خطبة عن (كيف يُختبر اليقين؟)
أبريل 20, 2016خطبة عن (درجات اليقين بالله وعلاماته)
أبريل 20, 2016الخطبة الأولى ( دلائل اليقين وعلاماته )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ) (5): (7) التكاثر
إخوة الإسلام
لليقين بالله تعالى علامات ودلائل ، يستشعرها المؤمن في قلبه ، وفي نفسه وسلوكه وحياته : فمن علامات اليقين أنك لا تمسي ولا وتصبح وفي قلبك أحد أحب إليك من الله، فإذا أمسيت وأصبحت وأخوف ما يكون في قلبك هو الله، وأحب ما يكون في قلبك هو الله ، فاعلم أن الله قد أعطاك اليقين، لذلك ما انصرفت شعبة من شعب المحبة والخوف إلى أحد غير الله ، إلا نقص يقين الإنسان، ولذلك قد يصيبك الله عز وجل ببلية لا قدَّر الله، فتصاب في نفسك، فتضيق عليك الأرض بما رحبت، حتى إذا بلغ بك الأمر غايته ، فاعلم أن اليقين عند الضيق، ولذلك كان يقول بعض العلماء: (كلما اشتد البلاء ،كان اليقين أكمل في الإنسان، وكان الفرج قريباً). وقد ذكر الله في ذلك قصتين، القصة الأولى: قصة الثلاثة الذين خلفوا، فقال سبحانه وتعالى: ( وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ) [التوبة:118] ، فالله سبحانه وتعالى أشار إلى أن هؤلاء الثلاثة جاءهم الضيق من الناحيتين: ( وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) [التوبة:118]، أي أيقنوا أن لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه، فجاءهم الفرج. فكلما اشتدت عليك المصائب وأحاطت بك الديون والغموم والهموم فاعلم يقينا أن الله قريب منك، فكلما قوي يقين الإنسان واشتدت عليه المصائب والمصاعب والمتاعب فليعلم أن الفرج قريب ، الدليل الثاني على دلائل اليقين: فهو أن يجعل الإنسان الآخرة نصب عينيه ، وأنه إلى الله صائر، وأنه إليه منقلب ، ولذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم يحركون القلوب باليقين بالآخرة، ولقد ذكر الله عز وجل في كتابه أن من أيقن بالآخرة ، صحت عبادته وكملت زهادته، فقال جل ذكره :( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) [البقرة:45-46]. ومن علامات اليقين – ترك مدح الناس وخاصة عند العطايا والهبات. – التنزه عن ذم الناس عند حصول المنع منهم. – ومن علاماته أيضا النظر إلى الله في كل شيء، والرجوع إليه في كل أمر، والاستعانة به في كل حال .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( كيف يُختبر اليقين؟ )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولكن، كيف يُختبر اليقين؟ ، أو ما هو المحك الذي يتبين به رسوخ الإيمان واليقين ، وثباته في قلب الإنسان؟ ، فهناك مواقف يتبين للعبد فيها حاله ومرتبته في اليقين ، ومن هذه المواقف والمواطن: موقف التوبة: فالعبد الذي قد كمل اليقين في قلبه؛ لا يتردد إذا وقع منه تقصير، أو ذنب، أو زلة- وكل إنسان مُعرَّض لذلك- فإنه يبادر إلى التوبة من غير تردد، ويرجع إلى الله عز وجل، وينيب إليه؛ لأنه يعلم أن ثمة يوماً سيحاسب فيه على القليل والكثير، والدقيق والجليل، وسيؤاخذ بجرمه، فلا تردد عنده في التوبة. وأما من ضعف يقينه، فيحتاج إلى تحريك القلب بعرض ألوان من المواعظ والعبر، والأمور المُرقِّقة لقسوة قلبه، والأمور التي تزيل عن هذا القلب الغشاوة والغفلة، فيتحرك قلبه ويلين ويرق للتوبة، فيكون ذلك مُوَطِّئَا لها، ولربما احتاج إلى إقناع، ولربما احتاج إلى مُسَايَسَة ومُداراة وطول صحبة؛ من أجل أن تصلح حاله، ويتوب، وما ذلك إلا لضعف يقينه. فلربما جئت بصاحب باطل ممن له في باطلة رزق ومعيشة، وكسب وشهرة، وما إلى ذلك، فحدثته وبينت له الأدلة على حرمة هذا الفعل، ولربما أقر لك بذلك وقال: أنا أُقر بهذا، لكن: من أين لي أن آكل؟ من أين لي أن أستقطب الأضواء؟ من أين لي بالجماهير التي تصفق لي حينما أظهر على خشبة المسرح؟ ، إنما ذلك لقلة يقينه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطى أقواماً ويترك آخرين، وحينما يُكلَّم في ذلك ويُذَكَّر بهؤلاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يجيب عن هذا بأنه يَكِلُ أقواماً إلى إيمانهم، وأنه لربما أعطى الرجل مع أن غيره أحب إليه منه، ففي صحيح البخاري (عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – مَالٌ فَأَعْطَى قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَتَبُوا فَقَالَ « إِنِّي أُعْطِى الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ ، وَالَّذِى أَدَعُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الَّذِى أُعْطِى ، أُعْطِى أَقْوَامًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ » . فَقَالَ عَمْرٌو مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – حُمْرَ النَّعَمِ ) ، فمثل هؤلاء لماذا أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم؟ لأن يقينهم مزعزع؛ لأنه ضعيف؛ لأن إيمانهم لم يصل إلى مرتبة اليقين الثابت، أما أولئك يُتركون ليقينهم، ولإيمانهم الراسخ، فلا خوف عليهم؛ ونواصل الحديث عن اليقين إن شاء الله
الدعاء