خطبة عن (مع القرآن في رمضان) 2
مارس 25, 2023خطبة عن ( تحري ليلة القدر )
أبريل 8, 2023الخطبة الأولى (مع القرآن في رمضان)1
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) البقرة (185)
إخوة الإسلام
الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ فَيُشَفَّعَانِ، فتعالوا بنا نعيش لحظات مباركات مع القرآن في رمضان، قال الله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) الفرقان،
فأول شرف ناله هؤلاء القوم أن الله تعالى نسب عبادتهم إليه، وهذا تشريف وتكريم، فقال سبحانه: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ) وأضافهم إلى اسمه الرحمن إشارة إلى أنهم إنما وصلوا إلى هذه الحال بسبب رحمته، ومن صفات عباد الرحمن: (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا)، يمشون في سكينة ووقار، لا يضربون الأرض بأقدامهم كبرًا، ولا يخفقون بنعالهم أشرًا ولا بطرًا. فهم يمشون بوقار وعفة، لا يتكبرون ولا يتجبرون ولا يريدون علوّا في الأرض ولا فسادا.
ومن صفات عباد الرحمن: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا): فإذا خاطبهم الجهلة والسفهاء بالأذى أجابوهم بالمعروف، وخاطبوهم خطابًا يَسْلَمون فيه أنفسهم من الإثم، ومقابلة الجاهل بجهله. (قَالُوا سَلَامًا} فهذا مدح لهم، بالحلم الكثير، ومقابلة المسيء بالإحسان، والعفو عن الجاهل، ورزانة العقل الذي أوصلهم إلى هذه الحال.
ومن صفات عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) فهم يبيتون ساجدين قائمين لربهم، ويحيون الليل كله أو بعضه، فقيام الليل هو دأب الصالحين، وتجارة المؤمنين، وعمل الفائزين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم، ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم، فيشكون إليه أحوالهم، ويسألونه من فضله، قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} السجدة (16) ،قال ابن عباس: من صلى بعد العشاء الآخرة ركعتين أو أكثر فقد بات لله ساجدا وقائما، وقيام الليل مِنْ أَحَبِّ النَّوَافِلِ إِلَى اللهِ -تَعَالَى- ،وَهُوَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَقُرْبَةٌ إِلَى اللهِ -تَعَالَى-، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الإِثْمِ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الْجَسَدِ” (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ). وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “يَنْزِلُ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ” (مُتَّفَقُ عَلَيْهِ).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع القرآن في رمضان)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن صفات عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا) (أي ملازما) – فهم يدعون ربهم أن يصرف عنهم عذاب جهنم، فمع قيامهم الليل، واجتهادهم في عبادة الخالق، يخافون عذابه، وهذه أمارة على شدة مخافتهم من الذنوب، ففي صحيح البخاري: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ». فَقَالَ بِهِ هَكَذَا بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ)، وفي سنن ابن ماجة: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخَافُ عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ بِمَا جِئْتَ بِهِ فَقَالَ «إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَلِّبُهَا». وفي مسند أحمد: (قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ – إِنَّكَ تُكْثِرُ أَنْ تَقُولَ «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دَيْنِكَ وَطَاعَتِكَ) قَالَ «وَمَا يُؤْمِنُنِي وَإِنَّمَا قُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَىي الرَّحْمَنِ إِنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّبَ قَلْبَ عَبْدٍ قَلَّبَهُ».
ومن صفات عباد الرحمن:(وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا): فهم ليسوا بالمبذّرين في إنفاقهم، ولا ببخلاء على أنفسهم وأهليهم، بل ينفقون عدلًا ووسطًا، وخير الأمور أوسطها، قال تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) (29) الاسراء، ونستكمل
الدعاء