خطبة حول نعيم أهل الجنة وقوله تعالى( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ)
فبراير 7, 2023خطبة حول قوله تعالى (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )
فبراير 7, 2023الخطبة الأولى ( السلام النفسي )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (28) الرعد، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) (2) محمد، وفي صحيح مسلم: (أن جَابِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ».
إخوة الإسلام
تمثل الطمأنينة والأمن والراحة النفسية أحد أهم مقومات السعادة في حياة الانسان، إلا أن الكثير من الناس قد يفتقدون الشعور بتلك الطمأنينة والراحة والسعادة النفسية بسبب ضغوط الحياة ومشاكلها، ولا يعلمون كيف يواجهون تلك التحديات، أو كيف يعيشون سعداء، فالسلام النفسي: هو تلك الحالة العقلية والعاطفية والقلبية التي تشعر خلالها بالراحة والسكينة، ولا توجد أفكار أو أمور مزعجة تعصف بذهنك، وهناك عناصر أربع للسلام النفسي، وهي:
التوكل على الله: فأفوّض أمري لمن بيده مفاتح الغيب. والرضا بما كتبه الله لي، وهو الخير. والتفاؤل بالقادم، فالقادم أجمل بحول الله وقوته. والتسليم لقضاء الله وقدره: فقدّر الله وما شاء الله فعل، فالسلام النفسي أو السلام الداخلي: يبدأ عندما يكون الإنسان في حالة سلام مع الله ، وذلك من خلال شحن الطاقة الإيمانية: بالصلاة، والذكر وقراءة القرآن، والقيام، والصيام ، والصدقة، فجميعها عبادات روحية، تنقي النفس البشرية من الشوائب، وتجعلها في حالة تصالح مع الله ومع النفس ومع الآخرين.
والسلام النفسي: يعني ادراك الفرد لذاته، فيدرك معنى معرفة نفسه، فإنّ معرفة الإنسان لذاته ونفسه تغنيه عن العالم الخارجي، وتمدّه بالقوة الكافية لمواجهة جميع التحدّيات، والتي من الممكن أن تواجهه، فالسلام النفسي: هي حالة اطمئنان، وراحة، وسكينة، من الداخل لا من الخارج، ولكي تحصل على حياة سعيدة وسلام نفسي، فعليك أن ترضى وتسعد بما لديك، فانت بروحك المتميزة تتوافر لك كل ما تحتاجه لسعادتك وراحتك، فقط أنت تحتاج إلى تأمله جيدا. وأنه لا يحدث لك إلا ما فيه خير وصلاح لك، فاعمل على قدر استطاعتك، مع توكلك على الله تعالى، وتفاؤلك بالمستقبل، وتخيلك لكل جميل، وامعن النظر في حياتك وحدها، لا في حياة الآخرين، واعمل على ما تريد بما لديك من طاقات ،فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
والسلام النفسي يعني: ألا تخوض حروبا نفسية مع نفسك، أو مع الآخرين، فحينها تغمرك الطمأنينة، ولا يفترسك القلق، ولا يؤذيك الهم، ولا يحبسك الحزن، ومهما تعرضت لمشكلات الحياة، فسيبقى أملك أقوى، وتقبلك لذاتك ولحياتك وظروفك متين، لأن الحياة لن تخلو من الصعاب، فطالما كان الأمل أقوى والطمأنينة حاضرة، فعندها سيكون السلام النفسي حاضرا، وطالما تقبلت ذاتك وظروفك مع سعيك لتحسينها، وحرصت على إقامة علاقات إيجابية مع الآخرين ، وكانت أهدافك واضحة، وسعيت في تنمية ذاتك، واستطعت أن تكون ذا رأي مستقل، غير تابع لغيرك، وحاولت أن تهيئ بيئتك وظروف حياتك وفق احتياجاتك، فعندها سيكون مستوى السلام النفسي لديك في أعلى درجاته
أيها المسلمون
هناك بعض الناس قد يستسلمون لضغوط الحياة، والمشاكل الزوجية والعائلية، أو مشاكل العمل وغيرها، لدرجة أن مثل هذه الضغوط والمشاكل تصبح هي المسيطر على نسبة كبيرة من تفكيرهم اليومي، مما يفقدهم الشعور بالراحة والسعادة والطمأنينة، رغم وجود الكثير من الإيجابيات من حولهم، وذلك بسبب سيطرة السلبيات على عقولهم. وغالبية هؤلاء لا يعلمون شيئا عن السلام النفسي، والذى يمثل طوق النجاة من المشاكل الكبيرة، التي قد تنتج عن سيطرة السلبيات على العقول، فعدم وعى الأشخاص بكيفية الحصول على السلام النفسي، يفقدهم فرصة الشعور بالسعادة في الحياة، وينسون أو يهملون كل جميل في حياتهم، فهؤلاء يمكنهم من خلال السلام النفسي، الشعور بالسعادة والراحة. فمن السهل تحقيق السلام النفسي، وذلك بالتفكير بشكل إيجابي، والبحث عن كل ما هو إيجابي في الحياة، مع مقاومة الاستسلام للسلبيات من حولنا، مهما كانت درجاتها، حيث أن التركيز على الإيجابيات، يقضى على المؤثرات السلبية التي يعانى منها البعض. ويتحقق السلام النفسي بالتحلي بالإيمان، والخيال الإيجابي، والأمل، والتفكير بإيجابية في الحياة، فهو يعزز من الشعور بالسعادة والراحة، كما يساعد في مواجهة ضغوط الحياة والمشاكل التي قد تواجه البعض في العمل أو المنزل أو الشارع بكل موضوعية وهدوء، مما يساهم في معالجة صحيحة لغالبية المشاكل، مع أهمية التحلي بقوة الشخصية لتنفيذ تلك الخطوات، والحصول على السلام النفسي،
ومن أهم علامات السلام النفسي: أن ننام ليلا بمجرد وضع رؤوسنا على الوسادة، ونبيت راضين بأننا عباد رب رحيم، يبتلينا الله ويبتلي بنا، وموقنين أن الدنيا ليست دار قرار، وأنها ليست لنا بمستقر، ومستغفرين على ما اقترفنا، وغير خائفين مما هو آت، وآمنين على أنفسنا ،ومستأنسين بمعية الله تعالى، وداعين الله أن يكتبنا من أهل اليمين، وأن ننام موحدين، نشهد أن لا إله إلا الله، ونشهد أن حبيبنا محمدا (صلى الله عليه وسلم) نبيه ورسوله، فالسلام النفسي: أن ننام ليلا فور وضع رؤوسنا على الوسادة، دون قلق أو حزن، راضية نفوسنا، مطمئنة قلوبنا.
أيها المسلمون
أحيانا كثيرة تسمع صديقك يقول: لا أجد نفسي في هذا العمل، وصديقا آخر يقول: لا أجد نفسي في هذه الحياة، وآخر يقول: انني أبحث عن نفسي فلا أجدها، واشياء كثيرة من هذا القبيل، هي تعبر عن عدم رضا الشخص بما هو فيه، والسؤال: ما هي تلك النفس التي يبحث عنها الانسان، وهي داخله؟،
في الحقيقة هذه العبارات صحيحة تماما، فكل انسان منا يبحث عن نفسه، ويحاول أن يعرفها، لكي يتواءم معها، ويعقد معها معاهدة سلام، فرحلة الحياة هي في حقيقتها رحلة الانسان للبحث عن نفسه وعن سعادته، والذين لا يعرفون أنفسهم جيدا هم في حالة حرب مستمرة معها، لا تهدأ نفوسهم، ولا يهدؤون معها، والذين يعرفونها جيدا، هم السعداء، الذين يعيشون في سلام نفسي، لا تؤرقهم الرغبات التي تتجاوز قدراتهم، فهم يحبون الحياة، ويرضونها مهما كان نوع هذه الحياة، ويعملون أعمالا يهوونها، ويتلذذون بأدائها، مهما كان عائدها أو مستواها.
فالسلام النفسي هو الشعور بالرضا والطمأنينة وراحة البال، والانسجام مع نفسي ومع من حولي ،وهو أعلى المراتب الروحية التي تجعل الإنسان متصالحا مع نفسه، ومع المحيطين من حوله، فالشخص المقبل على الدنيا بعزيمة ورؤية صائبة، لا تخضعه الظروف المحيطة به، مهما ساءت، وهو الذي يستطيع ان يعلو بروحه ونفسه لأحسن الأحوال، مهما كانت الأهوال. فاذا عاشت النفس سلاما داخليا، أثمر ذلك سيادة معاني السلام في حياة الجماعة والدولة والانسانية جمعاء،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( السلام النفسي )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن المحزن والمؤسف اننا نفتقد في هذا العصر البصيرة والرؤية الواضحة للسلام النفسي، في عالم يسوده الغضب، والحزن، ونحاول البحث عن السلام في أنفسنا، فلا نجده، حتى الطبيعة من حولنا تأثرت بانعدام السلام، من جراء: ( التلوث البيئي، والصخب، وازدحام الطرق، وأصوات السيارات، والصراخ والحروب و… حتى الليل، خسرنا صفوه وهدوءه، فنعود إلى بيوتنا نلتمس السكون والهدوء، ونفتح أجهزة التلفاز لنرى كوارث ومصائب وحروبا تملأ العالم، حتى الأفلام والمسلسلات مليئة بالعنف والقتل، تقلق حتى منامنا – والأخبار العالمية تحمل لنا أنباء صرعات وحروبا محلية أو دولية،
فالسلام النفسي شعور يفتقده الكثير من الناس في هذا العصر على الرغم من حاجتنا جميعًا إليه، فهو غاية حياتية لا غنى عنها، لكي يتوازن الإنسان، وينسجم مع نفسه، ومع غيره، إنه الشعور بالطمأنينة، وراحة البال، ينبثق منه شعور بانشراح الصدر، وهدوء النفس، وصدق الله العظيم إذ قول في محكم آياته: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (125) :(127) الأنعام، وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا ». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ « بِحَسْبِ امْرِيٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ».
الدعاء