خطبة حول دعاء ( اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ )
ديسمبر 31, 2022خطبة عن ( لا كرب وأنت رب )
يناير 1, 2023الخطبة الأولى ( إنها السننُ، إنها السننُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام الترمذي في سننه بسند حسن صحيح: (عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ». وفي صحيح ابن حبان: (لما افتتح رسول الله مكة خرج بنا معه قبل هوازن حتى مررنا على سدرة الكفار سدرة يعكفون حولها ويدعونها ذات أنواط قلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر إنها السنن هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم لتركبن سنن من قبلكم)، وفي رواية في مسند أحمد: (أَنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى حُنَيْنٍ – قَالَ – وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ – قَالَ – فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ – قَالَ – فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى (اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّةً»، ورُوي في الصحيحين: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ « فَمَنْ ».
إخوة الإسلام
إن قضية اتباع سنن من كان قبلنا من القضايا الهامة، والتي يلزم كل مسلم معرفتها، لأن عدم العلم بها قد يجر إلى الوقوع في التشبه بأمم الكفر والباطل، واتباعهم في كثير مما ينبغي البراءة منه, وهذا يضر بدين العبد ضررا بالغا, وأقل ذلك الضرر هو التشبه بقوم إما ضالين أو مغضوب عليهم, وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ فَقَالَ وَمَنْ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِك) رواه البخاري، وهكذا أخبر الرسول بما يكون من أمته بعده من اتباع سنن وسبل ومناهج وعادات أمم الكفر في الأرض، سواء كانوا متمثلين في أهل الكتاب من اليهود والنصارى, أو في غيرهم، ولقد جاء في القرآن العظيم ما يبين ذلك حيث قال الله تعالى: ” كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ” (69) التوبة.
ومن المؤسف والمحزن أننا نَشهَدُ اليَومَ هذا التشبه، وهذا التقليد الأعمى لأمم الكفر؛ حَيثُ أفرادُ هَذِه الأمَّة المسلمة يَتَهافَتونَ ويَتَنافَسونَ ويَتَفاخَرونَ باتِّباعِ طَرائِقِ الكُفَّارِ في كُلِّ شَيءٍ ظاهِرٍ وباطِنٍ، بَدءًا من أزيائِهم، وقَصَّاتِ شُعورِهم، والتَّحَدُّثِ بلُغاتِهم دونَ حاجةٍ، والتَّقليدِ التَّامِّ لنَفسِ أسلوبِ حَياتِهم، إلى مُحاكاتِهم العَمياءِ في أعيادِهم وقَوانينِهم، ومَناهِجِ تَعليمِهم وتَفكيرِهم ،ونسي هؤلاء أنه يجب أن يكون للمُسلمِ هُويَّتُه التي تُميِّزُه عن غيرِه، وشَريعتُه التي فضَّلَه اللهُ بها على العالَمِين، وقدْ كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حَريصًا على بَقاءِ هذا التَّميُّزِ والتَّفضيلِ، ومِن ثَمَّ كان صلى الله عليه وسلم يَأمُرُ بمُخالَفةِ أهلِ الكِتابِ مِن اليَهودِ والنَّصارَى، وكذا المشركين، ويُحذِّرُ مِن مُتابعتِهم،ففي الصحيحين: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ»، وفي رواية : (خَالِفُوا الْمَجُوسَ»، وفي سنن أبي داود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَلاَ خِفَافِهِمْ»، فالتشبه باليهود والنصارى والمشركين في لبسهم وحركاتهم وكلامهم وعاداتهم وأعيادهم خطر على عقيدة المسلم، فالمتشبه بهم يخشى عليه أن يكون منهم، ففي سنن أبي داود: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» .قال ابن تيمية – رحمه الله- وهذا أقل أحواله التحريم، إن سلم المتشبه من الكفر والعياذ بالله
ألا فلنتمسك بديننا وقيمنا، ولنحذر من الانزلاق في مهاوي الضعف والتقليد الأعمى، فإنه انسلاخ من الدين شيئا فشيئا، فلقد تكاثرت النصوص الشرعية في التحذير من هذا الانزلاق، لما له من ضرر بليغ في عقيدة المسلم، ولعظيم ذلك فقد أمرنا الله تعالى أن نستهديه صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين؛ وأن يباعدنا عن طريق المغضوب عليهم والضالين. وقال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ * هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ الجاثية : 18: 20. فعلى المسلم أن يتقي الوقوع في أخطاء السابقين، يقول الله تعالى: ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون) َ(153) الأنعام. وعَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: (وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تأمر عليكم عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بعدى يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ) {رواه الترمذي}.
أيها المسلمون
وفي الحديثِ الذي تصدرت به هذه الخطبة: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا خرَج إلى “خَيبَرَ”، أو: إِلَى حُنَيْنٍ، “مرَّ بشَجرةٍ للمُشرِكين”، قيل: هي شجرةٌ كان يُعظِّمُها المشرِكون ويُقدِّسونها، ويَفعَلون عندَها عاداتٍ جاهليَّةً ويَأتونَها كلَّ عامٍ، “يُقال لها”، أي: اسمُ الشَّجرةِ: “ذاتُ أنواطٍ”، جمعُ نَوْطٍ، وهو ما يُعلَّقُ على المنوطِ به، وذاتُ أنواطٍ أي: ذاتُ مُعلَّقاتٍ، “يُعلِّقون عليها أسلِحَتَهم”، أي: يُعلِّقُ المشرِكون على هذه الشَّجرةِ أسلحتَهم ومُتعلَّقاتِهم، “فقالوا”، أي: قال الصَّحابةُ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: “يا رسولَ اللهِ، اجعَلْ لنا ذاتَ أنواطٍ كما لهم ذاتُ أنواطٍ”، أي: اجعَلْ لنا شجرةً مثلَ المشرِكين نُعلِّقُ عليها أسلِحتَنا؛ ظنًّا منهم أنَّ هذا أمرٌ محبوبٌ لله تعالى، فقَصدوا التقرُّبَ إلى اللهِ بذلك، وظنًّا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا أمَرَهم بالتبرُّكِ بها سيصيرُ فيها برَكةٌ؛ وإلَّا فأصحابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعرِفونَ أنَّها لا تَخلُقُ ولا تَرزُقُ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: “سُبحانَ اللهِ” كأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يتَعجَّبُ منهم ويُنكِرُ عليهم أن يَطلُبوا مِثلَ هذا الطَّلبِ، وقد كرَّمَهم اللهُ بالإسلامِ، ونبْذِ عاداتِ الجاهليَّةِ، فأنكَرَ عليهم الاقتِداءَ بهم؛ لأنَّ ذلك دَاعيةٌ إلى اتِّباعِهم فيما لا يَحِلُّ فِعلُه؛ وفي رواية قال: (الله أكبر)، فكبَّر النبي صلى الله عليه وسلم استنكارًا، وتعظيمًا لله، وتَعَجُّبًا من هذه المقالة، ولذلك ضرَب النَّبيُّ عليه السَّلامُ المثَلَ، “هذا كما قال قومُ موسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138]“، أي: طلَبُكم هذا كطلَبِ بَني إسرائيلَ مِن نبيِّ اللهِ موسى (عليه السلام) عندَما طلَبوا منه أن يَجعَلَ لهم أصنامًا كما للمُشرِكين أصنامٌ، ثمَّ ما لَبِثوا أنْ جعَل لهم السَّامريُّ عِجلًا مِن ذهَبٍ فعَبَدوه، مع أنَّ هارونَ عليه السَّلامُ كان معَهم، وكان موسى (عليه السَّلامُ) في ميقاتِ ربِّه، فكأنَّ هذا إشارةٌ إلى أنَّ سُنَّةَ اللهِ ماضيةٌ في الأمَّةِ، وقد بدَأَت في حياةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. ثمَّ قال النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: “والَّذي نَفْسي بيَدِه”، “لتَركَبُنَّ سُنَّةَ مَن كان قبْلَكم”، أي: لسَوف تَفعَلون يا أُمَّةَ الإسلامِ مِثلَما فعَل مَن كان قَبلَكم مِن المشرِكين واليهودِ والنَّصارى، ولسَوف تَسلُكون سَبيلَهم، وتنهَجون منهجَهم، وتَسيرون على مِنوالِهم، وهذا إنكارٌ مِن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَن اقتَدَى بهم أو فعَل فِعلَهم أو تشَبَّه بهم؛ فلم يترُكِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم البيانَ لهم وَيسكُتْ على قولِهم، بل بيَّن لهم وغلَّظ هذا الأمْرَ؛ سدا للذريعة، لئلا يتساهل الناس بأمثال هذه العبارة، وقيل: بل المرادُ الموافقةُ في المعاصي والمخالَفاتِ، لا في الكُفرِ. وقيل: المرادُ أنَّ سُنَّةَ اللهِ قد جَرَتْ على الأمَّةِ مِن الانقِسامِ بعدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقَتْلِ النَّاسِ لبعضِ خُلفاءِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا اتِّباعٌ لليهودِ الَّذين قتَلوا أنبياءَ اللهِ، وهكذا يتبين لنا أن بعض أفراد هذه الأمة المسلمة سوف تسلك مسالك من كان قبلها، وأنها تبتلي بما ابتلي بها من كان قبلها من الأمم، من عبادة الأشجار والأحجار والأصنام، والغلو في الصالحين، والغلو في الأنبياء، وغير هذا، وهذا مؤذن بضياع الأمة وهلاكها. وفيه أيضا دعوة للأمة أن تعتز بدينها، وتهتم بثقافتها، وتتمسك بعقيدتها، وتفتخر بإسلامها، وتلتزم نهج وسنة وسيرة نبيها، طاعة لنبيها، واستجابة لأمر ربها، قال تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب:21].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إنها السننُ، إنها السننُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فالواجب على كل مسلم أن يسلك مسلك الأنبياء والصالحين، وأن يأخذ طريقهم، ويستقيم على نهجهم، وأن يسأل ربه الثبات على ذلك، وألا يغتر بمن هلك وضل من الأمم، وألا يسلك سبيلهم في عبادة الأشجار أو الأحجار أو الأصنام أو غير هذا مما عبده المشركون الأولون، فالطريق السليم، والصراط المستقيم، هو أن تعبد الله وحده، وأن تسلك طريق وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا هو الصراط المستقيم، وهذا هو مسلك الأخيار من عباد الله المؤمنين، أما اتباع الضالين، والسير على نهجهم، فهذا نهج المغضوب عليهم والضالين، نهج من خالف الشرع والدين، ومن الفوائد التي يرشد إليها هذا الحديث النبوي: أن الإنسان قد يستحسن شيئا يَظُنُّه يُقَرِّبُه إلى الله تعالى، وهو يُبْعِدُه عنه. وأن التَّبَرُّك بالأشجار شِرْكٌ، ومثلها الأحجارُ وغيرها. وأن الاعتبار في الأحكام بالمعاني لا بالأسماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ما طلبوه كالذي طلبه بنو إسرائيل، ولم يلتفت إلى كونهم سَمَّوْها ذات أنواط . ومنها : وجوب سَدِّ الأبواب والطرق التي تُوَصِّل إلى الشرك. وفي هذا الحديث عَلَمٌ مِن أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، حيث وقَع التشبه بالكافرين في هذه الأمة كما أخبر صلى الله عليه وسلم. وفيه النَّهْيُ عن التَّشَبُّه بأهل الجاهلية واليهود والنصارى، إلا ما دلَّ الدليل على أنه من ديننا.
الدعاء