خطبة حول قوله تعالى ( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ،وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ،وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )
أغسطس 22, 2023خطبة عن التقوى (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)
أغسطس 26, 2023الخطبة الأولى (وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام مسلم في صحيحه: (عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي». وفي صحيح البخاري: (أن أَبَا هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَقْتَحِمُونَ فِيهَا »
إخوة الإسلام
الرسول صلى الله عليه وسلم يضَرَب الأمثالَ لأُمَّتِه، تَقريبًا للمَعاني، وتَوضيحًا للمَقْصودِ، وفي هذا الحديثِ النبوي الكريم يَضرِبُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لنا مَثَلًا لشِدَّةِ حِرصِه على هِدايةِ النَّاسِ، وشَفَقتِه ورَحمتِه صلى الله عليه وسلم بهمْ، ويقابل ذلك شِدَّةِ عِنادِهم واتِّباعِهم لشَهواتِهم، والتي فيها هَلاكُهم، فهو صلى الله عليه وسلم آخذ بحجزهم لِيُبعِدَهم عن المعاصي التي هي سَبَبٌ للوُلوجِ في النَّارِ، وهم يَغلِبونَه ويَدخُلونَ فيها بشِدَّةٍ ومُزاحَمةٍ، كالفَراشِ ودَوابِّ الأرضِ التي تَتهافَتُ على النَّارِ.
وفي ذلك دعوة إلى أنه ينبغي للإنسان أن ينقاد لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكون لها طوعًا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يدل على الخير واتقاء الشر، قال تعالى: ﴿ لقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ التوبة: 128، وقال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (21) الأحزاب
والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم شبَّه إظهارَ حُدودِ اللهِ ببياناتِه الشَّافيةِ والكافيةِ من الكِتابِ والسُّنَّةِ، باستنقاذِ الرِّجالِ مِنَ النَّارِ، وشبَّه فُشُوَّ ذلك في مَشارِقِ الأرضِ ومغاربِها بإضاءةِ تلك النَّارِ ما حول المُستوقِدِ، وشبَّه النَّاسَ وعَدَمَ مُبالاتِهم بذلك البَيانِ والكَشْفِ، وتعدِّيَهم حدودَ اللهِ، وحِرْصَهم على استيفاءِ تلك اللَّذَّاتِ والشَّهَواتِ، ومَنْعَه صلى الله عليه وسلم إيَّاهم عن ذلك بأخْذِ حُجَزِهم بالفَراشِ التي تقتَحِمْنَ في النَّارِ، ويَغلِبنَ المُستوقِدَ على دَفعِهنَّ عن الاقتحامِ، وكما أنَّ المستوقِدَ كان غَرَضُه من فِعْلِه انتفاعَ الخَلقِ به من الاستضاءةِ والاستدفاءِ وغيرِ ذلك، والفَرَاش لجَهْلِها جعلَتْه سَبَبًا لهلاكِها، فكذلك كان القَصدُ بتلك البياناتِ اهتداءَ الأُمَّةِ، واجتنابَها ما هو سَبَبُ هَلاكِهم، وهم مع ذلك لجَهْلِهم جعلوها مقتضِيَةً لِتَردِّيهم.
أيها المسلمون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي) أو (وَأَنْتُمْ تَقْتَحِمُونَ فِيهَا)، فالناس يتفلتون من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمرين: إما بترك ما أمر من الهدايات والفرائض والشرائع، وإما بالوقوع فيما نهى عنه من المحرمات، والسيئات، فالخروج عن الصراط المستقيم يكون بأحد هذين الأمرين: إما بترك المأمور: كترك الصلاة، أو الزكاة، أو الصوم، أو الحج، أو ترك التوحيد الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له، أو بمواقعة المحرمات: من الشرك، والسحر، والزنا، والسرقة، وموبقات الذنوب، وعظائم الإثم ،
ولهذا ينبغي لكل من رغب في النجاة والسلامة أن يلزم هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه لا نجاة، ولا سلامة، ولا وقاية من الشرور، ولا حصول للمأمول بالفوز بجنة عرضها السموات والأرض إلا بلزوم ما كان عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأيقنت جازمًا أن كل ما أمرك الله ـ تعالى ـ به فهو لمصلحتك، وكل ما نهاك عنه فهو لوقايتك وحفظك، فاحفظ نفسك، ولا تلقِ بنفسك إلى التهلكة بمعصية الله ورسوله، واحمد الله على هذه النعمة العظيمة بهذا الرسول الكريم الذي جعله الله تعالى سببًا للنجاة فيخرج به الناس من الظلمات إلى النور، ويؤيد هذا المعنى ما جاء في صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، إِلاَّ مَنْ أَبَى». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ « مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى»، وفي مسند أحمد: (عَنِ النَّوَاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً صِرَاطاً مُسْتَقِيماً وَعَلَى جَنْبَتَي الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعاً وَلاَ تَتَفَرَّجُوا وَدَاعِى يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتَحَ شَيْئاً مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَكَ لاَ تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ وْالصَّرِاطُ الإِسْلاَمُ وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَالأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلِى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ »
ومن أسباب تفلت الناس من بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا: الاستجابة لقطاع الطريق إلى الله تعالى، وأصدقاء السوء: فقاطع الطريق هو الذي يقطع الطريق على المسلمين الذين يتوبون إلى الله عز وجل، ويريدون أن يرحلوا إلى سعادة الدنيا وسعادة الآخرة، ويهاجروا إلى الله ورسوله، فيصدهم هؤلاء القطاع عن سبيل الله، ويشوشون عليهم أفكارهم وعقائدهم، ويرغبونهم في طريق الشيطان، قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) (19)هود، ومن أسباب التفلت الاستجابة لأصدقاء السوء، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِى اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يا وَيْلَتَا لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلاً لَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ الذّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِى وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً) [الفرقان:27-29]. وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ».
ومن أسباب التفلت من بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا: ضعف الإرادة والعزيمة، قال تعالى: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) (115) طه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله تبارك وتعالى أن يرزقه العزيمة والثبات على الحق، ففي سنن النسائي: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ)، أي: أسألك أن ترزقني الإرادة الصادقة على أن أختار طريق الرشاد وأتجنب طريق المهالك.
ومن أسباب تفلت الناس من بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا: أن طريق الشهوات محفوف بما تحبه النفس وتهواه، بينما طريق الطاعات محفوف بما تكرهه النفس، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ». وفي سنن الترمذي: (عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلاَبِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ مَثَلاً صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا عَلَى كَنَفَيِ الصِّرَاطِ دَارَانِ لَهُمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ عَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ وَدَاعٍ يَدْعُو عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ وَدَاعٍ يَدْعُو فَوْقَهُ (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِى مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) وَالأَبْوَابُ الَّتِي عَلَى كَنَفَيِ الصِّرَاطِ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ يَقَعُ أَحَدٌ فِي حُدُودِ اللَّهِ حَتَّى يُكْشَفَ السِّتْرُ وَالَّذِي يَدْعُو مِنْ فَوْقِهِ وَاعِظُ رَبِّهِ »
وكم هم كُثر أولئك الذين يتفلتون من بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في زماننا هذا، ويختارون لأنفسهم طريق النار، فمنهم من تفلت وفرط في دينه وألحد بعد إيمانه، ومنهم من أضاع صلاته، ومنهم من فرط في عرضه وحيائه، وهذه خلعت نقابها وحجابها وتبرجت، وأخرى فتنت بالأغاني والرقص والموسيقى، وهذا يكتسب ماله من الحرام، ويتعامل بالربا، وغيره وغيره ،وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا) النحل (92)، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ) (25) محمد
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وفي قوله -صلى الله عليه وسلم-: «وأنا آخذ بحجزكم»، استعارة بليغة، حيث شبه -صلى الله عليه وسلم- حاله مع أمته وهو يحذرهم من الوقوع في المعاصي الموجبة للعذاب، بحال إنسان آخذ بحجزة آخر يمنعه عن التردي في مكان سحيق ومهلك، وذلك الإنسان يحاول التفلت والهرب والتخلص من قبضة صاحبه الناصح له، المشفق عليه، فلا يزال يتفلت من يده، حتى يقع في مهلكته.
ومن اللطائف أيضا: أن بعض المشتغلين بالإعجاز العلمي في السنة أجرى تجربة علمية للوصول إلى تفسير لظاهرة تعلق الفراش بالنار وانهماكها عليها، ووضعوا لها المصائد المحتوية على المصابيح الزئبقية، فوجدوا هذه الظاهرة السلوكية لدى الفراش ذات النشاط الليلي، وأن الفراش لا ينجذب إلى النار لضعف تمييزه أو لجهل منه فقط، بل ينجذب للأشعة فوق البنفسجية التي تثيره للقيام بعملية التزاوج ويصر عليها، لكنه يفاجأ بمصيره الحتمي بوقوعه في النار. وكذلك حال العاصين والمخالفين للرسول فانجذابهم للنار بسبب غواية الشهوات لهم، وهم لا يرون الأشياء على حقيقتها، كالفراش لا يرى النار الحارقة على حقيقتها لكن يراها بعين ترى الأشعة تحت حمراء فقط، فيرى النار بشكل مختلف تجعله ينجذب إليها، والمخالفون لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمتفلتون من بين يديه تحجبهم رؤية الشهوات والاستمتاع المؤقت بها عن رؤية نار يوم القيامة.
ويظهر في المثل النبوي السابق وجه من وجوه الإعجاز العلمي، وهو تخصيص الرسول نوعين فقط من الحشرات للتمثيل بهما، الفراش وهي معروفة والجنادب وهي نطاطات الأوراق، والتي تنجذب بشكل واضح وظاهر لأي مصدر من مصادر النار المشتعلة التي يكون فيها الأشعة فوق البنفسجية.
الدعاء