ابتعَدتُم عنِ الجهادِ رغبةً في الدُّنيا، وتركتم ما يكون به إعزاز الدين ،فلم تجاهدوا في سبيل الله بأموالكم ،ولا بأنفسكم ،ولا بألسنتكم ، فالجِهادُ في سَبيلِ اللهِ تعالى ذِروةُ سَنامِ الإسلامِ، وعِزُّ أمَّةِ الإسلامِ، وبه تَرجِعُ أمجادُ الماضي ،وتَذهَبُ أوجاعُ الحاضرِ. فكانت النتيجة المحتومة : أن :”سَلَّط اللهُ علَيكم ذلًّا”، أيِ: صَغارًا ومَسكَنةً وما يَنتُجُ عنهما، “لا يَنْزِعُه حتَّى تَرجعوا إلى دينِكم”، أي: لا يُرفَع هذا الذُّلُّ عنكم حتَّى تَرجِعوا إلى الجِهادِ، فعاقبكم الله تعالى بالذلة والمهانة ، جزاءً لكم على ما فعلتم ،من التحايل على التعامل بالربا ،وانشغالكم بالدنيا وتقديمها على الآخرة ،وترككم الجهاد في سبيل الله ، فتصيرون أذلة أمام الناس، ونهبة للأعداء.
أقول قول وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ)
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وليكن معلوما أن الدِّين الذي يَرفعُ الله تعالى به الذَّل عن المسلمين هو الأمر الأول الذي كان عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه. فعن أبي واقد الليثي – رضي الله عنه – قال: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: -ونحن جلوس على بساط-: «إنّها ستكونُ فتنةٌ». قالوا: وكيف نفعل يا رسول الله؟ فرد يده إلى البساط فأمسك به، فقال: «تفعلون هكذا»، وذكر لهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوماً: «أنها ستكونُ فتنةٌ» فلم يسمعه كثيرٌ من الناس، فقال معاذ بن جبل: ألا تسمعون ما يقول رسول الله؟ فقالوا: ما قال قال: «إنها ستكون فتنة» فقالوا: فكيف لنا يا رسول الله؟ وكيف نصنع؟، قال: «ترجعون إلى أمركم الأول». [خرجه الطبراني «في الكبير” و«الأوسط”، ولذلك فلا بد من تصفية الدِّين مما ليس منه: عقيدةً، ومنهجاً وسلوكاً، وتربية، ودعوةً، ودعاةً.
أيها المسلمون
فالرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يضع لنا الخطة لمعالجة هذا الأمر النازل بنا ،فهو يقول لنا (لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد ضرب في الطرف الأول من الحديث مثلا لبعض الأنواع من المعاملات، كان كل منهما سببا في أن يُذَلّ المسلمون ،وما ذكر في الحديث ليس على سبيل التحديد والحصر ،وإنما على سبيل التمثيل فقط ،فالحديث يدل على الزجر الشديد والنهي الأكيد عن فعل هذه المذكورات في الحديث ،لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ذلك بمنزلة الردة، والخروج عن الإسلام ،فقال : (حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) ،وفي الحديث : الحث الأكيد على الجهاد في سبيل الله ، وأن تركه من أسباب ذل هذه الأمة أمام غيرها من الأمم ،وفيه: بيانٌ لأسبابِ مرَضِ الأمَّةِ، وبيانُ العِلاجِ.
الدعاء