خطبة عن (العلم الضار)
مايو 10, 2023خطبة عن (المترفون والإفساد في الأرض)
مايو 11, 2023الخطبة الأولى (إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ) (48)، (49) سبأ
إخوة الإسلام
لا تحزنوا لقلَّةُ أهل الحقّ، وكثرة أهل الباطل، فأهل الحقّ قليل؛ لأنّ الحقّ يصعب على أكثر من في الأرض، وقد أقسم ربُّ النّاس على خسارة النّاس، فقال تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} العصر (١)، (٢)، ثمّ استثنى منهم فقال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (٣) [العصر]، وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) (١١٦) [الأنعام] وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (١٠٣) [يوسف]، فالكثرة على الباطل، والقلة القليلة على الحق، وأهل الحق هم أهل الله، وحزبه المفلحون.
وفي هذه الآيات المتقدمات: يقول الله تعالى: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ) (48)، (49) سبأ، والمعنى: قل -أيها الرسول، وأيها المسلم- لمن أنكر التوحيد، ورسالة الإسلام: إن ربي يقذف الباطل بحجج من الحق، فيفضحه ويهلكه، وربي يقضي، ويحكم بالحق، والله علام الغيوب، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. وقل لهؤلاء الكافرين، لقد جاء الحق، المتمثل في دين الإِسلام، الذي ارسلني الله به إليكم، وجاء الاسلام وظهر وبان, وصار بمنزلة الشمس, وظهر سلطانه، وذهب الباطل واضمحلَّ سلطانه، وما دام الإِسلام قد جاء، فإن الباطل المتمثل في الكفر الذي أنتم عليه، قد آن له أن يذهب وأن يزول، وأن لا يبقى له أبداء أو إعادة، فقد اندثر، وأهيل عليه بالتراب إلى غير رجعة.
و(كلمة الحق) قذيفة ربَّانية في وجه الباطل، تُزلزل كيانه، وتحطم أركانَه، وتقهره وتُهلكه، حتَّى يصل الهلاك إلى دماغه؛ فيعطب ويتلف، فالحق ناطق ساحق ماحق، والباطل محبط زاهق ،وفي الصحيحين واللفظ للبخاري: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَحَوْلَ الْبَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاَثُمِائَةِ نُصُبٍ فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ: (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [الإسراء: 81]، (جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ) [سبأ: 49]
فالحق وإن ناوأه المناوِئُ، وكادَ له الكائد، وحاول أن يمكرَ بأهله الماكر، وأراد أن يطمس صورته الفاجر، فإنَّه سيأتي يومٌ يقول فيه مَن كان على ذلك الباطل: {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} [يوسف: 51]، وسيعترف بأنَّه كان على باطل وضلال، وحقا ما قال ربنا:{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ } [يونس: 32]. و(الحق) كالمطر النازل من السماء؛ حيث تسيل به الأودية، وتفيض به العيون، وتسقى به الأرض بعد موتها، وينتفع بها الخلق منافِع شتَّى، وأمَّا (الباطل) فلو كان كثيرًا كثيفًا، فمآله إلى زوال وسفال واضمحلال؛ قال الله تعالى: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد: 17].
وتأمَّلوا معي في حالة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حينما كان يعرض الإسلام على القبائل والوفود، ويطلب منهم نصرته؛ وذلك لأنَّ كلمة الحق عزيزة، وصاحبها عزيز، فلا بدَّ مِن نصرته وحمايته، وتأمل قول الفاروق عمر رضي الله عنه: (إنه لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له)، فالحق لا بدَّ له من قوَّة تَحْمِيه، وتزيح العقبات والعراقيل التي تواجهه، وصدق الله القائل: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: 25].
و(كلمة الحق) ما هي إلاَّ جرأة نفسيَّة، وقوَّة داخليَّة، يدفعك إيمانُك الصادق لكي تقولها، بكل ثباتٍ وإباء، ورسوخٍ وشموخ، وانتماء لها واستعلاء، تُشعرك بأنَّك (حر) في زمن كَثُرَ فيه العبيد، حيث انطلقت من عقال العبوديَّة لساحة الحريَّة ،و(كلمة الحق) تحتاج لأشخاص يقولونها ويقولون بها، ويثبتون عليها ولا يتراجعون عنها؛ لأنَّها (حق)،
أيها المسلمون
و(كلمة الحق) كما أنَّها تُقال أمام السلطان، فلابدَّ من قولها أمام الجماهير والإخوان والأصحاب والحشود، ولربما يكون قولها أمامهم أصعب من أن تقال أمام السلطان، فكم من جَريءٍ في كلمة الحق أمام السلطان، ضعيف جبان في قول كلمة الحق أمام الجماهير؛ خصوصًا إن كانوا من أتباعه، ويعلم أنَّ (كلمة الحق) قد تخالف أكثرهم، ولهذا (فكلمة الحق) لا يُستحيى منها ولا ينبغي الخجل من قولها، فإنَّها كلمة أصلها ثابت وفرعها في السماء؛ عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: « أَلاَ لاَ يَمْنَعَنَّ رَجُلاً هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ ». قَالَ فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا). رواه الترمذي، وفي رواية عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلَا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ) رواه أحمد، ومِمَّا جاء عن أبي ذر قوله: (مَا زَالَ بِي الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى مَا تَرَكَ الْحَقُّ لِي صَدِيقًا)، فكلمةُ الحقِّ ثقيلةٌ على النفس، ولهذا لا يتحمَّلها إلا القليل، لكن إن أرضيت بها الرحمن، فسيجعل لك من بعد عُسْرٍ يُسرًا. لذلك (فكلمة الحق) قد تكون سهلةً ميسَّرة إن كانتْ لا تغضب مَن قلتها أمامهم، ولكنَّها مُرَّة للغاية إن قلتها أمام من تظن أنَّهم سيأبونها ويُعرضون عنها، ويثنون أعطافهم نكاية بصاحبها، وفي مسند أحمد: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ أَمَرَنِي خَلِيلِي -صلى الله عليه وسلم- بِسَبْعٍ أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلاَ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِى وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ وَأَمَرَنِي أَنْ لاَ أَسْأَلَ أَحَداً شَيْئاً وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا وَأَمَرَنِي أَنْ لاَ أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ) ،
أيها المسلمون
و(كلمة الحق) تقال في أي مكان، فهي كلمة نورانيَّة، وحجَّة ربانيَّة، ومنحة إلهيَّة، وقد روى البخاري في صحيحه: (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ) ، وفي رواية للإمام أحمد وغيره: (بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَلاَ نُنَازِعُ الأَمْرَ أَهْلَهُ نَقُولُ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لاَ نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ. قَالَ سُفْيَانُ زَادَ بَعْضُ النَّاسِ «مَا لَمْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً» ،
وهكذا هي دعوة الإسلام القائمة على الحق والصدق والقوَّة، ومن يريد أن يكون مسلمًا حقًّا، فعليه أن يستعدَّ لهذا الحق؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 1: 6].
ومن شرف (كلمة الحق) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جَعَلَها (من أعظم الجهاد) فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ». رواه الترمذي، قال الخطابي: وإنما صار ذلك أفضل الجهاد؛ لأنَّ مَنْ جاهَد العدو كان متَرَدِّدًا بين الرجاء والخوف، لا يدري هل يغلب أو يغلب، وصاحب السلطان مقْهُورٌ في يده، فهو إذا قال الحق وأمره بالمعروف فقد تعرض للتلف؛ فصار ذلك أفضل أنواع الجهاد من أجْل غلبة الخوْفِ. وكلمة الحق يدعو بها المسلم في صلاته، فعن عمار بن ياسر رضي الله عنه يقول مُخبرًا عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (أَمَا إِنِّي قَدْ دَعَوْتُ فِيهِمَا – يعني في الركعتين – بِدُعَاءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ: اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي، أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا ، وَالْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَمِنْ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ)؛ رواه أحمد والنسائي.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ )
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن أهم قواعد معرفة الحق، وتمييزه من الباطل: أن الحق واحد، ولا يتعدّد: فمن أعظم السبُل الشيطانية في هذا الزمان: القول بإبطال تفرّد الحق، فيقول قائلهم: من قال أنكم على الحق؟، ومن قال أن الحق واحد أصلاً؟، ويقولون: الحق نسبي؛ يعني: أنت عندك نسبة من الحق، وأنا عندي نسبة، وهذا عنده نسبة، وأهل الأرض كل واحد منهم عنده نسبة من الحق، فالحق نسبي ،وليس هناك حق واحد كامل. وهذه كارثة كبرى؛ لأننا إذا رضينا بهذا الكلام: كان اليهود عندهم حق، والنصارى عندهم حق، والبوذيين عندهم حق، والقاديانية عندهم حق، والرافضة عندهم حق، وكل واحد عنده جزء من الحق، وانتهى الأمر، فلا أحد ينكر على أحد، ولذلك كان لا بد من الانتباه إلى هذه المؤامرة الخطيرة في ادعاء أن الحق ليس محصوراً، وأنه ليس واحداً، أو ليس مجموعاً في شيء واحد، فنحن نقول: إن الحق واحد، وهو صراط الله المستقيم، الذي أُمرنا بالتمسك به، قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153]. قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ما في إلا واحد دين حق، واحد، لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 33]، والفرقة الناجية أهل السنة والجماعة واحدة، فلا يوجد عدة فرق على الحق، الفرقة الناجية واحدة. فالطائفة المنصورة، الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، فرقة واحدة ناجية، والبقية هلكى. وقال النبي ﷺ: «أَلاَ إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ» رواه أبو داود، وصححه الألباني، وفي رواية للترمذي: (قَالُوا وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي)، فلو كان الحق متعدداً لما عذَّب الله تلك الفرق، ولما كانت الاثنتين والسبعين في النار.
الدعاء