خطبة عن (محبوبات الرحمن)1مختصرة
مايو 17, 2022خطبة عن (نعلم كثيرا، ونعمل قليلا) مختصرة
مايو 17, 2022الخطبة الأولى (مفهوم النعمة والنقمة) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) (15) :(17) الفجر
إخوة الإسلام
يخطئ الكثير من الناس اليوم في مفهوم النعمة والنقمة، والاكرام والإهانة، والسراء والضراء ،والمنع العطاء، فمفهوم النعمة عند البعض: أن يكون صاحب ثروة ومال، ومنصب وجاه ، وصحة وجمال، وما لذ وما طاب من الطعام والشراب واللباس والمتاع والمساكن والأثاث والمراكب وغيرها ومفهوم النقمة عندهم :أن يصاب بالمرض في جسده ، أو يقل ماله ويخسر عقاره، أو يفقد كرسيه ومنصبه وجاهه، أو يموت أحبابه ،فجاء القرآن الكريم ليصحح لنا هذا المعنى الخاطئ، ويصوب للناس مفهوم النعمة والنقمة، فما تظنه نعمة، قد يكون بالنسبة لك نقمة، وما تحسبه نقمة، قد يكون بالنسبة لك نعمة، وهذا هو معنى قوله تعالى :(فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا ) (15) :(17) الفجر، وقوله تعالى : (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا) (11) الاسراء ،فالمعنى الصحيح للنعمة أنها : كل ما يقربك من الله عز وجل، وإن كان هذا الأمر تكرهه نفسك، أو يخالف هواك ،فقد يكون الفقر لك نعمة، فمن الناس من إذا أغناه الله كفر، وإذا بسط الله له في الرزق طغى وتجبر، فإذا أراد الله به الخير ضيق عليه رزقه، وقلل له ماله، حتى ينجو من العذاب، ويكون من أهل الجنان في الدار الآخرة، وقد يكون المرض لك نعمة وأنت لا تدري، فذنوبك ومعاصيك كثيرة، وطاعاتك قليلة، والله تعالى يريد أن يكفر عنك سيئاتك ،ويرفع لك درجاتك ، فيصيبك بالمرض لأنه يحبك، ففي الصحيحين :(قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى. قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي. قَالَ « إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ. قَالَتْ أَصْبِرُ. قَالَتْ فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ. فَدَعَا لَهَا). وفي سنن الترمذي: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ». وفي صحيح مسلم : (عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ». وهذا نبي الله أيوب عليه السلام، يفقد ماله وجاهه وأولاده وأصدقاءه ،ويداهمه المرض والفقر ، واستمر على ذلك ثمان عشرة سنة، وقد ظن البعض أنه يُعاقب بالنقم، ولكنها كانت في حقيقتها نعمة في ثوب نقمة، قال الله تعالى :(إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) (44) ص، وقد يكون فقد الأحباب لك نعمة وأنت لا تدري، ولا تفهم ذلك إلا في الدار الآخرة، ففي سنن الترمذي: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلاَئِكَتِهِ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي .فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيَقُولُ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ. فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. فَيَقُولُ اللَّهُ ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ) ،وفي قصة موسى والخضر ،حينما قتل الخضر الغلام قال : (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) (80) ، (81) الكهف
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (مفهوم النعمة والنقمة)
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وأما عن مفهوم النقمة : فكل أمر يبعدك عن الله فهو نقمة، وإن كان في ثوب النعمة وكل أمر يدخلك النار فهو نقمة ،وإن كان في ظاهره نعمة، وكل أمر يغضب الله عليك فهو نقمة، وإن كنت تحسبه نعمة، وخير مثال لذلك ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز عن قصة قارون، فقد أُعطي قارون المنصب والمال والجاه والملك، وهي في ظاهرها نعم ،ولكن الناظر إلى نهايته يتبين له أنها كانت له نقما، قال الله تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) فماذا كانت النهاية (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ) القصص (81) ثم قال سبحانه: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (83) القصص، وقال الله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) (75) :(77) التوبة ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : “ما أبالي على أي حال أصبحت على ما أحب أو على ما أكره؛ لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره”. وهذا ابن عمر رضي الله عنه كان يقول: إن الرجل ليستخير الله فيختار له، فيتسخّط على ربه، ولا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خِير له”. فمن يدري: فلعل وراء المكروه خيرًا. ووراء المحبوب شرًا. وقد تكون الحسرة كامنة وراء المتعة! والمكروه مختبئًا خلف المحبوب، وقد يكون الهلاك متربِّصًا وراء المطامع البرَّاقة .فلماذا لا نثق في حكمة الله وتدبيره ولماذا لا نرضى باختياره وقدره وقضائه؟ قال الله تعالى: (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا) الاسراء (11)
الدعاء