خطبة حول حديث (أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا )
يناير 11, 2023خطبة عن (أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ) مختصرة
يناير 12, 2023الخطبة الأولى ( ما يغضب رسول الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام مسلم في صحيحه: (أن أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنَّمَا مُحَمَّدٌ بَشَرٌ يَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ وَإِنِّي قَدِ اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ آذَيْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ كَفَّارَةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
إخوة الإسلام
يقول الله تعالى في محكم آياته: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (128) التوبة. وقال تعالى في وصف رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم (4)، فبديهياً لمن اصطفاه الله تعالى لحمل أعظم رسالة للناس، وفضله على العالمين، أن يجمع مكارم الأخلاق، وأن يكون النموذج المثالي الحي للإنسان الكامل، ولا غرابة في ذلك، فالرسول – صلى الله عليه وسلم- الكريم منحة السماء إلى الأرض، ورحمة الله للعالمين، ربَّاه الله فأحسن تربيته، وأدبه فأحسن تأديبه، وفي مسند أحمد وغيره: (عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَتْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، فكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يتحلى ويتجمل بأخلاق عظيمة، فيمتاز بفصاحة اللسان، وبلاغة القول، كما عرف بقلة التكلف، وأُوتي جوامع الكلم، ومع هذه الأخلاق العظيمة فالرسول صلى الله عليه وسلم هو بشر، يجري عليه ما يجري على البشر ، من: وزواج، ومرض، وأكل، وشرب، وموت، ورضا ،وغضب، إلى آخر ما هو معروف في دنيا البشر.
وسوف أتناول معكم اليوم -إن شاء الله تعالى- بعض الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك بغرض تجنبها، والابتعاد عنها، وبداية: فالغضب طبيعة وفطرة بشرية، فطرها الله سبحانه تعالى في بني آدم, وقد حذر منه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في كثير من الأحاديث الشريفة, ففي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَوْصِنِي . قَالَ «لاَ تَغْضَبْ». فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ «لاَ تَغْضَبْ»، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رجل لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – دلني على عمل يدخلني الجنة قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (لا تغضب ولك الجنة) (رواه الطبراني)، ومن المعلوم أن الغضب ينقسم إلى قسمين: غضب مذموم، وغضب ممدوح. أما الغَضَب المذموم: فهو الغضب الذي نُهي عنه وذُمَّ في الأحاديث التي وردت، وهو خلق سيئ؛ لأنه يخرج العقل والدين من سياستهما، فلا يبقى للإنسان مع ذلك نظرٌ، ولا فكرٌ، ولا اختيار، وأما الغَضَب المحمود: فهو الغضب لله عزَّ وجلَّ ،عند ما تنتهك حرماته، وكذا الغَضَب على أعدائه؛ من الكفَّار، والمنافقين، والطَّغاة، والمتجبِّرين، وفي صحيح البخاري: (عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – قَالَتْ مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَأْثَمْ، فَإِذَا كَانَ الإِثْمُ كَانَ أَبْعَدَهُمَا مِنْهُ، وَاللَّهِ مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ قَطُّ، حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ) ، وكان إذا غَضِبَ- صلى الله عليه وسلم- اسْتَدَرَّ عِرْقٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وأحمر وجهه،
ومن أهم الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: سؤال الرسول عما لا فائدة منه، فقد روى البخاري: (عَنْ أَنَسٍ – رضي الله عنه سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – حَتَّى أَحْفَوْهُ الْمَسْأَلَةَ فَغَضِبَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ «لاَ تَسْأَلُونِي الْيَوْمَ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ بَيَّنْتُهُ لَكُمْ». وفي مسند أحمد: (عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ حَدَّثْتُكُمْ ». قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى قَالَ « أَبُوكَ حُذَافَةُ ». فَقَالَتْ أُمُّهُ مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا قَالَ أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَرِيحَ. قَالَ وَكَانَ يُقَالُ فِيهِ. قَالَ حُمَيْدٌ وَأَحْسَبُ هَذَا عَنْ أَنَسٍ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ عُمَرُ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- نَبِيًّا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضِبِ اللَّهِ وَغَضِبِ رَسُولِهِ).
ومن الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضم وأخذ لقطة الإبل وما في حكمها: ففي الصحيحين: (عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ – رضي الله عنه – أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَنِ اللُّقَطَةِ قَالَ « عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ» . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ – أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ – ثُمَّ قَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا» .
ومن الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلصاق التهم بغير دليل، والحكم على الناس دون بينة، ففي سنن أبي داود : (عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ قَالَ خَرَجَ عِبْدَانٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- – يَعْنِى يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ – قَبْلَ الصُّلْحِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَوَالِيهِمْ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا خَرَجُوا إِلَيْكَ رَغْبَةً فِي دِينِكَ وَإِنَّمَا خَرَجُوا هَرَبًا مِنَ الرِّقِّ فَقَالَ نَاسٌ صَدَقُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ « مَا أُرَاكُمْ تَنْتَهُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى هَذَا ». وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُمْ وَقَالَ «هُمْ عُتَقَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
ومن الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: التقول على أصحابه، في سنن أبي داود : (عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ فَرَافَقَنِي مَدَدِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ سَيْفِهِ فَنَحَرَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَزُورًا فَسَأَلَهُ الْمَدَدِيُّ طَائِفَةً مِنْ جِلْدِهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ فَاتَّخَذَهُ كَهَيْئَةِ الدَّرَقِ وَمَضَيْنَا فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ أَشْقَرَ عَلَيْهِ سَرْجٌ مُذْهَبٌ وَسِلاَحٌ مُذْهَبٌ فَجَعَلَ الرُّومِيُّ يُغْرِي بِالْمُسْلِمِينَ فَقَعَدَ لَهُ الْمَدَدِيُّ خَلْفَ صَخْرَةٍ فَمَرَّ بِهِ الرُّومِيُّ فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ فَخَرَّ وَعَلاَهُ فَقَتَلَهُ وَحَازَ فَرَسَهُ وَسِلاَحَهُ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُسْلِمِينَ بَعَثَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَأَخَذَ مِنَ السَّلَبِ قَالَ عَوْفٌ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا خَالِدُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ. قُلْتُ لَتَرُدَّنَّهُ عَلَيْهِ أَوْ لأُعَرِّفَنَّكَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ قَالَ عَوْفٌ فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قِصَّةَ الْمَدَدِيِّ وَمَا فَعَلَ خَالِدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يَا خَالِدُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ» قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَكْثَرْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يَا خَالِدُ رُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ». قَالَ عَوْفٌ فَقُلْتُ لَهُ دُونَكَ يَا خَالِدُ أَلَمْ أَفِ لَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «وَمَا ذَلِكَ» فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « يَا خَالِدُ لاَ تَرُدَّ عَلَيْهِ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي لَكُمْ صِفْوَةُ أَمْرِهِمْ وَعَلَيْهِمْ كَدَرُهُ ». وفي مسند أحمد: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاَ شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- جَالِسٌ فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ فَغَضِبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَامَ فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ غَضِبْتَ وَقُمْتَ قَالَ « إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ وَقَعَ الشَّيْطَانُ فَلَمْ أَكُنْ لأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ ».
ومن الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: السخرية واحتقار الآخرين: ففي سنن أبي داود: (عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهُ اعْتَلَّ بَعِيرٌ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ وَعِنْدَ زَيْنَبَ فَضْلُ ظَهْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِزَيْنَبَ « أَعْطِيهَا بَعِيرًا ». فَقَالَتْ أَنَا أُعْطِي تِلْكَ الْيَهُودِيَّةَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَهَجَرَهَا ذَا الْحِجَّةَ وَالْمُحَرَّمَ وَبَعْضَ صَفَرٍ).
ومن الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: بغض آل بيته أو عدم محبتهم وموالاتهم : ففي سنن الترمذي بسند صححه: (أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُغْضَبًا وَأَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ « مَا أَغْضَبَكَ ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا وَلِقُرَيْشٍ إِذَا تَلاَقَوْا بَيْنَهُمْ تَلاَقَوْا بِوُجُوهٍ مُبْشَرَةٍ وَإِذَا لَقُونَا لَقُونَا بِغَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الإِيمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ». ثُمَّ قَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ آذَى عَمِّي فَقَدْ آذَانِي فَإِنَّمَا عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( ما يغضب رسول الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارتداء ثوب الحرير للرجال ،ولباس الشهرة والعجب والمخيلة للرجل والمرأة: ففي مسند أحمد: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا قَالَ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حُلَّةٌ سِيَرَاءُ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَخَرَجْتُ فِيهَا فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى رَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ « إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا ». قَالَ فَأَمَرَنِي فَأَطَرْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي). وفي سنن النسائي : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُعَصْفَرَانِ فَغَضِبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ « اذْهَبْ فَاطْرَحْهُمَا عَنْكَ ». قَالَ أَيْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « فِي النَّارِ ».
ومن الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفهم والتفسير الخاطئ لآيات القرآن الكريم: ففي مسند أحمد: (عَنْ أَبِي عَامِرٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ كَانَ رَجُلٌ قُتِلَ مِنْهُمْ بِأَوْطَاسٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «يَا أَبَا عَامِرٍ أَلاَ غَيَّرْتَ». فَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ «أَيْنَ ذَهَبْتُمْ إِنَّمَا هِيَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ مِنَ الْكُفَّارِ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ »، وفي مسند أحمد: (ارْتَفَعَ حِذَيْمٌ وَحَنِيفَةُ وَحَنْظَلَةُ مَعَهُمْ غُلاَمٌ وَهُوَ رَدِيفٌ لِحِذْيَمٍ فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- سَلَّمُوا عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «وَمَا رَفَعَكَ يَا أَبَا حِذْيَمٍ». قَالَ هَذَا – وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ حِذْيَمٍ – فَقَالَ إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَفْجَأَنِي الْكِبَرُ أَوِ الْمَوْتُ فَأَرَدْتُ أَنْ أُوصِيَ وَإِنِّي قُلْتُ إِنَّ أَوَّلَ مَا أُوصِي أَنَّ لِيَتِيمِي هَذَا الَّذِى فِي حِجْرِي مِائَةً مِنَ الإِبِلِ كُنَّا نُسَمِّيهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْمُطَيَّبَةَ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى رَأَيْنَا الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ وَكَانَ قَاعِداً فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ « لاَ لاَ لاَ الصَّدَقَةُ خُمْسٌ وَإِلاَّ فَعَشْرٌ وَإِلاَّ فَخَمْسَ عَشْرَةَ وَإِلاَّ فَعِشْرُونَ وَإِلاَّ فَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَإِلاَّ فَثَلاَثُونَ وَإِلاَّ فَخَمْسٌ وَثَلاَثُونَ فَإِنْ كَثُرَتْ فَأَرْبَعُونَ ».
ومن الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحكم على من مات بغير شاهد ودليل: ففي مسند أحمد: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَ بِلاَلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاتَتْ فُلاَنَةُ وَاسْتَرَاحَتْ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ « إِنَّمَا يَسْتَرِيحُ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ ». قَالَ قُتَيْبَةُ « مَنْ غُفِرَ لَهُ »
ومن الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: رمي القاذورات في المساجد : ففي سنن النسائي : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَحَكَّتْهَا وَجَعَلَتْ مَكَانَهَا خَلُوقًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْسَنَ هَذَا)
الدعاء