خطبة عن ( الخشوع في الصلاة )
مارس 10, 2017خطبة عن ( الاسلام وضع حلولا للمشكلات الزوجية)
مارس 10, 2017الخطبة الأولى ( درجات الخشوع في الصلاة وفضائله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) المؤمنون
إخوة الإسلام
ونواصل حديثنا عن الخشوع في الصلاة: فالخشوع في الصلاة على ثلاث درجات الدرجة الأولى: استحضار معاني ما يتلفظ به من قراءة وتسبيح، وهذه الدرجة هي أقل وأدنى ما يُجزِئ من الخشوع الكامل، ومن لم يعقل ما يقول، وسها بتفكيره ، فقد خرج من الخشوع إلى الغفلة، ومما يدلّ على ذلك ما جاء في البخاري (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ »، ويُؤكِّد هذا المعنى قول ابن عباس رَضْيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها ). وأما الدرجة الثانية: أن يقرأ ويسبح وهو يعقل ما يقول، ويتأثر بالمعاني حال القراءة والتسبيح، وهذه الدرجة تزيد عمّا قبلها بوجود التأثّر من تلك المعاني ، أما الدرجة الثالثة: أن يقرأ مُتأثِّراً غاية التأثر فتدمع العين ويخشع القلب وتضطرب الجوارح فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم بكى وهو يصلِّي صلاة الليل، ففي صحيح ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها وهي تصف حال رسول الله في قيامه قالت : (ثم قام يصلي قالت فلم يزل يبكي حتى بل حجره قالت ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته قالت ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض). ويشعر صاحب هذه الدرجة من الخشوع بتقصيره، وتفريطه ، فيسأل الله تعالى من فضله راغباً، ويستعيذ من عذابه راهباً، يدفعه إلى ذلك تأثّره؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل ،كما في صحيح مسلم : (يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ). وللخشوع في الصلاة فوائد وفضائل متعددة منها: أن من فرَّغ قلبه لله تعالى في صلاته انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه؛ كما في صحيح مسلم في حديث طويل يقول صلى الله عليه وسلم : (فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ .إِلاَّ انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ »، ومن فوائد وفضائل الخشوع في الصلاة الفوز والنجاح والسعادة في الدنيا والآخرة للخاشعين في صلاتهم، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ .الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} المؤمنون 1،2
أيها المسلمون
وإذا تأملنا حالنا وحال المصلين اليوم فقلما نجد خاشعا في صلاته. فقد سلب الخشوع من القلوب وتعلقت القلوب بالوساوس وهموم الدنيا فترى المصلي جسمه في واد وعقله وروحه في واد آخر ، لا يدري كم صلى ، ولا بماذا قرأ ولذا يخرج من صلاته ولم يكتب له منها إلا القليل ،فعن عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قال : (إِنْ شِئْتَ لأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ .الْخُشُوعُ. يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَلاَ تَرَى فِيهِ رَجُلاً خَاشِعًا). ورفع الخشوع من القلوب عقوبة من الله لذلك علينا بتجديد التوبة إلى الله والرجوع إليه فما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة .وعلينا أن نجاهد أنفسنا وندفع عنا تلك الوساوس التي تشغلنا عن الخشوع ونأخذ بالأسباب التي تساعدنا على الخشوع في الصلاة ، فما هي تلك الوسائل والاسباب؟ نتعرف عليها بعد قليل إن شاء الله
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( درجات الخشوع في الصلاة وفضائله)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونستكمل الحديث عن الخشوع في الصلاة : فمن الوسائل والأسباب المعينة على الخشوع في الصلاة : الاستعداد للصلاة والتهيؤ لها: ويحصل ذلك بأمور منها : الترديد مع المؤذن والإتيان بالدعاء المشروع بعده ، والدعاء بين الأذان والإقامة، وإحسان الوضوء والتسمية قبله والذكر والدعاء بعده. والاعتناء بالسواك وأخذ الزينة باللباس الحسن النظيف، والتبكير والمشي إلى المسجد بسكينة ووقار وانتظار الصلاة، واستحضار عظمة الله الذي تقف بين يديه؛ فهو سبحانه ملك الملوك وجبّار السماوات والأرض وتستحضر أنك واقف بين يديه سبحانه وتعالى تناجيه وتدعوه وتستحضر تقصيرك وتفريطك وضعفك وحاجتك إلى الله كما قال صلى الله عليه وسلم :« أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » رواه البخاري ، ومن الوسائل المعينة على الخشوع: تسوية الصفوف والتراص فيها والطمأنينة في الصلاة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ، ومن الوسائل المعينة على الخشوع : تذكر الموت في الصلاة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اذْكُر المَوْتَ في صَلاَتِكَ؛ فإِنَّ الرَّجُلَ إذا ذَكَرَ المَوْتَ في صَلاَتِهِ لَحَرِيٌّ أنْ يُحْسِنَ صلاتَهُ، وَصَلِّ صلاةَ رَجُلٍ لا يَظُنُّ أنَّهُ يُصَلِّي صلاةً غَيْرَها، وإِيَّاكَ وكُلَّ أمْرٍ يُعْتَذَر ُمِنْهُ) رواه الديلمي عن أنس ، وحسنه الحافظ ابن حجر في زهر الفردوس ، ومن الوسائل المعينة على الخشوع تدبر الآيات المقروءة وبقية أذكار الصلاة فينتج الدمع والتأثر قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَانا) الفرقان 73 ، ومن الوسائل المعينة على الخشوع : أن تؤدي صلاتك بأناة وتمهُّل وطمأنينة تامة، فغالباً ما تكون العجلة سبباً في ضياع معنى الخشوع؛ ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء