خطبة عن (أخطار الذنوب- وأسباب المغفرة)
يناير 7, 2024خطبة عن (إِنِّي أُحِبُّهَا)
يناير 8, 2024الخطبة الأولى (الْزَمْ غَرْزَهُ إنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (31) آل عمران، وقال تعالى: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) النور (54)، وفي مسند أحمد: (عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالاَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ يُرِيدُ زِيَارَةَ الْبَيْتِ لاَ يُرِيدُ قِتَالاً .. وأَنَّ قُرَيْشاً بَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو .. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَكَلَّمَا وَأَطَالاَ الْكَلاَمَ وَتَرَاجَعَا حَتَّى جَرَى بَيْنَهُمَا الصُّلْحُ فَلَمَّا الْتَأَمَ الأَمْرُ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ الْكِتَابُ وَثَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَوَلَيْسَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَوَلَسْنَا بِالْمُسْلِمِينَ أَوَلَيْسُوا بِالْمُشْرِكِينَ قَالَ بَلَى. قَالَ فَعَلاَمَ نُعْطِي الذِّلَّةَ فِي دِينِنَا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا عُمَرُ الْزَمْ غَرْزَهُ حَيْثُ كَانَ فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ).
إخوة الإسلام
لما أبدى عمر بن الخطاب رضي الله عنه احتجاجه على صلح الحديبية، ورأى فيه دنية تُعطى لأهل الشرك، أجابه أبو بكر رضي الله عنه بعبارة تلخص معنى الاتباع الحق، فقال له : (يَا عُمَرُ الْزَمْ غَرْزَهُ حَيْثُ كَانَ فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ): أي الْزَمْ أمره ونهيه، فالحق ما أمر به، وهو صلى الله عليه وسلم لن يخالف أمر الله، والله تعالى لن يضيعه.
فما أحوجنا في هذا الزمان إلى إدراك هذا المعنى الجليل، ففي زمننا هذا الذي اشتدت فيه المحن والفتن، وكثرت فيه الضلالات والشبهات والتأويلات الفاسدة، والتشكيك والطعن بالسنة المطهرة، والحديث الشريف، فنحن في هذا الزمان بأشد الحاجة، وأشد ما يكون لأن نلتزم بغرز نبينا (عليه الصلاة والسلام)، ونتمسك بسنته المطهرة، ففي سنن ابن ماجه وغيره: (عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ. أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ»، وقد أوصانا رسول الله باتباع سنته، ففي سنن ابن ماجه: (أن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِى إِلاَّ هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ)، وفي موطإ مالك: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ». وقد حذرنا الله تعالى من مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (63) النور. وأيُّ فتنةٍ أشد من أن يرى أحدٌ أنَّ اختياره خيرٌ من اختيار الله ورسوله. فالزموا غَرز نبيكم وغَرز صحابته الكرام وغَرز من اهتدى بهديهم وسار على نهجهم، قال الله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (153) الانعام
الْزَموا غَرْزَهُ حَيْثُ كَانَ، إنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ: وذلك بطاعته فيما أمر ونهى: يقول لله تعالى: (مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) النساء (80)، ويقول تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الحشر (7)، فكمالُ الإتباع بعد شهادة أنّ محمّدًا رسول الله طاعته فيما أمر، وتصديقُه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزَجَر، وأن لاَ يُعبَد الله إلاَّ بما شَرَع، فما لم يشرَعْه صلى الله عليه وسلم مُبلِّغًا عن ربِّه فلا نتعبَّد اللهَ به، بل هو مردودٌ، كما في الصحيحين: (عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ»، ومن المعلوم أن أَتَباعَه صلى الله عليه وسلم وأتباع سنته هُم الذين يرِدون عليه الحوضَ يوم القيامة، وأما الذين غيرُوا وبدلوا فسيُطردون، ففي صحيح مسلم: (قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ». فَقَالُوا كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلاَ يَعْرِفُ خَيْلَهُ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَلاَ لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلاَ هَلُمَّ. فَيُقَالُ إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا ».
فالْزَموا غَرْزَهُ حَيْثُ كَانَ، إنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ: وذلك بالتخلق بأخلاقه: فقد امتدح الله نبيه على كمال الأخلاق فقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]، وفي مسند أحمد: (عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ سَأَلَتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ أَخْبِرِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنُ). وفي صحيح البخاري: (عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يُحَدِّثُنَا إِذْ قَالَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقًا». وفي مسند أحمد: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ». وفي سنن الترمذي: (عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَيَبْغَضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ». وفي سنن البيهقي: (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :«إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ وَمَعَالِىَ الأَخْلاَقِ وَيَبْغَضُ سَفْسَافَهَا»
ومن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم الرفيعة: الصدق: الصدق في الكلام، والصدق في النيات، والصدق في الأعمال كلها، لذا فقد كان يُسمى الصادق الأمين، وفي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا». ومن أخلاق الرسول السماحة والعفو: وقد روى البخاري: (أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ – رضي الله عنهما – أَخْبَرَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – تَحْتَ سَمُرَةٍ وَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَدْعُونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ «إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهْوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا». فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي فَقُلْتُ «اللَّهُ». ثَلاَثًا وَلَمْ يُعَاقِبْهُ وَجَلَسَ).
ومن أخلاق الرسول الجود والعطاء والبذل: فقد روى الإمام مسلم: (عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الإِسْلاَمِ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ – قَالَ – فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِى عَطَاءً لاَ يَخْشَى الْفَاقَةَ).
ومن أخلاقه صلى الله عليه وسلم: التواضع وخفض الجناح للمؤمنين: وقد أمر الله رسوله بذلك فقال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء:215]. وفي سنن الترمذي: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجَنَازَةَ وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْعَبْدِ وَكَانَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى حِمَارٍ مَخْطُومٍ بِحَبْلٍ مِنْ لِيفٍ عَلَيْهِ إِكَافُ لِيفٍ). وفي مسند أحمد: (سَأَلَ رَجُلٌ عَائِشَةَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ شَيْئاً قَالَتْ نَعَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ) ، وفي رواية: (قَالَتْ كَانَ بَشَراً مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِى ثَوْبَهُ وَيَحْلُبُ شَاتَهُ وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الْزَمْ غَرْزَهُ إنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم الحياء: الحياء من فعل الشر، والحياء مما يقبح فعله أو يكره، حيث أن الحياء خصلة عفيفة تمنع من صدور القبيح أو الرضا به في غير تقحم، وفي الصحيحين : (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ»، وفي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضي الله عنه – قَالَ كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا)، والحياء لا يكون في تعلم العلم، أو الاستفسار عما أُشكِلَ على الإنسان، أو في قول الحق، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أخلاق الرسول: إكرام الضيف والجار والإحسان إليهما، وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ».
ومن أخلاقه صلى الله عليه وسلم: احترام الكبير ورحمة الصغير: ففي الصحيحين: (قال صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّهُ مَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ». وفي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ)، فهذه بعض أخلاقه صلى الله عليه وسلم، ألا فتخلقوا بأخلاقه، واتبعوا هديه، وتمسكوا بسنته تفلحوا.
الدعاء