خطبة عن ( نبي الله زكريا عليه السلام )
مايو 1, 2016خطبة عن (العمل واجب على الفرد ،وتنهض به المجتمعات)
مايو 1, 2016الخطبة الأولى ( من عوامل نهضة المجتمعات والافراد : العمل)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (105) التوبة
إخوة الإسلام
إن المجتمعات تقاس جديتها وتقدمها باهتمامها بالعمل، والدول المتقدمة في العصر الحاضر لم تصل إلى هذا المستوى من التقدم في العلوم والفضاء والتقنية إلا بجدية أبنائها في العمل، ومن أهمية العمل للمجتمع : أولا : أن العمل يقلل نسبة البطالة بين أفراد المجتمع؛ وبالتالي تقليل الديون والالتزامات على الدولة ، ثانيا : أن العمل يقلل نسبة الجريمة والمشاكل بسبب بطالة الشباب. ثالثا : أن العمل يؤدي إلى الاكتفاء الذاتي في كافة المناحي: ( الاقتصادية والزراعية والمهنية ) ويؤدّي إلى حالةٍ من الاكتفاء الذاتي من المنتوجات المحلية وتصدير الفائض إلى الخارج بدلاً من استيراده. رابعا : أن العمل يزيد من رقي المجتمع وتحضره ويرفع نسبة الوعي والأمان الاجتماعي والسؤال : كيف يكون العمل سببا في رقي ونهضة المجتمع ؟ ،والجواب : يكون ذلك بالوسائل التالية أولاً: التسلح بالعلم النافع والتقني والتكنولوجي في مجالات الزراعة والهندسة والطب والأبحاث العلمية: والنهضة العلمية هي صمام الأمان لكل تقدم، والعلماء هم أكثر الناس خشيةً قال تعالى: ﴿إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ ( فاطر الآية 28). ورحم الله القائل:
فتعلموا فالعلم مفتاح العلا لم يبــق شيئًا للسعادة مغلقا
ثم استمدوا منه كل قواكم إن القوي بكل أرض يُتَّقَىٰ
وطالب العلم يجب أن يتحلى بالصبر والذكاء، والاجتهاد ومصاحبة العلماء والأساتذة وطاعتهم، وأن يعطي وقتاً كافيًا لدراسة العلم، ولنا درس كبير في قصة سيدنا موسىٰ والخضر عليهما السلام والتي وردت في سورة الكهف حيث قال نبي الله موسى لمعلمه الخضر وهو ولي من أولياء الله: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصي لَكَ أَمْرًا﴾ (سورة الكهف الآية 69). ثانياً: وينهض المجتمع بالعمل المتقن سواء كان عملاً يدويًا أو ذهنيًا ،لقوله تعالى: ﴿لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ﴾ يس 35). وإتقان العمل يسبب محبة الله تعالى لتلك الأيادي، ومنها يد الفلاح في حقله، والعامل في مصنعه، والعالم في محرابه، والمعلم في معهده، والطبيب في عيادته، وغيرهم من رجال يسهرون على راحتنا، وهؤلاء لهم ثواب عظيم؛ لأن «من بات كالّاً من عمل يده بات مغفورًا له». وفي المعجم (إن الله عز و جل يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، وعدم إتقان العمل يترتب عليه حرمة المال المكتسب أو جزء منه ،وحرمة المال يترتب عليه عدم قبول الطاعة كما في صحيح مسلم :(ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَارَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ». فإن إيقاف عجلة العمل والإنتاج في المصانع ومواقع الإنتاج ودور العلم، وتعطيل وسائل النقل والمواصلات ، كل هذا يدخل في الفساد في الأرض، وهو من أكبر الكبائر؛ ذلك لأنه يؤثر على حياة الناس تأثيرًا سيئًا ويؤدي إلى ضعف الاقتصاد القومي وارتفاع الأسعار وعجز الموازنة، وهو يغضب الله تعالى الذي حملنا أمانة إعمار الأرض، قال تعالى: ﴿اِنَّا عَرَضْنَا الْاَمَانَةَ عَلَی السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ وَ الْجِبَالِ فَاَبَیْنَ اَنْ یَّحْمِلْنَهَا وَ اَشْفَقْنَ مِنْهَا وَ حَمَلَهَا الْاِنْسَانُ اِنَّه كَانَ ظَلُوْمًا جَهُوْلًا﴾ (سورة الأحزاب، الآية72). ثالثاً: وللنهوض بالمجتمع لابد من التسلح بسلاح التقوى: قال تعالى: ﴿اِنَّ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ اِنَّا لَا نُضِیْعُ اَجْرَ مَنْ اَحْسَنَ عَمَلًا﴾ ( الكهف :30)، وأوضح القرآن الكريم الفرق بين من يحسن ويتقي ويصلح وبين من أساء إلى دينه و وطنه وأهله قال تعالى: ﴿اَمْ نَجْعَلُ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ كَالْمُفْسِدِیْنَ فِی الْاَرْضِ اَمْ نَجْعَلُ الْـمُتَّقِیْنَ كَالْفُجَّارِ﴾ ( ص، 28) وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ یَرْجُوْا لِقَآءَ رَبِّه فَلْیَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَّ لَا یُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهٓ اَحَدًا﴾ (الكهف، 110).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من عوامل نهضة المجتمعات والافراد : العمل)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وللنهوض بالمجتمع لابد من المشاركة في أعمال الخير: مثل محو الأمية والقضاء على الجهل، والمشاركة في الأعمال التطوعية ومساعدة المحتاجين والضعفاء، وتبصير الناس بواجباتهم تجاه الوطن من الحُب ونبذ العُنف وعدم الاستماع إلى الشائعات أو ترديدها، والمشاركة في نظافة البيئة والتوعية الصحية والقضاء على الحشرات الضارة، وحفظ البيئة من التلوث والقضاء على الذُباب والحشرات التي تنقل العدوى وتورث المرض القاتل مثل الفيروسات الكبدية والإيدز والبلهارسيا وغيرها، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوْا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوٰی وَ لَا تَعَاوَنُوْا عَلَی الْاِثْمِ وَ الْعُدْوَانِ وَ اتَّقُوا اللهَ اِنَّ اللهَ شَدِیْدُ الْعِقَابِ﴾ ( المائدة، الآية 2) ،ومما يجب فعله أن يحب المرء أخاه ويقدم له كل ما يستطيع من الخير، والإيثار والتعاون، لقوله تعالى: ﴿ وَ یُؤْثِرُوْنَ عَلٰی اَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَنْ یُّوْقَ شُحَّ نَفْسِه فَاُولٰـٓئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ﴾ ( الحشر 9). وعلى أفراد المجتمع أن يتسلحوا بالتقوى في كل أعمالهم وأن الله يرانا ويقدر أعمالنا إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر، وعلى المؤمن أن يشارك في أعمال الخير وإحقاق الحق ونصرة المظلوم قال تعالى:﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلٰئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (سورة غافر، الآية 40).
أيها المسلمون
وأنصحكم جميعا بتجديد النية عند العمل وأن تكون نيتك من العمل طاعة الله فيما أمر … وتكون نيتك الكسب الحلال لقضاء دين أو للإنفاق على العائلة فإنه يعتبر واجباً لأن أداء حقوق الإنسان والإنفاق على الزوجة والأولاد والوالدين ونحوهم ممن هم تحت إعالته أمر واجب ،قال تعالى :{لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} الطلاق 7 .. أما إذا كان الهدف من العمل هو الزيادة من الكسب الحلال أو التعفف عن سؤال الناس فهو أمر مستحسن، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما في مسند أحمد قَالَ « يَا عَمْرُو نَعِمَّا بِالْمَالِ الصَّالِحِ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ ». ومن ناحية أخرى يعتبر عمل الفرد في نظر الإسلام فرض كفاية بالنسبة للمجتمع فالعمل في مجالات النفع العام كالصناعة والزراعة والتجارة والحدادة والكهرباء ونحو ذلك يعتبر خدمة للمجتمع بأكمله ،يأثم الجميع إذا ترك العمل في هذه المجالات ونحوها. وكما أن الإسلام قد أكد على أهمية العمل وضرورته للفرد والمجتمع فقد اهتم بحقوق العاملين وواجباتهم، فمن ناحية الحقوق كان هناك حرص على أن يعطي العامل أجراً مناسباً ومجزياً وأن يصرف هذا الأجر فور استحقاقه، ففي سنن ابن ماجة (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ ». كما تم وضع الأسس اللازمة التي من شأنها المحافظة على صحة العامل ومنحه الرعاية الصحية بما في ذلك حفظ النفس والعقل، وكذلك إتاحة الفرصة له للراحة لأن لكل إنسان طاقة محددة ينبغي عدم تجاوزها، {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} البقرة ، وفي صحيح البخاري (وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ »
الدعاء