خطبة عن (التعاون على البر والتقوى) مختصرة
مايو 17, 2022خطبة عن (الْعَبْدَ التَّقِىَّ الْغَنِىَّ الْخَفِيَّ) مختصرة
مايو 17, 2022الخطبة الأولى ( الشعور بالملل والضيق) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام مسلم في صحيحه: أن (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ قُلُوبَ بَنِى آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ».
إخوة الإسلام
من الملاحظ والمشاهد في هذا الزمان، أن الكثير من الناس يشعر بالضيق والملل، بسبب وبغير سبب، فقد يكون الحزن وضيق الصدر ،بسبب الضغوط المادية والنفسية، وقد يكون بسبب انقطاع صلة الناس بربهم، وتماديهم في المعاصي والملذات والشهوات، وصار كل واحد يريد أن يهرب من حالة الملل والسآمة ، والشعور بالضيق والضجر بطريقته الخاصة، فمنهم من يلجأ إلى تعاطي المخدرات لينسى همومه، ويظن أنه سوف يجد في تعاطي المسكرات راحته وسعادته، ومنهم من يلجأ إلى سماع الاغاني والموسيقى والرقص، أو ممارسة التدخين، أو مشاهدة الأفلام والمسرحيات المضحكة ، أو الخلود إلى النوم المتواصل، أو الثرثرة بالهاتف، أو الأسفار والرحلات، ولكنه حينما ينتهي من ذلك كله ،يجد الهم والضيق والملل مازال يلازمه ،ولا ينفك عنه ،ولا يجد السعادة التي يطلبها ،لأن هذه الأشياء كلها (من المسكرات والمضحكات ) إنما تعطيك سعادة مزيفة، سعادة وراحة مؤقتة، فضيق الصدر أو السعادة هي من أحوال القلوب ،والقلوب بيد الله سبحانه وتعالى ،فلا يسعد القلوب أو يشقيها إلا الله، فالقابض الباسط هو الله، فقبض القلوب وبسطها بأمر الله، وفرحك وحزنك بيد الله، فإذا انقطعت صلتك بالله فلن تجد السعادة أبدا،ولن يفارقك الهم والضيق مهما ملكت من الدنيا وملذاتها ،ومهما حاولت الهروب إلى المخدرات، أو المضحكات والمسليات، فلن تجد السعادة ، ولن تزول عنك الهموم وضيق الصدر إلا بلجوئك إلى الله ،فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتأذى أحيانا من استهزاء المشركين به، وإعراضهم عن دعوة الحق، فواساه الله، واخبره عن العلاج من الضيق والهم والحزن، فقال الله تعالى :{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (97): (99) الحجر،
فالعلاج من رب العالمين يتلخص في ثلاثة أمور: الأول ” فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ” : فكأن تسبيح الله وتنزيهه سبحانه وتعالى فيه سلوة للمؤمن حين يضيق صدره ،ويصيبه الهم والحزن لأي سبب من الأسباب ،لأنه يأوي إلى ركن شديد، فعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى .وفي مسند أحمد : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَالَ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ». ثُمَّ يَدْعُو ، فبتسبيح الله العلي القدير وذكره تطمئن القلوب، وينشرح الصدر، وتتنزل السكينة. أما العلاج الثاني الذي ذكرته الآيات لضيق الصدر فهو: “وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ” : أي عليك بالصلاة والسجود لله تعالى ،فلحظات السجود بين يدي الله سبحانه وتعالى تذهب وتعالج ضيق الصدر، لأن العبد يكون فيها في مقام القرب من الله تعالى ، فيجد أثر ذلك في روحه وقلبه، ففي صحيح مسلم 🙁عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الشعور بالملل والضيق)
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما العلاج الثالث الذي ذكرته الآيات فهو: “وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ” : فالعبادة هي طاعة الله فيما أمر ،واجتناب ما نهى عنه وزجر، ومن العبادة: الدعاء، فكثرة الدعاء تشرح الصدر ،وتذهب الضيق والسآمة والملل ،ففي صحيح البخاري 🙁كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ،وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ،وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ،وَضَلَعِ الدَّيْنِ ،وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ » ،وفي سنن أبي داود 🙁 دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ « يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ ». قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلاَمًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ». قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ ». قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّى وَقَضَى عَنِّى دَيْنِي) . ومما يعين على علاج الملل والسآمة ، والشعور بالضيق : قراءة القرآن وسماعه بتدبر، فالقرآن يهدي للتي هي أقوم، ويزكي النفوس ،ويطهر القلوب، وفيه ذكر الله وبذكر الله تطمئن القلوب ،ومن الأمور التي تعين على علاج الملل والسآمة ،والشعور بالضيق: مصاحبة الصالحين والأخيار، وأهل الهمم العالية، فهذا من أعظم ما يبعث الهمة، ويربي الأخلاق الرفيعة ،ويزكي النفوس؛ ومما يعين على دفع الضيق والهم : ترك المعاصي ولزوم الطاعات، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (إن للحسنة ضياء في الوجه ونوراً في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الناس. وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القلب ووهناً في البدن ونقصاً في الرزق وبغضاً في قلوب الناس).
الدعاء