خطبة عن (التهيئة لمعجزة الإسراء والمعراج)
مايو 3, 2016خطبة عن ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ )
مايو 8, 2016الخطبة الأولى (واجب الإنسان المكرم نحو ربه)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) (70) الاسراء، وقال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) ( 6):(8) الانفطار
إخوة الإسلام
السؤال الذي يطرح نفسه : ما هو الواجب على هذا المخلوق المكرم تجاه من وهبه هذا التكريم وخصه بالتفضيل ، وأغدق عليه بهذه النعم ؟ ،قال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) الذاريات ،وفي صحيح البخاري ومسلم واللفظ لمسلم (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ. كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلاَّ مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ « يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ « يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ سَارَ سَاعَةَ ثُمَّ قَالَ « يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ « هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ ». قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ». ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ « يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ». قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ « هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ». قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ ».
عباد الله
إنَّ الله – عز وجل – خلق الخلق ليعبدوه، وأوجدهم ليفردوه – تبارك وتعالى – بالعبادة والطاعة والذل والخشوع، خلق الخلق ليأمرهم وينهاهم، ليأمرهم بطاعته وعبادته، وينهاهم عن المعاصي والآثام.وقد ذكر أهل العلم – رحمهم الله – أنَّ الواجب على كلِّ مسلم نحو ما أمره الله به أمور سبعة عظيمة فاعقلوها وعوها ، أمور سبعة تجب علينا نحو كل ما أمرنا الله به؛ من توحيد وصلاة، وصيام وحج، وصدقة وبر، وغير ذلك من الطاعات والأوامر والنواهي الواردة في كتاب الله وسنَّة نبيِّه – صلى الله عليه وسلم. أمَّا الواجب الأول – عباد الله – فهو تعلم المأمور، والعلم به ومعرفته، ولهذا جاءت الدلائل الكثيرة في الكتاب والسنة حثًّا على التعلُّم وترغيبًا فيه، وبيانًا لفضله وعظيم عوائده وآثاره، وفي الحديث الصحيح يقول – عليه الصلاة والسلام -: ((وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)) رواه مسلم .الواجب الثاني – عباد الله – أن نحب ما أمرنا الله به، أن نعمر قلوبنا بمحبة ما أمرنا الله – جل وعلا – به؛ لأنه – عز وجل – لا يأمرنا إلا بما فيه الخير والفلاح، ولا ينهانا إلا عما فيه الشر والبلاء، فنحب المأمور، ونعمر قلوبنا بمحبته، وفي الدعاء المأثور عن نبيِّنا – عليه الصلاة والسلام -: (أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ ». رواه الترمذي. وليحذر المؤمن أن يكون في قلبه شيء من الكراهية والبغض لأوامر الله أو أوامر رسوله – عليه الصلاة والسلام – قال الله – تعالى -: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد : 9]. الأمر الثالث: أن نعزم عزمًا أكيدًا على فعل ما أمرنا الله – تبارك وتعالى – به، والعزيمة – عباد الله – حركة في القلب وتوجُّهٌ إلى الخير، ورغبة وحرص على فعله، وفي دعائه صلى الله عليه وسلم كما في صحيح ابن حبان: ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك)). فإذا علمت أمرًا رشدًا، أمرًا خيرًا، أمرًا فيه صلاحُك في دينك ودنياك، فاعزم على فعله، وحرك قلبك للقيام به، الأمر الرابع: أنَّ نفعل ما أمرنا الله به، وأن نقوم به راغبين طائعين ممتثلين لله – جل وعلا – منقادين لأمره، فنحن عبيده، وواجب العبد الطاعة لسيده ومولاه، وفي الدعاء المأثور عن نبيِّنا – عليه الصلاة والسلام – بل كان يدعو به كل يوم بعد صلاة الصبح كما في مسند أحمد وغيره : (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً ». الأمر الخامس – عباد الله – أن يقع العمل على الإخلاص والصواب، أن يقع العمل خالصًا لله، صوابًا على السنة، سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فالله – جل وعلا – لا يقبل العمل إلا إذا كانت هذه صفته، قال الفضيل بن عياض – رحمه الله – في قوله – تعالى -: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود: 7]. قال: أخلصه وأصوبه، قيل: يا أبا علي: وما أخاصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبَل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يُقبَل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السُّنَّة.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( واجب العبد المكرم نحو ربه ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
الأمر السادس – أن نحذر من مبطلات الأعمال ومفسداتها ومحبطاتها، وهي كثيرة جاء بيانها في كتاب الله وسنة نبيِّه – صلى الله عليه وسلم – كالرياء والنفاق، وإرادة الدنيا بالعمل، والسمعة ونحو ذلك من مبطلات الأعمال ومحبطاتها. فهذا واجب على كل مسلم نحو كل ما أمره الله، إذا علمه وأحبَّه وعمل به، ووقع منه خالصًا صوابًا أن يحذر من كلِّ أمر يُحبطه ويُبطله. الأمر السابع — الثبات، الثبات، أن يحرص المؤمن على الثبات على الأمر، أن يثبت على ذلك ويجاهد نفسه على الثبات، ويسأل الله – جل وعلا – أن يثبته على دينه؛ قال تعالى : ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]. فهذه سبعة أمور عظيمة تجب علينا نحو كل ما أمرنا الله به، العلم به، ومحبته، والعزيمة على فعله والعمل به، وأن يكون العمل خالصًا صوابًا، والحذر من مبطلات الأعمال، والثبات عليه إلى الممات.
أيها المسلمون
فالواجب على الجميع أن يعبدوا الله وحده وأن ينقادوا لشرعه وأن يتبعوا ما جاء به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قولا وعملا وعقيدة . فهذا واجب الجميع نحو دينهم يجب عليهم أن يعبدوا الله ويطيعوا أوامره ويتركوا نواهيه فالعبادة هي : طاعة الأوامر إخلاصا لله ومحبة له وتعظيما له من صلاة وزكاة وحج وبر بالوالدين وصلة للرحم وجهاد في سبيل الله بالنفس والمال وصدق في الحديث وغير هذا ،مع ترك كل ما حرم الله من الشرك بالله وهو أعظم الذنوب ،فالشرك الذي هو : صرف العبادة أو بعضها لغير الله أعظم الذنوب، وهو الشرك الأكبر : كدعاء الملائكة أو الأنبياء أو الجن أو أصحاب القبور فيستغيث بهم أو ينذر لهم أو يذبح لهم ،وهذا ينافي قول لا إله إلا الله فإن قول لا إله إلا الله معناها لا معبود حق إلا الله وهي كلمة التوحيد وهي أصل الدين وأساس الملة
الدعاء