خطبة عن (الافتقار إلى الله)
يونيو 24, 2024خطبة عن (الآيات)
يونيو 25, 2024الخطبة الأولى (كن من الدعاة إلى الله)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (33) فصلت
إخوة الإسلام
الدعوة إلى الله تعالى فريضةٌ من أعظم الفرائض، وقد خص الله سبحانه وتعالى بها الأنبياء والرسل الكرام، وهي مُهمة ورسالة التابعين لهم، والآخذين بمنهجهم إلى يوم الدين، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (يوسف:108). والدعوة إلى الله تعالى تُمثل عماد خيرية هذه الأُمة المسلمة، كما في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران:110)، فعن طريق الدعاة إلى الله تعالى تحمل الأمة رسالة الإسلام إلى مشارق الأرض ومغاربها، لتُخرج الناس من الظُلمات إلى النور، ولتهديهم إلى طريق الحق، وسبيل النجاة في الدنيا والآخرة، فالدعاة إلى الله من أعظم واجباتهم إيقاظ الأمة من غَفلتها، وتوجيهُها نحو رِيادتها، فهم يصحِّحون العقائد، ويُصوِّبون العبادات، ويُصلحون المعاملات، ويُنشرون القِيم، ويُهذِّبون الأخلاق، ويُزكون الأرواحَ، لذا، فهم في جهاد دائمٍ، وعملٍ متواصل، لنشر الدين، وإعلاء كلمة ربِّ العالمين.
أيها المسلمون
وفي الأمر بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، يقول الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (104) آل عمران، وروى البخاري في صحيحه: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «بَلِّغُوا عَنِّى وَلَوْ آيَةً)، وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا)،
ألا فكونوا دعاةً إلى الله، واعلَموا أن كل مسلمٍ من الواجب عليه أن يكون داعيةٌ إلى الله، بسَمْتِه، وحاله، قبلَ خُطَبِه ومَقاله، فهو داعية إلى الله بأخلاقه، وتصرفاته، بكلمته الطيبة، أو ابتسامته الرقيقة، فلا يلزمك حتى تكون داعياً إلى الله تعالى أن تعتلي المنابر، أو أن تلازم العُلماء في حلقات العلم، أو أن تقف أمام الجموع فتخطب، وتعظ، وتُدرِّس العلم الشرعي؛ فطُرق الدعوة إلى الله تعالى كثيرةٌ جداً, ومجالاتها متعددة, وأساليبها متنوعة ؛ فالنصيحة الصادقة دعوة إلى الله, والبشاشة والتبسم لله دعوة إلى الله، والهدية لله دعوة إلى الله, والإحسان إلى الجيران دعوة، والمعاملة الحسنة للآخرين دعوة, وزيارة الأقارب وصلة الأرحام دعوة إلى الله, وإصلاح ذات البين دعوة, ومد يد العون والمُساعدة إلى المحتاجين دعوة إلى الله ، والتزام هدي النبوة في الحياة دعوة، وإماطة الأذى عن الطريق دعوة، وإن لم تستطع أن تقوم بشيء من ذلك كله؛ فليس أقل من أن تكفي المسلمين شر أعمالك، ففي صحيح البخاري: (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ «فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ «فَيُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ «فَيَأْمُرُ بِالْخَيْرِ». أَوْ قَالَ «بِالْمَعْرُوفِ». قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ «فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ»، وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ «الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ». قَالَ قُلْتُ أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ «أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا». قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ «تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ قَالَ «تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ».
وكن داعياً إلى الله تبتغي بذلك وجه الله تعالى، وتحتسب عنده الأجر والثواب، وليكن ذلك ديدنك مع كل من حدثته أو قابلته، وكن داعياً إلى الله تعالى باحترامك للنظام، والتزامك بالتعليمات، وبمُحافظتك على القيم الفاضلة، وتمسُكك بالمبادئ الكريمة، في حِلِكَ وترحالك ، وفي مكان عملك، ومقر إقامتك، وفي طريقك، وعند تسوقك، أو نزهتك، فاجعل من نفسك سفيراً لهذا الدين العظيم، الذي اشرقت بنوره الظلمات،
أما أن تكون داعياً في بلد إسلامي، وحيث يدين كل الخلق بدين الاسلام، فالدعوة هنا تأخذ شكلاً آخر: إنها دعوة لإحياء التقوى، والسعي في الخيرات، دعوة لتجديد الصلة بالله تعالى ،والتوقف والتدبر في أحوالنا الخاصة، دعوة لأن يحاسب كل امرئ نفسه، قبل أن يحاسبه الله، دعوة لأن يسأل المرء نفسه، ويقف طويلاً عند اخطائه، التي يعتبرها صغيرة، فلا يقيم لها وزناً، وهي في الحقيقة ثقيلة في ميزان الحساب،
أن تكون داعياً في بلاد الإسلام معناه: ان تنزع عن نفسك ضلالات الأنا، والرغبة في الاستئثار، والجري وراء ارضاء الذات، بمتاع الحياة الدنيا، فكم من السلبيات نراها فيمن حولنا، وكم من الأخطاء نأتي بها وتزعج الآخرين، فكن داعياً إلى الله من خلال أمرك بالمعروف بمعروف، ونهيك عن المنكر بدون منكر، وأن تكون على علمٍ وبصيرةٍ، واعلم أن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر مسؤولية كل فردٍ مسلمٍ، عالماً أو مُتعلماً، وما ذلك إلا ليكون الجميع حُراساً على وحدة الأمة المُسلمة، وحماةً للمجتمع المُسلم، وفي سنن الترمذي: (عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ». وفي صحيح البخاري: (أن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ – رضي الله عنهما – يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلاَهَا، فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلاَهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا، فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِي، وَلاَ بُدَّ لِي مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَ أَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ»، وكن داعياً إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، والمُجادلة بالتي هي أحسن، قال تعالى :(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل:125)، فلتكن أخلاقك متصفةً باللين والهدوء والصبر والسماحة، وإياك أن تغضب أو تنفعل، فليس هذا من خُلق المؤمن، فالمؤمن ليس فظاً، ولا غليظاً، ولا فحاشاً، ولا بذيئاً، ولا عبوساً، ولا غضوباً، ولا مُتسرعاً، ولا لعاناً؛ وإنما صاحب خُلقٍ عظيم، وأدبٍ جم، وكن داعياً إلى الله تعالى بلزومك جماعة المسلمين، وحمل هم الإسلام، وموالاتك للمؤمنين، ومحبتك لله تعالى، وإتباعك لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وحُسن انتمائك لأمة الإسلام، ونصرتك للدين في كل الميادين، ودوام حمدك وشكرك لله رب العالمين، وتوكلك على الله، وحرصك على الطيبات، وابتعادك عن الحرام، ودوام تلاوتك للقرآن الكريم، وحرصك على أن يظل لسانك رطباً بذكر الله، واعترافك بالجميل لمن أسداه إليك، والدعاء لنفسك، ولوالديك، ولإخوانك المُسلمين؛ فمن كان كذلك، كان داعياً إلى الله بقوله وعمله، وكان له الأجر العظيم، ففي الصحيحين: (قال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: (فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». واعلم أن الدعوة إلى الله سمة من سمات الصبر والتحمل والعطاء ،ففي سنن ابن ماجه: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «الْمُؤْمِنُ الَّذِى يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِى لاَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ».
أخي وأختي في الاسلام
هل سألت نفسك يوما ماذا قدمت لهذا الدين؟، وهل هَمُّ الدعوة إلى الله فوق كل همومك؟، وهل لك دور إيجابي في بيتك، ومدرستك، ومقر عملك؟، وكم أعطيت للدعوة إلى الله من وقتك ومالك وفكرك وجهدك؟، فليقف كل منا مع نفسه وقفة صدق ومحاسبة، ويجيب على هذا السؤال: ماذا قدمت لدين الله؟، فالدعوة إلى الله مسئولية الجميع، كلٌّ حسب جهده وطاقته وقدرته واستطاعته، كلّ حسب خبرته وإمكانياته المتوفرة لديه، دون إفراط أو تفريط وعلينا أن نسعى مخلصين إلى أن نصدق قولنا بفعالنا، واحذروا من أن يكون غرضنا وهدفنا من الدعوة إلى الله هو إثبات الذات، أو حب الظهور، والتصدر والشهرة والرياء والسمعة، ومدح الناس وطلب ما في أيديهم، ففي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي قَالَ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ قَالَ كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فُلاَنًا قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ قَالَ كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ فِي مَاذَا قُتِلْتَ فَيَقُولُ أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ. فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ». ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ « يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلاَثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وروى مسلم في صحيحه: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (كن من الدعاة إلى الله)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
فباستطاعة كل مسلم أن يدعو إلى الله، ويخدم دينه، وأن يكون ممن شرفهم الله بحمل أمانته وتبليغ دعوته: فأنت تخدم الإسلام إذا صح منك العزم، وصدقت النية، وأنت تخدم الإسلام إذا عرفت الطريق، وسرت معه، وأنت تخدم الإسلام إذا استفدت من جميع الظروف المتاحة، والإمكانيات المتوفرة، وأنت تخدم الإسلام إذا قدمت حظ الإسلام على حظوظك النفسية والمادية، وأنت تخدم الإسلام إذا سلكت سبل العلماء، والدعاة والمصلحين، وأنت تخدم الإسلام إذا ابتعدت عن الكسل والضعف والخور، وأنت تخدم الإسلام إذا ربطت قلبك بالله عز وجل، وأكثرت من الدعاء والاستغفار، ومداومة تلاوة القرآن، وأنت تخدم الإسلام إذا وهبته جزءاً من همك، وأعطيته جزءاً من وقتك، وعقلك وفكرك ومالك، وتخدم الإسلام كلما وجدت باباً من أبواب الخير سابقت إليه، وسرت إلى الإسهام بالعمل فيه، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». وفي سنن أبي داود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ وَمُتَسَرِّعُهُمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ).
الدعاء