خطبة عن بشريات النصر والتمكين للأمة الإسلامية وحديث (بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ)
نوفمبر 7, 2023خطبة عن (تساؤلات حول الأحداث) مختصرة
نوفمبر 7, 2023الخطبة الأولى (غزة وجهاد الدفع) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (41) التوبة
إخوة الإسلام
وما زال حديثنا موصولا عن تساؤلات حول الأحداث الجارية، وفي اللقاء السابق كان السؤال الأول عن سبب الحرب على غزة، وقلت لكم أنها حرب دينية عقائدية، والسؤال الثاني: لماذا لا ينصرنا الله؟، وقلت لكم إن لله سننا، فحين تتحقق السنن يكون النصر ،أما السؤال الثالث الذي قد نسمعه من البعض فهو: ما ذنب هؤلاء الأطفال الصغار الذين تمزق أجسادهم؟ أين رحمة الله؟، وأنا أسألكم: لماذا قُتل أنبياء الله: (أشعياء، وزكريا ،ويَحيى) وغيرهم على أيدي اليهود؟، ولماذا قتل أصحاب الأخدود كما جاء ذكرهم في سورة البروج، ولماذا قتل الغلام المؤمن في قصة الساحر والملك الظالم، ولماذا مثل الكفار بجسد حمزة عم رسول الله وغيره من الصحابة الكرام .
فهؤلاء جميعا شهداء ووعدهم الله تبارك وتعالى بجنات عالية، قال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) (169)، ( 170) آل عمران، وفي صحيح البخاري: (قَالَ « إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) وفي سنن أبي داود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ»، وفي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ الْقَرْصَةِ »، وفي سنن النسائي: (أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلاَّ الشَّهِيدَ قَالَ « كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً ». فهؤلاء الشهداء نالوا أعظم الجزاء، ولكن نحن البشر عقولنا قاصرة، لا تدرك أسرار الله تعالى في خلقه، فعلينا أن نؤمن أن الله تعالى حكيم عليم، وأن له في كل شيء حكمة بالغة، وأنه تعالى لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته وعدله. فالأطفال -وإن كانوا لا ذنب عليهم- فالله ألحقهم بالشهداء، ومن الحكم أيضا: أن في موتهم اختبارا لصبر آبائهم، وأمهاتهم, وأقاربهم، واختبارا لشكرهم، وقد يكون هذا الطفل سببا في شقاء والديه إن بقي حيا، فموته شهيدا نجاة له ولوالديه من النار، كما جاء في قصة نبي الله موسى والخضر: قال تعالى : (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) (80)، (81) الكهف،
وهناك حكما كثيرة نحن نجهلها، وعلينا الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره، فلا نقل لماذا يقتل الأطفال، وما ذنب هؤلاء؟، لأن كل شيء بقدر الله وقضائه وحكمته،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (غزة وجهاد الدفع)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ثم نأتي إلى سؤال آخر يتناقله بعض الناس: فيقولون: لقد أخطأ أهل غزة بهجومهم على اسرائيل، لأنهم لا يملكون القوة التي تحمي ديارهم، وأقول: لا بد أن نعلم أولا أن الجهاد في سبيل الله تعالى نوعان: جهاد الطلب، وجهاد الدفع، فجهاد الطلب فرض كفاية، أما جهاد الدفع فهو فرض عين، وأهل غزة قد احتل اليهود أرضهم، وسلبوا ممتلكاتهم، فواجب عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي قَالَ « فَلاَ تُعْطِهِ مَالَكَ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي قَالَ « قَاتِلْهُ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي قَالَ «فَأَنْتَ شَهِيدٌ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ قَالَ «هُوَ فِي النَّارِ »،
فأهل غزة معتدى عليهم ومظلومون من اليهود، والواجب عليهم الدفاع عن دينهم وأرضهم وأنفسهم وأهليهم وأولادهم، وإخراج عدوهم من أرضهم بكل ما استطاعوا من قوة.
ولأنهم مظلومون، ومحاصرون، فالواجب على إخوانهم المسلمين نصرهم على من ظلمهم؛ ففي الصحيحين: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». فنحن ننصر إخواننا في غزة كل على حسب استطاعته، والدعاء لهم بالنصر والتمكين، وعلى ذلك نقول: يخطئ من يرى أن أهل غزة مخطئون في قتالهم لليهود الغاصبين المحتلين ، بل من الواجب عليهم أن يعدوا لعدوهم ما استطاعوا من قوة، وأن يكونوا موقنين بنصر الله لهم ولو بعد حين، فالنصر قد لا يتحقق اليوم، ولكنه قد يتحقق في القريب، ففي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالإِمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ »
فعليهم أن يعملوا بالأسباب، ويتركوا النتائج لله الذي يدبر الأمر، ويحكم بما يريد، وفي الصحيحين: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا » ،وفي صحيح البخاري: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا»، وفي صحيح مسلم: (رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِى كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِىَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ».
الدعاء