خطبة عن (وماذا بعد رمضان؟)
أبريل 5, 2024خطبة عن (بعد رمضان) (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ)
أبريل 5, 2024الخطبة الأولى (المداومة بعد رمضان) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام مسلم في صحيحه 🙁أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». وفي رواية للإمام أحمد :«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا».
إخوة الإسلام
لقد مر شهر رمضان الكريم ،وانقضت أيامه ولكن السعيد من استودعه الأعمال الصالحة والشقي من حُرم فيه الغفران والسؤال :هل تقبل الله منا رمضان؟ هل تقبل منا الصلاة والصيام والقيام؟ ،يقول الله تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) المائدة: 27. وكان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ، ويخافون من رده، فهم يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة، فيعطي أحدهم ،ويتصدق ، ويخشى أن لا يُقبل منه، ويصوم ويقوم ويخشى أن لا يُكتب له الأجر، لذا قال بعض السلف في وصفهم: (كانوا لقبول العمل أشد منهم اهتماماً بالعمل ذاته)، ويقول آخر: (لو أعلم أن الله تقبل مني ركعتين لا أهتم بعده؛ لأنه يقول:(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) ، وإذا كان الله تبارك وتعالى لا يتقبل العمل الصالح إلا من المتقين، فمن علامات التقوى : الاستمرار والمداومة على عمل الطاعة ،والامتناع عن المعاصي والموبقات ،والله تعالى لما ذكر صفات المؤمنين لم يقيدها بوقت ،ولم يخصها بزمان ،فقال الله تعالى :(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) (1): (5) المؤمنون ،فالمؤمنون باستمرار يفعلون ذلك ، وليس في رمضان فقط ،فنحن مطالبون بالعمل إلى الموت، قال الله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) الحجر: 99. واليقين هو الموت، وقال الله تعالى: (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ) مريم: 65. فلا بد من الصبر والمصابرة ،والاستمرار على الطاعة ولعل هذا يكون هو السبب في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بصيام الست من شوال، وذلك حتى لا تنقطع هذه العبادة ،فقال صلى الله عليه وسلم :«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا».ففضل الله عظيم، وكرمه واسع وهباته مستمرة، وعطاؤه لا ينقطع، ولكن أين العاملون؟ فمن صام رمضان ثم صام ستاً من شوال يكون قد صام العمر كله ، والعبد مهما عمل من الطاعات، والاعمال الصالحات ،فلن يوفي حق نعمة واحدة من نعم الله تعالى عليه ،ففي مسند أحمد :(إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لَوْ أَنَّ رَجُلاً يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ يَمُوتُ هَرَماً فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَحَقَّرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، ولذلك فإن الناس لا يدخلون الجنة بأعمالهم، وإنما يدخلونها برحمة الله تعالى، فليست الأعمال ثمناً للجنة ،ولكنها سبب لدخول الجنة، فبدون رحمة الله فالأعمال لا تؤهل لدخول الجنة ،بل ولا تعدل نعمة واحدة من نعمه تعالى علينا .
أيها المسلمون
ونحن لا نقول كونوا كما كنتم في رمضان من الاجتهاد ،فالنفس لا تطيق ذلك، ولكن نقول لا للانقطاع عن الأعمال بالكلية، فلا تترك الصيام بالكلية ،ولا تترك القيام بالكلية ولا تترك ختم القرآن بالكلية ،ولا تترك الدعاء والذكر والصدقة، ولكن استمر على العمل ،وإن كان أقل مما كان في رمضان، وفي الصحيحين :(سئلت أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً)،وفيهما(سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ « أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ »،وفي صحيح مسلم 🙁 كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أَثْبَتَهُ وَكَانَ إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( المداومة بعد رمضان )
أما بعد أيها المسلمون
وأول ثمار المداومة على العمل الصالح :أنها سبب لطهارة القلب من النفاق، وصلة القلب بربه الخلاق، ومن أعظم ثمار المداومة على العمل الصالح: أنها سبب لمحبة الله للعبد ،فالمداومة على العمل الصالح بفروضه ونوافله سبب لمحبة الله للعبد. ومن ثمار المداومة: أنها سبب لتفريج الكربات والمصائب والأزمات، ففي سنن الترمذي 🙁عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فَقَالَ « يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ»، وفي رواية لأحمد :«احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ). فيا من داومت على العمل الصالح في الرخاء ، فلن يتخلى الله عز وجل عنك في وقت الشدة والبلاء، فالمداومة على العمل الصالح من أعظم الأسباب للنجاة من الكروب والشدائد ،والبلايا والمصائب؛ ومن ثمار المداومة على العمل الصالح، أنها سبب لحسن الخاتمة ،والفوز بالجنات ،يقول الحافظ ابن كثير :(لقد أجرى الله الكريم عادته بكرمه أن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه)؛ فإن عشت على طاعة ،وعلى عمل صالح ،اقتضى عدل الله أن يتوفاك على ذات الطاعة ،ونفس العمل الصالح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث جابر :« يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ». وفي مسند أحمد : (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَعْجَبُوا بِأَحَدٍ حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَ يُخْتَمُ لَهُ فَإِنَّ الْعَامِلَ يَعْمَلُ زَمَاناً مِنْ عُمْرِهِ أَوْ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ صَالِحٍ لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلاً سَيِّئاً وَإِنَّ الْعَبْدَ لِيَعْمَلُ الْبُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ سَيِّئٍ لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ النَّارَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلاً صَالِحاً وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ قَالَ « يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ ».
الدعاء