خطبة عن (وصية إبراهيم لأمة محمد) مختصرة
مايو 17, 2022خطبة حول حديث (الْبَسُوا الْبَيَاضَ)
مايو 21, 2022الخطبة الأولى ( يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25)قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) (20) :(27) يس
إخوة الاسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع قصة آل ياسين أو قصة (حبيب النجار) كما جاء في بعض التفاسير، وقد جرت أحداث هذه القصة، في قرية من القرى القديمة ،التي كان أهلها كافرين وفاسدين، كانوا يعبدون الأصنام، فأرسل الله تعالى إليهم رسولا ومن بعده رسول ومن بعده رسول – ثلاثة رسل- فكذبوهم، واختاروا الكفر على الإيمان ،والضلال على الهدى، وكان من بين هؤلاء القوم رجل صالح هذا الرجل هو :(حبيب النجار)،آمن بالله، واتبع المرسلين ،ولم يتبع قومه الضالين، ولكنه لم يكتف بذلك، ولم يتوقف عند ايمانه واتباعه للرسل، بل واجه قومه الكفرة والفسدة، فدعاهم إلى الإيمان بالله رب العالمين ، واتباع المرسلين، فما كان من أهل القرية إلا أنهم عذبوه حتى قتلوه شر قتلة ،ففي سبيل دعوته إلى الله وإيمانه دفع هذا الرجل حياته، فكانت حياته ثمنًا لصدعه بالحقِّ، ومواجهته لقومه الكافرين، وبعد موته كافأه الله تعالى على هذه الشَّجاعة خير الجزاء، فأدخله الله الجنة، وأحياه حياة الشهداء، وجعله من المكرمين، ولكن العجيب أن هذا الرجل قال كلمة عجيبة لا بد أن نتوقف عندها: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)،فهذا الرجل المؤمن لم يشمت في قومه حين دخل الجنة، ولم ينس دعوته وهو مكرم في الجنة، بل إنه حزن على حال قومه، وتمنى لهم الهداية ، فلو عرفوا جزاء المؤمنين لاتبعوا المرسلين ،وآمنوا بالله رب العالمين، (يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) هذا الرجل لم يدع على قومه ، لم يدع الله أن ينتقم من قتلته، أو ينزل عليهم عذابه، بل دعا الله أن يهديهم ،وأن يبصرهم ،فنفسه نفس طيبة، حتى أنها لم تحمل ضغينة على معذبيه وقتلته، بل على العكس كانت أمنيته أن يتبع قومه المرسلين، ويؤمنوا بالله رب العالمين:(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)ـ وصراحة أعجبني حرص هذا الرجل على الخير لقومه مع ما واجهه منهم، وأدهشني تمسكه بالرغبة في إصلاحهم مع ما تبين له من عنادهم, وهمته في دعوتهم للخير مع توقف عمله، فقد مات وأصبح من أهل الآخرة. أعجبني حبه للخير للآخرين، حتى من آذوه وقتلوه فتذكرت حينها ما جاء في سيرة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – على موقف مشابه له، وذلك عند رحلته صلى الله عليه وسلم للطائف، ففي الصحيحين: أَنَّ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – زَوْجَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ « لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ ،وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ ،إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ ،فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى ،فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي ،فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ ، فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَىَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ )
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) فالكبار وحدهم هم الذين يتحملون سفاهة الناس من أجل هدف أسمى: هو إصلاحهم، الكبار وحدهم هم الذين لا يعادون أحدًا انتقامًا لأشخاصهم، الكبار وحدهم هم الذين تكون أمنياتهم البناء لا الهدم والاصلاح لا الافساد والهداية لا الانتقام، الكبار وحدهم هم الذين يتقبلون دفع ضريبة إصلاح الناس، الكبار وحدهم هم الذين لا يعرف عامة المجتمع أقدارهم، فالسيرة الطيبة والدعوة الى الله هي أجمـل ما يتركه الإنسان في قلوب الآخرين.
أيها المسلمون
نتعلم من قصة هذا الرجل الصالح: سرعة الاستجابة للحق متى ما ظهرت علاماته، والدعوة إلى الله بالإسراع دون بطء أو تكاسل؛ فهذا المؤمن الشهيد حينما استشعر حقيقة الإيمان؛ سعى بالحق الذي استقر في ضميره، سعى به إلى قومه وهم يكذبون، فجاء من أقصى المدينة يسعى ليقوم بواجبه في دعوة قومه إلى الحق، ومن الدروس والعبر: الحث على استخدام أسلوب الإقناع في الجانب الدعوي: فقد قال لهم: {وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَذِي فَطَرَنِي} فنبههم على أن عبادة العبد لمن فطره وخلقه أمر واجب ، ألا فاعتبروا يا أولي الألباب واهتدوا بهدي السابقين، واعملوا عمل المصلحين ، تفوزوا بجنات النعيم (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ )
الدعاء