خطبة عن (من أخلاق الصائمين) 1
فبراير 26, 2024خطبة عن (فضائل شهر رمضان)
مارس 9, 2024الخطبة الأولى (اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين: (أن أَبَا هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ»
إخوة الإسلام
ماذا يعني أن الله بلغك رمضان؟: يعني أن الله تعالى أطال في عمرك فأعطاك فرصة للتوبة وعمل الصالحات، ففي سنن الترمذي: (أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ». قَالَ فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ قَالَ «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ»، وفي مسند أحمد: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّ نَفَراً مِنْ بَنِي عُذْرَةَ ثَلاَثَةً أَتَوُا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَسْلَمُوا – قَالَ – فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ يَكْفِنِيهِمْ». قَالَ طَلْحَةُ أَنَا. قَالَ فَكَانُوا عِنْدَ طَلْحَةَ فَبَعَثَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَعْثاً فَخَرَجَ فِيهِ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ – قَالَ – ثُمَّ بَعَثَ بَعْثاً فَخَرَجَ فِيهِ آخَرُ فَاسْتُشْهِدَ – قَالَ – ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَ طَلْحَةُ فَرَأَيْتُ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدِي فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ الْمَيِّتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَمَامَهُمْ وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَخِيراً يَلِيهِ وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَوَّلَهُمْ آخِرَهُمْ – قَالَ – فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ – قَالَ – فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ – قَالَ – فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمِّرُ فِي الإِسْلاَمِ لِتَسْبِيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِهِ»، وفي رواية في مسند أحمد: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ نَزَلَ رَجُلاَنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ مَكَثَ الآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ فَأُرِيَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ الَّذِى مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الآخَرِ بِحِينٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ طَلْحَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «كَمْ مَكَثَ فِي الأَرْضِ بَعْدَهُ». قَالَ حَوْلاً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « صَلَّى أَلْفاً وَثَمَانِمِائَةِ صَلاَةٍ وَصَامَ رَمَضَانَ».
ويعني أن الله بلغك رمضان: أن الله تعالى فتح لك بابا إلى الجنة: ففي الصحيحين: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وفي رواية: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وفي البخاري ومسلم: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ – رضي الله عنه – قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا»
ويعني أن الله بلغك رمضان: أن الله تعالى أعطاك فرصة لتزكية النفس، والتوبة والرجوع إلى الله، ففي الصحيحين: (أن أَبَا هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ»، وفي صحيح مسلم: « إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». وفي سنن الترمذي: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ». فذلك يدفع المؤمن لأن يكون مهيئاً لنيل بركات ربه جل وعلا، وألا ينقضي رمضان إلا وقد كتب في الفائزين المفلحين.
ويعني أن الله بلغك رمضان: أن الله قد أنعم عليك بمزيد من الصلوات كالتراويح، والوتر، ففي سنن ابن ماجه: (عَنْ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ الْعَدَوِىِّ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلاَةٍ لَهِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ الْوِتْرُ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ».
ومن أبواب التزكية في رمضان تزكية النفس بالمال، ففي الصحيحين: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
جمع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابةَ يوماً، وبين لهم في رمضان بياناً شافياً، ففي المستدرك للحاكم: (عن كعب بن عُجرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “احضُروا المنبر” فحَضَرْنا، فلما ارتقى درجةً قال: “آمين” فلما ارتقى الدرجة الثانية قال: “آمين”، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: “آمين”، فلما نزل قلنا: يا رسول الله، لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه؟ قال: “إنَّ جبريل عليه الصلاة والسلام عَرَضَ لي فقال: بُعْداً لمن أدرك رمضان فلم يُغْفَر له، قلت: آمين، فلما رقيت الثانية قال: بُعْداً لمن ذُكِرْتَ عنده فلم يُصَلِّ عليك، قلت: آمين، فلما رقيت الثالثة قال: بُعْداً لمن أدرك أبواه الكبرَ عنده أو أحدُهما فلم يُدخلاه الجنة، قلت: “آمين)
فيا أيها الصائمون
قد أظلكم شهر كريم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيام نهاره فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب إلى الله فيه بخصلة من الخير كان له من الأجر أضعاف ما تقرب به في سواه، هو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، من فطر فيه صائما كان له من الأجر مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئا.
فشهر رمضان نعمة، فلا تضيعها: قال الحسن البصري رحمه الله: “إن الله جعل رمضان مضمارا لخلقه، يستبقون فيه لطاعته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا”.
وشهر رمضان لم يكن أبدا شهر نوم وكسل، ولا شهر أكل وشرب، وإنما هو شهر جد وعمل، وعبادة ومنافسة في الطاعة، ومسابقة في الخير بكل صوره وأنواعه.
الدعاء