خطبة عن (ما يغضب رسول الله )
يناير 12, 2023خطبة عن حديث (إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ ) مختصرة
يناير 12, 2023الخطبة الأولى ( أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) (63) : (65) الواقعة
إخوة الإسلام
إن هذا الحرث، وذلك الزرع، وتلك البذور التي نلقي بها في الأرض، من الذي ينبتها؟ هل الفلاح هو الذي أنبتها وفلق حبها؟، والجواب كلا، ولكن الله تعالى هو الذي أنبت الزرع، وأخرج الثمر، وفلق الحب والنوى، ففي هذه الآيات المباركات ينبهنا الله تعالى إلى أنه سبحانه هو الذي أنبت الزرع، ولو شاء لجعل ذلك الزرع هشيمًا، لا يُنتفع به في مطعم، فالله تعالى هو الذي أخرج سنبله وثمره، حتى صار حبا حصيدا، وثمرا نضيجا ونحن غاية ما نفعله أننا نحرث الأرض ونشقها، ونلقي فيها البذرة، أو العقلة، ثم بعد ذلك لا علم لنا بما يكون، وفي السلسلة الصحيحة للألباني: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”لا يقولن أحدكم: زرعت، ولكن ليقل: حرثت ” فالخلاق العليم القدير، هو الذي تكفل بزراعتها وإنباتها، فهذه النباتات تدل على عظمة الله تعالى وكمال قدرته، فهذه البذرة التي تلقيها في الأرض فيها حياة وأوامر ومعلومات مَخزونة في تلك النواة والبذرة التي بين يديك؛ فيها: لون النبات، وجذوعها، وعدد أوراقها، وكم محصولها وثمارها، ولون الثمرة ورائحتها، كلُّ تلك القُدْرة والأسرار المحيِّرة والحقائق المدهشة تَكمن في تلك النواة الدقيقة، في البذرة الصغيرة، فأي قدرة هذه؟ وأي خالق ذلك؟! إنه الله القائل سبحانه: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النمل: 88]، والقائل سبحانه: ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ [لقمان: 11]، فيَنبغي أن نتفكر في مخلوقات الله؛ كي نعظمه ونعظِّم أمره، فعالم النبات آية بينة على قدرة الله وعظمته فالنباتات جميعها تتغذى وتنمو في وجود الماء والضوء والعناصر الأخرى، ومع أن الغذاء واحد، والماء واحد ،فإن الأرض ينبت فيها التفاح الحلو والحنظل المر ،والقطن الناعم والصبار الشائك، فالتربة واحدة ، والعناصر الغذائية واحدة والماء واحد، ومع ذلك، تتعدد الأشكال والألوان والروائح والطعوم، قال الله تعالى: (انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (99) الانعام ، وقال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 7، 8]. وقال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ } [عبس: 24 – 32]. فإن كل حبة، وكل نبتة، وكل بذرة تنبت وتنمو وترتفع بأمر خالقها، ولو شاء الله سبحانه لم تبدأ رحلتها، ولو شاء الله لجعلها حطاماً قبل أن تؤتي ثمارها. ولكن الله الغفور الحليم يمنحنا الثمر، ويسمح للنبتة أن تنمو، وتكمل، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [البقرة: 243]. والنبات كالحيوان والانسان أمم وقبائل، وأشكال وألوان لا يحصيها إلا الله: فالنبات منه ما هو معمر، ومنه ما هو حولي، ومنه ما هو فصلي، ومنه الأبيض والأسود، ومنه الأحمر والأصفر، ومنه الأخضر والأزرق، ومنه زهر بلون، وزهر بلونين، وزهر بألوان. ومنه الحلو والمر، والحار والبارد ،ومنه ثمر ظاهر على الأرض ،وثمر على رأس الشجر ،وثمر في باطن الأرض. ومنه ما يتكاثر بالبذور، ومنه ما يتكاثر بالعروق، ومنه ما يتكاثر بالأغصان، ومنه ما هو في البر، ومنه ما هو في البحر ،ومنه ما هو رطب يابس، ومنه ما هو مجموع كالرمان، ومنه ما هو مفرود كالتمر، ومنه الكبير، ومنه الصغير، ومنه القائم، ومنه النائم، ومنه المعلق. فسبحان الخلاق العليم الذي خلق، قال تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس: 36].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ )
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فما أجهل البشر بخالقهم، وما أجرأ أكثرهم على معصيته، فمع هذا الجمال وتلك الزينة، وهذه الثمار المتنوعة، هناك جمال آخر، فهذه النباتات وتلك الأشجار والثمار تسبح الله تعالى ليل نهار، قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } [الإسراء: 44].
أيها المسلمون
وقد جعل الله الأجر العظيم للمزارع الذي يزرعُ فيأكلُ من مزرعته الطيرُ أو البهيمةُ أو الإنسانُ، ففي الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ»، وعلى قدر ما يتصدق الزارع من ثمره يكون عطاء الله تعالى له ، فقد روى مُسلمٌ في صحيحِه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلاَةٍ مِنْ الْأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدْ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ، يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ لِلاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ. فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لِمَ تَسْأَلُنِي عَنْ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ لِاسْمِكَ فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ)، واعلموا أن من منع حق الله تعالى في الزروع والثمار فقد باء بالخسران كما في قصة أصحاب الجنة، فحينما منعوا زكاة حديقتهم أحرقها الله، وقال تعالى: (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (141) الانعام
الدعاء