خطبة عن بشرى المؤمنين ، وقوله تعالى ( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ )
سبتمبر 18, 2021خطبة عن (السجود لله تعالى) 3
سبتمبر 18, 2021الخطبة الأولى (السجود لله تعالى) مختصرة 2
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى:(كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) (19) العلق ،
إخوة الإسلام
السجود لله تعالى عبادة من أجل العبادات ، ففي السجود لله خضوع للجبار، وتذلل للقهار، وتمريغ للأنف، وتعفير للوجه في التراب، وفي السجود لله تجرد الانسان من أوسمة العظمة، وتخلّ عن رُتَب الفخامة ، وألقاب الزعامة. وقد تناولت معكم في لقاء سابق بعض فوائد السجود لله تعالى وثماره ،واليوم إن شاء الله نستكمل الموضوع ،فمن فوائد السجود لله تعالى وثماره: أن النار لا تآكل آثار السجود: فقد حرّم الله تعالى على النار أن تأكل آثار السجود؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه في حديث طويل وفيه قوله صلى الله عليه وسلم :« حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ يَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ ،تَأْكُلُ النَّارُ مِنِ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ أَثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ »، ومن فوائد السجود لله تعالى وثماره: أن في السجود لله تعالى مراغمة للشيطان: فالسجود يفرق ما بين الإنسان والشيطان، إذ هو في الحقيقة مراغمة لهذا الشيطان، ودحر له، لأن الشيطان أُمر بالسجود فأبى، وكان ذلك سبب لحلول لعنة الله عليه ،ثم يكون له العقاب في الآخرة،. ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ يَا وَيْلَهُ – وَفِى رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ يَا وَيْلِي – أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِىَ النَّارُ ». فالذي يسجد لله تعالى استجابة لأمره سبحانه وتعالى فإنه حينئذ يكون محققاً للعبودية ،ومعلناً مراغمته وعداوته وخصومته للشيطان، ولما كان عقاب إبليس عند امتناعه من السجود طرده وإبعاده من رحمة الله، فعندما تسجد لله يكون العكس ، تكون قد عرُّضت نفسك لرحمة الله والاقتراب منه. ومن فوائد السجود لله تعالى وثماره: أن السجود موضع الدعاء الأقرب: فالسجود هو موضع الدعاء الأكبر والأعظم في الصلاة لأنه هو مقام القرب، فإذا كنت قريباً كنت مؤهلاً أن تقدم دعاءً ذليلاً، وأنت ملتصقاً في الأرض، ذاكراً لفضل الله عليك بالابتداء، ومتذكراً للفناء والانتهاء، كل هذه المعاني تجعلك في مقام وهيئة يحبها الله ويرضاها؛ إذ هو جل وعلا يحب من عباده المبالغة في العبودية والذلة والتضرع والسؤال له سبحانه وتعالى ، فإذا سجدت فأخبره بأسرارك ولا تُسمع من بجوارك، وأروع ما في السجود أنك تهمس في أُذن الأرض فيسمعك من في السماء. وفي صحيح مسلم 🙁أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ»، ومن فوائد السجود لله تعالى وثماره: أن من سجد لله في الدنيا سجد لله سبحانه يوم القيامة ، ومن لم يسجد لله في الدنيا لم يستطع السجود له يوم القيامة ،قال الله تعالى :﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ [القلم:42]، وفي صحيح البخاري : (أن النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ «يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِئَاءً وَسُمْعَةً ، فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا »، فإذا تذكر العبد المؤمن هذا المقام أيضاً فإنه يرى أن مسابقته للسجود نجاة وخلاص من هذا المقام العصيب وذلك الموقف الرهيب وتقرب لله العظيم لينجيه من العذاب الأليم.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (السجود لله تعالى) 2
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وحينما يتأمل الإنسان في هذا السجود فإنه يجد أن الكون كله ساجدا لله ،بمعنى ذلته وخضوعه لله سبحانه وتعالى وانقياده وصيرورته وفق حكم الله، ثم هو ساجد بالمعنى الحقيقي لأنه سبحانه وتعالى قال: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾ [الحج:18] ،فيتأمل العبد أنه حينما يسجد لله عز وجل يكون عبارة عن جزء من هذا الكون المسبح بحمد الله الساجد لله سبحانه وتعالى، ومن فوائد السجود لله تعالى وثماره: أن السجدة الواحدة أحب إلى العبد من الدنيا وما فيها، ففي المعجم الاوسط للطبراني 🙁عن أبي هريرة : أن رسول الله مر بقبر فقال من صاحب هذا القبر فقالوا فلان فقال ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم) ، وفي الصحيحين :(أن أَبَا هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ،لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلاً ،فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ،وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ ،وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ،حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ،فالصلاة حينئذ تكون أفضل من الصدقة لكثرة المال في هذا الزمان حتى لا يقبله أحد؛ فيكون السجود لله سبحانه وتعالى هو العبادة العظيمة التي لا تزاحمها أي عبادة أخرى . ولكن بماذا كان يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم في سجوده لله ، ذلك ما سوف نتعرف عليه إن شاء الله ،
الدعاء