خطبة عن (بشر الناس أنه من قال لا إله إلا الله دخل الجنة )
ديسمبر 17, 2022خطبة عن ( إياك والعجز وتمني الأماني )
ديسمبر 19, 2022الخطبة الأولى ( احذر أن تكون ضعيفا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام مسلم في صحيحه: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ». ورُوي في الصحيحين: (أن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ – رضي الله عنه – يَقُولُ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ»،
إخوة الإسلام
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبُّ للمؤمن أن يكون ضعيفًا، بل يريده أن يكون قويا في إيمانه ، وقويا في بدنه ، وقويا في عطائه ، قويا في مواجهة المشكلات التي قد تعترض طريقه في حياته ،وكان صلى الله عليه وسلم يُكْثِر من الاستعاذة من صور الضعف بأنواعها المختلفة، وقد جمع بعضها في دعاء كان يُكْثِر من ترديده، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ). فعلى المرء أن يكون صامدا في وجه الحياة، فإنه سيعيشها على النحو الذي يناسبه، فالصمود يعني تحمل الألم رغم قساوته، وأن تتحمل رغم ما فيك من ضعف، فذلك يدل على أنك قوي ،فالصمود هو المفتاح أمام ما تختبرنا به الحياة من انتهاكات، والصمود هو الطريق الذي يقوي ذلك الجزء الضعيف منك، وهو الذي يهيّئك للقادم من الضربات، فلا تكن هشاً، أي ضربة تسقطك، وأي صدمة تضعفك، وأي فشل يعقدك، وأي خطأ يقتلك، كن قوياً، فلا مكان للضعفاء في هذا الوقت، فالإنسان إذا لَم يكن قادرًا، فلا يَجِب أن يكون عاجزًا؛ فإن لم تستَطِع قيام اللَّيل فركعَتين والوتر قبل أن تَنام. وإن لم تستطع قراءةَ جزءٍ في اليوم، فصفحة واحدة. وإن لم تستطع الإحاطةَ بالسُّنَن، فعليك بالظَّاهر منها. وإن لم تستطع حِفْظ القرآن والحديث، فعليك بما تيسر. وإن لم تستطع التصَدُّق بالمال الكثير فتصدَّقْ ولو بشِقِّ تَمْرة. وإن لم تستطع الدَّعوة إلى الله في كلِّ سبيل، فادعُ زوجَك وأبناءك. وإن لم تستطع الجهادَ، فعلَيْك بالدُّعاء للمجاهدين والمستضعَفين. فالنَّفْس التي تطمح للمَكارم لا ينبغي أن تكِلَّ في طلب ما تبتغي، ونفس المؤمن نفسٌ قوِيَّة لا يردُّها الفشَل، ولا ينالها التَّوهين، ولا يوغرها نجاحُ الآخَرين.
فنحن في هذا الزَّمان نحتاج إلى شَحْن عوامل النَّجاح جميعًا، نَحْتاج النُّفوس التي لا تيئس فتَيْبس. نحتاج النُّفوس التي لا يتحطَّم مَدُّها على صخور الأزمات. ونحتاج النُّفوس التي تنتَفِض من عثرتِها لحظةَ عثرتِها، وليست التي تَبْكي على كَبْوتِها وحَظِّها لياليَ وأيامًا. ونحتاج النُّفوس التي تعمل ولو قليلاً قَليلاً. فابْحث عن جوانب العظَمة فيك، وعَزِّز مواهبك التي حبَاك الله؛ فإنَّه لم يُخْلِ أحدًا من موهبة. وابدَأْ في إحياء نَفْسِك، ثم بناء نفسك، لعلَّ داخلَك كاتبًا حكيمًا، أو مُفكِّرًا راشدًا، أو عالِمًا جليلاً، أو حافظًا متقنًا، أو مربِّيًا واعيًا، أو شاعرًا مرهفًا، أو خطيبًا بليغًا، أو رجلَ أعمالٍ ناجحًا. وابحث داخِلَك عن عطاء الله الذي لا ينفَد، ولا تعجز؛ قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم: (المؤمن القويُّ خيرٌ وأحَبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفَعُك، واستَعِنْ بالله ولا تعجز، وإنْ أصابَك شيءٌ فلا تَقُل: لو أنِّي فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قُل: قَدر الله وما شاء فَعل؛ فإنَّ “لو” تفتَحُ عمل الشَّيطان) رواه مسلم
أيها المسلمون
وعلى الانسان العاقل أن يهرب من مناحي ضعفه، وألا يسلك طريقا يصعب عليه اجتيازه ، ولا يعرض نفسه لما لا يطيق ، وما هو فوق قدراته، وليكن عالما بنفسه، ومناحي ضعفه، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا ». وفي رواية لمسلم: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لاَ تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلاَ تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ» ، ففي قوله صلى الله عليه وسلم : (يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ) ،أو (إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا )، فهذا فيه مكاشفة، ونُصح، فإن الإنسان قد لا يعرف بعض الجوانب في شخصيته، لاسيما إن كان لم يجرب ذلك، وقد يظن أنه يقوى على كثير من الأمور ،ولكنه قد يخفق عند التجربة، وقد يطلع على ذلك غيره، فيعرفون ذلك في شخصيته، فمن حقه أن يُنصح، ويُصارح في هذا، ولكن بألطف عبارة، يا فلان، لا تشتغل في هذا الباب، فإن الإنسان أحيانًا قد يلج في باب ولو في وقت أو في ساعة حماسة، قد يدخل في باب احتساب: أمر بمعروف، ونهي عن منكر، ولكنه حينما يبتلى لا يصبر، ينكسر، وفي سنن الترمذي : (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ ». قَالُوا وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ. قَالَ « يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلاَءِ لِمَا لاَ يُطِيقُ »، فالمسلم لا يلج بابا إلا وهو يحسنه، ويضمن السلامة فيه ،ويستشير من يثق به، والمسلم ينصح لأخيه المسلم .
أيها الموحد
ولو تأملت الجبال الراسيات، لشعرت بالصمود، فاصمد أمام تحديات الحياة، ولا تضعف، وتعلم من الجبال الشموخ والثبات، والصلابة في مواصلة مسيرة الحياة، واكتشف مكامن القوة لديك، واعزم على تحقيق أهدافك، ولا تستسلم وتضعف أمام عواصف الحياة، وكن ثابتاً بقيمك ومبادئك، مؤمناً بأن الحياة لا تمشي على وتيرة واحدة. ولكن نحن من نروض أنفسنا أمام مواقفها.. واعلم أن من وسائل علاج الضعف والخور والانهزامية: قوة العزيمة والإرادة. وتقدير الذات واحترامها، وأن يعرف الإنسان أن له كيانه ووجوده، وله قدراته وإمكانياته، ولكن يحتاج إلى تحريك هذا الشيء الساكن، وذلك عن طريق: الخروج من العزلة والانطوائية التي يعيش فيها. ومحاولة إرجاع الثقة بنفسه ،وبأنه قادر بإذن الله تعالى بأن ينجح ويرتقي إلى الأعلى. ومواجهة الأمور الصعبة بالصبر والتحمل وعدم الاستسلام ، فإذا فشل في المرة الأولى يحاول ويحاول مرات لكي يصل إلى الهدف المنشود .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( احذر أن تكون ضعيفا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أبعد عنك اليأس والقنوط فهما يسببان ضعف الشخصية، وحاول أن تبتسم دائماً فالابتسامة طريق القوة والنجاح. ولابد للمرء أن يعلق قلبه بالله، وأن يجعل الثقة به سبحانه وتعالى في كل أحواله فلا يليق بالمسلم أن ييأس من روح الله، ولا يقنط من رحمته، ولا يكون نظره مقصورًا على الأمور المادية والأسباب الظاهرة، بل يكون متلفتًا في قلبه في كل وقت إلى مسبب الأسباب، إلى الكريم الوهاب، متحريًا للفَرَج، واثقًا بأن الله سيجعل بعد العسر يسرًا، ومن هنا ينبعث للقيام بما يقدر عليه، ويقنع باليسير إذا لم يمكن الكثير، فالمطلوب من العبد مقاومة الضعف والخور والكسل واليأْس، وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع في زوال ما نزل به. وذلك موجب لأمرين: اللطف الإلهي لمن أتى بالأسباب المأمور بها، والسعي النافع الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه.. فيجعل العبد الأمر مفوضًا إلى ربه الذي يعلم ما فيه الخير والصلاح له، الذي يعلم من مصالح عبده ما لا يعلم العبد، ويريد له من الخير ما لا يريده، ويلطف به في بلائه كما يلطف به في نعمائه.
الدعاء