خطبة عن (الدروس المستفادة من قصة نبي الله شعيب)
أبريل 16, 2016خطبة عن (قوم شعيب يتوعدونه (لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا)
أبريل 16, 2016الخطبة الأولى ( نهاية الكافرين من قوم نبي الله شعيب)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى: (وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ) ( 94) :(95) (هود)
إخوة الإسلام
قال تعالى : (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ) الاعراف 88، وهكذا انتقل الصراع إلى تحد من لون جديد. راحوا يطالبونه بأن يسقط عليهم كسفا من السماء إن كان من الصادقين.. راحوا يسألونه عن عذاب الله.. أين هو..؟ وكيف هو..؟ ولماذا تأخر..؟ سخروا منه.. وانتظر شعيب أمر الله.، قال تعالى (وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (187) الشعراء ، فأوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية.. وخرج شعيب.. وجاء أمره تعالى: (وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ) (95) (هود) ،نعم هي صيحة واحدة.. صوت جاءهم من غمامة أظلتهم.. ولعلهم فرحوا بما تصوروا أنها تحمله من المطر.. ثم فوجئوا أنهم أمام عذاب عظيم ليوم عظيم.. قال تعالى (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ) (93) الاعراف }، أي رجفت بهم أرضهم وزلزلت زلزالا شديدا أزهقت أرواحهم من أجسادهم وصيرت حيوان أرضهم كجمادها وأصبحت جثثهم جاثية لا أرواح فيها ولا حركات بها ولا حواس ،وقد جمع الله عليهم أنواعا من العقوبات ، وصنوفا من المثلات وأشكالا من البليات ، وذلك لما اتصفوا به من قبح الصفات ، سلط الله عليهم رجفة شديدة أسكتت الحركات ، صيحة عظيمة أخمدت الأصوات وظلة أرسل عليهم منها شرر النار من سائر أرجائهم والجهات، انتهى الأمر. أدركتهم صيحة جبارة جعلت كل واحد فيهم يجثم على وجهه في مكانه الذي كان فيه في داره.. صعقت الصيحة كل مخلوق حي.. لم يستطع أن يتحرك أو يجري أو يختبئ أو ينقذ نفسه.. جثم في مكانه مصروعا بصيحة. ، قال تعالى (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (191)) الشعراء، ثم ذكر تعالى عن نبيهم : أنه نعاهم إلى أنفسهم موبخا ومؤنبا ومقرعا فقال تعالى : { فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ) (93) الاعراف } أي أعرض عنهم موليا عن محلتهم بعد هلكتهم قائلا : { يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ } أي قد أديت ما كان واجبا على من البلاغ التام والنصح الكامل وحرصت على هدايتكم بكل ما أقدر عليه وأتوصل إليه فلم ينفعكم ذلك لأن الله لا يهدى من يضل وما لهم من ناصرين فلست أتأسف بعد هذا عليكم لأنكم لم تكونوا تقبلون النصيحة ولا تخافون يوم الفضيحة ، ولهذا قال : { فَكَيْفَ آسَى } أي أحزن { عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ } أي لا يقبلون الحق ولا يرجعون إليه ولا يلتفتون إليه فحل بهم من بأس الله الذي لا يرد ما لا يدفع ولا يمانع ولا محيد لأحد أريد به عنه ولا مناص عنه
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( نهاية الكافرين من قوم نبي الله شعيب)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) يوسف 111، هيا بنا إخوة الإسلام نستلهم الدروس ونستخلص العبر من قصة نبي الله شعيب عليه السلام مع قومه ، ومنها : (1) أن الكفار كما يعاقبون ويخاطبون بأصل الإسلام ، فكذلك بشرائعه وفروضه ، لأن شعيباً دعا قومه إلى التوحيد ، وإلى إيفاء المكيال والميزان ، وجعل الوعيد مرتباً على مجموع ذلك ، (2) أن نقص المكاييل والموازين من كبائر الذنوب ، وتُخشى العقوبة العاجلة على من تعاطى ذلك ، وأن ذلك من سرقة أموال الناس ، وإذا كانت سرقتهم في المكاييل والموازين ، موجبة للوعيد ، فسرقتهم ـ على وجه القهر والغلبة ـ من باب أولى وأحرى ، (3) أن الجزاء من جنس العمل ، فمن بخس أموال الناس ، يريد زيادة ماله ، عُوقِبَ بنقيض ذلك ، وكان سبباً لزوال الخير الذي عنده من الرزق لقوله (( إني أراكم بخير )) أي : فلا تتسببوا إلى زواله بفعلكم ،(4) على العبدِ أن يقنع بما آتاه الله ويقنع بالحلال عن الحرام ، وبالمكاسب المباحة عن المكاسب المحرمة ، وأن ذلك خير له لقوله (( بقية الله خير لكم )) ففي ذلك من البركة وزيادة الرزق ، ما ليس في التكالب على الأسباب المحرمة من المحق وضد البركة ،(5) أن الصلاة لم تزل مشروعة للأنبياء المتقدمين ، وأنها من أفضل الأعمال ، حتى إنه متقرر عند الكفار فضلها ، وتقديمها على سائر الأعمال ، وأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وهي ميزان للإيمان وشرائعه ، فبإقامتها على وجهها تكمل أحوال العبد ، وبعدم إقامتها ، تختل أحواله الدينية 0وهذا مأخوذ من قول الله على لسانهم (( قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك .. )) ،(6) أن المال الذي يرزقه الله الإنسان ـ وإن كان الله قد خوله إياه ـ فليس له أن يصنع فيه ما يشاء ، فإنه أمانة عنده ، عليه أن يقيم حق الله فيه ، بأداء ما فيه من الحقوق ، والامتناع عن المكاسب التي حرمها الله ورسوله ، لا كما يزعمه الكفار ومن أشبههم ، أن أموالهم لهم أن يصنعوا فيها ما يشاؤون ويختارون ، سواء وافق حكم الله أو خالفه ، (7) أن من تكملة دعوة الداعي وتمامها أن يكون أول مبادر لما يأمر غيره به ، وأول مُنْتَهٍ عما ينهى غيره عنه ، كما قال شعيب عليه السلام : (( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه )) ونستكمل الحديث عن الدروس المستفادة إن شاء الله
الدعاء